تقرير: عصابات قرصنة تستغل أدوات الذكاء الاصطناعي لسرقة المستخدمين
تاريخ النشر: 5th, October 2023 GMT
اكتشف خبراء وحدة معلومات البصمة الرقمية في شركة «كاسبرسكي» المتخصصة في الحماية الإلكترونية، سلسلة من المواقع على «شبكة الإنترنت المظلم»، يُشتبه أنها تبيع حسابات مزيفة للوصول إلى أداة الذكاء الاصطناعي (WormGPT)، وهي أداة مصممة لمحاكاة روبوت المحادثة (ChatGPT)، ولكنها مصممة لغايات الخبيثة، من ضمنها سرقة بيانات المستخدمين.
ونقلت تقارير إعلامية عن الشركة المتخصصة في الحماية الإلكترونية أن بعض الخصائص في هذه المواقع تشير إلى كونها عمليات تصيد احتيالي، فهي تعرض تصميمات وأسعارا متباينة، وتطلب الدفع بعملات مختلفة، ويطلب بعضها الدفع مقدماً للوصول إلى إصدار تجريبي من أداة (WormGPT).
وبينما لا يشكل هذا تهديداً مباشراً للمستخدمين، فهو يؤكد الشعبية المتزايدة لبدائل نماذج (GPT) بين مخترقي القبعة السوداء، ويبرز الحاجة إلى اختيار حلول أمن سيبراني قوية.
قدرات الذكاء الاصطناعيومع بدء ثورة استخدام قدرات الذكاء الاصطناعي في مختلف المجالات، بدأت عصابات الجرائم السيبرانية الاستفادة من قدرات الذكاء الاصطناعي في عملياتها الخبيثة، وأصبح «الإنترنت المظلم» يحوي مجموعة واسعة من النماذج اللغوية المصممة خصيصاً لغايات الاختراق والقرصنة، مثل اختراق البريد الإلكتروني للأعمال، وتطوير البرمجيات الخبيثة، وهجمات التصيد الاحتيالي وغيرها.
وتعد أداة (WormGPT) أحد هذه النماذج اللغوية الشبيهة بأداة (ChatGPT)، لكنها تفتقد القيود والضوابط التي تحد من قدرة الأداة الأخيرة على أداء العمليات الخبيثة، مما يجعلها أداة فعالة للمخترقين «الهاكرز»، الذين يخططون لاختراق البريد الإلكتروني للأعمال مثلاً.
استغلال المنتجات والعلامات التجارية المشهورةوبحسب التقرير فإنه غالباً ما يستغل المخترقون والمحتالون شعبية المنتجات والعلامات التجارية المشهورة لصالحهم، وأداة (WormGPT) ليست مستثناة من ذلك.
وعثر خبراء كاسبرسكي على مواقع إلكترونية وإعلانات في منتديات الإنترنت المظلم وقنوات (Telegram) غير المشروعة، يشتبهون بأنها مواقع تصيد احتيالي، إذ تستهدف هذه المواقع المجرمين السيبرانيين، وتقدم لهم وصولاً مزيفاً إلى أداة الذكاء الاصطناعي الخبيثة (WormGPT).
جميع هذه المواقع مصممة بشكل مشابه لصفحات التصيد الاحتيالي الاعتيادية، لكنها تختلف عن بعضها كثيراً من عدة جوانب، فتختلف هذه المواقع بتصاميمها وأسعارها وطرق الدفع التي تقبلها، بدءاً من العملات المشفرة، وهي طريقة الدفع التي اقترحها مطوِّر (WormGPT) الأصلي، إلى بطاقات الائتمان والتحويلات المصرفية.
المصدر: الوطن
كلمات دلالية: قراصنة روبوت الذکاء الاصطناعی هذه المواقع
إقرأ أيضاً:
هل يخفي الذكاء الاصطناعي عنصرية خلف خوارزمياته الذكية؟
مؤيد الزعبي
بما أننا مقبلون على مرحلة جديدة من استخدامات الذكاء الاصطناعي وجعله قادرًا على اتخاذ القرارات بدلًا عنَّا يبرز سؤال مهم؛ هل سيصبح الذكاء الاصطناعي بوابتنا نحو مجتمع أكثر عدلًا وإنصافًا؟ أم أنه سيعيد إنتاج تحيزاتنا البشرية في قالب رقمي أنيق؟ بل الأخطر من ذلك: هل سيغدو الذكاء الاصطناعي أداة عصرية تمارس من خلالها العنصرية بشكل غير مُعلن؟
قد تحب- عزيزي القارئ- تصديق أن هذه الأنظمة "ذكية" بما يكفي لتكون حيادية، لكن الحقيقة التي تكشفها الدراسات أكثر تعقيدًا؛ فالذكاء الاصطناعي في جوهره يتغذى على بياناتنا وتاريخنا، وعلى ما فينا من تحامل وتمييز وعنصرية، وبالتالي فإن السؤال الحقيقي لا يتعلق فقط بقدرة هذه الأنظمة على اتخاذ قرارات عادلة، بل بمدى قدرتنا نحن على برمجتها لتتجاوز عيوبنا وتاريخنا العنصري، ولهذا في هذا المقال نقترب من هذه المنطقة الرمادية، حيث تتقاطع الخوارزميات مع العدالة، وحيث قد تكون التقنية المنقذ أو المجرم المتخفي.
لنقرّب الفكرة بمثال واقعي: تخيّل شركة تستخدم الذكاء الاصطناعي لفرز السير الذاتية واختيار المتقدمين للوظائف. إذا كانت خوارزميات هذا النظام مبنية على بيانات تحمل انحيازًا ضد جنس أو لون أو جنسية معينة، فقد يستبعد المرشحين تلقائيًا بناءً على تلك التحيزات. وهذا ليس ضربًا من الخيال؛ فقد وجدت دراسة حديثة أجرتها جامعة واشنطن (أكتوبر 2024) أن نماذج لغوية كبيرة أظهرت تفضيلًا واضحًا لأسماء تدلّ على أصحاب البشرة البيضاء بنسبة 85%، مقابل 11% فقط لأسماء مرتبطة بالنساء، و0% لأسماء تعود لأشخاص من ذوي البشرة السوداء، تُظهر هذه الأرقام المقلقة كيف أن خوارزميات الذكاء الاصطناعي، والتي تستخدمها نحو 99% من شركات "فورتشن 500"، يمكن أن تؤثر سلبًا على فرص ملايين الأشخاص الباحثين عن عمل، لا لسبب سوى أنهم وُلدوا بهوية مختلفة، أي أن تحيّز هذه الأنظمة يمكن أن يمس ملايين الباحثين عن العمل.
الأمر يزداد خطورة عند الحديث عن أنظمة التعرف على الوجوه، والتي تُستخدم حاليًا في تعقب المجرمين ومراقبة الأفراد. دراسات عديدة أثبتت أن هذه الأنظمة تخطئ بنسبة تصل إلى 34% عند التعامل مع النساء ذوات البشرة الداكنة، كما تُسجَّل أخطاء في التعرف على الوجوه الآسيوية، ما قد يؤدي إلى اعتقالات خاطئة أو مراقبة غير مبررة لأشخاص أبرياء، فقط لأن الخوارزمية لم تتعلم بشكل عادل، وتخيل الآن كيف سيكون الأمر عندما يدخل الذكاء الاصطناعي- بكل تحيزاته- إلى قاعات المحاكم، أو إلى أنظمة القضاء الإلكترونية، ليصدر أحكامًا أو يوصي بعقوبات مشددة، وحينها بدلًا من أن نصل لقضاء عادل سنصل لعدالة مغلفة بواجهة من الحياد الزائف.
ولننتقل إلى السيناريو الأكثر رعبًا: الذكاء الاصطناعي في المجال العسكري. ما الذي قد يحدث إذا تم برمجة أنظمة قتالية لتحديد "العدو" بناءً على لون بشرة أو جنسية؟ من يتحمل المسؤولية حين ترتكب هذه الأنظمة مجازر على أساس تحيز مبرمج مسبقًا؟ تصبح هذه الأنظمة أداة للقتل بعنصرية عقل إلكتروني، ومن هنا ستتفاقم العنصرية، وستصبح هذه الأنظمة بلا شك أداة لقتل كل ما تراه عدوًا لها ليأتي اليوم الذي تجدنا فيه نحن البشر ألذ أعدائها.
في قطاع الرعاية الصحية أيضًا يمكن للذكاء الاصطناعي أن يكون عنصريًا خصوصًا لو تم برمجتها لتتحكم بمستحقي الدعم الصحي أو حتى استخدامها في أنظمة حجز مواعيد العمليات، فلو وجد أي عنصرية بهذه الأنظمة؛ فبالطبع ستعطي الأولوية لأصحاب بشرة معينة أو جنسية معينة مما سيحرم الكثيرين من الوصول للعلاج في الوقت المناسب.
حتى نكون منصفين هنا نحتاج إلى تمييز دقيق بين نوعين من عنصرية الذكاء الاصطناعي: العنصرية المقصودة: الناتجة عن برمجة متعمدة تخدم مصالح أو توجهات محددة، والعنصرية غير المقصودة: الناتجة عن تغذية الأنظمة ببيانات غير عادلة أو تمثل واقعًا عنصريًا، فتُصبح الخوارزميات انعكاسًا له.
وأيضًا هناك مشكلة مهمة يجب معالجتها فلو عدنا لموضوع الرعاية الصحية؛ فلو قمنا بإدخال بيانات المرضى على هذه الأنظمة وكان حجم البيانات لفئة معينة أكثر من فئة أخرى فربما يعالج الذكاء الاصطناعي هذا الأمر على أن فئة معينة لا تحتاج للعلاج أو تحتاج لرعاية صحية أقل من غيرها وبالتالي يستثنيها من علاجات معينة أو مطاعيم معينة مستقبلًا، ولهذا يجب أن نعمل على تنقيح بيناتنا من العنصرية قدر الإمكان لتجنب تفاقم الأزمة مستقبلا.
يجب ألا نعتقد أبدًا بأن الذكاء الاصطناعي سيكون منصفًا لمجرد أنه آلة لا تفاضل شيء على شيء، فهذا سيمكن الصورة النمطية الموجودة حاليًا في مجتمعاتنا، فالذكاء الاصطناعي تقنية مازالت عمياء وليست واعية بما يكفي لتميز أية التمييز وتحذفه من برمجياتها، إنما تأخذ الأنماط الموجودة وتبني عليها، وسنحتاج وقت أطول لمعالجة هذه الفجوة كلما مضى الوقت.
إذا سألتني عزيزي القارئ ما هي الحلول الممكنة نحو ذكاء اصطناعي عادل وشامل، فالحلول كثيرة أهمها أن نوجد أدوات ذكاء اصطناعي قادرة على إيجاد العنصرية وتبدأ بمعالجتها واستثنائها في خوارزمياتها، وهذه مسؤولية الشركات الكبرى التي تبني نماذج الذكاء الاصطناعي، وثانيًا يجب أن نطور أنظمة ذكاء اصطناعي مبنية على العنصرية فهذه الأنظمة ستطور من نفسها وستكون عدوة للبشرية في قادم الأيام، أيضًا يجب أن يكون هناك تنويع في البيانات فكلما انعكس التنوع في البيانات والتصميم، كلما انخفضت احتمالية انتشار النتائج العنصرية وحققنا الإنصاف المطلوب.
في النهاية يجب القول إن الذكاء الاصطناعي ليس عدوًا بالضرورة، لكنه قد يكون كذلك إذا تركناه يتغذّى على أسوأ ما فينا وأقصد هنا العنصرية.
رابط مختصر