يترقب اللبنانيون بكثير من الحذر تطورات الحرب في غزة واحتمال امتدادها إلى لبنان على الرغم من كل التحذيرات الدولية التي تُنقل إلى لبنان بضرورة عدم فتح الجبهة اللبنانية او ان تبقى ضمن الضوابط القائمة راهنا وعدم بلوغها الانفجار الكبير.
 
فلبنان المُثقل أصلا بأزماته السياسية والاقتصادية والمالية والاجتماعية لا يمكن أن يحتمل تداعيات أي حرب جديدة، خصوصاً أنه يمر ومنذ نهاية عام 2019 بأزمة مالية واقتصادية غير مسبوقة وبمصاعب أفقدته كل مقومات الصمود، وتحديداً لناحية تحمّل الكلفة الباهظة للحرب.


 
فما هي السيناريوهات الاقتصادية المُحتملة في حال انتقلت شرارة الحرب إلى لبنان؟  
يُشير الخبير المالي والاقتصادي الدكتور بلال علامة في حديث لـ "لبنان 24" إلى ان "الظروف حاليا أقوى من لبنان والمخطط الدائر في المنطقة قد لا يستثنيه، وبحسب التصاريح التي أدلى بها قادة العدو الإسرائيلي منذ بدء عملية غزة يبدو انهم يسعون لتغيير شكل المنطقة وخلق شرق أوسط مختلف والقوى الممتعضة من الواقع الفلسطيني أي قوة المقاومة والممانعة أصبحت تشكل عائقا امام هذا المخطط المرسوم وبالتالي يجب إيجاد حل لها ."
 
وأشار علامة إلى ان "كل الدول تريد ان يبقى الواقع اللبناني خارج الانزلاق او التورط بالحرب ولكن الكرة اليوم في ملعب الميدان وإذا حصل ما لم يكن في الحسبان فسيكون لهذه الحرب تبعات ونتائج كارثية".
 
ويضيف: "في المبدأ العام كل الحروب لها تكلفة اقتصادية باهظة وهي تنعكس بشكل كبير على اقتصاد الدولة التي هي في حالة حرب، ان من حيث الإنفاق الذي سيحصل او من حيث الخسائر التي ستقع، إضافة إلى اننا نعلم ان معظم الدول غير مستعدة للتعويض أو لدفع مساعدات للبنان كما حصل في حرب تموز 2006".  
 
ولفت إلى ان "الحروب ترفع التكلفة الاستهلاكية والإنتاجية بشكل مباشر، أي يصبح هناك كلفة إضافية سواء على تأمين البضائع أو توزيعها، إضافة إلى ان التدفقات المالية التي تأتي إلى لبنان والتي يعوّل عليها الاقتصاد اللبناني ستتراجع".
 
ويؤكد علامة ان"سيناريو التدهور سيُصبح سريعا جدا في حال انزلق لبنان إلى حرب، ناهيك عن ان ارتفاع التكلفة سيكون كبيرا وسنُعاني من نقص كبير في الأموال من دون ان ننسى ان نزوح المواطنين عن قراهم له أيضا تكلفة إضافية كبيرة".
 
ويضيف علامة: "سيخسر الاقتصاد الوطني كثيرا وسيؤدي هذا الأمر إلى تدهور في سعر الصرف وإلى مزيد من التقهقر على مستوى المؤسسات العامة ومؤسسات الدولة وعلى مستوى الإغاثة والإنقاذ إضافة إلى عامل توقف رحلات الطيران والمساعدات إلى لبنان".  
 
ويلفت إلى ان "كل الدول التي تدخل في حروب تتبع طريقة للاستفادة من الاحتياطات ولكن لبنان ليس له القدرة على إقامة صندوق احتياط أو صندوق إغاثة وبالتالي هذا الأمر سيؤثر على مالية الدولة لأن إنفاق الطوارئ سيكون من خلال ما تبقى من أموال في خزينة الدولة،علما ان حاكم مصرف لبنان بالإنابة الدكتور وسيم منصوري كان أكد عدم تمويل الدولة وعدم تزويدها بالأموال وهذا أمر خطير لأن الأمور حينها ستكون كارثية".
 
وتابع: "بالإضافة إلى ارتفاع سعر الصرف وشح الدولار سنُعاني من ارتفاع أسعار السلع ومن استغلال وفوضى في السوق ومن التضخم وبالتالي هناك خسائر مباشرة وخسائر غير مباشرة، واللبناني لن يتمكن من ان يتحملها، فكلفة النزوح ستكون قاسية جدا".  
 
ويُعيد علامة التأكيد ان "كل شيء مرتبط بالتطورات الميدانية وهذا رهن بالعديد من الأمور التي لا يتحكم فيها لبنان وبالتالي نحن في مهب الريح".  
 
وهنا لا بد من التذكير ان حجم الخسائر على الاقتصاد والمالية العامة في لبنان بسبب حرب تموز 2006 بلغ بحسب بيانات وزارة المالية نحو 1.6 مليار دولار، وذلك مع عدم احتساب الكلفة الإجمالية لأضرار البنى التحتية، التي تعرّضت للتدمير بسبب القصف الإسرائيلي، والتي فاقت نفقات إعادة إعمارها حاجز الـ 2 مليار دولار أميركي.
 
إذا مع تصاعد التوترات على الحدود الجنوبية واحتمال خروجها عن السيطرة في أي لحظة يبقى على اللبناني ان يصلي بأن يُجنبه الله مُجدداً هذه الكأس المرة.



المصدر: لبنان 24

المصدر: لبنان ٢٤

كلمات دلالية: إلى لبنان إلى ان

إقرأ أيضاً:

وزيرة التخطيط والتنمية الاقتصادية والتعاون الدولي تستقبل النائب الأول لرئيس البنك الأوروبي لإعادة الإعمار والتنمية لبحث نتائج الزيارة ومستقبل العلاقات الاستراتيجية مع البنك

في ختام زيارته الأولى لمصر، التقت الدكتورة رانيا المشاط، وزيرة التخطيط والتنمية الاقتصادية والتعاون الدولي ومحافظ مصر لدى البنك الأوروبي لدى البنك الأوروبي لإعادة الإعمار والتنمية، السيد/جريج جاييت، النائب الأول لرئيس البنك؛ وذلك لمناقشة عدد من ملفات التعاون المشتركة، والنقاش حول محفظة التعاون الجارية والمستقبلية بين مصر والبنك، وبحث مخرجات الزيارة واللقاءات التي عقدها نائب رئيس البنك مع الجهات المختلفة.

حضر الاجتماع السيد/ ماتيو باترون، نائب رئيس البنك للشئون المصرفية، والسيد/ مارك ديفيس، المدير الإقليمي لمنطقة جنوب وشرق المتوسط بالبنك، والسيدة ريم السعدي، نائبة المدير الاقليمي للبنك الاوروبي في مصر.

وفي مستهل اللقاء، رحبت الدكتورة رانيا المشاط، بالسيد نائب رئيس البنك الأوروبي لإعادة الإعمار والتنمية، مؤكدة تقديرها للعلاقات الاستراتيجية المثمرة التي تربط مصر بالبنك، والتي تعكس التقدم المستمر في التعاون بين الجانبين والنجاح في بناء شراكات قوية ومؤثرة، موضحة أن العلاقة بين مصر والبنك شهدت تقدمًا ملحوظًا على مدار السنوات الخمس الماضية، حيث تعاون الطرفان بالعمل على مختلف المستويات، لتمهيد الطريق لتحقيق معدلات التنمية المستهدفة في مصر.

واستعرضت وزيرة التخطيط والتنمية الاقتصادية والتعاون الدولي، المؤشرات الإيجابية على صعيد الاقتصاد المصري في مختلف محاوره، وجهود الدولة في اتباع سياسات مالية ونقدية منضبطة، وحوكمة الاستثمارات العامة لضمان استقرار الاقتصاد الكلي، وفي ذات الوقت تنفيذ سياسات محفزة للاستثمار وتمكين القطاع الخاص، مشيرة إلى أن الاقتصاد المصري يشهد تحولًا نحو زيادة الإنتاجية والاستثمارات وفتح المجال للقطاع الخاص بما يضمن تحقيق التنمية الاقتصادية الشاملة والمستدامة، وذلك من خلال النموذج الاقتصادي الذي تطرحه «السردية الوطنية للتنمية الاقتصادية».

وأشارت إلى ما تم تحقيقه على صعيد العلاقات المشتركة في عام 2025، خاصة في ضوء العمل المشترك والمستمر لتنفيذ مشروعات الطاقة المتجددة ضمن برنامج «نُوفّي»، وإطلاق آلية إعداد مشروعات الشراكة بين القطاعين العام والخاص، والتي تُعزز الجهود الجارية لتمكين القطاع الخاص في مصر، موضحة أن الشراكة مع البنك في إطار برنامج خفض الانبعاثات بالقطاع الصناعي التابع بصندوق الاستثمار في المناخ CIF، وكذلك منصة خفض الكربون الصناعي، ستفتح المجال لمزيد من التمويلات الميسرة للقطاع الخاص في مصر، بما يحفز جهود زيادة الإنتاجية والتحول الأخضر بقطاع الصناعة.

وشددت الدكتورة رانيا المشاط، على أن أهم ما تسعى إليه الوزارة في إطار الشراكة مع البنك الأوروبي، هو زيادة التمويلات الموجهة للقطاع الخاص والبناء على ما تحقق في السنوات الماضية، في ضوء ما تقوم به هذه التمويلات من دور محوري ومحفز لضخ المزيد من استثمارات القطاع الخاص، لافتة إلى أن البنك أبرم أكثر من 94 صفقة نفذها البنك الأوروبي في مصر منذ 2020 ليتيح تمويلات واستثمارات للقطاع الخاص بـما يزيد عن 3.5 مليار دولار

من جانبه أكد النائب الأول لرئيس البنك الأوروبي لإعادة الإعمار والتنمية، حرص البنك على المضي قدمًا في زيادة استثماراته في مصر خاصة فيما يتعلق بالشركات الناشئة، والسعي المستمر لتطوير العلاقات بما يتسق مع أولويات الحكومة، خاصة على صعيد تمويل القطاع الخاص، والتحول إلى الاقتصاد الأخضر، مشيدًا في ذات الوقت بالجهود المستمرة التي تبذلها الدولة لتحقيق التنمية وتطوير البنية التحتية.

وناقش الجانبان الجهود التي يقوم بها البنك الأوروبي، في توفير الدعم الفني والاستثمارات في قطاع الشركات الناشئة وريادة الأعمال، وسعي البنك لتنويع آليات ومصادر التمويل لهذا القطاع الحيوي، كما تم التطرق إلى جهود تمويل قطاع الطاقة المتجددة، وكذلك آلية ضمانات الاستثمار الأوروبية بقيمة 1.8 مليار يورو والتي تفتح آفاقًا أوسع للبنك لزيادة تمويلاته للقطاع الخاص في مصر.

مقالات مشابهة

  • انطلاق “قمة إسطنبول الاقتصادية” بنسختها التاسعة
  • نواف سلام: الدولة وحدها تقرر الحرب والسلم والانتهاكات الإسرائيلية تقوض الاستقرار
  • السيّد: هل تكفي الدولارات القليلة التي تحال على القطاع العام ليومين في لبنان ؟
  • خطوات الوطن الاقتصادية فوق صخب الظنون
  • اتفاقية الشراكة الاقتصادية العُمانية - الهندية تعيد رسم ملامح الاقتصاد العماني
  • وزيرة التخطيط والتنمية الاقتصادية والتعاون الدولي تستقبل النائب الأول لرئيس البنك الأوروبي لإعادة الإعمار والتنمية لبحث نتائج الزيارة ومستقبل العلاقات الاستراتيجية مع البنك
  • الفجوة بين المؤشرات الاقتصادية والواقع الفعلي للناس
  • اليمن.. عقدة الجغرافيا التي قصمت ظهر الهيمنة: تفكيك خيوط المؤامرة الكبرى
  • 38 عامًا على "انتفاضة الحجارة".. وما زالت شرارة المقاومة مشتعلة
  • وكيل «دائرة التنمية الاقتصادية»: أبوظبي أحد أكثر الاقتصادات مرونة واستعداداً للمستقبل