جريدة الرؤية العمانية:
2025-12-10@19:38:27 GMT

خطوات الوطن الاقتصادية فوق صخب الظنون

تاريخ النشر: 10th, December 2025 GMT

خطوات الوطن الاقتصادية فوق صخب الظنون

 

محمد بن علي بن ضعين البادي

 

مع اقتراب التوقيع على اتفاقية الشراكة الاقتصادية الشاملة بين سلطنة عُمان وجمهورية الهند، تدخل البلاد مرحلة جديدة من التحولات الاقتصادية التي تتطلب قراءة واعية تتجاوز العناوين السريعة وردود الأفعال العابرة؛ فالاتفاقيات الكبرى لا تُقاس بالصوت المصاحب لها؛ بل بموازين المصالح، وحجم المكاسب، ودقة الإجراءات التي تسبق اتخاذ القرار.

وبينما ازدحمت المنصات بالتحليلات والانطباعات غير المكتملة، تمضي مؤسسات الدولة في إعداد هذا الملف وفق رؤية واضحة تدار فيها التفاصيل الاقتصادية بعيدا عن التهويل أو التبسيط.

الحديث اليوم ليس عن مجرد اتفاقية؛ بل عن خطوة استراتيجية قيد الإنجاز، تبنى على مشاورات متواصلة ودراسات أثر تفصيلية، وتستند إلى سياسة عُمانية راسخة تقوم على تنويع الشركاء، وفتح الأسواق، وتعزيز مكانة الاقتصاد الوطني في شبكة التجارة العالمية. وبين صخب الظنون وهدوء التخطيط، تظهر الحقيقة: أن الوطن يعرف الطريق قبل أن يقطعه.

وفي لحظات التحول الكبرى، حين تتشابك المصالح وتتعالى الأصوات وتتزاحم التحليلات، يظهر الضباب الذي يحجب الرؤية عن كثيرين. وفي خضم هذا الضباب، هناك من يرى الطريق بوضوح، لا لأنه الأعلى صوتًا؛ بل لأنه الأعمق فهمًا والأوسع إدراكًا. وهكذا كانت عُمان دائمًا: دولة تعرف خطاها قبل أن تمشيها، وتعرف وجهتها قبل أن تعلنها.

في زمن تمتلئ فيه الساحات بالظنون والتأويلات، لا تبنى الثقة بالصراخ؛ بل بالعمل الصامت، العميق، المتماسك. ومن هنا يفهم الجدل الدائر حول الاتفاقية المرتقبة؛ فالمشهد الاقتصادي يشبه ساحة واسعة تتقاطع فيها أصوات متعددة، بين من يعمل بصمت، يرسم المسارات بحكمة ودقة، وبين من يرفع صوته لا ليشرح أو يستوضح؛ بل ليزرع علامات استفهام أكبر من حجم الحقيقة نفسها. وبين هؤلاء جميعا، يقف المواطن باحثا عن طمأنينة تستند إلى المعرفة لا إلى التخمين.

خطوات الدولة في هذا الملف واضحة ومتزنة؛ لا اندفاع غير محسوب ولا تردد يربك المسار؛ فالأتفاقيات الاقتصادية لا تُصنع في منشورات عابرة ولا تدار تحت ضغط المزاج العام؛ بل تُبنى على أسس علمية، وتراجع في مراحل دقيقة، وتحدد وفق المصلحة الوطنية العليا.

الشفافية هنا لا تعني كشف كل تفاصيل التفاوض، والسرية لا تعني الخفاء؛ فالتفاوض يحتاج إلى سرية لحماية المسار، بينما يحتاج المواطن إلى وضوح في النتائج والمكاسب، وهذا ما ستقدمه الدولة فور اكتمال مراحل الاتفاقية.

ولأن حماية الاقتصاد ليست شعارًا، فقد بَنَتْ الدولة منظومة متكاملة تشمل قوانين مكافحة الإغراق، وحماية المنتج المحلي، وسياسات التدرج الجمركي، ودعم المؤسسات الصغيرة والمتوسطة، ورقابة سوق العمل، وسياسات التوطين، إضافة إلى الصلاحية القانونية لتعديل أو إعادة النظر في أي اتفاقية إذا تعارضت مع المصلحة الوطنية. هذه أدوات تعمل كل يوم، ولا تنتظر التوقيع لتكتسب قوتها.

ومع ذلك، ظلَّ صوت (ربما… لعل… قد…) يتردد بلا توقف. لغة لا تبني مشروعًا، ولا تصنع اقتصادًا، ولا تقدم بديلًا. بينما الدولة تمضي بلغة الأرقام والدراسات والحقائق الممكن قياسها، لا بلغة الشائعات والانطباعات.

وتكتمل الحكاية بحقيقة واحدة: الوطن أكبر من الخوف، وأعمق من الشائعات، وأقوى من الضجيج. النقد حق، والسؤال حق، ولكن تحويل كل خطوة اقتصادية إلى مادة قلق ليس نقدًا؛ بل إضعافًا للثقة؛ فالدولة التي عبرت عقودًا من البناء تحتاج إلى من يفهم مسارها، لا إلى من يسبقها بالظنون.

الاقتصاد لا يُبنى بالصراخ؛ بل بالثقة، والعمل، والمعرفة. وهذا هو سِرُّ تقدم الدولة، حين ينسحب صخب الظنون وتبقى الحقائق وحدها تتكلم.

المصدر: جريدة الرؤية العمانية

إقرأ أيضاً:

رئيس أكاديمية الشرطة: «الداخلية» تأتي في مقدمة خطوط الدفاع عن أمن الوطن واستقراره

أكد اللواء دكتور نضال يوسف مساعد وزير الداخلية رئيس أكاديمية الشرطة أن وزارة الداخلية تأتي في مقدمة خطوط الدفاع عن أمن الوطن واستقراره.

وقال اللواء نضال يوسف في كلمته خلال ندوة علمية بعنوان «الدور التكاملي لمؤسسات الدولة في مواجهة الأزمات والكوارث» بمقر مركز بحوث الشرطة بأكاديمية الشرطة، إن وزارة الداخلية تحرص على التنسيق مع كافة القطاعات اللازمة لمواجهة الأزمات والكوارث وتعزيز كوادرها الأمنية لمواجهة مختلف الأزمات.

ونقل اللواء يوسف تحيات اللواء محمود توفيق وزير الداخلية للمشاركين في الندوة، مؤكدا أن وزارة الداخلية تحرص على تطبيق الاستراتيجية الأمنية المعاصرة التي ترتكز على عدة محاور من أبرزها تعزيز التعاون مع مؤسسات الدولة في ظل التحديات التي تموج بها المنطقة لتحقيق أعلى درجات الاستجابة فيما يتعلق بمواجهة الأزمات والكوارث.

وأوضح أن إدارة الأزمات هي مشروع وطني متكامل يستند إلى الخبرة ويعكس التزام الدولة بتعزيز جاهزيتها لمواجهة الأزمات والكوارث، مشيرا إلى أن وزارة الداخلية تعمل على تطوير الخطط لاستشراف الأزمات المحتملة وإعداد استراتيجيات لمواجهتها وضمان عدم تفاقمها.

ولفت إلى أن الوزارة لجأت إلى الاستعانة بأحدث وسائل الذكاء الاصطناعي والخبرات المختلفة لمواجهة الأزمات، وقال إن الداخلية تحرص على رفع كفاءة العنصر الأمني البشري لمواجهة الأخطار المختلفة، منوها بأن أكاديمية الشرطة تحرص على تنفيذ استراتيجية الوزارة بإعداد العنصر الأمني من خلال خططها التعليمية والبحثية والتدريبية لإعداد رجل شرطة عصري.

وذكر اللواء دكتور نضال يوسف أن الأكاديمية تعمل على سيناريوهات محاكاة للأزمات المختلفة للعمل على إدارة الأزمات وعقد ندوات مختلفة بمشاركة كافة الأجهزة المعنية ومؤسسات الدولة.

شارك في الندوة عدد من ضباط الشرطة والقوات المسلحة بالإضافة إلى ممثلين عن مؤسسات الدولة المختلفة وطلبة الجامعات والكليات العسكرية وأكاديمية الشرطة.

اقرأ أيضاًأكاديمية الشرطة تنظم دورة تدريبية في القانون الدولي الإنساني وآليات تطبيقه لكوادر «الداخلية»

أكاديمية الشرطة تستقبل عددًا من طلبة وطالبات المرحلة الثانوية

مقالات مشابهة

  • اتفاقية الشراكة الاقتصادية العُمانية - الهندية تعيد رسم ملامح الاقتصاد العماني
  • نائب: كل صوت انتخابي يدعم مسيرة التنمية والديمقراطية
  • الشورى ينتهي من مناقشة مشروع اتفاقية الشراكة الاقتصادية مع الهند
  • رئيس أكاديمية الشرطة: «الداخلية» تأتي في مقدمة خطوط الدفاع عن أمن الوطن واستقراره
  • بعد نقل المصري المريض من الكويت.. رعاية الوطن تمتد لأبنائه في الداخل والخارج
  • الدولة تتحرك لمواجهة أزمة الكلاب الضالة.. خطوات عملية
  • غدًا.. "الشورى" يناقش مشروع اتفاقية الشراكة الاقتصادية الشاملة بين سلطنة عُمان والهند
  • برعاية نهيان بن مبارك.. انطلاق فعاليات «شتاء صندوق الوطن» بإمارات الدولة كافة
  • أونروا: إسرائيل طرف في اتفاقية امتيازات الأمم المتحدة التي تنص على حرمة المقار الأممية