مع دخول العدوان أسبوعه الثالث، ما زالت إخفاقات الاحتلال تتواصل، وفي حين لم يتجاوز الفشل الذي واجهه في طوفان الأقصى، فإنه وقع في فشل العدوان، وقد رصدتها أوساطه السياسية والعسكرية والحكومية، سواء في فشل المستوى السياسي في التعامل مع أهالي الأسرى الإسرائيليين لدى حماس، أو التعامل المرتبك مع الإعلام الدولي، فضلا عن عدم وجود إدارة مالية لموازنة الحرب، في حين لا تبدي الوزارات الحكومية أنها تعمل في ظل الحرب، وكلها إشارات على أن رئيس الوزراء لم يتمكن بعد من التخلص من الصدمة.



نداف إيال خبير الشئون الدولية في صحيفة يديعوت أحرونوت، ذكر أنه "بعد أكثر من أسبوعين، لا يزال الإسرائيليون يعيشون صدمة ما حصل في هجوم السبت، مما يدفع لمزيد من الحديث عن الفشل الهائل والصادم الذي يجتاحهم الآن، فشل يطال جميع الإسرائيليين: رأي عام وجيش وحكومة، فشل تاريخي رهيب في حمايتهم، وكل المقابلات الصحفية مع القادة لن تخفي هذا الفشل الذي لم يكن استخباراتياً فقط، ولم يكن في لحظات المفاجأة فحسب، بل أيضاً في إدارة الساعات العشر الأولى من الحرب على غزة".

انهيار الحكومة
وأضاف في مقال مطول ترجمته "عربي21" أن "الفشل هو للحكومة الحالية، من الصعب أن نتصور أداء كارثياً وأسوأ مما شهدناه منها، وما زلنا نشهده، وكأننا أمام انهيار كامل لها، واليوم بعد أكثر من أسبوعين يواجه رئيس الوزراء بنيامين نتنياهو صعوبة في العودة إلى رشده، عقب وقوعه في جملة من الأخطاء والإخفاقات العديدة، أولها فشله في إدارة الدوائر الحكومية، حيث لا يوجد صندوق موازنة لإدارة الدولة أثناء الحرب، وهذا الإغفال الخطير أنشأ العديد من الإغفالات الأخرى، تمثل بالعجز عن إجلاء المستوطنين من الشمال الجنوب، ممن يعيشون في حالة من عدم اليقين التام بسبب عمق الخلل الحكومي".

وأشار إلى أن "إسرائيل تخوض أخطر حرب لها منذ 1948، لكن عدد قراراتها المتخذة ضئيل، ونتنياهو لا يعقد لقاءات عاجلة مع وزرائه، وسلوكه برمّته بطيء للغاية، متلعثم، هو ليس مصاباً بالصدمة فقط، بل يقدم أداءً سيئاً للغاية، مما يشير للإخفاق الثاني المتمثل بفشل الاحتلال في استراتيجيته الدولية، لأنه لا يملكها، مما أوضحه الخطاب العدواني وغير الضروري والمؤذي الذي ألقاه منسق شؤون الأسرى الجديد غال هيرش، المفتقر لأي خبرة في المفاوضات، وحديثه مع دبلوماسيين أجانب دون تنسيق مع استراتيجية إدارة الحرب مع حماس، والأخذ بعين الاعتبار دوره الحساس والخاص بإعادة المختطفين".

وأكد ان "الاستراتيجية الدولية الفاشلة للدولة تمثل بأنها لم تعتبر إعادة المختطفين القضية الرئيسية، وليس الانتقام من حماس، فالحكومة لم يخاطب المجتمع الدولي باللغة الإنسانية، ولم يُظهر صور الأسرى لدى حماس، ولم يعرض مكافأة مالية لمن يدلي بمعلومات عنهم، مع أن حماس تفهم جيدا ما في يديها، وماذا يعني ذلك، مع ان استعادة الأسرى التزام أخلاقي من الدولة، لكن نتنياهو لم يكلف نفسه عناء التغريد حول هذا الموضوع، ولو مرة واحدة؛ كل تغريداته عن صوره مع الجنود، واجتماعاته مع القادة الأجانب، وهذا مجرد عنصر واحد من عناصر الفشل الاستراتيجي للحكومة".

غموض الأهداف
وشدد على أن "الفشل الاستراتيجي يمتد إلى عدم وضوح أهداف الحرب على غزة، هل هي الإطاحة بحماس من السلطة، أو تحييد جيشها، وماذا سيحدث في اليوم التالي، لأنه من أجل تعبئة الحكومات حول العالم، تحتاج إسرائيل أن توضح أهدافها، ليس في مؤتمر مغلق يعقده يوآف غالانت، لأنه دون استراتيجية واضحة، فإن كل التحركات الأخرى العسكرية والدعائية ستفشل، وفشلها أثناء القتال خطير وغير فعال".

وأضاف أن "الإخفاق الثالث يتمثل في فشل الحكومة على مستوى الوزارات، فأهالي المخطوفين والمفقودين منذ أيام طويلة لم يتلقوا أي اتصال من أي مكتب حكومي، ولم تحتضنهم الدولة، وظهرت الوزارات ليست ذات صلة، ولا وجود لها في المستوى الميداني، في حين يتمثل الإخفاق الرابع في فشل وسائل الإعلام الدولية بتسويق صورة إسرائيل، والحكومة التي يتباهى زعيمها بمهاراته في مجال الدعاية تفشل الآن في كل مكان تقريباً في إيصال رسالتها، مع أن الرئيس التنفيذي لشركة علاقات عامة أمريكية، وهي واحدة من أكبر الشركات في العالم، تلقى مكالمة هاتفية من أحد زملاء نتنياهو، لتكليفه بتنسيق جهود المعركة الدعاية الدولية، هذه مبادرة مهمة في حدّ ذاتها، لكن من المستحيل الفوز بمثل هذه المعركة الدولية دون وضوح الرسائل المستمدة من استراتيجية واضحة".

وأشار إلى أن "الإخفاق الخامس يتمثل في فشل الحكومة بتوحيد المجتمع الإسرائيلي، وهي لا تساهم ولا تحاول المساهمة بأي شيء في ذلك، حتى أن حكومة الطوارئ تشكلت متأخرة، وبعد مساومات سياسية وتدخلات شخصية، بعدما سبّبه انقلابها القانوني من انقسامات داخلية، حتى أن الوزارات لم تطلب من جهات نقابية من المجتمع المدني للعمل معها لتعزيز الخدمة العامة، وبدلاً من التركيز على القوة الإسرائيلية فوق الحزبية، فإنها تركز على السياسات التافهة في أوقات الحرب".

غياب المسؤولية
وأكد أن "الإخفاق السادس هو فشل قيادي مدوّي، وهو الأشدّ خطورة، والأمر كله يقع على عاتق نتنياهو الذي لم يتعافى منذ 7 أكتوبر، ويمكن فهم السبب، لأنه وعد قبل 15 عاماً بإسقاط حكم حماس في غزة، وتباهى بقدرته الشخصية على تحديد التهديدات الوجودية، ورفض أي نصيحة من المؤسسة الأمنية، مكتفياً بالاعتماد بشكل كامل على رأيه الخاص، لقد فشل نتنياهو فشلا ذريعا، فحكومة الطوارئ فُرضت عليه، ولم يبادر بها، ولم يمنح غادي آيزنكوت وبيني غانتس مناصب حكومية لأنه يخاف بشدة من شركائه، وعلاقاته بوزير الحرب يوآف غالانت صعبة للغاية، ومليئة بالافتراءات، وكل الإخفاقات الحكومية مسؤوليته وحده".

وأوضح ان "نتنياهو لم يعقد مؤتمرا صحفيا حتى الآن، ولم يجب على سؤال واحد حول كارثة السبت، فيما المتحدث العسكري يجيب على الأسئلة كل يوم، وبعد ستة أيام من أخطر صدمة في تاريخ الدولة، استدعانا جميعا إلى شاشة التلفزيون للإدلاء بـ«بيان»، لم يقل شيئا فيه، بل إن مداولات مجلس الوزراء مسرّبة بشكل مدمر؛ وبتّ أجد صعوبة في تصديق كمية المعلومات التي تتسرب، ومن التقوا نتنياهو شخصياً يصفون المحادثات بالصعبة، المليئة بالخوف والألم، وهو كقائد لا يبدي الثقة في النصر، مما يجعل الكثير من العائلات وجنود الاحتياط يملؤهم غضب شديد عليه وعلى حكومته بسبب سياسته الرخيصة، لأنه لم يحضر جنازة واحدة".

إن هذا الاستعراض الإسرائيلي المطوّل لسلسلة أخطاء الدولة والحكومة ورئيسها يشير إلى أنها متورطة فعلا في سلسلة من الإخفاقات الاستراتيجية والدعائية، مما يؤدي لأضرار تراكمية، هذه هي الحقيقة، الاحتلال الذي لم يتعرف على التهديد، والمسؤول عن الفشل، يواصل شنّ الحرب، ويديرها بشكل سيء، مما يذكرنا برئيس الوزراء البريطاني نيفيل تشامبرلين، الذي حل محلّه ونستون تشرشل بعد فترة وجيزة في الحرب العالمية الثانية، ورغم أن الاحتلال في حرب 1973، وفي وقت قصير، أجرى تنقلات لكبار القادة، بما فيها قائد القيادة الجنوبية، في الحرب الحالية، لكنه اليوم لا يجري هذه التنقلات، لا في الوزارات، ولا في الجيش، لأن رئيس الوزراء على قمة الهرم، لا يخرج بعبارة "أنا مسؤول عما حصل".

المصدر: عربي21

كلمات دلالية: سياسة اقتصاد رياضة مقالات صحافة أفكار عالم الفن تكنولوجيا صحة تفاعلي سياسة اقتصاد رياضة مقالات صحافة أفكار عالم الفن تكنولوجيا صحة تفاعلي سياسة مقابلات سياسة دولية سياسة دولية الاحتلال غزة غزة الاحتلال طوفان الاقصي سياسة دولية سياسة دولية سياسة دولية سياسة دولية سياسة دولية سياسة دولية سياسة سياسة سياسة سياسة سياسة سياسة سياسة سياسة سياسة سياسة سياسة سياسة سياسة سياسة سياسة سياسة اقتصاد رياضة صحافة أفكار عالم الفن تكنولوجيا صحة فی فشل

إقرأ أيضاً:

كيف أطال نتنياهو بقاءه السياسي عبر المماطلة في إنهاء العدوان على غزة؟

يسعى رئيس وزراء الاحتلال الإسرائيلي بنيامين نتنياهو، إلى إطالة أمد الحرب في غزة للحفاظ على منصبة السياسي وحكومته لأطول مدة ممكنة بطرق متعددة.

ونشرت صحيفة "نيويورك تايمز" تقريرا طرحت خلاله الطريقة التي أطال فيها رئيس وزراء الاحتلال الإسرائيلي الحرب في غزة كي يبقى في الحكم وكشف التحقيق عن اللقاءات السرية وتجاهل المعلومات السرية.

وقدمت الصحيفة التحقيق بأنه القصة الداخلية لحسابات رئيس الوزراء الاحتلال الإسرائيلي بعد 7 تشرين الأول/ أكتوبر، فبعد 6 أشهر من بدء الحرب في قطاع غزة، كان نتنياهو يستعد لإيقافها وكانت المفاوضات جارية مع حماس من أجل وقف إطلاق نار ممتد، وكان مستعدا للموافقة على تسوية، وقد أرسل مبعوثا لنقل موقف إسرائيل الجديد إلى الوسطاء المصريين، وفي اجتماع في نيسان/أبريل 2024 بوزارة الدفاع في تل أبيب، كان عليه إقناع حكومته بالموافقة.

وأضاف التحقيق أن نتنياهو أبقى الخطة خارج جدول أعمال الاجتماع المكتوب، وكانت الفكرة هي الكشف عنها فجأة، مما يمنع الوزراء المعارضين من تنسيق ردهم.

وكشف التحقيق أن الاقتراح المطروح كان يهدف إلى وقف حرب غزة لستة أسابيع على الأقل، وأن يتيح فرصةً للتفاوض مع حماس بشأن هدنة دائمة، وكان من الممكن إطلاق سراح أكثر من 30 أسيرا لدى حماس خلال أسابيع. وإطلاق سراح المزيد حال امددت الهدنة.

وأشار التحقيق أنه كان من الممكن أن يتوقف دمار غزة، حيث كان نحو مليوني شخص يحاولون النجاة من الهجمات اليومية، وكان إنهاء الحرب سيزيد من فرص التوصل إلى اتفاق سلام تاريخي مع السعودية، أقوى دولة في العالم العربي.


وتابع التحقيق أن القيادة السعودية أبدت سرا استعدادها لتسريع محادثات السلام مع إسرائيل، شريطة توقف الحرب في غزة، كان من شأن تطبيع العلاقات بين الحكومتين السعودية والإسرائيلية، وهو إنجاز استعصى على كل زعيم إسرائيلي منذ تأسيس دولة الاحتلال عام 1948، أن يضمن مكانة إسرائيل في المنطقة، ويضمن إرث نتنياهو على المدى الطويل.

وأردف التحقيق أنه في المقابل فالهدنة كانت ستأني بثمن باهظ على نتنياهو، وهو انهيار ائتلافه المتطرف الذي يطالب بإدامة الحرب حتى يتم احتلال غزة وإعادة الاستيطان، وهدد هذا الائتلاف بإسقاط الحكومة، مما يعني انتخابات جديدة لا يضمن نتنياهو الفوز بها، إلى جانب اتهامات الفساد التي تلاحقه.

وأضاف التحقيق أنه رغم استعداد نتنياهو للمضي في الهدنة إلا أن وزير المالية بتسلئيل سموتريتش قاطع الجلسة قائلا: "أريدك أن تعلم أنه إذا طُرح اتفاق استسلام كهذا، فلن يكون لديك حكومة"، "لقد انتهت الحكومة"، وفي تلك اللحظة، اضطر رئيس الوزراء للاختيار بين فرصة الهدنة وبقائه السياسي، فاختار نتنياهو البقاء، ووعد سموتريتش بأنه لا توجد خطة لوقف إطلاق النار، ومع تقدم نقاش مجلس الوزراء، انحنى نتنياهو بهدوء على مستشاريه الأمنيين وهمس بما بدا جليا لهم حينها: "لا تعرضوا الخطة".

ومن ناحية أخري أكد التحقيق أنه رغم ما حققه نتنياهو في حرب الـ 12 يوما ضد إيران، إلا أن ما ينتظر نتنياهو في أعقاب هذا هو قرار مصيريٌ أكثر بشأن حرب غزة، ولقد سوى الصراع معظم الأراضي بالأرض وأسفر عن استشهاد ما لا يقل عن 55,000 شخصا، بالإضافة إلى العديد من المدنيين، منهم ما يقرب من 10,000 طفلا دون سن الحادية عشرة.

وقال معدوا التحقيق أنه حتى وإن نجحت المفاوضات أخيرا في إيقاف الغارات الإسرائيلية خلال الأيام المقبلة، فإنها بالفعل أطول حرب شديدة الشدة في تاريخ إسرائيل - أطول من الحروب التي أحاطت بتأسيسها عام 1948، وأطول من حرب يوم الغفران التي دافعت عن حدودها عام 1973، وأطول بكثير، بالطبع، من حرب الأيام الستة بين العرب وإسرائيل عام 1967.


وتابع التحقيق أنه مع استمرار الحرب تراجع التعاطف الدولي مع الاحتلال الإسرائيل حيث تواجه إسرائيل اتهامات إبادة جماعية في غزة أمام محكمة العدل الدولية، وفي أمريكا أدى فشل الرئيس جو بايدن في إنهاء الحرب إلى انقسام الحزب الديمقراطي، وساهم في إثارة الاضطرابات التي أعادت الرئيس ترامب إلى السلطة، أما في إسرائيل، فاقمت الحرب المطولة الخلافات الحادة حول أولويات البلاد، وطبيعة ديمقراطيتها، وشرعية نتنياهو كزعيم.

وتساءلت الصحيفة: "لماذا، بعد مرور ما يقرب من عامين لم تصل الحرب إلى نهاية حاسمة بعد؟ لماذا رفضت إسرائيل مرارا فرص خفض التصعيد، وبدلا من ذلك وسعت طموحاتها العسكرية إلى لبنان وسوريا والآن إلى إيران؟ لماذا استمرت الحرب، حتى مع استهداف قيادة حماس ودعوة المزيد من الإسرائيليين إلى وقف إطلاق النار؟" ومع أن الكثير من الإسرائيليين يتهمون حماس بأنها أطالت الحرب ورفضت الاستسلام، لكن يعتقد الكثيرون بشكل متزايد أن إسرائيل كان بإمكانها إبرام صفقة مبكرة لإنهاء الحرب، ويتهمون نتنياهو، الذي يتمتع بالسلطة المطلقة على الاستراتيجية العسكرية الإسرائيلية، بمنع التوصل إلى تلك الصفقة.

ولفهم دور نتنياهو في إطالة أمد الحرب، تحدثت الصحيفة مع أكثر من 110 مسؤولا في إسرائيل والولايات المتحدة والعالم العربي، وقد التقى جميع هؤلاء المسؤولين، من مؤيدين ومنتقدين، برئيس الوزراء أو راقبوه أو عملوا معه منذ بداية الحرب، كما راجعت الصحيفة عشرات الوثائق، بما في ذلك محاضر اجتماعات الحكومة، والاتصالات بين المسؤولي وسجلات المفاوضات وخطط الحرب وتقييمات الاستخبارات وبروتوكولات حماس السرية ووثائق المحاكم، وللأسباب الواضحة، فقد أطال نتنياهو الحرب خدمة لمصلحته السياسية الشخصية.

وأضاف الصحيفة أنه سواء اعتقدوا ذلك أم لا، فقد اتفق كل من تحدثت إليهم على أمر واحد: إن امتداد الحرب وتوسعها كانا في صالح نتنياهو، وعندما بدأت الحرب في 7 تشرين الأول/أكتوبر 2023، بدا أنها ستنهي مسيرة نتنياهو السياسية، وكان التوقع العام أن الحرب ستهدأ في أوائل عام 2024، وأن ائتلاف نتنياهو سينهار، وسيحاسب قريبا على الفشل الأمني الذريع.

وأشارت الصحفية إلى أن نتنياهو استغل الحرب لتحسين حظوظه السياسية، في البداية لمجرد البقاء، ثم لتحقيق النصر بشروطه الخاصة، بعد ما يقرب من عامين، لا يزال يواجه اتهامات خطيرة بالفساد، لكن لديه فرصة جيدة لحكم إسرائيل حتى الانتخابات العامة المقرر إجراؤها بحلول تشرين الأول/أكتوبر 2026، عندما سيكون عمره 77 عاما - ومن المرجح أن يفوز بها.

ومهما كانت دوافع نتنياهو الأخرى غير البقاء في السلطة إلا أن تحليل الصحيفة قاد إلى ثلاثة استنتاجات حتمية، ففي السنوات التي سبقت الحرب، ساهم نهج نتنياهو تجاه حماس في تقوية الحركة، مما أتاح لها المجال للاستعداد سرا للحرب. في الأشهر التي سبقت تلك الحرب، أدى سعي نتنياهو لتقويض القضاء الإسرائيلي إلى تعميق الانقسامات العميقة أصلا داخل المجتمع الإسرائيلي وإضعاف جيشه، مما جعل إسرائيل تبدو ضعيفة وشجع حماس على الاستعداد لهجومها.


وتابع التحقيق أنه بمجرد بدء الحرب، غلبت على قرارات نتنياهو أحيانا الحاجة السياسية والشخصية بدلًا من الضرورة العسكرية أو الوطنية فحسب، وكشف تحقيق الصحيفة أن قرارات نتنياهو أثناء الحرب، أمد القتال في غزة أكثر مما رأته القيادة العسكرية الإسرائيلية العليا ضروريا.

وأكد التحقيقي أن ذلك يعود جزئيا إلى رفض نتنياهو، قبل سنوات من 7 تشرين الأول/أكتوبر، الاستقالة عند اتهامه بالفساد، وهو قرار أفقده دعم المعتدلين في إسرائيل، بل وحتى بعض اليمين الإسرائيلي، وفي السنوات التي تلت محاكمته التي لا تزال جارية، والتي بدأت عام 2020، بنى نتنياهو أغلبية هشة في البرلمان الإسرائيلي من خلال تحالفاته مع أحزاب اليمين المتطرف.

وكشف التحقيق أن ذلك أبقاه في السلطة، لكنه ربط مصيره بمواقفها المتطرفة، سواء قبل الحرب أو بعدها، وقد أبطأ نتنياهو، وتحت ضغوط من حلفائه في الائتلاف، مفاوضات وقف إطلاق النار في لحظات حاسمة، مضيعا نوافذ كانت حماس أقل معارضة فيها للاتفاق، لقد تجنب التخطيط لانتقال السلطة بعد الحرب، مما جعل من الصعب توجيه الحرب نحو نهاية اللعبة، ولقد واصل الحرب في نيسان/ أبريل وتموز/يوليو 2024، حتى عندما أخبره كبار الجنرالات أنه لا توجد ميزة عسكرية أخرى للاستمرار.
وقال كاتبوا التحقيق أنه عندما بدا أن الزخم نحو وقف إطلاق النار ينمو، نسب نتنياهو أهمية مفاجئة إلى الأهداف العسكرية التي بدا في السابق أقل اهتماما بالسعي إليها، مثل الاستيلاء على مدينة رفح الجنوبية واحتلال الحدود بين غزة ومصر لاحقا، وعندما تم التوصل أخيرا إلى وقف إطلاق نار ممتد في كانون الثاني/يناير، انتهك الهدنة في آذار/مارس جزئيا للحفاظ على سلامة ائتلافه.

وتابع التحقيق أن ثمن التأخير كان باهظا: فمع مرور كل أسبوع كان التأخير يعني موت مئات الفلسطينيين ورعب آلاف آخرين، كما أدى إلى وفاة ثمانية أسرى آخرين على الأقل في الأسر، مما عمق الانقسامات في إسرائيل بين من سعوا إلى صفقة لإطلاق سراح الأسرى قبل كل شيء، ومن اعتقدوا أن الحرب يجب أن تستمر حتى تدمير حماس.

وقد أدى ذلك إلى تأخير الصفقة السعودية، وشوه صورة إسرائيل في الخارج، ودفع المدعين العامين في المحكمة الجنائية الدولية إلى المطالبة باعتقال نتنياهو، لكن بالنسبة لنتنياهو، كانت المكافآت الفورية مهمة، فقد عزز سيطرة على الدولة الإسرائيلية أكثر من أي وقت مضى خلال فترة ولايته التي استمرت 18 عاما كرئيس للوزراء، ونجح في منع تحقيق حكومي كان من شأنه أن ينظر في مسؤوليته، قائلاً إن التداعيات يجب أن تنتظر حتى تنتهي حرب غزة، حتى مع إقالة أو استقالة وزير الدفاع ورئيس الأركان ورئيس جهاز المخابرات الداخلية وعدد من كبار الجنرالات.

وبحسب التحقيق وبينما يحضر المحكمة ثلاث مرات أسبوعيا لمحاكمته بتهم الفساد، تتجه حكومته الآن لإقالة النائب العام التي تشرف على هذه المحاكمة كما عزز استمرار الحرب ائتلافه، ومنحه الوقت للتخطيط لهجومه على إيران وتنفيذه. والأهم من ذلك، كما يشير حتى أقوى مؤيديه، أنه أبقاه في منصبه. يقول سروليك إينهورن، الخبير الاستراتيجي السياسي وأحد أفراد الدائرة المقربة من نتنياهو: "حقق نتنياهو عودة سياسية لم يظن أحد، ولا حتى أقرب حلفائه، أنها ممكنة".

وكشف التحقيق أن قيادة نتنياهو أعادت، خلال حرب مطولة مع حماس وهجوم جريء على إيران، رسم الخريطة السياسية، وهو الآن في وضع قوي للفوز بالانتخابات مجددا، وأشارت الصحيفة إلى تقارير أمنية عن المخاطر التي تواجه إسرائيل قبل هجمات 2023، وهي تعود إلى تموز/يوليو من ذلك العام.

وعندما شعر هرتسي هاليفي، القائد العام للجيش الإسرائيلي، بالكارثة، حاول التواصل مع نتنياهو، في محاولة لم تعلن عنها سابقا لحث رئيس الوزراء على قراءة نتائج التقرير الأمني. وكان هاليفي ومسؤولون كبار آخرون، بمن فيهم وزير الدفاع، قد قدموا نتائج مماثلة لنتنياهو في الأشهر والأسابيع السابقة، دون جدوى.

ومن ناحية أخرى كشف التحقيق أن نتنياهو علم بهجوم 7 تشرين الأول/أكتوبر لأول مرة في ذلك الصباح الساعة 6:29 صباحا، عندما أيقظته مكالمة واتساب من جيل، كبير مستشاريه العسكريين وكانت محادثة قصيرة، وبينما دوّت صفارات الإنذار في الخلفية، أخبر جيل نتنياهو أن حماس شنت للتو هجوما، وطلب من رئيس الوزراء أن يهز نفسه ويستيقظ، ووعده بمعاودة الاتصال بعد بضع دقائق - هذه المرة من هاتف نتنياهو المشفر.

وأضاف أنه بعد دقائق من بدء الحرب، كانت هذه أول إشارة إلى كيفية سعي نتنياهو لإطالة أمد بقائه السياسي، كان رؤساء الأجهزة الأمنية قد وجهوا له تحذيرا استراتيجيا للحرب، لكن نتنياهو حرص على التأكيد في هذه المكالمة المسجلة على أنها لا تتعلق تحديدًا بغزو مباشر من غزة، ولاحقًا في الحرب، اشتكى نتنياهو علنا من أنه استيقظ متأخرا جدا، وأنه لو كان قد تم تنبيهه في وقت أبكر، لكانت الكارثة قد تفادت.


والحقيقة هي أنه بمجرد استيقاظه، لم يكن له تأثير يذكر في ذلك الصباح على رد الفعل الأولي لإسرائيل. أدار غالانت، وزير الدفاع، وهاليفي، قائد الجيش، ترتيب المعركة الفوري على بعد عدة طوابق تحت مقر القيادة العسكرية في تل أبيب، في مركز قيادة تحت الأرض يُعرف باسم "الحفرة" والتي زارها نتنياهو بشكل وجيز في الساعة 10:00 صباحا. وكان أول قرار مهم لنتنياهو كهو إصدار أمر للجنرالات بقصف غزة بمستوى جديد من القوة.

وتقول الصحيفة إن من بين أسباب تردد الحكومة في الرد هي أن وزراء الحكومة أمضوا تسعة أشهر وهم يتجاهلون التهديدات الخارجية سعيا وراء أهداف داخلية مثيرة للجدل، واجه بعض الوزراء رعب اللحظة الراهنة حتى مع بروز عواقبها السياسية.

وجلس ياريف ليفين، وزير العدل ومهندس الإصلاح القضائي، على الدرج يبكي، وفقاً لشاهدين. فيما لخص سموتريتش الوضع قائلاً: "خلال 48 ساعة، سيطالبوننا بالاستقالة بسبب هذه الفوضى، وسيكونون على حق". وحتى في أسوأ أيامه السياسية، كان نتنياهو يرسم طريقه نحو البقاء السياسي، خلال الأيام الفوضوية التالية، صد الجيش هجوم حماس، وتعامل مع من تبقى من عناصرها، وبدأ التخطيط لغزو غزة. 

وفي الخلفية بدأ نتنياهو يخطط لضم حلفاء جدد من المعارضة، مثل بيني غانتس. خلال الأشهر الأولى من الحرب، كان بقاء نتنياهو مرهونا بتحقيق توازن شبه مستحيل، كان عليه أن يفعل ما يكفي لتهدئة بايدن، الذي كان دعمه الدبلوماسي ومساعدته العسكرية أساسيين لإطالة أمد المجهود الحربي الإسرائيلي، مع عدم بذل جهد يذكر لعزل اليمين المتطرف، الذي اعتمد عليه نتنياهو في مسيرته السياسية.

اتضح تحدي إرضاء الطرفين بعد منتصف ليل 17 تشرين الأول/اكتوبر، أي بعد عشرة أيام من الهجوم. في الطابق الرابع تحت مقر القيادة العسكرية في تل أبيب، كان نتنياهو عاجزا عن الاختيار بين رغبات وفد أمريكي، جالسا في غرفة تحت الأرض، ورغبات وزراء حكومته، الجالسين في غرفة أخرى قريبة.

مقالات مشابهة

  • فيشمان: لا دليل حتى الآن على تغير السياسة الأمريكية تجاه ليبيا
  • نتنياهو وكاتس.. شروط على المقاس
  • أردوغان: العالم الذي صمت مع سربرنيتسا يكتفي بمشاهدة الفظائع في فلسطين
  • أردوغان: العالم الذي صمت مع سربرنيتسا ويكتفي بمشاهدة الفظائع في فلسطين
  • كيف أطال نتنياهو بقاءه السياسي عبر المماطلة في إنهاء العدوان على غزة؟
  • مسؤولون إسرائيليون: نتنياهو أطال الحرب بغزة رغم إبلاغه من الجنرالات عدم جدواها
  • هدنة قريبة في غزة؟ نتنياهو يتحدث عن اتفاق محتمل لمدة 60 يومًا
  • مختار غباشي: نتنياهو يهرب من فشله الداخلي بتوسيع رقعة الحرب في المنطقة
  • في استمرار للعدوان الاسرائيلي..52 شهيد في غزة
  • اليوم حرب وغدا خوف.. ما الذي يعنيه أن تقصف تل أبيب؟