ما وراء الألوان… ملتقى لمشروع هارموني يعزف على وتر الفن والإنسانية
تاريخ النشر: 24th, October 2023 GMT
حمص-سانا
عزف مشروع هارموني على وتر الفن والإنسانية الصادقة في ملتقاه الثالث بعنوان (ما وراء الألوان) ليسمو بنتاجه الفني والإنساني إلى أرقى الدرجات، ويرسل رسائل حب وسلام فاح عطرها في ساحة كنيسة مار ميخائيل بحي وادي السايح في حمص.
الملتقى الذي ضم 10 خيم صغيرة في كل منها قصة ولحن ولوحة أو منحوتة تختزن في تفاصيلها حكاية وجع مر بها شخص ومرحلة صعبة ربما شفي منها أو لا، ليشكل هذا المعرض جانباً من جوانب العلاج النفسي وخطوة من خطوات الخروج من الألم والظلام إلى الضوء والتحدي.
مدير مشروع هارموني بحمص كامل عوض قال في تصريح لمراسلة سانا: إن (ما وراء الألوان 3) هو سلسلة لثلاث سنوات بدأت عام 2021 بمجموعة من التدريبات الفنية والمجتمعية لمساعدة الشباب على بناء السلام الذاتي والمجتمعي والتخلص من مخلفات الحرب النفسية، ثم انتقلت إلى (ما وراء الألوان 2) الذي ضم مجموعة من المخيمات الشبابية شارك فيها نحو 150 شاباً وشابة بمجالات النحت والتدوين والرسم وصولاً إلى (ماوراء الألوان 3) اليوم الذي تمحور حول الإنسان السوري وقصص المعاناة التي عاشها ليستمع إليها الجميع ويتشارك معه المعاناة.
وأضاف عوض: إن هارموني كان عبارة عن خلية عمل منذ بداية العام الحالي شارك فيها فنانون تشكيليون وموسيقيون وكتاب ومدونون ونحاتون ومصممو صور، لافتاً إلى أن القصص العشر التي تم اختيارها تمثل شرائح كبيرة من المجتمع السوري فمنها قصة الأم التي هاجر أبناؤها وقصة الجريح المصاب بشظايا من الحرب والفتاة التي هجرت من منزلها وغيرها.
وبين محمد صواف ومحمد الأيوب وبشار طنوس من أعضاء فريق هارموني أن الخيم العشر تحوي قصصا حقيقية وثقت بالتدوين وبلوحة ولحن خاص يعبر عنها تآلفت جميع عناصر الخيمة لتعطي أبلغ تعبير عن كل حالة.
بدورها أشارت الشابة هيا الفحام إلى أنها دونت قصتها الحقيقية على جدران الخيمة وتحدثت عن كل ما فيها من ألم ومعاناة، موضحة أن هذه التجربة بالنسبة لها كانت من أجمل التجارب الإنسانية وساهمت في تخطي الألم والوصول إلى السلام الداخلي.
وعبرت الفنانة التشكيلية المشاركة آية فاطي عن قصتها (لوحة خاصة) عن طريق الرسم، كما أوصلت من خلالها قصة اغتراب وتفاصيل عاشتها ومراحل صعبة فيها حزن وعدم تقبل الآخر، لافتة إلى أن الملتقى كان بالنسبة لها فرصة للتعبير عما في داخلها ووسيلة للتخلص من الألم بعد عرضه ومشاركته مع عدة أشخاص.
الفنان التشكيلي بيتر فاخوري قال: إن لوحته تحكي عن صبية مهجرة مرت بمعاناة عبر عنها عن طريق الألوان الشاحبة، لافتاً إلى ضرورة أن يكون الفن تفاعلياً وهو الشيء الذي عمل عليه هارموني ضمن هذا الملتقى، حيث خاطب جميع الحواس ليصل إلى قلب وعقل المتلقي.
ومن الحضور كارلا بيطار بينت أن هارموني فريق مبدع يدهش جمهوره في كل نشاط، ويعبر دائما عما في داخل الإنسان متمسكاً بأهدافه الإنسانية والمجتمعية وسعيه لتحقيق السلام.
لارا أحمد
المصدر: الوكالة العربية السورية للأنباء
إقرأ أيضاً:
رحل الوالدان وبقي الألم .. خمسة أطفال من غزة يتجرعون مرارة اليتم
#سواليف
#خمسة_أطفال استيقظوا مع توجه عقارب الساعة إلى نحو الثالثة إلا عشر دقائق فجرا ليجدوا أنفسهم وسط غيمة كثيفة من الدخان، ما أن انقشع غبارها حتى وجدوا أنفسهم #أيتام الأم والأب.
“ناصر، لمى، ديما، سوار، شام”.. أطفال أكبرهم ناصر 13 عاماً وأصغرهم شام عامان فقط، شاهدوا كيف تحول أجساد والديهم إلى #أشلاء_ممزقة بفعل قصف صهيوني من طائرة “ #أباتشي ” استهدفت منزلهم الوادع غرب #مخيم_النصيرات وسط قطاع #غزة.
هول الفاجعة كان كبيرا، صرخ الأبناء طويلاً، قطعت كلماتهم نياط قلوب أعمامهم وأقاربهم الذين حاولوا تهدئتهم، إلا أن الكلمات والمشاعر كانت أكبر من أن تحتوى، وأكبر من أن ينجح أحد في إسكاتها أو حتى تهدئتها.
مقالات ذات صلةصرخات حرّى
“كلهم إلهم أب وأم، ليش احنا لأ، ليش قتلوهم ما عملوا اشي، أنا لما يطلعوا مشوار بشتاقلهم، شو أعمل الآن، كيف بدي أعيش أنا حدا يقلي، كيف بدي أعيش وأكمل حياتي، ليش ما أخذوني معهم؟” كانت هذه كلمات الطفلة “لمى” وصرخاتها ممزوجة ببكاء مرير ومشاعر صعبة لا يمكن وصفها، جعلت كل من تواجد في المكان يبكي بكاء شديداً وهم من كانوا يحاولون التماسك وتهدئة روع الأطفال الخمسة ومواساتهم.
هدأت “لمى” قليلاً وكأنها ذهبت في غيبوبة، لتعلو #صرخات شقيقتها “ديما”، “الليلة كانوا قاعدين معنا، ووصونا لو صار لهم اشي ما نبكي ولا نزعل، ونسمع كلام جدتي وأعمامي، كيف راحوا؟ وليش هيك سابونا، أنا بدي إياهم رجعولي إياهم، أمانة رجعولي إياهم، بقدرش أقعد بدونهم أنا بقدرش أعيش”، كانت هذه الكلمات كفيلة أن تبكي الحاضرين جميهم ليعلو صوت بكائهم جميعاً كالأطفال.
الأطفال الخمسة أصبحوا في رعاية جدتهم “أم محمد”، والتي تساقطت دمعاتها حرى في اليوم الثاني لاستشهاد محمد وزوجته، بينما كانت تعمل على غسل ملابس الأطفال، فلم تتصور الجدة أنها ستعود لرعاية أطفال ابنها بشكل مباشر في ظل غياب والديهما، وانتقال المسؤولية عن رعاية شؤونهم كافة إليها.
الشهيد الطيب
الوالد الشهيد “محمد” ويبلغ من العمر (38 عاماً)، هو ابن الشهيد ناصر أحمد غراب والذي ارتقى في مايو 2018 أثناء مشاركته في مسيرات العودة قرب السياج الفاصل شرق مخيم البريج وسط قطاع غزة.
ومنذ ذلك الحين أصبح محمد والذي يعمل في جهاز الدفاع المدني، بمثابة الأب لإخوانه، فهو الأكبر بينهم، وعرف عنه حنانه الشديد وتواضعه الجم، وحبه لكل من حوله، “أبو ناصر” الطيب هكذا يصفه كل من عرفه، وأم مستشفى العودة للصلاة على جثمانه الطاهر وتشييعه إلى مثواه الأخير.
أصيب الوالد الشهيد “محمد” في قصف صهيوني سابق استهدف مقر جهاز الدفاع المدني في مخيم النصيرات، ووصفت جراحه في حينه بالمتوسطة، مكث على إثرها وقتاً طويلا في مستشفى شهداء الأقصى للعلاج، وأجريت له عدة عمليات جراحية، وكان بحاجة ماسة للسفر لاستكمال رحلته العلاجية.
ورغم مرور شهور على هذه الإصابة فإن “أبو ناصر” كان لا زال في طور العلاج الطبيعي ليده التي أزيلت منها “أسياخ البلاتين” حديثاً.
استشهد في هذا القصف الصحفي أحمد اللوح ومجموعة من كوادر جهاز الدفاع المدني وأصيب عدد آخر كان من بينهم “أبو ناصر”، الذي كان يصرخ في المستشفى متألماً، لكنه كان يصرخ أيضاً، وينادي الله ويسأله “لماذا لم تأخذني شهيدا عندك مباشرة (على طول)؟”.
"راحوا إمي وخواتي..وأنا لمين؟"
تريدُ أن تنطقها ولا يُسعفها الحُزن: "أنا لمين أضلّ؟"..بعدما يفقدُ المرء أحبّته وألوان الدنيا في عينيه وطيب الصّحبة في عُمره، لماذا يظلّ! لماذا يبقى!
من وداع الشهداء في بيت لاهيا الليلة..
اللهم اربط على قلوبهم يا الله! pic.twitter.com/cwEGMY045j
خديجة.. الأم الاجتماعية
أما الوالدة الشهيدة “خديجة”، فعرف عنها، وفق ما يحدث مقربون عنها، حبها الشديد لأبنائها، ورعايتها الفائقة بمأكلهم ومشربهم وملبسهم، وحرصها على نشأتهم نشأة صالحة طيبة، علاوة على اهتمامها البالغ بزوجها الشهيد.
“خديجة” كانت اجتماعية من الطراز الأول، وعلاقاتها مع عائلة زوجها وأمه وحتى والده الشهيد مميزة وخاصة، إضافة لعلاقتها المميزة بخالاتها وأقاربها والتي كانت في زيارات مكوكية لهم قبل يوم واحد من رحيلها وكأنها تودعهم.
ووفق ما يحدث من عرفها، فإن أكثر ما كان يحزن “خديجة” يتم الأطفال وفقدهم والديهم أو أحدهما، وكانت تبكي كثيرا عند سماعها قصصا من هذا القبيل، ولم تكن تعلم أن أبناءها سيفقدونها برفقة أبيهم قريبا، ليعيشوا مرارة اليتم والحرمان من رعايتها وحنانها واهتمامها.
حرب غزة والأيتام
ووفق معطيات رسمية لوزارة التنمية الاجتماعية، فإن حرب الإبادة المتواصلة على غزة خلّفت نحو 40 ألف يتيم، 700 منهم ينطبق عليه مصطلح “الناجي” الوحيد، أي أنه فقد كل عائلته نتيجة القصف الصهيوني.
وتكشف المعطيات أن عدد الأيتام في قطاع غزة قبل الحرب بلغ 22 ألف يتيم، وهو ما يعني أن حرب الإبادة على قطاع غزة جاءت وحدها بضعفي هذا الرقم من الأيتام.
منظمة الأمم المتحدة للطفولة “يونيسيف” تقدر أن في غزة ما لا يقل عن 19 ألف طفل غير مصحوبين بذويهم، وتحول هؤلاء الصغار إلى أيتام فقدوا حنان الأبوين، وهؤلاء جزء من إجمالي عدد الأيتام إذ يقدر المكتب الإعلامي الحكومي أنهم بلغوا نحو 40 ألفاً، يعيشون من دون أحد الوالدين.
وفي تقرير للمركز الفلسطيني للإحصاء نشره في أبريل المنصرم، بمناسبة يوم الطفل، كشفت التقديرات أن نحو 40 ألف طفل في قطاع غزة فقدوا أحد والديهم أو كليهما، بينهم حوالي 17 ألف طفل حرموا من كلا الوالدين، ليجدوا أنفسهم في مواجهة قاسية مع الحياة دون سند أو رعاية.
وقال “المركز، إن هؤلاء الأطفال يعيشون ظروفا مأساوية، حيث اضطر الكثير منهم للجوء إلى خيام ممزقة أو منازل مهدمة، في ظل غياب شبه تام للرعاية الاجتماعية والدعم النفسي.
وبين أن المعاناة لا تقتصر على فقدان الأسرة والمأوى، بل تمتد إلى أزمات نفسية واجتماعية حادة؛ إذ يعانون من اضطرابات نفسية عميقة، مثل الاكتئاب والعزلة والخوف المزمن، في غياب الأمان والتوجيه السليم، إضافة إلى ضعف التعلم والتطور الاجتماعي، ليجدوا أنفسهم فريسة لعمالة الأطفال، أو الاستغلال في بيئة قاسية لا ترحم.