٣٦ سنة علي الرحيل الذي كان في مثل هذا اليوم تاريخ ٢٧ اكتوبر ١٩٨٧م عن عمر ناهز المائة عام بمدينة بركات رئاسة مشروع الجزيرة جنوب ودمدني.
حين اتاني خبر رحيله بالتلكس كنت وقتذاك اعمل بمدينة جدة بقطاع الادارة المالية ولمدة ١٢ سنة ممتدة من العام ١٩٧٥م الي نهاية العام ١٩٨٧م .
وحدث نفس الشيء حين اتاني خبر رحيل والدتي الحاجة/ ستنا بنت ابوزيد بتاريخ ١٢ سبتمبر ١٩٩٨م وانا ابنها الوحيد ورحلت في عمر ناهز التسعين عام.
إن حزني في الحالتين كان كبيرا.. لأنني لم اودعهما او اشرف علي تشييعهما إلي المثوي الاخير...ولكنها إرادة الله.
رحم الله أبي والذي قضيت معه اجمل سنوات عمري وتعلمت من حكمته ومن رجاحة عقله الكثير ..تعلمت بل ورثت منه حب الناس .. كل الناس.
تعلمت منه عشق صلة الرحم فاصبحت هي شيئا اساسيا في مسيرة حياتي .
أما الصفة العظمي والتي أخذتها منه هي الصبر عند الشدائد.
ولذلك فقد وفقني الله تعالي ان اتخطي كل العقبات التي إعترضت طريقي سواء في مجال عملي او في مجال النشاط السياسي الذي طعنت خلاله في خاصرتي مرتين بطعنات نجلاء ممن كنت اثق فيهم ..
فخسروا هم وسيظلوا يخسرون ويتخبطون .. ولم أخسر أنا لانني اكتسبت خاصية الاستقلالية في الرأي جنبا الي جنب مع إستقلالية القلم وعدم المتاجرة به مثلما انتشرت هذه العادة خلال السنوات الماضية. فإكتسبت بذلك ثقة حب وتقدير اناس كثر .. وقراء كثر ايضا بسبب عدم ميلنا الي ثقافة المهاترات و توظيف البذيء من التعابير القبيحة. ( فكل إناء بالذي فيه ينضح ).
رحم الله ابي في ذكري رحيله السادسة والثلاثين.
ورحم الله أمي.
والحمد لله من قبل ومن بعد.
bashco1950@gmail.com
المصدر: سودانايل
إقرأ أيضاً:
بلال قنديل يكتب: مش من حقك
في وقت بقينا كلنا فيه عايشين وسط زحمة الناس وزحمة الآراء، بقى الطبيعي انك تلاقي حد بيتكلم عنك، وحد بيحكم على تصرفاتك، وحد تاني بيحاول يغيرك عشان تبقى على مزاجه. بس الحقيقة البسيطة اللي الناس ناسيينها انك انت مش مرآة لحد، ومش تابع لحد، ومش من حق أي انسان يفرض عليك طريقة تعيش بيها حياتك.
مش من حقك تقوللي ألبس ايه، ولا أمشي ازاي، ولا أتعامل مع مين، ولا حتى احلم بإيه. مش من حقك تحطني في قالب انت شايفه مناسب ليك. انا حر، وعندي عقلي، وبعرف افكر، وعندي تجارب ووجع ومواقف خلتني ابقى الشخص اللي قدامك دلوقتي.
لو شايفني غلطان، من حقك تنصحني، لكن مش من حقك تفرض عليا قرارك وتعتبر انك بتعمل كده لمصلحتي.
فيه ناس بتفتكر ان القرب معناه السيطرة، وان الحب معناه التحكم، وان النصيحة لازم تكون أوامر. وده اكبر غلط. لان اقرب الناس ليك المفروض يكونوا اكتر ناس بيدوك مساحة تتنفس وتغلط وتتعلم. مش اقرب الناس هما اللي يقفلوا عليك ويحاسبوك على كل نفس.
الناس بقت تحب تتدخل، بقت تحب تسأل وتلاحق وتتابع، مش بدافع الاهتمام الحقيقي، لكن بدافع الفضول، او الاحساس بالتفوق، او حتى الهروب من مشاكلهم. والمشكلة الاكبر انهم لما ما يسمعوش اللي يرضيهم، يبتدوا يوجعوا بالكلام، ويحكموا، ويسيئوا.
المجتمع اللي عايز الكل نسخة واحدة، مجتمع مريض. ومفيش تطور ولا ابداع ولا راحة نفسية في بيئة مافيهاش حرية شخصية. لما تكون كل خطوة محسوبة عليك، وكل قرار لازم ياخد عليه الناس رأي، ساعتها تبقى مش عايش، انت مجرد آلة بتنّفذ اللي يرضي الناس.
محتاجين نرجع نفهم تاني يعني ايه احترام خصوصية، يعني ايه نسأل نفسنا قبل ما نتكلم: هو ده شغلي؟ هل انا مؤهل احكم؟ هل اللي بعمله هيبني ولا هيكسر؟ لأن الكلمة اللي بتطلع مش بترجع، والتدخل اللي مش في مكانه ممكن يبوّظ حياة بني آدم.
في النهاية، كل واحد فينا ليه حكاية، وليه وجع، وليه اختيارات. فلو مش هتدعم، اسكت. ولو مش هتفهم، متحكمش. مش من حقك تكون انا، ولا تكون صاحب القرار في حياتي. خليك في حالك، وخلي غيرك في حاله. كده بس نقدر نعيش في سلام حقيقي.
"احترم خصوصية غيرك، زي ما بتحب الناس تحترم خصوصيتك، لأن الاحترام الحقيقي بيبدأ من هنا."