بالرجوع إلى قانون مجلس عُمان الصادر بالمرسوم السُّلطاني (7/2021) فإنَّ القانون منح مجلس الشورى الصلاحيَّات التشريعيَّة والرقابيَّة، فعضو مجلس الشورى يمارس مهامَّ تشريعيَّة مشتركة مع مجلس الدَّولة في المواد (47، 48، 49، 50) وفق مبادئ ومرتكزات الدَّوْرة التشريعيَّة ومُحدِّداتها، وهو في ذات الوقت يمارس مهام رقابيَّة مشتركة مع مجلس الدَّولة وفق المادَّة (52) حيث تُحال مشروعات خطط التنمية والميزانيَّة العامَّة للدَّولة لمناقشتها وإبداء توصياته بشأنها؛ واختص القانون عضو مجلس الشورى بمهامَّ ومسؤوليَّات رقابيَّة أخرى لا تتوافر لمجلس الدَّولة في المادَّة (54) بشأن مشروعات الاتفاقيَّات الاقتصاديَّة والاجتماعيَّة الَّتي تعتزم الحكومة إبرامها أو الانضمام إليها، والمادَّة (55) والَّتي توجب على وزراء الخدمات موافاة مجلس الشورى بتقرير سنوي عن مراحل تنفيذ المشاريع الخاصَّة بالوزارات الَّتي يرأسونها وللمجلس دعوة أيٍّ مِنْهم لتقديم بيان عن بعض الأمور الداخلة في اختصاصات الوزارة الَّتي يرأسها ومناقشته فيها.


على أنَّ قانون مجلس عُمان منح عضو مجلس الشورى في المادَّة (56) أجاز لمجلس الشورى ممارسة اختصاصاته في المتابعة باستعمال سبع أدوات رئيسة هي: البيان العاجل؛ وطلب الإحاطة، وإبداء الرغبة، والسؤال، وطلبات المناقشة، ومناقشة البيانات، والاستجواب، حيث فصل الفصل السادس من الحديث عن أدوات المتابعة المقررة لمجلس الشورى وحدَّد آليَّاتها وشروطها ووجَّه إلى اللائحة الداخليَّة لمجلس الشورى مسؤوليَّة تحديد الإجراءات والمواعيد الواجب مراعاتها من قِبَل رئيس وأعضاء المجلس في استعمال تلك الأدوات وذلك بما لا يتعارض مع أحكام قانون مجلس عُمان، حيث فصلت المواد (56، 57، 58، 59، 60، 61، 63، 64، 65، 66، 67، 68، 69، 70، 71، 72،73،74، 75، 76،) استحقاقات ممارسة هذه الأدوات والضوابط والإجراءات والاشتراطات الَّتي ينبغي توافرها لتفعيل هذه الأدوات وتحقيق ممارسة أصيلة ومنتِجة لها تنعكس على أداء عضو مجلس الشورى.
وعَلَيْه، فإنَّ ما تضمُّه هذه الاختصاصات من مساحة واسعة من الصلاحيَّات والممكنات والأدوات تضع عضو مجلس الشورى أمام مرحلة جديدة من العمل الجادِّ والمخلِص، في قدرته على إحداث التغيير وصناعة التحوُّل الشامل، والانطلاقة في تحقيق اختصاصات المجلس من ثوابت واضحة ومرتكزات أصيلة، وأُطر مقنَّنة، لذلك فإنَّ الرهان الأكبر في هذه معادلة القوَّة في أدوار عضو مجلس الشورى تتَّجه لصالح الكفاءة العلميَّة والمهنيَّة والأدائيَّة لعضو مجلس الشورى بما يمتلكه من مهارات وقدرات واستعدادات وإدراك للمتغيِّرات، وعُمق في التحليل، وقراءة وتشخيص للحالة الوطنيَّة بكُلِّ تجلِّياتها الاقتصاديَّة والاجتماعيَّة والاستثماريَّة، وفي إدارة الحوار ومهارات التواصل وامتلاك أدوات البحث العلمي والتحليل الناقد وقراءة المؤشِّرات واستشراف المستقبل، وإعادة هندسة السلوك الشوروي الناتج عن مساحة الحوار المتاحة لعضويَّة مجلس الشورى في تناول القضايا والموضوعات الَّتي تطرح تحت قبَّة المجلس، ولذلك فإنَّ مفهوم إدارة التغيير الَّذي أشرنا إليه في عنوان مقالنا إنَّما يرتكز على مساحة الأمان المتاحة لعضو مجلس الشورى في تحقيق تحوُّل نَوْعي في أدائه الشوروي وممارساته للوظيفتين التشريعيَّة والرقابيَّة، بالشكل الَّذي يضْمَن فاعليَّة الدَّوْر وكفاءة الممارسة المتحقِّقة والمنتِجة من عضو مجلس الشورى.
وبالتَّالي فإنَّ هذه الاختصاصات تُجيب عن التكهنات الَّذي يُسقطها البعض حَوْلَ أدوار ومهام عضو مجلس الشورى، وهنا يُمكِن الإشارة إلى أنَّ قانون مجلس عُمان منح اختصاصات واسعة لمجلس الشورى وأعضائه، وهي اختصاصات باتَتْ ترتبط ارتباطًا كبيرًا بالنسيج الاجتماعي الوطني والتحوُّلات الاقتصاديَّة والتنمويَّة والشراكات الاستراتيجيَّة بتحقيق أولويَّات وأهداف رؤية عُمان 2040 ذات الصِّلة بالتشريع والرقابة. غير أنَّ مسألة تفعيل الصلاحيَّات الممنوحة لعضو مجلس الشورى ترتبط ـ في تقديرنا الشخصي ـ بموضوع التمكين؛ ذلك أنَّ التمكين مرحلة ممتدَّة تعكس مستوى التقدم الحاصل في طريقة استخدام الصلاحيَّات والأدوات ومستوى الوعي والكفاءة الَّتي تؤسِّس لمرحلة متقدِّمة عَبْرَ «التمكين» والتمكُّن من بناء الصورة النموذج في التعاطي مع المهام والاختصاصات والَّتي تأتي بعد تجريب عملي في المواقف، واختبار دقيق لمستوى القوَّة الفكريَّة والأدائيَّة والمهنيَّة الَّتي يحملها عضو مجلس الشورى المنتخب لأداء مُهمَّته التشريعيَّة والرقابيَّة، وقدرته على الاستجابة الفاعلة والإدراك التَّام لمتطلبات تحقيق أدوات المتابعة وتفعيل هذه الأدوات، لتأتي مسألة التمكين كنتاج أصيل يعكس نجاحه في الاختبار الأوَّلي وتعاطيه مع ملامح التغيير بروح عالية وإرادة صلبة وعزيمة ماضية واستحقاقات نجاح تعكس كفاءته المهنيَّة وإخلاصه وثبات مبادئه، وهي مرحلة ترتبط بالكفاءة العلميَّة والأدائيَّة والمهنيَّة وامتلاك الحكمة والتوازن في قراءة الأحداث، لذلك عِندما يصنع عضو مجلس الشورى من مُهمَّته القادمة محطَّة لتغيير وتصحيح الأفكار وإعادة إنتاج الممارسة، ويمتلك المُقوِّمات الفكريَّة والمهنيَّة والحواريَّة الَّتي تتيح له فرص إثبات جدارته وكفاءته في تمهين هذا الدَّوْر، فإنَّ مسألة التمكين ستكُونُ حاضرة في أروقة المجلس وقِببه وجلسات لجانه وجلساته العامَّة لا محالة.
عَلَيْه، فإنَّ ما يثيره البعض حَوْلَ أدوار عضو مجلس الشورى، إنَّما هو نتاج لهذه التباينات وتداخل المفاهيم بَيْنَ منح الصلاحيَّات ـ كاستحقاقات وجوبيَّة بفعل القانون لعضو مجلس الشورى يمارسها وفق الضوابط والاشتراطات والمعايير الَّتي أقرَّتها مواد القانون أو اللائحة الداخليَّة لمجلس الشورى، بما فيها من إجراءات ترتبط بسلوك عضو المجلس. وبَيْنَ مفهوم التمكين الَّذي تصنعه الممارسة على الأرض وتعكسه التجربة في المواقف داخل اجتماعات اللجان والجلسات العامَّة للمجلس، ويأتي كاستحقاق يضاف لعضو مجلس الشورى المتمكن من أداء مهامه بمستوى عالٍ من الاحترافيَّة والمهنيَّة والنزاهة؛ ذلك أنَّ تطبيق أدوات المتابعة الممنوحة لعضو مجلس الشورى كحقٍّ جوازي له، إنَّما يرتبط ارتباطًا كبيرًا بمستوى الكفاءة العلميَّة والمهنيَّة والخبراتيَّة الَّتي يمتلكها والتأثير الَّذي يحدثه والاحتواء الَّذي يُقدِّمه من خلال وجهات نظره والإثباتات والمبرِّرات، والرصانة العلميَّة الَّتي يتحدث بها من واقع الممارسة والَّتي تُتيح له فرص الاستخدام الأصيل لهذه الأدوات، ما يُعزِّز من حصوله على هذا الاستحقاق، لذلك نعتقد بأنَّ عضو مجلس الشورى يمتلك من الاختصاصات والمهام ـ في ظلِّ وظيفيتَي المجلس التشريعيَّة والرقابيَّة ـ ما يمنحه القوَّة في إعادة إنتاج مسار جديد للمرحلة يتناغم مع أبجديَّات رؤية عُمان 2040، ويوفِّر للدَّولة في ظلِّ ما يُقدِّمه من بدائل وخيارات وتحليلات، موجِّهات داعمة للقرار الوطني، الأمْرُ الَّذي يضع الحكومة أمام تقدير لهذه الأفكار والأطروحات المتوازنة الَّتي تراعي المتغيِّرات، وتقرأ الظروف وتضع المواطن والحكومة أمام مسؤوليَّة مشتركة في رسم صورة المستقبل، الأمْرُ الَّذي سينعكس على نتائج القوانين والملفات الَّتي يبحثها المجلس في لجانه وأدوار الانعقاد، كما يستطيع أن يوازنَ بَيْنَ هذه الأدوار وبَيْنَ ممارسة أدوات المتابعة المقررة لمجلس الشورى في المادَّة (58) بإحاطة الحكومة بأمْرٍ له أهمِّية عاجلة ولا يحتّم التأخير، ويبدي رغبات للحكومة في الأمور المتعلقة بالخدمات والمرافق العامَّة وسُبل تطويرها وتحسين أدائها، أو فيما يُواجِه القِطاع الاقتصادي من مُعوِّقات، وتعزيز التنمية بما يُحقِّق المصلحة العامَّة كما في المواد (59) و(63).
أخيرًا، يبقى هذا التوسُّع في الاختصاصات والمهام، والتعدديَّة في أدوات المتابعة، مساحة قوَّة لعضو مجلس الشورى لتجريب أفضل الممارسات الشوريَّة والأدوات البرلمانيَّة وإنتاج الخيارات والبدائل في تناول ملفات مستجدَّة وقضايا متنوِّعة يعبِّر عَنْها الرأي العامُّ ليقرأَها عضو مجلس الشورى في إطار محكّم ومنهج أصيل، ومسار علمي واضح، فإنَّ نجاح عضو المجلس في إثبات بصمة حضور له في ما يقدِّمه من حلول وبدائل، ويُبديه من أفكار وآراء منتِجة، ويقف عَلَيْه من برامج ومشاريع تنمويَّة، تصنع في ذاتها التغيير المأمول أن يتحققَ على أرض الواقع، الطريق لضمان ثقة الحكومة في أدا أعضاء المجلس، ودَوْر الأعضاء في مساعدة الحكومة في تبنِّي معالجة مقنعة ومقنَّنة وعمليَّة للملفات المطروحة تحت قبَّة المجلس، بحيث تأخذ بكُلِّ المتغيِّرات والظروف، وتراعي المشاعر والهواجس، وتقف على الفرص والتحدِّيات والتهديدات والمنغِّصات؛ لذلك نعتقد بأنَّ التحدِّي الأكبر في تقديرنا الشخصي ليس في الصلاحيَّات الممنوحة للمجلس فهي متعدِّدة؛ وليس كما يثار في تقييد عضو مجلس الشورى من أداء مُهمَّته من رئاسة ومكتب المجلس؛ بل في طريقة قراءته لهذه الصلاحيَّات، وكفاءة استخدامه لهذه الأدوات، والصورة الذهنيَّة الَّتي يعكسها في الغايات المراد تحقيقها من أدوات المتابعة، والهاجس الشخصي الَّذي يلاحقه حَوْلَ سبب اختياره لتمثيل ولايته، فيخيّل إليه بأنَّ المُجتمع ينتظر مِنْه موقفًا صارمًا قويًّا في مواجهة رؤساء الوحدات الحكوميَّة، بالنَّقد اللاذع والصراخ المستهجَن، ورفع الأصوات، والتصريحات الإعلاميَّة المهيِّجة للرأي العامِّ، أو أن يكُونَ في موقف الضعيف ـ رغم وجود أدوات القوَّة والمتابعة لدَيْه الَّتي لَمْ يستخدمها بكفاءة ـ ليستجليَ استلطاف المُجتمع معه، ويتحدَّث أو يلمِّح أو يصرِّح أو يغرِّد في المنصَّات الاجتماعيَّة بأنَّه مسلوب الاختصاصات، أو أنَّه لَمْ يُتَح له ممارسة دَوْره بكُلِّ أريحيَّة، أو أنَّه يواجه ضغوطًا من المؤسَّسات أو رئاسة مجلس الشورى ومكتبه؛ الأمْرُ الَّذي باتَ يشوِّه أصالة الممارسة الشورويَّة، ويتعارض مع كُلِّ المبادئ الَّتي أقرَّها مجلس عُمان واللائحة الداخليَّة لمجلس الشورى، والغايات الَّتي أنشئ من أجْلِها مجلس الشورى ومراحل التطوُّر الَّتي مرَّ بها.

د.رجب بن علي العويسي
[email protected]

المصدر: جريدة الوطن

كلمات دلالية: عضو مجلس الشورى ة لمجلس الشورى مجلس الشورى فی هذه الأدوات ة والمهنی الشورى ال الشورى م

إقرأ أيضاً:

حزب الجبهة الوطنية يعقد مؤتمرًا جماهيريًا بالمنوفية لدعم مرشحه لمجلس الشيوخ

يعقد حزب الجبهة الوطنية مؤتمرًا جماهيريًا موسعًا، مساء اليوم السبت، بمحافظة المنوفية، وذلك لدعم مرشح الحزب على المقعد الفردي بالمحافظة، وسط حضور سياسي وشعبي واسع، وذلك في إطار استعدادات الحزب المتواصلة لانتخابات مجلس الشيوخ 2025.

أهالي كرم عمران بقنا ينظمون مؤتمرا لدعم وفاء رشاد في انتخابات مجلس الشيوخقبل الإدلاء بصوتك في انتخابات مجلس الشيوخ.. 10 معلومات تهمكمؤتمر جماهيري لمستقبل وطن لدعم مرشحه بانتخابات مجلس الشيوخ في بورسعيدنقف على الحياد .. «مدبولي»: نأمل أن يكون مشهد انتخابات مجلس الشيوخ ناجحًا |فيديوجاهزون لتوفير مناخ آمن..محافظ الجيزة يتابع الاستعدادات لانتخابات مجلس الشيوخ

ويأتي المؤتمر ضمن سلسلة المؤتمرات الجماهيرية التي ينظمها الحزب بمختلف المحافظات، في إطار خطته لحشد التأييد الشعبي، والتواصل المباشر مع المواطنين، وشرح برنامجه الانتخابي وأهدافه خلال المرحلة المقبلة، التي يراها الحزب محورية في بناء دولة المؤسسات وتعزيز دور مجلس الشيوخ في العملية التشريعية.

وقد دفع الحزب بمرشحه محمد إبراهيم محمد موسى على أحد المقاعد الفردية بالمحافظة، وهو يتمتع بسيرة طيبة وتاريخ من العمل المجتمعي والخدمي داخل المنوفية، ومن المنتظر أن يكون له دور بارز في نقل احتياجات أبناء المحافظة تحت قبة مجلس الشيوخ.

ويشهد المؤتمر حضور عدد من قيادات الحزب، الذين أكدوا أن هذه المؤتمرات تهدف إلى تعزيز الوعي السياسي لدى المواطنين، وتشجيعهم على المشاركة الفاعلة في الانتخابات المقبلة، بما يعكس صورة إيجابية عن الديمقراطية التشاركية، ويؤكد أهمية اختيار ممثلين ذوي كفاءة داخل الغرف التشريعية.

كما شدّد الحزب على التزامه بخوض المنافسة على أسس وطنية، بعيدًا عن التجاذبات، مع التركيز على تقديم حلول واقعية للتحديات التي تواجه المجتمع.

ويُنتظر أن يشهد المؤتمر تفاعلًا واسعًا من أبناء محافظة المنوفية، في ظل ارتفاع نسبة التمثيل السياسي للمحافظة، واهتمام أبنائها بالمشاركة الفاعلة في صنع القرار الوطني.

طباعة شارك حزب الجبهة الوطنية الجبهة الوطنية المقعد الفردي مجلس الشيوخ 2025 انتخابات مجلس الشيوخ 2025

مقالات مشابهة

  • البعثة الأممية تعترف بـ”تكالة” رئسيا لمجلس الدولة
  • “البعثة الأممية” : انتخابات المكتب الرئاسي لمجلس الدولة تعكس توافقاً واسعاً بين الأعضاء
  • رئاسة مجلس الشورى تبارك قرار القوات المسلحة إعلان المرحلة الرابعة من الحصار البحري على العدو الصهيوني
  • رئاسة مجلس الشورى تبارك قرار القوات المسلحة إعلان المرحلة الرابعة من الحصار البحري على العدو
  • مؤتمر جماهيري حاشد بالقليوبية لدعم مرشح حزب الجبهة الوطنية لمجلس الشيوخ
  • بعد فوزه بـ59 صوتاً.. تكالة رئيساً لـ«لمجلس الأعلى للدولة» والدبيبة يبارك ويدعو لتسريع الانتخابات
  • اليوم.. «الجبهة الوطنية» يعقد مؤتمرًا جماهيريًا لدعم مرشحه لمجلس الشيوخ في المنوفية
  • حزب الجبهة الوطنية يعقد مؤتمرًا جماهيريًا بالمنوفية لدعم مرشحه لمجلس الشيوخ
  • مؤتمر حاشد لـالجبهة الوطنية في المنوفية لدعم مرشحه لمجلس الشيوخ
  • الأمانة العامة لمجلس الوزراء تتابع تنفيذ قرارات الحكومة دورياً