أحمد العسم يكتب: شاعر من رئة الحياة
تاريخ النشر: 29th, October 2023 GMT
غانم جمعة الحبشي..
شاعر لا ينظر إلى كرسي الأمسيات ولا إلى زحمة الصفوف الأولى، هو الغني الذي يزين العمر بأعذب الشعر، ماء القلب وهو نفسه القلب دائماً أبداً، «ولد خالتي» كما يحلو لي أن أناديه ويحلو له أن يناديني، من زمن الناس الحلوه سكة وشارع رملي وكتابة على الجدران ومزحة الزمن الجميل، غانم أرشيف يحفظ بالشعر الأماكن، يذكرنا بالأيام، ماعون العائلة طباع الخيرين والناس الراضية وخبز الأم، «في فريجنا هذاك» سكك لعبنا «من رئة الحياة وصوتها يقرأ الشعر وننتظر جديده، قصائده تسمع حين يلقيها ولا نسمعها حين لا تكون منه، وقلبه يلاطف الأيام ويستأذن بطبقة صوته العزف، كتب قصائده وبها نبهنا حين رأى الهجرة والملح يصعدان جدران بيوتنا والفراغ الذي يسكنها ويغير الجغرافيا ويحاول من «صحن صين إلى معدن»، هو الشاعر الذي يملأ الوجدان بقصيدته والعاطفة التي تتسلل بلطافة إلى الروح، وهو من يجمع لنا ضحكاتنا في الطفولة ومن يكرمنا بصفات جميلة، في الشعر هو المرجع والأرشيف، يستدعي ذاكرتنا ويعيد فينا الحنين لزمان أول.
«يا شمس القيظ حرقتيني/ تمري بي على الذكرى/، تذكريني سعف مصفوف/ وبيتٍ من جدار وطين/ ونخل شامخ ما يموت/ ولو يموت الروح فيه/ ظله على الأرض باقي/..
غانم صَديق وولد خالة، كلما التقيه نشرح القصيدة للبحر، نحن أول من يركض في سكة، ويتسابق على رمل الشاطئ والبحر، من يقف عند «دريشة» البيت بنظرتنا ونشتاق ويقول: أنا مشتاق وهزني الحنين/ نعم مشتاق للحلّه والكبّه/ نعم مشتاق للوفى والصحبه/ نعم مشتاق يا أغلى حبيبه/ نعم مشتاق بالحديبه/..
في حديث مع الكاتب المسرحي سعيد إسماعيل، رفيق دربه «غانم»، شخصية مليئة بالحب والإخلاص، إنسان متذوق للشعر ويتابع الشعراء في الأقطار العربية والخليجية كافة، يقرأ ويهتم بكل جديد، ويسأل عن التفاصيل والكلمة، أرشيف حياة وجامع المفردة المحلية القديمة، يوظفها لصالح الشعر، لافت في حضوره المميز وهو المرجع.
من داخل الشعر وفي الحياة دائماً ما نجد هناك من يحمل الرسالة وينقلها بأمانة، وعن ومن تمنحهم الحياة وجدانها وتخلصهم من محن كثيرة وسببها الغامض، يجدون الوقت لحلها ويرون في مرويات الأجداد النهر الذي يغرفون منه.. غانم جمعة أسكن مشاعره وقال الشعر صفحات كُتبت على صدر الدفاتر من دون ترقيم.
شكراً غانم جمعة.
«غاب الرحى وسكت صوت المنحاز/ وطلاطمت جدران تنعى من سكنها/ وعرب أعزاز غابوا عن قلبي أعزاز/ يا ويودي عليهم أوادم ما مثلها/. أخبار ذات صلة
المصدر: صحيفة الاتحاد
كلمات دلالية: أحمد العسم
إقرأ أيضاً:
علي جمعة: قيام الليل مفتاح السكينة والتقوى في زمن الفتن
قال الدكتور علي جمعة، عضو هيئة كبار العلماء بالأزهر الشريف، إن قيام الليل؛ فهو مفتاحٌ بسيط، ولكن الله سبحانه وتعالى ذكَره في سياق بناء شخصيَّة عبادِ الرحمن. وأنت في قيام الليل كُن خائفًا من الله، خائفًا من عذابِه، مُلتجِئًا إليه سبحانه وتعالى؛ فإن هذا يجعلك تعيش في جوٍّ آخر غير الجوِّ الذي يريدون أن نعيش فيه، فتكون نفسُك لوَّامةً في بداية الأمر، ثم لا تزال ترتقي حتى تصيرَ راضيةً مرضيَّةً بعد ذلك، مطمئنَّةً في نهاية المطاف، كاملةً في سيرها إلى الله بعد ذلك.
وأضاف جمعة، فى منشور له عبر صفحته الرسمية يموقع التواصل الإجتماعي فيسبوك، أيها المؤمن.. هذه صفاتُ عباد الرحمن؛ تركوا المحرَّمات، وفعلوا الخيرات. هذه هي النفسُ البشريَّة التي أرادوا دَسَّها في أمَّارةٍ بالسوء، ولا يريدون لها تزكية، وهذه النفسُ البشريَّة التي رحم ربي فرضي عنها وأرضاها.
إذًا؛ نُقاوم ونصبر على ما قد جُبِلْنا عليه من توجّهٍ إلى الشر، ومن ميلٍ إلى الشهوات، وينبغي علينا أن نكون من المُزكِّين للنفس، وبدايةُ ذلك صلاةُ الليل؛ تُوقِع فيها الدعاء، فتلتجئ إلى الله.
ومن صلَّى الليل لا يفوتُه الفجر، ومن صلَّى الفجر كان في ذمَّة الله.
كلُّ هذه الأشياء تناساها كثيرٌ من الناس، واستيقظوا بعد فوات الأوان، وبعد شروق الشمس، ولا يدرون كيف أنَّ المسلم إذا استيقظ في تلك الساعة أصبحت نفسُه وَخِمَةً (أي ثقيلة)، والشيطان قد تَرَصَّد له. جَرِّبوا مع الله ما أمر الله به، وستَرَونَه بابًا قد فُتِح لكم؛ فيه الجمال، وفيه الراحة، وفيه الطمأنينة، وهو سهلٌ يشترك فيه كلُّ أحد، ليس صعبًا في فهمِه، ولا في تطبيقه، ولا مستحيلًا في ذاته.
أيها المسلمون.. هكذا علَّمنا ربُّنا في بناء النفس، ولم يعلِّمْنا أن نتبعَها ونتبعَ هواها؛ قال تعالى: ﴿وَيُرِيدُ الشَّيْطَانُ أَنْ يُضِلَّهُمْ ضَلَالًا بَعِيدًا﴾ [النساء: 60].
يا عباد الله.. في هذا العصر الذي تتوالى فيه الأحداثُ تترى، يحتاج المؤمنُ منَّا إلى نفسٍ راضيةٍ مرضيَّةٍ مطمئنة، يواجه بها هذا البحرَ، بل هذه البحار من الظُّلُمات؛ الكيدُ هنا وهناك، وقِلَّةُ العقل، وقِلَّةُ الحكمةِ التي قال فيها الله تعالى: ﴿وَمَنْ يُؤْتَ الْحِكْمَةَ فَقَدْ أُوتِيَ خَيْرًا كَثِيرًا﴾ [البقرة: 269]،
وقد أصابت كثيرًا من الناس. وأنت في أشدِّ الحاجة في هذه الأوقات إلى تقوية علاقتِك مع ربِّك، وقيامُ الليل ليس بعيدًا عن الأحداث التي نحن فيها؛ فاستنجدوا بالدعاء في جوف الليل؛ فقد ورد: «والدعاءُ يَنفَعُ مِمَّا نَزَلَ ومِمَّا لَمْ يَنزِلْ، وإنَّ البَلاءَ لَيَنْزِلُ فيَلْقَاهُ الدُّعاءُ فَيَعْتَلِجَانِ (يتصارعان) إلى يومِ القيامة» (رواه الطبراني).
الدعاءَ، الدعاءَ؛ الفعَّالُ لما يريد هو الله، والذي يحمي عبدَه هو الله؛ نلجأ إليه كما لجأ إليه عبدُ المطَّلب فقال: هذه غنمي، وإنَّ للبيتِ ربًّا يحميه.
علينا أن نُحسِن العلاقة مع الله حتى نتقوَّى في السير في هذا العصر، وحتى نواجه هذا كلَّه؛ لأنه رُكامٌ (وهو جمعُ شيءٍ فوقَ آخر حتى يصيرَ رُكامًا) يُذهبه الله في لحظة. فنَدعو الله سبحانه وتعالى ألَّا يجعل مصيبتَنا في ديننا، وألَّا يجعل الدنيا أكبرَ همِّنا ولا مبلغَ علمِنا، وأن يُحبِّب إلينا يومَ لقائه، وأن يجعلنا شهداءَ في سبيله، وأن يُحبِّب إلينا هذا الأمرَ من الدين.