كتب ابراهيم بيرم في"النهار":   على مدى أكثر من عشرة أيام صبّت قيادتا "حزب الله" وحركة "حماس" جزءاً لا يستهان به من جهودهما اليومية في سبيل طيّ تداعيات الكلام الذي أطلقه القيادي في الحركة خالد مشعل والذي يقدمه الإعلام على انه رئيسها في الخارج والذي اعتبر ان كل مشاركة الحزب في المواجهات الدائرة بينه وبين القوات الاسرائيلية على جبهة الحدود الجنوبية الملتهبة منذ الثامن من الشهر الجاري "غير كافية ودون المطلوب" لنصرة غزة ومقاوميها، وهم الذين يخوضون حرباً بكل ما للكلمة من معنى في مواجهة هجمة ضارية من عدو مكلوم ومُهان.

استشعرت حركة "حماس" مخاطر المضيّ في مثل هذا النهج الخلافي مع الحزب، فسارعت الى بذل جهود استثنائية لإثبات امرين اساسيين: الاول، ان مشعل ومعه نفرٌ من القيادة السابقة للحركة وتحديداً من جيل الآباء المؤسسين قد صاروا عمليا خارج دائرة القرار الفعلي، إذ ان القيادة الفعلية للحركة هي التي وُلّيت الامر منذ نحو ثلاثة اعوام إثر مراجعة عميقة لمسار الامور بعد اشتعال فتيل المواجهات في الساحة السورية، والتي من أبرز رموزها يحيى السنوار المتولّي مسؤولية الحركة في غزة، والشيخ صالح العاروري المشرف على الحركة في الضفة الغربية والذي تطالب اسرائيل برأسه منذ زمن بعيد وتهدد دوماً بتصفيته، اضافة الى رموز اخرى اخذت مكانها في قيادة الحركة السياسية والميدانية في الآونة الاخيرة. اما مشعل فان قيادته هي قيادة شرفية وانه أُبقي في منصبه الحالي لكي يكون جزءا من توازنات الحركة التي تقتضي الحفاظ على علاقات مع عواصم وقوى بعينها معروفة.

وبمعنى آخر، لم يكن مشعل الشخص الذي رافق القيادة الجديدة للحركة في رحلة الاياب الى حضن محور المقاومة والالتزام بمقتضياتها وتوجهاتها، بل ظل أسير حسابات وهواجس ماضوية هي عينها التي منعت مكونات المحور من استقباله والاجتماع به يوم زار بيروت قبل اكثر من عامين.

واكثر من ذلك، فإن "حماس" أبلغت الحزب أنّ رئيس مكتبها السياسي اسماعيل هنية اتصل بمشعل مستنكراً كلامه ومبلغاً إياه أن "علاقة الحركة بالحزب وبالقيادة الايرانية هي خط أحمر غير مسموح المساس به".

ولاحقاً، عُدَّ نشر صورة اللقاء الذي جمع السيد نصرالله بالشيخ العاروري وبالامين العام لحركة "الجهاد" زياد نخالة جزءاً إضافياً من الجهود الرامية لإزالة رواسب كلام مشعل وإعادة الامور الى نصابها بين الطرفين الحليفين.

وبعد أقل من 36 ساعة على هذا اللقاء كان العاروري نفسه يظهر على إعلام الحزب مشيداً بالدور الريادي الذي تؤديه عملية الاشتباك الدائم للحزب مع الاسرائيليين على جبهة الجنوب، واعتبار ذلك تتمة لمقاومة الحركة في غزة والضفة.

الى ذلك، كان كلام الامين العام لـ"الجماعة الاسلامية" الشيخ محمد طقوش وعدد آخر من علماء السنّة المشيدة جميعها بجهد الحزب الاستثنائي على جبهة الحدود، مكملاً لكل هذا المناخ، خصوصاً أنّ الجماعة بادرت الى تأمين الغطاء لفعل الحزب من خلال اعلان مشاركة ذراعها المقاوِمة (قوات الفجر) في قصف المواقع الاسرائيلية في المزارع.

وعموماً، بات الحزب و"حماس" على قناعة بأن الجهود المشتركة التي تولّيا صرفها أخيراً قد أفلحت في طيّ صفحة سلبية كانت من "لزوم ما لا يلزم"، فضلاً عن انها مجال خصب للتشكيك والارتياب في أبعاد فتحها في هذا الوقت بالذات.  

المصدر: لبنان ٢٤

إقرأ أيضاً:

ضربة واشنطن النوعية: هل نجحت "مطرقة منتصف الليل" في شل البرنامج النووي الإيراني؟

كانت هناك شكوك سابقة بشأن قدرة القنابل الخارقة للتحصينات على اختراق موقع فوردو الإيراني. اعلان

نفذت الولايات المتحدة فجر الأحد عملية عسكرية واسعة ضد المنشآت النووية الإيرانية أطلقت عليها اسم "مطرقة منتصف الليل"، ووصفت بأنها من أضخم الضربات الجوية في تاريخ الجيش الأميركي. العملية شارك فيها أكثر من 125 طائرة عسكرية، من بينها سبع قاذفات شبح من طراز B-2، انطلقت من قاعدة وايتمان الجوية في ولاية ميزوري في مهمة استغرقت 37 ساعة، بدعم من طائرات تزويد بالوقود في الجو ومقاتلات لتأمين المسار. كما أُطلقت عشرات صواريخ "توماهوك" من غواصات متمركزة في البحر.

وأفادت وزارة الدفاع الأميركية أن الهجوم استهدف فقط المنشآت النووية الإيرانية دون استهداف مدنيين أو مواقع عسكرية أخرى، مؤكدةً أن واشنطن لا تسعى إلى تغيير النظام، لكنها سترد "بسرعة وحزم" عند تهديد مصالحها أو حلفائها. وأكد الرئيس ترامب أن إيران ما تزال تملك الفرصة للعودة إلى طاولة المفاوضات.

لكن، ورغم الاحتفاء الأميركي بنجاح العملية، يبقى السؤال: هل نجحت الضربة فعلاً في تدمير البرنامج النووي الإيراني؟

في 21 يونيو، أعلن ترامب أن الضربات التي استهدفت منشآت فوردو ونطنز وأصفهان "دمرت البرنامج بالكامل"، فيما بدا رئيس هيئة الأركان المشتركة الجنرال دان كين أكثر تحفظًا، مشيرًا إلى أن التقييم الكامل للأضرار لا يزال قيد الدراسة، لكن التقديرات الأولية تشير إلى "أضرار جسيمة للغاية" في المواقع الثلاثة.

Relatedالصواريخ الإيرانية تخرق القبة الحديدية.. دمار كبير يصيب عدة مبانٍ في إسرائيلصور أقمار صناعية ومعلومات استخباراتية.. إيران نقلت اليورانيوم من فوردو قبل الضربة الأمريكية بساعاتكم عدد القنابل والصواريخ التي استخدمتها واشنطن في هجماتها ضد إيران؟

أظهرت صور أقمار صناعية نشرتها شركة "ماكسار" في 22 يونيو حفراً عميقة في سفح الجبال، خاصة عند موقع فوردو، وهو الهدف الرئيسي للهجوم، إذ استخدمت القاذفات الأميركية قنابل خارقة للتحصينات من طراز GBU-57، وهي الأقوى في الترسانة الأميركية.

تُظهر هذه الصورة الفضائية التي قدمتها شركة ماكسار تكنولوجيز الأضرار التي لحقت بمنشأة فوردو في إيران بعد الضربات الأمريكية، الأحد 22 يونيو 2025. AP Photo

أما منشأة أصفهان، والتي تُستخدم لتحويل اليورانيوم وصناعة أجهزة الطرد المركزي وتخزين اليورانيوم عالي التخصيب (HEU)، فقد استهدفتها صواريخ "توماهوك". وكان لدى إيران وفقاً للوكالة الدولية للطاقة الذرية نحو 400 كلغ من اليورانيوم المخصب بنسبة 60%، وهي نسبة قريبة من المستوى اللازم لصنع سلاح نووي.

ورغم أن إسرائيل كانت قد استبقت الضربة الأميركية بشن غارات على نطنز وأصفهان، وأضعفت الدفاعات الجوية الإيرانية، فإن منشأة فوردو، المحصّنة داخل جبل، بقيت عصيّة على القنابل الإسرائيلية. وقد أشار رافائيل غروسي، مدير الوكالة الدولية للطاقة الذرية، إلى أن الموقع "مدفون على عمق قد يصل إلى 800 متر تحت الأرض"، بينما قدرت مصادر أوروبية العمق بنحو 500 متر.

وكانت هناك شكوك سابقة بشأن قدرة القنابل الخارقة للتحصينات على اختراق موقع فوردو، لكن تكرار ضرب الموقع بنقطة واحدة قد يكون سمح باختراق أعمق وإلحاق أضرار مدمّرة. ويعتقد بعض الخبراء أن الضربة الأميركية استهدفت أنفاق التهوية والوصول، وهي نقاط حيوية لعمل المنشأة.

ويرى ريتشارد نيفيو، المسؤول السابق في وزارة الخارجية الأميركية، أن الهزّات الناتجة عن الانفجارات قد تكون كفيلة بتدمير أجهزة الطرد المركزي، إذ إن "الاهتزاز غير المنضبط كفيل بتدمير أجهزة الطرد"، حتى تلك المتقدمة من طراز IR-6 الموجودة في فوردو. ويضيف أن الوقت لم يكن كافيًا لتعطيل هذه الأجهزة أو تفكيكها بشكل آمن قبل الضربة.

ويبقى التساؤل اليوم: هل تمتلك إيران منشآت سرية أخرى أو مخزونًا خفيًا من اليورانيوم المخصب يمكنها من استئناف البرنامج في الظل؟ خاصة وأنها كانت قد هدّدت سابقًا بالانسحاب من معاهدة الحد من انتشار الأسلحة النووية، وهو ما سيجعل عمل المفتشين الدوليين مستحيلاً.

لكن تجدر الإشارة إلى أن الاستخبارات الإسرائيلية أثبتت مرارًا قدرتها على التغلغل داخل العمق الأمني الإيراني واغتيال علماء ومسؤولين بارزين في البرنامج النووي.

ورغم شدة الضربة الأميركية، يشير بعض المحللين إلى أن تجربة إيران قد لا تشبه ما جرى مع العراق عام 1981 أو سوريا عام 2007، حيث دُمرت مفاعلات نووية بالكامل. يقول نيكولاس ميلر، الباحث في قضايا منع الانتشار النووي بجامعة دارتموث: "السؤال هو: هل ستُذكر هذه العملية كضربة قاصمة مثل سوريا 2007، أم ستكون بداية لمسار مشابه للعراق 1981، حيث استمرت الطموحات النووية رغم الضربة؟ أنا أرجّح السيناريو الثاني، ما دام النظام الإيراني قائمًا".

انتقل إلى اختصارات الوصولشارك هذا المقالمحادثة

مقالات مشابهة

  • حزب الاتحاد: يجب تحصين المنطقة من سيناريوهات الانفجار التي تهدد الشرق الأوسط
  • هل نجحت ضربات ترامب في تدمير منشآت إيران النووية؟
  • اليوم.. كلامٌ من وهاب عن أمن الخليج
  • هكذا تمثل الهجمات على إيران جزءا من صراع عالمي أكبر
  • الصحة: «الكشف المبكر عن الأورام» نجحت في خفض اكتشاف الحالات المتأخرة من 70% لـ 20%
  • ضربة واشنطن النوعية: هل نجحت "مطرقة منتصف الليل" في شل البرنامج النووي الإيراني؟
  • محمد شاهين لزوجته: حسبنا الله في أي شخص يقول كلام مش حقيقي
  • متحدث الوزراء: السياسة النقدية نجحت في القضاء على السوق الموازية
  • أمراء ومسؤولون يؤدون صلاة الميت على مشعل بن عبدالله
  • كلام مهم.. أمير هشام يشوق متابعيه لـ حلقة برنامجه بلس 90