عدم قبول الوضع الراهن ..رسائل تحملها القمة العربية الطارئة لأمريكا وإسرائيل
تاريخ النشر: 31st, October 2023 GMT
أعلنت الأمانة العامة لجامعة الدول العربية أنها تلقت طلبا رسميا من كل من فلسطين والمملكة العربية السعودية لعقد دورة غير عادية لمجلس جامعة الدول العربية على مستوى القمة برئاسة المملكة العربية السعودية التي ترأس الدورة الحالية 32، في الرياض 11 نوفمبر المقبل.
وقال الأمين العام المساعد لجامعة الدول العربية السفير حسام زكى إن الأمانة العامة تلقت طلبا رسميًا من فلسطين والمملكة لبحث العدوان الإسرائيلي المتواصل على الشعب الفلسطيني في قطاع غزة منذ السابع من أكتوبر الجاري.
وأشار إلى أن الأمانة العامة لجامعة الدول العربية عممت المذكرات الفلسطينية والسعودية على الدول العربية الأعضاء.
وكان مجلس جامعة الدول العربية على مستوى وزراء الخارجية العرب عقد دورة غير عادية بمقر الأمانة العامة يوم 11 أكتوبر الجاري.
وفي هذا الصدد، قال الدكتور ماهر صافي، الكاتب والمحلل السياسي الفلسطيني، إن الأوضاع في غزة تنذر بان هناك مزيداً من المجازر الممنهجة تجاه المدنيين العزل من الأطفال والنساء وأعداد الشهداء والجرحى في ازدياد مرتفع وبمعدل شهيد كل خمس دقائق.
وأوضح صافي ـ في تصريحات خاصة لـ "صدى البلد": كان من الأفضل ان تعقد قمة طارئة وسريعة لاتخاذ إجراءات سريعة ضد المحتل الاسرائيل، فكافة القمم العربية السابقة كانت تستخدم أداة للشجب والاستنكار فقط، ولكن هذه القمة تأتي في ظروف لم تمر بها المنطقة العربية والأراضي الفلسطينية المحتلة والتي تنذر بارتكاب المحتل حرب إبادة ممنهجة مستمرة ضد المدنيين في غزة.
وتابع: القمة العربية يجب ان يكون فيها قرارات نافذة بقطع العلاقات مع المحتل وقف التطبيع نهائياً وطرد السفراء.
وأكد أن المحتل الإسرائيلي يواصل جرائمه المستمرة ضد القطاع والتي هدفها التهجير القسري ودفع الفلسطينيين للاتجاه نحو الجنوب أي نحو مصر وهذا ما يريده المحتل منذ سنوات ولكن شلال الدم الفلسطيني يؤكد تمسكنا نحن الفلسطينيين بالأرض وبالقضية الفلسطينية وإقامة الدولة وعاصمتها القدس الشريف.
ومن جانبه، قال الدكتور جهاد الحرازين، أستاذ العلوم السياسية، إن الدعوة لعقد قمة عربية طارئة يوم 11 نوفمبر تأتى في سياق تطور الاحداث المتلاحقة وخاصة حجم الدمار والكارثة والجريمة التي ترتكبها حكومة الاحتلال بحق الشعب الفلسطيني.
وأوضح الحرازين ـ في تصريحات خاصة لـ "صدى البلد": هذه الجرائم مستمرة ومتواصلة دون وازع أو رادع من القانون الدولي أو الضمير الإنساني مما يتطلب موقفا عربيا موحدا تجاه تلك الدولة التي تعتبر نفسها فوق القانون الدولي والمحاسبة على انتهاكاتها وجرائمها المستمرة بحق الشعب الفلسطيني ومع تجسد الموقف العربي الموحد والداعم للحق الفلسطيني ونجاحه في الأمم المتحدة بدعم ومساندة الشعب الفلسطيني وضرورة إنقاذه من حرب الإبادة التي تشن عليه من قبل الاحتلال وامام تجاهل الاحتلال لكافة الدعوات الدولية والإقليمية لوقف إطلاق النار وفتح ممر إنساني دائم ومنع ادخال المساعدات إلا بشروطه وحسب رغبته.
وواصل: الأمر الذى دعا لأن يكون هناك قمة عربية طارئة على مستوى القادة تتخذ مجموعة من القرارات المهمة بإطلاق قافلة مساعدات وادخالها دون انتظار موافقة الاحتلال، وكذلك نقل رسالة للولايات المتحدة الامريكية وللرئيس بايدن وإدارته وبعض الدول الأوروبية بعدم قبول الوضع القائم واستمراره ووضع خارطة المصالح على الطاولة أمام الإدارة الامريكية والقادة الأوروبيين ووقف دعمهم اللامحدود لإسرائيل ومساندتهم لها وتزويدها بالسلاح الذى يقتل الأبرياء من الأطفال والنساء والشيوخ والمدنيين ويدمر البنية التحتية .
واختتم: لذلك هناك تعويل على هذه القمة بان يكون هناك لجنة تشكل من القادة العرب للاتصال بالإدارة الامريكية وبعض الدول الأوروبية لوضع خارطة طريق تفضى إلى حل الصراع بشكل دائم ونهائي.
وكان الرئيس الفلسطيني محمود عباس، قد دعا لعقد قمة عربية طارئة؛ تستهدف وقف العدوان الوحشي على شعب فلسطين وقضيته، وقال: أدعو قادة الدول العربية إلى عقد قمة طارئة، لعمل كل ما من شأنه تمكين أهلنا من البقاء في أرضهم، وإنهاء الاحتلال لأرض دولتنا وعاصمتها القدس.
وأوضح الأمين العام المساعد للجامعة العربية أن هناك تنسيقاً سعودياً فلسطينياً بشأن القمة، وعلى الرغم من عدم وصول مخاطبة ورقية للجامعة حتى الآن لبدء التحضيرات الرسمية، وفقاً لزكي، فإنه رأى أن القمة الطارئة في حكم المنعقدة، وقال: في ظل الظروف الحالية من الصعب ألا يوافق ثلثا الأعضاء على عقد قمة طارئة إما في مصر وإما في السعودية.
واستضافت المملكة في مايو الماضي، أعمال الدورة العادية الـ 32 لمجلس جامعة الدول العربية على مستوى القمة، ومن المقرر أن تبحث القمة حال انعقادها سبل وقف العدوان الإسرائيلي على قطاع غزة، وملف الأسرى، إضافة إلى كيفية إدخال المساعدات للقطاع بشكل آمن ومستدام، وفق زكي.
وسبق أن عقدت الجامعة العربية اجتماعا طارئا على مستوى وزراء الخارجية في 11 أكتوبر الحالي بمقر الجامعة في القاهرة لبحث الوضع في غزة، وانتهى إلى الدعوة إلى تحرك دولي عاجل لوقف الحرب على غزة، وأكد إدانته استهداف المدنيين، كما حذر من محاولات تهجير الشعب الفلسطيني.
وفي إطار التنسيق العربي للأزمة، بحث وزير الخارجية سامح شكري، مع نائب رئيس الوزراء وزير الخارجية وشؤون المغتربين الأردني أيمن الصفدي، ووزير الخارجية السعودي الأمير فيصل بن فرحان مستجدات التصعيد العسكري في غزة.
وقال المتحدث باسم الخارجية المصرية أحمد أبو زيد، في بيان، إن الاتصالين يأتيان في إطار تنسيق الجهود العربية من أجل التعامل مع التصعيد العسكري غير المسبوق في قطاع غزة، والاعتداءات المستمرة ضد المدنيين الفلسطينيين، وسبل إنفاذ هدنة إنسانية فورية تحفظ أرواح الفلسطينيين، وتخفف من وطأة المعاناة الإنسانية المتفاقمة لسكان القطاع.
كما عقد الأمين العام لجامعة الدول العربية أحمد أبو الغيط، لقاء مع وزيرة خارجية بلجيكا حاجة لحبيب، في القاهرة وأعرب أبو الغيط عن تقديره موقف بلجيكا حيال القضية الفلسطينية وتصويتها لصالح قرار الجمعية العامة للأمم المتحدة بشأن إقرار هدنة إنسانية في غزة، وقال إن الموقف البلجيكي يعكس المبادئ العادلة عكس ما تمارسه بعض الدول من معايير مزدوجة، وفق بيان صحفي.
وجدد أبو الغيط إدانته الكاملة للاعتداءات الإسرائيلية المتواصلة وسياسة العقاب الجماعي التي ينتهجها جيش الاحتلال، والتي ترقى لمستوى جرائم الحرب، من تفجير المستشفيات وقطع الاتصالات عن القطاع بشكل كامل بهدف عزله، وقصف مدنيين أبرياء غالبيتهم من الأطفال والنساء.
وقال المتحدث باسم الأمين العام للجامعة العربية إن الطرفين اتفقا على ضرورة اضطلاع المجتمع الدولي بمهامه لإنقاذ وحماية المدنيين وتطبيق القانون الدولي الإنساني، وأكدا رفضهما لسياسة ترحيل السكان في غزة إلى دول الجوار، وكذلك التهجير القسري الذي تمارسه دولة الاحتلال على سكان قطاع غزة.
المصدر: صدى البلد
كلمات دلالية: قمة عربية طارئة جامعة الدول العربية فلسطين غزة الرياض لجامعة الدول العربیة الشعب الفلسطینی قمة عربیة طارئة الأمانة العامة الأمین العام على مستوى لعقد قمة قطاع غزة عقد قمة فی غزة
إقرأ أيضاً:
تجسيد "روح باندونغ" في العلاقات الصينية العربية
ووي وي يانغ **
قبل سبعين عامًا، عقدت دول آسيا وإفريقيا مؤتمرًا تاريخيًا في باندونغ بإندونيسيا؛ حيث طُرحت "المبادئ العشرة لباندونغ" الشهيرة، التي أكدت على المساواة في السيادة، وعدم التدخل في الشؤون الداخلية، والتعايش السلمي، والتعاون المتبادل المنفعة. وقد شكلت هذه المبادئ راية روحية للدول النامية من أجل التضامن والتقوية الذاتية، والسعي من أجل الاستقلال الوطني والتنمية.
إن روح باندونغ، التي تتمحور حول " التضامن، التعاون، التنمية"، لم تقتصر على توحيد إرادة دول آسيا وإفريقيا خلال فترة الحرب الباردة، بل لا تزال تتجلى بأشكال جديدة في التفاعلات والتعاون بين الصين والدول العربية في هذا العصر الجديد الذي يشهد تغيرات متسارعة على الساحة الدولية.
عند انعقاد مؤتمر باندونغ، كانت غالبية الدول العربية في المرحلة المفصلية من كفاحها للتخلص من الاستعمار وتحقيق الاستقلال. وقد كانت الصين من أوائل الدول الكبرى التي دعمت نضال الشعوب العربية ضد الاستعمار، ووقفت بثبات في الجانب الصحيح من التاريخ، مما شكل نقطة انطلاق للصداقة الصينية العربية على أساس التجربة المشتركة في مقاومة الاستعمار والرغبة في التنمية.
حتى اليوم، ما زالت المبادئ التي نادت بها روح باندونغ، مثل الاستقلال الذاتي، والاحترام المتبادل، والثقة المتبادلة، والمساواة والمنفعة المتبادلة، متجذرة بعمق في العلاقات الصينية العربية. سواء كان ذلك في ظل الاضطرابات الإقليمية أو في ظل تباطؤ الانتعاش الاقتصادي العالمي، فإن الجانبين الصيني والعربي يلتزمان دائمًا بالحوار أولًا، والتعاون أساسًا، والتنمية أولوية، ويدافعان معًا عن الحقوق المشروعة للدول النامية، ويصونان التعددية والعدالة الدولية.
بالنسبة إلى الدول العربية، فإن الالتزام بمبدأ عدم التدخل في الشؤون الداخلية ورفض الهيمنة يشكل ضمانة مهمة لاستقلالية القرار الدبلوماسي. أما بالنسبة إلى الصين، فإن تعزيز التضامن والتعاون مع العالم العربي في هذه المرحلة الحرجة من إعادة تشكيل النظام الدولي، يشكل مسارًا واقعيًا للمساهمة في بناء مجتمع مصير مشترك للبشرية.
في السنوات الأخيرة، تعمقت الثقة السياسية المتبادلة بين الصين والدول العربية. في مواجهة القضايا الساخنة في المنطقة والاهتمامات المتعلقة بالسيادة والأمن، تلتزم الصين دائمًا بالموقف العادل، وتدافع عن الدول العربية في المحافل المتعددة الأطراف مثل الأمم المتحدة، وتعارض التدخلات الخارجية، وتدعو إلى حل النزاعات من خلال الحوار والمفاوضات. وفي ظل تصاعد الصراع الفلسطيني الإسرائيلي، وتطور أزمة السودان، وتدهور الأوضاع في اليمن وليبيا، لعبت الصين دور الوسيط النشط، وطرحت "الحلول الصينية"، التي حظيت بالإشادة الواسعة من العالم العربي.
إن قوة التضامن لا تظهر فقط في المجال الدبلوماسي، بل تتجلى أيضًا في بناء الآليات المتعددة الأطراف. فمنذ انعقاد القمة الصينية العربية الأولى في الرياض عام 2022، تم إدراج مفهوم "مجتمع المصير المشترك الصيني العربي" في الوثائق السياسية المشتركة، مما منح التضامن الصيني العربي بُعدًا استراتيجيًا أوضح.
وفي الوقت الراهن، دخل التعاون الصيني العربي فترة "الازدهار الذهبي". ومع التوافق العميق بين مبادرة "الحزام والطريق" الصينية ورؤى التنمية مثل رؤية "عُمان 2040" في سلطنة عُمان، توسعت مجالات التعاون في البنية الأساسية والطاقة والاقتصاد الرقمي والطاقة الجديدة، لتصبح محركًا جديدًا لتنمية المنطقة.
تشير الإحصاءات إلى أن الصين ظلت لأعوام عديدة الشريك التجاري الأكبر للدول العربية. وفي عام 2024، تجاوز حجم التجارة الثنائية 400 مليار دولار أمريكي. وتشارك الشركات الصينية بنشاط في مشاريع كبرى مثل العاصمة الإدارية الجديدة في مصر، ومدينة نيوم في السعودية، وشبكات الطرق السريعة في الجزائر، مما يساهم في خلق فرص العمل ونقل التكنولوجيا محليًا.
وفي الوقت نفسه، يشهد التعاون الرقمي والأخضر بين الصين والدول العربية نموًا قويًا. فشركات مثل هواوي وعلي بابا تتعاون مع العديد من الدول في الدول العربية لبناء مدن ذكية وتطوير تقنيات الحوسبة السحابية. وفي مجالات الطاقة النظيفة مثل الطاقة الشمسية في الصحراء وطاقة الرياح، تتعاون الإمارات والسعودية والمغرب مع الصين لتقاسم ثمار التكنولوجيا، ودفع عجلة التنمية المستدامة.
ومن الجدير بالذكر أن الجانبين الصيني والعربي يُوليان أهمية كبيرة للتعاون في مجالات معيشة الشعوب، مثل الصحة والتعليم والزراعة. حيث ترسل الصين فرقًا طبية وخبراء زراعيين إلى العديد من الدول العربية، للمساعدة في تحسين المحاصيل الزراعية وبناء منصات التعليم عن بُعد. ويجسد هذا المفهوم التنموي المرتكز على الشعب جوهر روح باندونغ في العصر الحديث.
رغم مرور سبعين عامًا وتغير العالم جذريًا، فإن روح باندونغ لا تزال حية ونابضة. فهي ليست مجرد ذكرى تاريخية، بل قوة تمهد الطريق نحو المستقبل.
وأمام حالة التوتر في الوضع الدولي وتعقيد التحديات الإقليمية، يجب على الصين والدول العربية أن تتمسك بروح باندونغ بثبات أكبر، وتمارس زمام المبادرة الاستراتيجية، وتعزز التعاون المتعدد الأطراف، وتوسيع آفاق التنمية، لتقديم دفعة جديدة نحو نظام دولي أكثر عدالة وإنصافًا.
وقد طرحتْ الصين مبادرات التنمية العالمية، والأمن العالمي، والحضارة العالمية، ولقيت هذه المبادرات استجابة واسعة ومشاركة نشطة من الدول العربية، مما يشكل تقاطعًا حيًا بين روح باندونغ ومتطلبات العصر. وعلى طريق الازدهار المشترك، تسير الصين والدول العربية يدًا بيد نحو مستقبل واعد.
"الصديق وقت الضيق." ومهما تغيرت الظروف الدولية، فإن تمسكنا بروح الوحدة والتعاون والتنمية، كفيل بأن يجعل روح باندونغ تتألق من جديد في العصر الحديث، ويكتب فصلًا جديدًا في سجل الصداقة والتعاون الصيني العربي.
** باحث في قسم دراسات الدراسات الإقليمية والدولية بجامعة "صون يات سين" الصينية