السومرية نيوز – دوليات

أغلقت السلطات الروسية، الأحد 29 أكتوبر/تشرين الأول 2023، مطار محج قلعة في داغستان الروسية، بعد قيام عشرات المحتجين باقتحام المطار، في محاولة لطرد طائرة ركاب إسرائيلية حطت على مدرج المطار قادمة من تل أبيب.
في حين تداول الكثير من رواد مواقع التواصل الاجتماعية فيديوهات لهؤلاء المحتجين المتضامنين مع فلسطين.

"الهروب الكبير من #إسرائيل" ما حدث في مطار داغستان أمس يؤكد على حجم الهزيمة النفسية التي يعيشها الاسرائيليون،فكل إسرائيلي لديه جنسية أخرى أو بلد يمكن أن يلجأ إليه غادر إسرائيل بحثا عن مكان آمن،ومعظم هؤلاء على الأغلب لن يعودوا مرة أخرى فإسرائيل لم تعد دار أمان للمحتلين #Israel… pic.twitter.com/MzarWaPbcF

— A Mansour أحمد منصور (@amansouraja) October 30, 2023

فما الذي نعرفه عن هذه الجمهورية الاتحادية المسلمة وشعبها؟

داغستان.. جمهورية اتحادية في منطقة القوقاز
داغستان، هي إحدى الجمهوريات الاتحادية ضمن الكيانات الفيدرالية في دولة روسيا، وعاصمتها هي محج قلعة أو كما يُقال بالروسية ماخاشكالا.

تقع داغستان في جنوب غرب روسيا، وتحديداً في شمال شرق منطقة القوقاز على ساحل بحر قزوين، يحدها من الشمال جمهورية قراتشاي – تشيركيسيا، ومن الغرب جمهورية دونيتسك الشعبية وجمهورية الشيشان، وجمهورية كالميكيا، وإقليم ستافروبول.

تعد داغستان منطقة جبلية تقع في الجزء الشرقي من شمال القوقاز، وهي المنطقة الأكثر تنوعاً عرقياً ولغوياً في روسيا، وهي موطن لما لا يقل عن 40 عرقاً مختلفاً.

ووفقاً لما ذكرته وكالة رويترز، فإن داغستان تعرف أحياناً باسم جبل اللغات، أو جبل القوميات، حيث لا تشغل بعض المجموعات القومية أكثر من قرية أو قريتين، في حين أن اسم داغستان باللغة التركية يعني "أرض الجبال".

غالبية الداغستانيين هم من المسلمين السنة
يبلغ عدد سكان جمهورية داغستان نحو 3.2 مليون نسمة، بحسب الأرقام الرسمية الروسية، فيما يعرّف شعب داغستان نفسه على أنه جزء من الشعب الشركسي، لا سيما أن معظمهم من المسلمين السنة.

ووفقاً لما ذكره موقع ReliefWeb الأمريكي، فإن أول وصول للإسلام إلى منطقة القوقاز كان في داغستان، وتحديداً عن طريق مدينة ديربنت الجنوبية القديمة في داغستان، من خلال العرب الذين نقلوا الإسلام إلى القوقاز.

وأضاف الموقع أيضاً أن الإسلام يزدهر بشكل كبير في داغستان اليوم، لا سيما بعد أن تم تثبيط الدين خلال عهد السوفييتية، وتحتوي مدنها على نحو 3000 مسجد أشهرها مسجد الجمعة أو كما يطلق عليه أيضاً مسجد "يوسف باي"، وهو الذي كان أكبر مسجد في أوروبا قبل افتتاح مسجد "فخر المسلمين" في مدينة شالي في الجارة الشيشان، إضافة إلى الكثير من المعاهد والمدارس الدينية.

داغستان.. من ألبانيا القوقازية إلى الحكم الإسلامي
أول دولة في منطقة داغستان نشأت في القرن الخامس قبل الميلاد، وهي دولة ألبانيا القوقازية، وكانت عبارة عن دولة مؤلفة من 26 دويلة، ممتدة من داغستان الحالية إلى شمال أذربيجان.

استطاعت تلك الدولة في مختلف مراحلها إقامة علاقات جيدة مع حكام إيران الساسانية، لا سيما في عام 252م عندما اعترفت ألبانيا القوقازية بسيادة الإمبراطورية الساسانية عليها، وظلت قائمة حتى استطاعت روسيا القيصرية احتلالها على عدة مراحل.

بحلول نهاية القرن الثالث، تم استبدال ملوك ألبانيا القوقازية بعائلة أرساسية، وخلفتهم لاحقاً عائلة ملكية إيرانية أخرى في القرن الخامس الميلادي، وهي عائلة المهرانيين.

وبعد تنصير ألبانيا القوقازية في القرن الرابع، تم استيعاب جزء من السكان من قبل الأرمن الذين سيطروا على مقاطعتي أرتساخ وأوتيك اللتين تم فصلهما سابقًا عن مملكة أرمينيا والجورجيين في الشمال.

بينما تمت أسلمة الأجزاء الشرقية من ألبانيا القوقازية واستيعابها من قبل الإيرانيين، ومن ثم الشعوب التركية.

ولا تزال بقايا صغيرة من هذه المجموعة موجودة بشكل مستقل، وتُعرف باسم شعب أودي.

سقطت ألبانيا الساسانية أمام الفتح الإسلامي لبلاد فارس في منتصف القرن السابع، وتم دمجها في الخلافة الراشدة، ثم قام العرب المسلمون بإعادة توحيد المنطقة مع أرمينيا تحت حاكم واحد.

شملت السلالات الحاكمة الإسلامية المبكرة لداغستان في ذلك الوقت الرواضيين، والساجدين، والسلاريديين، والشداديين، والشيروانشاهيين، وإمارات الشكي وتفليس.

قبل أن تقوم إمبراطورية المغول بقيادة حفيد جنكيز خان، الخان باتيه، باجتياح داغستان في عام 1239.

تعرضت داغستان في القرن الرابع عشر لغزو وحشي آخر قام به الخان تيمورلنك، الذي كان قد اكتسح الهند وإيران والصين ووسط آسيا، لكن عندما وصل القوقاز جهز المسلمون جيشاً استطاع دحره.
داغستان تحت الحكم الروسي القيصري
في القرن الخامس عشر، سيطر العثمانيون على كامل داغستان والمناطق المجاورة لها، وأعادوا الإسلام من جديد إلى السكان، لتصبح المنطقة مكاناً متنازعاً عليه من قبل 3 قوى، وهي العثمانيون الذين يسعون للحفاظ عليها، والإمبراطوريتان الفارسية والروسية.

في عام 1722، قامت قوات القيصر بطرس الأكبر بحملة عسكرية ضمت خلالها شاطئ قزوين الشمالي، بما فيه داغستان، إلى روسيا.

على الرغم من انضمام المنطقة إلى روسيا، فإن قوات القيصر كانت تتبع مع المنطقة ما كانت تتبعه مع شعوب الشركس الأخرى، وهي سياسة الشراسة والقسوة، ما دفع السكان إلى محاربة الروس.

وفي عام 1813، تم توقيع اتفاق "غولستون" بين الروس والفرس، ينص بموجبه على سيطرة روسيا الكاملة على الإقليم.

بعد الاحتلال الروسي الكامل على "داغستان" كان السكان رافضين تماماً لهذا الاحتلال، فبدأوا بإشعال الثورات للتحرر قادها العديد من الأئمة الداغستانين، أبرزهم إمام غازي محمد وحمزة بك، والإمام الشيخ شامل الغِيمْرَاوِي أو كما يطلق عليه "الإمام شامل الداغستاني".

إذ استطاع هذا الأخير من مقاومة الروس طيلة 35 عاماً استطاع خلالها من تأسيس إمارة إمامة القوقاز التي شملت داغستان والشيشان في عام 1828، وبقيت إمامة القوقاز قائمة إلى حين استسلام الإمام شامل في عام 1859.

في عام 1860 تم تشكيل إقليم داغستان تحت الإدارة العسكرية الروسية ضمن الإمبراطورية الروسية.

وفي عام 1877 اندلعت ثورة جديدة ضد القوات الروسية التي ترأسها نجل الإمام شامل، وساعدته أنباء الإنزال الناجح للقوات العثمانية في أبخازيا، بينما تم قمع الثورة بقسوة وإعدام كثيرين وتهجير آخرين إلى سجون في أقاليم روسيا الباردة.

أهمية داغستان بالنسبة لروسيا
لعب انضمام داغستان إلى روسيا دوراً إيجابياً للروس، وساعد على تطوير تداول السلع والأموال وتوسيع علاقات التجارة والاقتصاد.

كما أصبحت داغستان بمثابة ممر حاسم لخطوط أنابيب النفط والغاز الرئيسية التي تمتد من بحر قزوين إلى قلب روسيا، ورغم ذلك لا يزال مستوى معيشة الشعب الداغستاني متدنياً جداً.

بالإضافة إلى ذلك فإن داغستان عبارة عن خزان مياه كبير، إذ يبلغ عدد الأنهار فيها أكثر من 6 آلاف نهر، وتجري عبر أراضي داغستان أنهار كبيرة مثل تيريك وسولاك وسامور التي تلعب دوراً بالغ الأهمية في إمداد منطقة القوقاز بالمياه، ناهيك عن سلسلة المحطات الكهرومائية الواقعة على نهر سولاك، والتي تزود إقليم جنوب روسيا بالطاقة الكهربائية.

المصدر: السومرية العراقية

كلمات دلالية: منطقة القوقاز فی داغستان داغستان فی فی القرن فی عام

إقرأ أيضاً:

الإبراهيمية والماسونية: جذور تاريخية وشكوك معاصرة

23 مايو، 2025

بغداد/المسلة:

ليث شبر

*تسعى هذه السلسلة التوعوية، المكونة من خمسة مقالات، إلى تمكين القارئ العربي من فهم قضايا مثيرة للجدل بعقل ناقد يتحرى الحقيقة بعيدًا عن التضليل ونظريات المؤامرة، وذلك لتعزيز وعي يحترم التعددية والعدالة في إطار دولة علمانية*.

يستكشف هذا المقال الرابع الشكوك حول العلاقة المزعومة بين الإبراهيمية والماسونية، ويركز على جذورهما التاريخية: هل تشكل الماسونية قوة خفية وراء الإبراهيمية؟ وكيف يواجه سياسي علماني هذه التساؤلات دون الانزلاق إلى التكهنات؟

تأتي الشكوك حول ارتباط الإبراهيمية بالماسونية من تاريخ طويل يحيط المنظمات السرية بهالة من الريبة، لكن النقاش يتطلب الرجوع إلى جذور كلا المفهومين. بدأت الماسونية في أوروبا خلال القرن السابع عشر كجمعيات للحرفيين البنائين، وتطورت إلى منظمة رمزية تركز على الأخوة والأخلاق، مستخدمة طقوسًا مستوحاة من التقاليد المسيحية واليهودية القديمة.

*بحلول القرن التاسع عشر، أصبحت رمزًا للنفوذ الخفي في السياسة والاقتصاد، خاصة في الغرب، مما غذى نظريات المؤامرة التي تربطها بالسيطرة العالمية*.

أما الإبراهيمية، فظهرت كمصطلح حديث في القرن العشرين، مستوحى من فكرة إبراهيم كأب مشترك للديانات التوحيدية، لكنها اكتسبت زخمًا مع مبادرات معاصرة تدعو إلى الحوار الثقافي.

فلماذا تلتقي هذه الجذور التاريخية في الشكوك الحالية؟

يربط البعض بين الماسونية والإبراهيمية بسبب تقاطع رمزي في استخدام التراث الديني، لكن هذا الربط يثير جدلًا معقدًا. يرى نشطاء علمانيون في تونس، على سبيل المثال، أن الإبراهيمية، كما طُرحت في مؤتمرات دولية عام 2024، قد تستغل الرموز الدينية لتعزيز تحالفات سياسية، مشيرين إلى أن الماسونية استخدمت تاريخيًا رموزًا مشابهة لتوسيع نفوذها.

*ففي القرن التاسع عشر، اعتمدت الماسونية طقوسًا مستوحاة من التقاليد الإبراهيمية لجذب أعضاء من خلفيات متنوعة*. لكن تدافع منظمات ثقافية في الأردن عن الإبراهيمية كإطار للتعاون الثقافي، وتنفي أي صلة بالماسونية، مؤكدة أن الحوار يهدف إلى تعزيز السلام دون أجندات خفية. وتُبرز هذه الردود جدلية مؤداها: هل تعكس الشكوك قلقًا مشروعًا من استغلال الرموز، أم مبالغة ناتجة عن إرث تاريخي؟

تتطلب رؤية علمانية التعامل مع الإبراهيمية بحيادية، دون رفضها أو تصويرها كضد للعلمانية. *فالدولة العلمانية، التي تفصل الدين عن السياسة، تستطيع استيعاب الحوار الثقافي إذا احترم التعددية ولم يتحول إلى أداة للحكم الديني* . لأن المخاوف من الإبراهيمية لا تنبع من الحوار بحد ذاته، بل من إمكانية استغلاله لتعزيز مصالح سياسية، كما حدث في القرن الثامن عشر عندما استخدمت الماسونية شبكاتها لدعم النخب السياسية في أوروبا. ومع ذلك، تُظهر الوقائع أن الإبراهيمية الحديثة، كما طُرحت في فعاليات مثل قمة أبوظبي للتعايش 2023، تهدف إلى تعزيز التعاون الثقافي، لكن غموضها يُغذي الشكوك، خاصة في سياق إقليمي مشحون بالتوترات.

يُثير النقاش سؤالًا جوهريًا: هل تستند الشكوك إلى أدلة، أم تُغذيها روايات تاريخية مبالغ فيها؟

بينما تُحذر أوساط أكاديمية في مصر من أن التركيز على الماسونية كتهديد قد يُصرف الانتباه عن قضايا ملحة، كالعدالة الاجتماعية. ففي تقرير لمركز دراسات مصري عام 2024، أُشير إلى أن ربط الإبراهيمية بالماسونية يعكس خوفًا من التغيير أكثر منه دليلًا ملموسًا. بالمقابل تُصر أوساط شعبية في العراق على مشروعية الشكوك، مشيرة إلى أن التاريخ يُظهر استخدام الرموز الثقافية لخدمة مصالح النخب.

تُشير هذه التوترات إلى ضرورة تقييم الإبراهيمية بعقلانية، دون الانجرار إلى نظريات المؤامرة.

ومن هنا يتضح الموقف السليم : *يُرحب بالحوار الثقافي إذا احترم التعددية وخدم العدالة، لكن تُرفض أي محاولة لاستغلال الثقافة أو الرموز التاريخية لأغراض سياسية* .

فالدولة العلمانية قادرة على قيادة هذا الحوار دون السماح لأي مبادرة بتقويض مبادئها، سواء ارتبطت بتكهنات حول الماسونية أم بمبادرات غامضة. وبدلاً من الخوف من الأجندات الخفية، *نقترح رؤية علمانية تضمن أن يظل الحوار أداة للتقدم، مستلهمة قيم المساواة التي تحمي التنوع الثقافي* .

ومع هذا النقاش، تبرز تحديات جديدة: كيف تستجيب الدولة العلمانية لتعقيدات العولمة والمبادرات الثقافية؟ يناقش المقال القادم هذه التحديات، لمواصلة البحث عن الحقيقة بروح نقدية ملتزمة.

 

المسلة – متابعة – وكالات

النص الذي يتضمن اسم الكاتب او الجهة او الوكالة، لايعبّر بالضرورة عن وجهة نظر المسلة، والمصدر هو المسؤول عن المحتوى. ومسؤولية المسلة هو في نقل الأخبار بحيادية، والدفاع عن حرية الرأي بأعلى مستوياتها.

About Post Author زين

See author's posts

مقالات مشابهة

  • سبب كل اللي بيحصل.. أحد أحفاد نوال الدجوي يكشف تفاصيل جديدة
  • مقدمة لدراسة صورة الشيخ العربي في السينما الأمريكية «23»
  • خبراء الأدلة الجنائية يرفعون آثار البصمات والدماء من شقة حفيد نوال الدجوي
  • ضرب نفسه أم قتـ.ل؟.. ظروف غامضة تحيط بالعثور على جثة حفيد نوال الدجوى
  • سحب عداد الكهرباء القديم من هؤلاء المشتركين بعد 6 أيام .. ما السبب؟
  • باق 4 أيام| قطع الإنترنت عن هؤلاء العملاء بعد تحذير المصرية للاتصالات
  • العيسوي: الأردن، بقيادته الهاشمية، قلعة استقرار وصوت حق ومنارة اعتدال
  • نخب متأسرلة… وطنيون بالتقسيط
  • الإبراهيمية والماسونية: جذور تاريخية وشكوك معاصرة
  • الميثاق الوطني يبدأ احتفالات الاستقلال الـ79 بمسار وطني يجوب المملكة من شمالها إلى جنوبها