كيف يهدد تعديل قانون محاربة الإرهاب فلسطينيي 48؟
تاريخ النشر: 1st, November 2023 GMT
القدس المحتلة- رسائل تحذيرية وتهديد مبطن للفلسطينيين في الأراضي المحتلة عام 1948، حملتها مصادقة اللجنة الوزارية الإسرائيلية للتشريع على تعديل وتحديث قانون "محاربة الإرهاب".
ويستهدف التعديل أصحاب الأرض الأصليين بشكل مباشر في حال خاضوا حراكا مناهضا لعدوان الاحتلال على قطاع غزة، أو عبروا عن التضامن مع الشعب الفلسطيني.
وبعد أن كان القانون يقتصر على الحركات والجمعيات والمؤسسات، يمنح التعديل صلاحيات لوزيري الأمن والقضاء بإعلان أفراد على أنهم "ناشطون إرهابيون"، فيما تدرس حكومة الاحتلال تعديل تعليمات إطلاق النار ومنح صلاحيات واسعة لعناصر الشرطة بإطلاق الرصاص الحي على المتظاهرين.
تضاف هذه الإجراءات إلى مصادقة الكنيست بالقراءة الأولى على تعديل قانون "مكافحة الإرهاب" عام 2016، الذي يجرّم ما اعتبره استهلاك وتصفح وترويج "مواد ومنشورات إرهابية"، مع فرض عقوبة السجن الفعلي لمدة عام.
ومنذ الحرب على غزة، صعّدت حكومة الاحتلال من استهدافها لفلسطينيي 48، عبر الملاحقة والاعتقالات والفصل عن العمل والإقصاء عن الجامعات والتعليم الأكاديمي، وذلك على خلفية التضامن مع الفلسطينيين في قطاع غزة، وكتابة تغريدات مناهضة للحرب ومنددة بالمجازر الإسرائيلية.
وأكدت الفعاليات السياسية والحقوقية والشعبية لفلسطينيي 48، أن الإجراءات الإسرائيلية في ظل الحرب على غزة تستهدف وجودهم، وتعكس النظرة إليهم والتعامل معهم كأعداء وليس كمواطنين، لافتين إلى أن إسرائيل تتصرف بشكل هستيري غير مسبوق، وسط تصاعد وتيرة التحريض والعنصرية من قبل المجتمع الإسرائيلي تجاه الفلسطينيين.
في هذا السياق، قال المختص في القانون الجنائي والأمني المحامي خالد زبارقة، إن إسرائيل بهذه التعديلات القانونية تسعى إلى فرض روايتها الصهيونية على الأحداث وسير مجريات الحرب، حيث إن حجم التنكيل والقمع وتكميم الأفواه وسلب الحريات لفلسطينيي 48 غير مسبوق وينذر بمخاطر وجودية.
وفي حديثه للجزيرة نت، أوضح زبارقة أن السلطات الإسرائيلية بمختلف أذرعها تجندت -منذ عملية "طوفان الأقصى"- لخوض معركة تستهدف مختلف شرائح المجتمع الفلسطيني بالداخل، إذ إن مجرد تغريدة على شبكات التواصل الاجتماعي يعبر صاحبها أو يلمح لتضامنه مع غزة، تضعه في دائرة الاستهداف والملاحقة والتحقيق والمحاكمة، بزعم التماهي مع "الإرهاب".
وأضاف المتحدث ذاته، أن "هذه التعديلات لا تأتي في سياق الحفاظ على الأمن العام والنظام، بل في سياق تقنين حالة القمع والترهيب التي تمارسها المؤسسة الإسرائيلية لمنع التضامن والاحتجاجات ضد جرائم الحرب والإبادة الجماعية للفلسطينيين في قطاع غزة".
ويعتقد المحامي الفلسطيني أن هذه التعديلات تعكس ضعف المنظومة القانونية والرواية الإسرائيلية، التي فقدت مضمونها وقدرتها على التأثير في الرأي العام، إذ تأتي هذه التشريعات من أجل فرض الرواية الإسرائيلية بقوة السجن والسلاح، ومحاربة الرواية الفلسطينية عبر قمع المشاعر الإنسانية ومنع أي مظاهر التضامن.
وأشار زبارقة، في السياق نفسه، إلى أن هذه الإجراءات تندرج ضمن خطة المؤسسة الإسرائيلية التي جددتها خلال هبة الكرامة في مايو/أيار 2021، وتهدف إلى "هندسة وعي المجتمع الفلسطيني بالداخل"، وهي الخطة التي فشلت وتحطمت على صخرة القناعات والثوابت لفلسطينيي 48 الذين أكدوا أنهم جزء لا يتجزأ من الشعب الفلسطيني، حسب توصيفه.
في السياق السياسي، يعتقد عضو لجنة المتابعة العليا للجماهير العربية بالداخل القيادي في الحركة الوطنية عوض عبد الفتاح، أن ما تقوم به إسرائيل من حملة ترويع وترهيب وقمع غير مسبوق، "بمثابة محاولة إعادة إنتاج نظريتها تجاه فلسطينيي 48 كعدو يهدد الطابع الديمغرافي للدولة اليهودية".
وفي حديثه للجزيرة نت، أضاف عبد الفتاح أن إسرائيل منعت فلسطينيي 48 من أي أشكال التعبير والتضامن مع أهالي غزة. وقال القيادي الفلسطيني إن الداخل الفلسطيني ومن خلال تجاربه السابقة أيقن أن المرحلة مصيرية ومفصلية، وأن مهمته الآن حماية وتحصين الذات والتجذر بالوطن بالداخل، إذ يعتبر وجوده بالداخل مصلحة وطنية للشعب الفلسطيني، بحسب تعبيره.
وأشار المتحدث ذاته إلى أن عملية القمع الإستراتيجية على مدار 75 عاما، مرت بعدة مراحل، وذلك وفقا للأهداف التي تحددها إسرائيل، والتي دائما ما كان يحبطها الداخل الفلسطيني، ويبتكر الوسائل للإبقاء على تواصله مع الشعب الفلسطيني والعالم العربي.
ولفت عوض عبد الفتاح إلى أن الإستراتيجية التي تعتمدها إسرائيل الآن هي ذروة مرحلة سيتبعها المزيد من الإجراءات المهددة لوجود فلسطينيي الداخل، متابعا "أيقن الداخل الفلسطيني بخطورة المرحلة وتصرف بحكمة واعتمد سياسة التراجع من أجل التأقلم مع المرحلة والتقدم إلى الأمام مستقبلا".
على صعيد الجماهير، سرد الناشط في "حراك حيفا" رشاد عمري، ما يتعرض له الداخل الفلسطيني من إجراءات قمعية وتنكيلية من قبل المؤسسة الإسرائيلية، وكذلك حملات التحريض ومظاهر العنصرية غير مسبوقة من المجتمع اليهودي.
وفي حديثه للجزيرة نت، قال عمري "في الحرب على غزة قمعت وسلبت كافة الحريات، حرمنا من التعبير عن المشاعر الإنسانية مع شعبنا وأهلنا، حيث أتت التعديلات والقوانين من أجل الردع وملاحقة وتجريم كل من يعبر عن أي مشاعر إنسانية وتضامن مع غزة".
وحذر رشاد عمري من التداعيات على فلسطينيي 48 ومستقبل وجودهم بأرضهم، حيث لا يستبعد أن تقوم عصابات من المستوطنين بافتعال إجراءات استفزازية لمنحها المظلة القانونية لإطلاق النار على المواطن العربي لمجرد كونه عربيا، وهو ما ينذر بخطوات خطيرة في ظل التصريحات التحريضية ومظاهر العنصرية.
وأوضح الناشط ذاته أن سياسة القوة والقمع ضد الداخل الفلسطيني تزداد مع تصاعد الحرب على غزة، التي لا يمكن معرفة كيف ستتطور وماذا ستكون نتائجها، وكيف ستتطور علاقة إسرائيل بفلسطينيي 48، لافتا إلى أن المجتمع الإسرائيلي معبأ بقوة وبوحشية وعداء لكل ما هو عربي، والحرب غذت هذا العداء.
ويعتقد عمري أن إسرائيل باتت تخشى أي تصاعد بالتضامن مع غزة ليس فقط بالداخل الفلسطيني، وإنما حول العالم، إذ بات واضحا أن الرواية الإسرائيلية تتعرض إلى تآكل مستمر وتفقد شعبيتها، مقابل تعاظم شرعية وشعبية السردية الفلسطينية عالميا.
المصدر: الجزيرة
كلمات دلالية: المؤسسة الإسرائیلیة الداخل الفلسطینی الحرب على غزة التضامن مع عبد الفتاح فلسطینیی 48 إلى أن
إقرأ أيضاً:
أكد أن السياسات الإسرائيلية تؤدي لتغييب الاستقرار.. وزير الخارجية: السلام لا يبنى دون تمكين الشعب الفلسطيني
البلاد (نيويورك)
أكد صاحب السمو الأمير فيصل بن فرحان بن عبدالله وزير الخارجية، على أن الأمن والسلام لا يتحققان عبر سلب الحقوق أو فرض الأمر الواقع بالقوة، وأن مثل هذه السياسات الإسرائيلية تؤدي إلى تغييب الاستقرار، وتآكل فرص السلام، وتغذية بيئة العنف والتطرف، بما يهدد الأمن الإقليمي والدولي على حدٍ سواء.
وأوضح في كلمة ألقاها خلال الجلسة الثانية للمؤتمر الدولي رفيع المستوى حول التسوية السلمية للقضية الفلسطينية وتنفيذ حل الدولتين بمقر الأمم المتحدة في نيويورك أمس، أن هذا المؤتمر ينعقد في ظل استمرار التصعيد، وتعرض الآلاف من المدنيين لأبشع أنواع الانتهاكات الجسيمة، من تجويع وقصف وتهجير، وتقويض ممنهج لكل الجهود الدولية لإيصال المساعدات ورفع المعاناة عن الأشقاء في غزة، مؤكدًا أن الانتهاكات الإسرائيلية امتدت إلى الضفة الغربية والقدس الشريف، حيث تفرض القيود التعسفية والسياسات الاستيطانية والممارسات الممنهجة، التي تهدف إلى تغيير الطابع الديني والديموغرافي.
وعبر الأمير فيصل بن فرحان عن إشادة المملكة بما عبر عنه فخامة الرئيس محمود عباس من التزام صادق بالسلام، وبالجهود الإصلاحية الجادة، التي تقودها الحكومة الفلسطينية برئاسة دولة رئيس الوزراء الدكتور محمد مصطفى، وهي جهود تستحق الدعم والتقدير، داعيًا إلى تضافر جهود المجتمع الدولي في دعم الشعب الفلسطيني في بناء قدراته وتمكين مؤسساته الوطنية، وذلك عبر مساندة السلطة الوطنية الفلسطينية والخطوات الإصلاحية التي تقوم بها.
وقال وزير الخارجية في كلمته: “تؤمن المملكة بأن السلام لا يمكن أن يبنى دون تمكين الشعب الفلسطيني اقتصاديًا وتنمويًا ومن هذا المنطلق، تعمل المملكة على تعزيز تعاونها مع السلطة الفلسطينية في مجالات التعليم، وتنمية القدرات البشرية، ودعم التحول الرقمي، والتعاون مع القطاع الخاص، لتمكين الاقتصاد الفلسطيني من النهوض وتحقيق تنمية شاملة ومستدامة”.
وعبر سموه عن ترحيب المملكة بقرار مجموعة البنك الدولي في تقديم المنحة السنوية لفلسطين بحوالي 300 مليون دولار إلى الصندوق الاستئماني لقطاع غزة والضفة الغربية، بهدف تعزيز قدرة الفلسطينيين على مواجهة التحديات وتحقيق التنمية والاستقرار.
وأشار إلى أنه منذ تبني مبادرة السلام العربية عام 2002م، والمملكة تبذل جهودًا متواصلة من أجل تجسيد الدولة الفلسطينية المستقلة، على حدود الرابع من يونيو 1967م، وعاصمتها القدس الشرقية، بصفتها الركيزة الأساسية لتحقيق سلام عادل وشامل وأمن مستدام في المنطقة، معبرًا عن تثمين المملكة عزم جمهورية فرنسا الاعتراف بدولة فلسطين مما يعكس التزامها بدعم حق الشعب الفلسطيني في تقرير مصيره، داعيًا بقية الدول إلى اتخاذ هذه الخطوة المسؤولة، والانخراط في مسار موثوق به ولا رجعة فيه، لإنهاء الاحتلال وتحقيق الأمن والسلام لجميع شعوب المنطقة.