ليوم الجمعة فضل كبير، حثنا فيه الشرع الحنيف على التقرب إلى الله والاستزادة من الأعمال الصالحة، وأعد الثواب الجزيل لمن أكثر من العبادات في هذا اليوم.

 

أجمل دعاء يوم الجمعة.. لا تنسوا أهل فلسطين وغزة فضل قراءة سورة الكهف يوم الجمعة .. تمنحك 5 عطايا ربانية  عبادات يوم الجمعة

ولذلك فإن للعبادات في يوم الجمعة ثواب كبير، ومن ذلك قول سماء بنت أبي بكر رضي الله عنهما: "من قرأ يوم الجمعة بفاتحة الكتاب، وقل هو الله أحد، وقل أعوذ برب الفلق، وقل أعوذ برب الناس (سبع مرات) –بعد السلام قبل أن يتكلم - حفظ ما بينه وبين الجمعة الأخرى".

[شعب الإيمان]

كما ورد عن رسول الله - صَلَّى اللَّه عَلَيْهِ وَسَلَّمَ- أنه قال: «مَنْ قَرَأَ الْعَشْر الْأَوَاخِر مِنْ سُورَة الْكَهْف عُصِمَ مِنْ فِتْنَة الدَّجَّال»، وقال -صلى الله عليه وسلّم-: «من قرأ سورة الكهف في يوم الجمعة أضاء الله له من النور ما بين قدميه وعنان السماء»، وعن أبي سَعيدٍ الخُدريِّ عنِ النبيِّ صلَّى اللهُ عليه وسلَّم أنَّه قال: «مَن قَرَأَ سورةَ الكَهفِ يومَ الجُمُعةِ أضاءَ له من النورِ ما بَينَ الجُمُعتينِ».

سنن يوم الجمعة

كما وردت الأجاديث النبوية الشريفة التي تتحدث عن سنن يوم الجمعة، والتي يستحب للمسلم أن يواظب عليها في هذا اليوم المبارك لما لها فضل كبير حيث تكون سببًا في الحصول على ثواب كبير من الله تعالى.


ومن سنن يوم الجمعة، فقد حث رسول الله -صلى الله عليه وسلم - أمته، على الاغتسال والتطيب والتسوك بيوم الجمعة خاصة، حيث جعلها -صلى الله عليه وسلم- من السُنن المستحب أدائها في هذا اليوم.

 

كما روي عَنِ ابْنِ عَبَّاسٍ -رضي الله عنهما- قَالَ : قَالَ رَسُولُ اللَّهِ -صلى الله عليه وسلم- : «إِنَّ هَذَا يَوْمُ عِيدٍ جَعَلَهُ اللَّهُ لِلْمُسْلِمِينَ ، فَمَنْ جَاءَ إِلَى الْجُمُعَةِ فَلْيَغْتَسِلْ، وَإِنْ كَانَ طِيبٌ فَلْيَمَسَّ مِنْهُ، وَعَلَيْكُمْ بِالسِّوَاكِ».

وهذا يكون اقتداءً بالنبي -صلى الله عليه وسلّم-، ويرجع ذلك لأن هاتين السورتين تحدثتا عمّا كان، وما يكون من المبدأ والمعاد، وحشر الخلائق، وبعثهم من القبور، وليس كما يعتقد البعض أن ذلك لأجل السجدة، فقد روى البخاري عَنْ أَبِي هُرَيْرَةَ رضي الله عنه، قَالَ: «كَانَ النَّبِيُّ صلى الله عليه وسلم يَقْرَأُ فِي الجُمُعَةِ فِي صَلاَةِ الفَجْرِ {الم . تَنْزِيلُ} [السَّجْدَةَ]، و{هَلْ أَتَى عَلَى الإِنْسَانِ حِينٌ مِنَ الدَّهْرِ} [الإنسان]».

كما قال رسول الله -صلّى الله عليه وسلّم: "إذا كان يوم الجمعة كان على كل باب من أبواب المسجد ملائكةٌ يكتبون الأوّل فالأوّل، فإذا جلس الإمام طووا صحفهم وجلسوا يستمعون الذكر، ومثل المُهَجِّر (أي المبكّر) كمثل الذي يُهدي بدنة، ثم كالذي يهدي بقرة، ثم كبشا، ثم دجاجة، ثم بيضة".

ويستحب صلاة المسلم ركعتين تحية المسجد، حتّى وإن بدأت الخطبة: فإن النبي -صلى الله عليه وسلم- «كان يَخْطُبُ يوما في أصحابه فدَخَلَ رَجُلٌ فجلس فرآه النبي فقطع الخطبة فسأله أَصَلَّيْتَ رَكْعَتَيْنِ؟ قَالَ: لا. قَالَ: قُمْ فَصَلِّ رَكْعَتَيْنِ».

وعن الإصغاء للخطيب والتدبّر فيما يقول: فعن أبي هريرة، فعن النبي - صلى الله عليه وسلم - قال: «من اغتسل ثم أتى الجمعة، فصلَّى ما قدِّر له، ثم أنصت حتى يفرغ من خطبته، ثم يصلي معه، غُفر له ما بينه وبين الجمعة الأخرى، وفضل ثلاثة أيام»؛ رواه مسلم (857)، وعن أبي هريرة، أن رسول الله - صلى الله عليه وسلم - قال: «إذا قلت لصاحبك يوم الجمعة: أنصت، والإمام يخطب، فقد لغوت»؛ رواه مسلم (934).

وقال (صلى الله عليه وسلّم): «من قرأ سورة الكهف في يوم الجمعة أضاء الله له من النور ما بين قدميه وعنان السماء».

ومن سنن صلاة الجمعة تحري ساعة الإجابة، حيث فيه ساعة إجابة كما قال رسول الله -صلى الله عليه وسلم- : «خيرُ يومٍ طلعت عليه الشَّمسُ يومُ الجمعةِ، فيه خُلِق آدمُ، وفيه أُدخل الجنَّةَ، وفيه أُخرج منها، ولا تقومُ السَّاعةُ إلَّا في يومِ الجمعة».

ما يستحب الإكثار من الصلاة على النبي فهو من سنن يوم الجمعة بما ورد أن رَسُولَ اللهِ صلى الله عليه وسلم قَالَ: «أَكْثِرُوا عَلَيَّ الصَّلاَةَ فِي يَوْمِ الْجُمُعَةِ، وَلَيْلَةِ الْجُمُعَةِ، فَمَنْ فَعَلَ ذَلِكَ كُنْتُ لَهُ شَهِيدًا، أوَ شَافِعًا يَوْمَ الْقِيَامَةِ».

وحثنا رسول الله -صلى الله عليه وسلم- على قراءة الآيات العشر الأواخر من سورة الكهف، وقال النَّبِيّ صَلَّى اللَّه عَلَيْهِ وَسَلَّمَ: «مَنْ قَرَأَ الْعَشْر الْأَوَاخِر مِنْ سُورَة الْكَهْف عُصِمَ مِنْ فِتْنَة الدَّجَّال».

المصدر: صدى البلد

كلمات دلالية: الجمعة الأعمال الصالحة العبادات يوم الجمعة سنن يوم الجمعة صلى الله علیه وسلم صلى الله علیه وسل ى الله علیه وسل م سنن یوم الجمعة سورة الکهف رسول الله فی یوم

إقرأ أيضاً:

موضوع خطبة الجمعة لوزارة الأوقاف.. «فضائلُ عشرِ ذِي الحجةِ»

أعلنت وزارة الأوقاف موضوع خطبة الجمعة القادم 30 مايو 2025، الموافق 3 من ذي الحجة 1446 هـ، وهي بعنوان: «فضائل العشر من ذي الحجة».

وأشارت الوزارة، إلى أن الهدف من هذه الخطبة هو التوعية بفضيلة ومنزلة العشر الأوائل من ذي الحجة، وضرورة اغتنام مواسم الخيرات.

وإلى نص الخطبة:

الحمدُ للهِ ربِّ العالمين، القائلِ في كتابهِ الكريمِ: {والفجرِ* وليالٍ عشرٍ}، وأشهدُ أنْ لا إلَهَ إلّا اللهُ وحدَهُ لا شريكَ لهُ، وأشهدُ أنَّ سيدَنَا محمدًا عبدُهُ ورسولُهُ، اللهمَّ صلِّ وسلمْ وباركْ عليهِ، وعلى آلِهِ وصحبهِ، ومَن تبعَهُم بإحسانٍ إلى يومِ الدينِ.

مِن فضلِ اللهِ تعالى على عبادهِ أنْ جعلَ لهم مواسمَ للطاعاتِ، يستكثرونَ فيها مِن العملِ الصالحِ، ويتنافسُون فيها فيما يقربُهُم إلى ربِّهم، والسعيدُ مَن اغتنمَ تلك المواسمَ، ومِن هذه المواسمِ الفاضلةِ أيامُ العشرِ مِن ذي الحجةِ، وهي أيامٌ شهدَ لها الرسولُ صلَّى اللهُ عليه وسلم بأنَّها أفضلُ أيامِ الدنيا، وحثَّ على العملِ الصالحِ فيها، بل إنَّ اللهَ تعالى أقسمَ بها، وهذا وحدَهُ يكفيهَا شرفًا وفضلًا، إذ العظيمُ لا يقسمُ إلَّا بعظيمٍ وهذا يستدعِي مِن العبدِ أنْ يجتهدَ فيها، ويكثرَ مِن الأعمالِ الصالحةِ، وأنْ يحسنَ استقبالَهَا واغتنامَهَا، فعَنِ ابْنِ عُمَرَ عَنِ النَّبِيِّ -صلى الله عليه وسلم- قَالَ:

«مَا مِنْ أَيَّامٍ أَعْظَمَ عِنْدَ اللَّهِ وَلاَ أَحَبَّ إِلَيْهِ مِنَ الْعَمَلِ فِيهِنَّ مِنْ هَذِهِ الأَيَّامِ الْعَشْرِ فَأَكْثِرُوا فِيهِنَّ مِنَ التَّهْلِيلِ وَالتَّكْبِيرِ وَالتَّحْمِيدِ »(رواه أحمد)، وَأَعْلَى النَّبِيُّ -صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ- أَمْرَهَا وَأَظْهَرَهُ، وَحَثَّ الْأُمَّةَ عَلَى الْإِكْثَارِ مِنَ الْأَعْمَالِ الصَّالِحَةِ فِي هَذِهِ الْعَشْرِ فَصَحَّ عَنْهُ -صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ- أَنَّهُ قَالَ: « مَا مِنْ أَيَّامٍ الْعَمَلُ الصَّالِحُ فِيهَا أَحَبُّ إِلَى اللَّهِ مِنْ هَذِهِ الْأَيَّامِ »، يَعْنِي أَيَّامَ الْعَشْرِ، قَالُوا: يَا رَسُولَ اللَّهِ، وَلَا الْجِهَادُ فِي سَبِيلِ اللَّهِ؟ قَالَ: «وَلَا الْجِهَادُ فِي سَبِيلِ اللَّهِ، إِلَّا رَجُلٌ خَرَجَ بِنَفْسِهِ وَمَالِهِ، فَلَمْ يَرْجِعْ مِنْ ذَلِكَ بِشَيْءٍ». وَعَنِ ابْنِ عَبَّاسٍ -رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُمَا- قَالَ

قَالَ رَسُولُ اللَّهِ -صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ-: «مَا الْعَمَلُ فِي أَيَّامٍ أَفْضَلَ فِي هَذِهِ الْعَشْرِ»، قَالُوا: وَلَا الْجِهَادُ، قَالَ: «وَلَا الْجِهَادُ إِلَّا رَجُلٌ خَرَجَ يُخَاطِرُ بِنَفْسِهِ وَمَالِهِ فَلَمْ يَرْجِعْ بِشَيْءٍ» (رَوَاهُ الْبُخَارِيُّ).

1- أنَّ اللهَ تعالى أقسمَ بها: وإذا أقسمَ اللهُ بشيءٍ دلَّ هذا على عِظمِ مكانتهِ وفضلهِ، إذ العظيمُ لا يقسمُ إلَّا بالعظيمِ، قالً تعالى (وَالْفَجْرِ* وَلَيَالٍ عَشْرٍ) (الفجر:1ـ 2). والليالي العشرُ هي عشرُ ذي الحجةِ، وهذا ما عليهِ جمهورُ المفسرين والخلفِ، وقال ابنُ كثيرٍ في تفسيرهِ: وهو الصحيحُ.

2- ومِن فضائلِ العشرِ مِن ذي الحجةِ أنَّها الأيامُ المعلوماتُ التي شُرِعَ فيها ذكرهُ: قال تعالى: (وَيَذْكُرُوا اسْمَ اللَّهِ فِي أَيَّامٍ مَعْلُومَاتٍ عَلَى مَا رَزَقَهُمْ مِنْ بَهِيمَةِ الْأَنْعَامِ) [الحج:28]، وجمهورُ العلماءِ على أنَّ الأيامَ المعلوماتِ هي عشرُ ذي الحجةِ، منهم ابنُ عمرَ وابنُ عباسٍ.

3- ومِن فضائلِ العشرِ مِن ذي الحجةِ أنَّ رسولَ اللهِ صلَّى اللهُ عليه وسلم شهدَ لهَا بأنَّها أفضلُ الأيامِ، ففي مسندِ أحمد (عَنِ ابْنِ عَبَّاسٍ عَنِ النَّبِىِّ -صلَّى اللهُ عليه وسلم- أَنَّهُ قَالَ «مَا عَمَلٌ أَفْضَلَ مِنْهُ في هَذِه الأَيَّامِ». يَعْنِى أَيَّامَ الْعَشْرِ قَالَ فَقِيلَ وَلاَ الْجِهَادُ في سَبِيلِ اللَّهِ قَالَ «وَلاَ الْجِهَادُ في سَبِيلِ اللَّهِ إِلاَّ مَنْ خَرَجَ بِنَفْسِهِ وَمَالِهِ ثُمَّ لَمْ يَرْجِعْ بشيء مِنْ ذَلِكَ).

4- ومِن فضائلِ العشرِ مِن ذي الحجةِ أنَّ فيها يومَ عرفة: ويومُ عرفةَ يومُ الحجِّ الأكبرِ، ويومُ مغفرةِ الذنوبِ، ويومُ العتقِ مِن النيرانِ، ولو لم يكنْ في عشرِ ذي الحجةِ إلَّا يومُ عرفةَ لكفاهَا ذلك فضلًا.

5- ومِن فضائلِ العشرِ مِن ذي الحجةِ أنَّ فيهَا يومَ النحرِ.

فحريٌّ بالمسلمِ أنْ يستقبلَ مواسمَ الطاعاتِ عامةً، ومنها عشرُ ذي الحجةِ بأمورٍ:

1- التوبةُ الصادقةُ: فعلى المسلمِ أنْ يستقبلَ مواسمَ الطاعاتِ عامةً بالتوبةِ الصادقةِ والعزمِ الأكيدِ على الرجوعِ إلى اللهِ، ففي التوبةِ فلاحٌ للعبدِ في الدنيَا والآخرةِ، يقولُ تعالى: (وَتُوبُوا إِلَى اللَّهِ جَمِيعًا أَيُّهَ الْمُؤْمِنُونَ لَعَلَّكُمْ تُفْلِحُونَ) [النور:31].

2- ونستقبلُ الأيامَ العشرَ مِن ذي الحجةِ بالعزمِ الجادِّ على اغتنامِ هذه الأيامِ: فينبغِي على المسلمِ أنْ يحرصَ حرصًا شديدًا على عمارةِ هذه الأيامِ بالأعمالِ والأقوالِ الصالحةِ، وأنْ نستقبلَ الأيامَ العشرَ مِن ذي الحجةِ بالبعدِ عن المعاصِي، فكما أنَّ الطاعاتَ أسبابٌ للقربِ مِن اللهِ تعالى، فالمعاصِي أسبابٌ للبعدِ عن اللهِ والطردِ مِن رحمتهِ.

يَنْبَغِي للْمُسْلِمِ أَنْ يَسْتَفْتِحَ هَذِهِ الْعَشْرَ الْمُبَارَكَةَ بِتَوْبَةٍ نَصُوحٍ لِلَّهِ -عَزَّ وَجَلَّ-، وَأَنْ يُكْثِرَ مِنَ الْأَعْمَالِ الصَّالِحَةِ، وَمِنْ أَهَمِّ الْأَعْمَالِ الصَّالِحَةِ وَأَفْضَلِهَا فِي الْعَشْرِ وَفِي غَيْرِ الْعَشْرِ:

أَوَّلًا: الصَّلَاةُ عَلَى وَقْتِهَا، وَالتَّبْكِيرُ لَهَا، وَالْإِكْثَارُ مِنَ النَّوَافِلِ، فَإِنَّهَا مِنْ أَفْضَلِ الْقُرُبَاتِ، رَوَى ثَوْبَانُ -رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ- قَالَ: سَمِعْتُ رَسُولَ اللَّهِ -صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ- يَقُولُ: «عَلَيْكَ بِكَثْرَةِ السُّجُودِ لِلَّهِ، فَإِنَّكَ لَا تَسْجُدُ لِلَّهِ سَجْدَةً إِلَّا رَفَعَكَ إِلَيْهِ بِهَا دَرَجَةً، وَحَطَّ عَنْكَ بِهَا خَطِيئَةً» (رَوَاهُ مُسْلِمٌ).

ثَانِيًا: يُسْتَحَبُّ لِلْعَبْدِ الصِّيَامُ وَالْإِكْثَارُ مِنْهُ فِي أَيَّامِ الْعَشْرِ، لِأَنَّ النَّبِيَّ -صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ- حَثَّ عَلَى الْعَمَلِ الصَّالِحِ فِي أَيَّامِ الْعَشْرِ، وَالصِّيَامُ مِنْ أَفْضَلِ الْأَعْمَالِ، وهو يدخلُ في جنسِ الأعمالِ الصالحةِ، بل هو مِن أفضلِهَا، وقد أضافهُ اللهُ إلى نفسهِ لعظمِ شأنهِ وعلوِّ قدرِهِ، فإنَّ (أَبَا هُرَيْرَةَ - رضى اللهُ عنه - يَقُولُ قَالَ رَسُولُ اللَّهِ - صلَّى اللهُ عليه وسلم - «قَالَ اللَّهُ كُلُّ عَمَلِ ابْنِ آدَمَ لَهُ إِلاَّ الصِّيَامَ، فَإِنَّهُ لِي، وَأَنَا أَجْزِى بِهِ) [متفق عليه]. وقد خصَّ النبيُّ صلَّى اللهُ عليه وسلم صيامَ يومِ عرفةَ مِن بينِ أيامِ عشرِ ذي الحجةِ بمزيدِ عنايةٍ، وبيَّنَ فضلَ صيامهِ، فقالَ صلَّى اللهُ عليه وسلم:

(صِيَامُ يَوْمِ عَرَفَةَ أَحْتَسِبُ عَلَى اللَّهِ أَنْ يُكَفِّرَ السَّنَةَ الَّتِي قَبْلَهُ وَالسَّنَةَ الَّتِي بَعْدَهُ وَصِيَامُ يَوْمِ عَاشُورَاءَ أَحْتَسِبُ عَلَى اللَّهِ أَنْ يُكَفِّرَ السَّنَةَ الَّتِي قَبْلَهُ» [رواه مسلم]. وعليه فيسنُّ للمسلمِ أنْ يصومَ تسعَ ذي الحجةِ، لأنَّ النبيَّ صلَّى اللهُ عليه وسلم حثَّ على العملِ الصالحِ فيها. وقد ذهبَ إلى استحبابِ صيامِ العشرِ الإمامُ النوويُّ وقال: صيامُهَا مستحبٌ استحبابًا شديدًا.

وَالْجَهْرُ بِالتَّكْبِيرِ فِي الْمَسَاجِدِ وَالْمَنَازِلِ وَالطُّرُقَاتِ للرِّجَالُ دُونَ النِّسَاءِ. قال الله تعالى: ﴿لِيَشْهَدُوا مَنَافِعَ لَهُمْ وَيَذْكُرُوا اسْمَ اللَّهِ فِي أَيَّامٍ مَعْلُومَاتٍ عَلَى مَا رَزَقَهُمْ مِنْ بَهِيمَةِ الْأَنْعَامِ﴾ [الحج: 28]. وقد أجمع الجمهور على أن “الأيام المعلومات” هي أيام العشر، استنادًا إلى ما ورد عن ابن عباس -رضي الله عنهما- في قوله: “الأيام المعلومات: أيام العشر”. وَعَنْ عَبْدِ اللَّهِ بْنِ عُمَرَ -رَضِيَ اللَّهُ تَعَالَى عَنْهُمَا-، عَنِ النَّبِيِّ -صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ- قَالَ: «مَا مِنْ أَيَّامٍ أَعْظَمُ عِنْدَ اللَّهِ وَلَا أَحَبُّ إِلَيْهِ الْعَمَلُ فِيهِنَّ مِنْ هَذِهِ الْأَيَّامِ الْعَشْرِ، فَأَكْثِرُوا فِيهِنَّ مِنَ التَّهْلِيلِ وَالتَّكْبِيرِ وَالتَّحْمِيدِ».

رابعًا: أداءُ مناسكِ الحجِّ والعمرةِ. وهما أفضلُ ما يُعملُ في عشرِ ذي الحجةِ، ومَن يسرَ اللهُ لهُ حجَّ بيتهِ أو أداءَ العمرةِ على الوجهِ المطلوبِ فجزاؤُه الجنة، لقولِ النبيِّ صلَّى اللهُ عليه وسلم: (عَنْ أَبِى هُرَيْرَةَ - رضى الله عنه - أَنَّ رَسُولَ اللَّهِ - صلى الله عليه وسلم - قَالَ «الْعُمْرَةُ إِلَى الْعُمْرَةِ كَفَّارَةٌ لِمَا بَيْنَهُمَا، وَالْحَجُّ الْمَبْرُورُ لَيْسَ لَهُ جَزَاءٌ إِلاَّ الْجَنَّةُ». [متفق عليه]. والحجُّ المبرورُ هو الحجُّ الموافقُ لهديِ النبيِّ صلَّى اللهُ عليه وسلم، الذي لم يخالطْهُ إثمٌ مِن رياءٍ، أو سمعةٍ، أو رفثٍ، أو فسوقٍ، المحفوفُ بالصالحاتِ والخيراتِ.

خامسًا: الصدقةُ: وهي مِن جملةِ الأعمالِ الصالحةِ التي يُستحبُّ للمسلمِ الإكثارُ منها في هذه الأيامِ، وقد حثَّ اللهُ عليها، فقال تعالى: (يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا أَنْفِقُوا مِمَّا رَزَقْنَاكُمْ مِنْ قَبْلِ أَنْ يَأْتِيَ يَوْمٌ لَا بَيْعٌ فِيهِ وَلَا خُلَّةٌ وَلَا شَفَاعَةٌ وَالْكَافِرُونَ هُمُ الظَّالِمُونَ) [البقرة:254]، وقال رَسُولِ اللَّهِ -صلَّى اللهُ عليه وسلم- قَالَ «مَا نَقَصَتْ صَدَقَةٌ مِنْ مَالٍ) (رواه مسلم)

الخطبة الثانية

الحمدُ لله ربِّ العالمين، والصلاةُ والسلامُ علي خاتمِ الأنبياءِ والمرسلين، سيدِنا محمدٍ (صلي الله عليه وسلم)، وعلي آلهِ وصحبِه أجمعين.

الأضحيةُ مشروعةٌ بالكتابِ، والسنةِ، وإجماعِ الأمةِ، فأمَّا الكتابُ فلقولِ اللهِ -تعالى-: (فَصَلِّ لِرَبِّكَ وَانْحَرْ) [الكوثر: 2]، وأمَّا السنةُ فلحديثِ أنسٍ رضي اللهُ عنه قال: “ضحىَ النبيُّ -صلَّى اللهُ عليه وسلم- بكبشينِ، أملحينِ أقرنينِ، ذبحهمَا بيدهِ، وسمَّىَ وكبَّرَ، ووضعَ رجلَهُ على صفاحهمَا“(متفق عليه)، وأمَّا الإجماعُ: فأجمعَ المسلمونَ على مشروعيةِ الأضحيةِ.

فمِن أعمالِ عشرِ ذي الحجةِ: الأضحيةُ، فهي قربةٌ لربِّنَا (عزَّ وجلَّ)، وسنةُ نبيِّنَا صلي الله عليه وسلم وإحياءٌ لسنةِ أبِينَا إبراهيمَ (عليه السلامُ)، فعن زيدِ بنِ أرقم - رضي اللهُ عنه - قال قال أصحابُ رسولِ اللهِ - صلَّى اللهُ عليه وسلم -: يا رسولَ اللهِ، ما هذه الأضاحِي؟ قال: سنةُ أبيِكُم إبراهيم - صلَّى اللهُ عليه وسلم - قالوا: فما لنَا فيهَا يا رسولَ اللهِ؟ قال: بكلِّ شعرةٍ حسنة. فقالوا: فالصوفُ يا رسولَ اللهِ؟ قال: بكلِّ شعرةٍ مِن الصوفِ حسنة) (رواه أحمد).

وفي الأضحيةِ مِن معانِي التكافلِ والتراحمِ ما يؤكدُ دورهَا الاجتماعِي في تقويةِ أواصرِ التقاربِ والتآلفِ بينَ أفرادِ المجتمعِ، بصلةِ الأرحامِ، وإطعامِ الفقراءِ وإغنائِهِم عن السؤالِ، حيثُ يقولُ الحقُّ سبحانَهُ في وصفِ الأبرارِ: {ويطعمُونَ الطعامَ على حُبهِ مسكينًا ويتيمًا وأسيرًا} (الإنسان:8)، ويقولُ صلي الله عليه وسلم: (خيارُكُم مَن أطعمَ الطعامَ)، ويقولُ (عليه الصلاةُ والسلامُ): (أحبُّ الأعمالِ إلى اللهِ سرورٌ تُدخلُهُ على مُسلمٍ، أو تكشفُ عنهُ كُربةً، أو تطردُ عنهُ جُوعًا، أو تقضِي عنهُ دينًا) (رواه الطبراني)، ومِن أحكامِ هذه العشرِ أنَّ مَن أرادَ الأضحيةَ في هذه العشرِ فإنَّه لا يأخذُ مِن شعرهِ ولا أظفارهِ شيئًا، لا شعرَ رأسِكَ ولا مِن شعرٍ آخرَ في الجسدِ، لا يأخذُ مِن شعرهِ ولا مِن أظفارهِ شيئًا.

اقرأ أيضاًموضوع خطبة الجمعة القادم 30 مايو.. «فضائل العشر الأوائل من ذي الحجة»

«كيف نواجه الشبهات الفكرية بالقرآن؟».. نص خطبة الجمعة اليوم 9 مايو 2025

مقالات مشابهة

  • كلمتان تَمَسَّك بهما في العشر من ذي الحجة لتتعرض لنفحات الله
  • شاهد بالفيديو.. داعية سوداني شهير يثير ضجة إسفيرية غير مسبوقة: (رأيت الرسول صلى الله عليه وسلم في المنام وأوصاني بدعوة الجيش والدعم السريع للتفاوض)
  • دار الإفتاء توضح عدة أمور تخص الأضحية.. تعرف عليها
  • سنن يوم الجمعة.. ما يستحب فعله قبل الصلاة وبعدها
  • متى يكون وقت قراءة سورة الكهف يوم الجمعة؟.. الأزهر يجيب
  • أخطاء في الهَدي والنحر .. تعرف عليها وتجنبها حتى لا تبطل ثوابها
  • موضوع خطبة الجمعة لوزارة الأوقاف.. «فضائلُ عشرِ ذِي الحجةِ»
  • الإفتاء توضح الدليل على مشروعية الأضحية من الكتاب والسنة
  • أحاديث فضل صيام العشر من ذي الحجة .. اغتنم 8 عبادات للفوز بخيري الدنيا والآخرة
  • الأضحية.. تعرف على فضلها دينيا وإنسانيا واجتماعيا