استمرار جرائم الاحتلال ضد غزة.. جمال أسعد: من الإنسانية أن ندعم جميعا المعتدى عليه .. وبرلماني: موقف الدولة المصرية دليل على أن القضية لن تموت
تاريخ النشر: 5th, November 2023 GMT
مئات الشهداء ترتقي أرواحهم يومياً في قطاع غزة ثلثهم فقط من الأطفال؛ لتصبح تلك الحرب الأكثر دموية في التاريخ المعاصر، ففي وقت كتاب هذا التقرير يلامس عدد ضحايا هذه المعركة الـ 9 ألاف شهيداً قتلوا بيد الاحتلال منذ أن بدأت هذه الحرب بين كتائب "القسام" التابعة لحماس وبين القوات الإسرائيليةوذلك عوضاً عن المصابين وأولئك الذين شردوا وهجروا من منازلهم ويعيشون في تلك اللحظات بدون مأوى في ظل تضييقيات على وصول السبل المعيشية الأساسية من الماء والغذاء والدواء والوقود.
وتسعى "البوابة نيوز" منذ لحظات الحرب الأولى في نقل هذه الصورة المأسوية، ونستمر اليوم بالحديث عن هذه الأزمة بمشاركة عدد من المسؤولين والمفكرين والشخصيات البارزة في المجتمع لنقل تصورهم حول تلك المأساة.
ومن جانبه يقول المفكر والنائب البرلماني السابق جمال أسعد: لا أحد على الإطلاق أياً كان توجهاته الدينية او السياسية او الأخلاقية يقبل بحالة الحرب، ورغم أن الحروب ضد الإنسانية إلا أنها مقترنة بقانون دولي وهذا القانون يستمد وجوده من القيم الإنسانية، فمثلاً في الحرب يُمنع الاعتداء على المدنيين بشكل نهائي، وللأسف هذا ما يحدث الآن في غزة، ولذلك من الإنسانية أن ندعم جميعاً المعتدي عليه، وإذا أعتبرنا أن حماس هى التي بدأت في الأعداء من البداية فيصبح هناك خلل في التحليل، لأن لهذا الاعتداء أسباب تسبقه في مقدمتها احتلال إسرائيل لبلادهم، بجانب ما يفعله هذا الكيان الفلسطينين من تهجير وتمثيل بهم وبناء مستوطنات على أراضيهم؛ فإذن ما حدث هو حالة دفاع عن وطن حالة تحرر، ولا يمكننا أن نصنفها بأنها حرب لأن هذا يعني أنه هناك دولة تحارب بشكل نظامي وهذا غير موجود فإنها مقاومة بدافع التحرر.
وتابع، وفي القانون الدولي فمن حقق للدول المحتلة أن تقاوم المحتل ومثال ذلك كان المقاومة المصرية ضد الاستعمار البريطاني، وإذا قولنا أن إسرائيل ما تفعله الآن هو دفاع عن النفس القانون يحدد حجم هذا الدفاع، ولكن ما يتم الآن ليس دفاعاً بل إبادة حقيقية للشعب الفلسطيني في غزة، وحتى الدول التي تقف مع إسرائيل الكثير منها رفضت ما يحدث الآضن في غزة.
وأكمل متحدثاً عن دور الدولة المصرية، أولاً دولتنا على قدرها التاريخي أنها دولة ذات موقع إستراتيجية، فكانت تحت نظر الدول الاستمارة على مر التاريخ، بينما نقول أن الجبهة الشرقية هى بمثابة صمام الأمن القومي المصري فكل الغزوات التي مرت علينا كانت تأتي من تلك الجبهة؛ ولذلك سعى جمال عبد الناصر أن يخلق اهتمام عربي كبير للقضية الفلسطينية، فوجود دولة استعمارية مثل إسرائيل فهى تشكل خطراً على مصر أكثراً من كونها خطراً على المنطقة العربية، ولذلك كانت دعوة جمال عبد الناصر هدفها في المقام الأول الحفاظ على مصر.
وأضاف : “ونشير إلى أن وجود تلك الدولة مبنى على معتقد ديني ينص على أن دولتهم من النيل للفراط، وهذا يعني أن هدف تلك الدولة أن تحقق ذلك في يوم من الأيام، بالرغم من كامب ديفيد فهي تعتبرنا العدو الأول، وبالرغم من أني معارض أقولها بكل وضوح أن موقف مصر أشرف موقف لدولة عربية، بكونها تحدث توازناً حقيقاً، أنني لا أنفصل عن القضية الفلسطينية وأداف عن حق الفلسطينيين في إقامة دولة عاصمتها القدس الشرقية، وفي ذات الوقت أدافع عن الأمن القومي المصري لأن هناك مؤامرة معلنة ليس الآن ولكن قبل ذلك وهى تهجير الفلسطينون من غزة إلى سيناء ومن الضفة إلى الأردن وبالتالي تموت القضية، وهذا ما ترفضه مصر”.
واختتم بالقول، وأولئك الذين يطالبون مصر بالدخول في تلك الحرب لا علاقة لهم بأمن مصر القومي، الحفاظ على الوطن يقوم على الاصطفاف وراء القيادة السياسية، وهل من المنطق أن تدخل مصر هذه الحرب في ظل قدراتي الأقتصادية والاجتماعي وحتى السياسية، مضيفاً فإذا كانت القضية هى قضية الأمة جميعاً فليس على مصر وحدها دخول الحرب فالكثيرون يكتفوا بشعارتهم ونتعجب بمطالبتهم بتحمل مصر المسؤولية.
بينما يقول النائب مجدي ملك عضو مجلس النواب في تصريحات خاصة لـ"البوابة نيوز": "إن ما يحدث الآن من انتهاكات من قبل الكيان المحتل المدعوم من المجتمع الدولي الذي فقد مصداقيته؛ فهو مخالفاً لكل الاعراف والمواثيق الدولية فهو يمثل جريمة فى حق الإنسانية تصل إلى حد الابادة الجماعية لشعب يدافع عن أرضه وحقه ضد محتل مغتصب، بالتزامن مع تشويه الحقائق من خلال امتلاكهم لمنصات إعلامية تحاول تجميل وجههم القبيح والجرائم البشعة، الذين يقومون بها بادعاء محاربة جماعات إرهابية و ترتكب تحت هذا الستار الخادع للمجتمع الدولي تلك الجرائم البشعة ضد شعب اعزل صاحب قضيه حقيقية."
وتابع، ولعل الموقف المصري القوى الواضح المبنى على مكانة مصر العظيمة وقدراتها وموقعها من الأحداث، كان محلاً للارتياح لكل من يحمل ادنى معانى الإنسانية فى كل بقاع الأرض ويحمل رسائل قويه للقوى المحركة والمساندة للعدوان بأن القضية الفلسطينية لن تموت بتمسك الفلسطينيين بأرضهم وعدم الانصياع للمخطط الذى يُعد منذ سنوات عديدة؛ لتصفية القضية بتهجيرهم وإيجاد حلول بديله على حساب مصر، وهذا ما رفضه الفلسطينيين والمصريين بكل قوه ووضوح.
وأكمل، وهذه الحرب يحتاج إلى تدخل سريع ممن تبقى على الحياد من المجتمع الذى يقف متفرج على المذابح الانتهاكات التي ترتكب ولعل ما يصل من مساعدات انسانيه وما تبذله الدولة المصرية من جهود لإيصال المعونات او ما قامت به من نقل واستقبال للجرحى والمصابين يحتاج تضافر وتكاتف جميع دول العالم لكى تستطيع الدولة المصرية استكمال واستمرار تلك الإجراءات الإنسانية لعلاج الجرحى والمصابين ومضاعفه كميات المعونات التي يحتاجها الشعب الاعزل المقهور تحت نيران القصف والعدوان.
واختتم النائب مجدي ملك بالقول: "أننا نطالب الأمم المتحدة والقوى الدولية بالتدخل لإيقاف هذا العدوان الغاشم وإيجاد حل عادل للقضية وليعلم الكيان المحتل انه لا سلام بدون قبول حل الدولتين، وإن أرواح ودماء الشهداء ستظل وتستمر تستنزف وتحصد شعب الدولتين طالما استمرت هذه الغطرسة؛ فالدماء يقابلها مزيد من الدماء التي لن تتوقف الا بالصفح الذى لن يحدث الا باسترداد الحقوق لأصحابها."
المصدر: البوابة نيوز
كلمات دلالية: إسرائيل القوات الإسرائيلية فلسطين غزة جرائم الاحتلال الدولة المصرية الدولة المصریة
إقرأ أيضاً:
جرائم فرنسا على موعد آخر مع الجزائريين
مهما قدّمت فرنسا نفسها للعالم على أنها بلد التنوير والحرية والعقلانية في العصر الحديث، فإنها تبقى في المنظور الإنساني صاحبة أسوأ تاريخ استعماري في حق البشرية، والجزائريين منهم على وجه الخصوص، بما اقترفته من جرائم حضارية ومادية فوق الخيال.
ستظلّ فرنسا، الملعونة تاريخيّا، مرتبطة في ذاكرة الشعب الجزائري بأقسى صور الاحتلال البغيض الذي نهب وسرق كل ما وقع تحت يديه، والإبادات الجماعية والتعذيب الوحشي والجرائم النووية، ناهيك عن التجهيل الممنهج والتنصير والفرنسة وهدم المساجد وحرق الكتب ونبش القبور وسواها من الفظائع.
لقد طبّق الجيش الاستعماري المقيت، منذ دخوله الأرض الجزائرية الطاهرة، سياسة الأرض المحروقة، في محاولة وحشية لقمع المقاومات الشعبية التي اندلعت في كل جهات البلاد، خاصة بالمداشر والأرياف.
ولذلك، لم يتورع قادة فرنسا العسكريون، من أمثال العقيد ماكسيميليان جوزيف عن سحق قبيلة العوفية سنة 1832م في الحراش وسهل متيجة، ومثلها مجزرة عرش بن ناصر، قرب مدينة شرشال.
كما يوثّق السجل الدموي لفرنسا في الجزائر الوقائع المفجعة لمحرقة أولاد رياح بمستغانم (غار الفراشيش) عام 1845م، حيث عمد جيش الاحتلال إلى القتل المنهجي ضد أفراد القبيلة بذريعة تحالفها مع الشريف بومعزة ودعمها لمقاومته، أمّا في محرقة الأغواط عام 1852م، والتي كانت أشدّ فتكا من سابقاتها، فقد استعملت القوات الفرنسية مواد كيماوية محرّمة دوليا.
بينما “تبقى الفظائع التي عرفتها سطيف وقالمة وخراطة وغيرها من المدن في الثامن من ماي 1945م، تشهد على مجازر بشعة، لا يمكن أَن يطويها النسيان، بل ستظلّ محفورة بمآسيها المروّعة في الذاكرة الوطنية”، مثل ما ورد في رسالة سابقة لرئيس الجمهورية، عبد المجيد تبون.
وفي ردّها الجبان على هجمات 20 أوت 1955، قمعت فرنسا الآلاف من المدنيين وأحرقت المشاتي وقصفت القرى جوّا وبرّا، كما سلّحت الأوروبيين لتشكيل ميليشيات فاشية بهدف الانتقام من الجزائريين العزل، ولا يزال ملعب سكيكدة معلما شاهدا على المجزرة الكبيرة، يوم حشر الآلاف من الرجال والنساء والأطفال والشيوخ، لإعدام الكثير منهم، حتى بلغ عدد ضحايا الحملة الانتقامية 12000 شهيد.
وفي العام الموالي، نفذ متطرفون يهود مدعومون بشرطة الاحتلال الفرنسي مجزرة 12 ماي 1956 في مدينة قسنطينة، أين راح ضحيتها المئات من المدنيين الأبرياء.
ومع توقيعها على عديد الاتفاقيات الدولية، باعتبارها من الدول الكبرى بعد الحرب العالمية الثانية المدعية للسلام، فقد أمعنت في قمع الجزائريين المدنيين بكل وحشية لعزل الثورة التحريرية بعد ما اشتدّ عودها عن حاضنتها الشعبية، وستبقى الأحداث المأساوية لمظاهرتي 11 ديسمبر 1960 بالجزائر و17 أكتوبر 1961 في باريس خير دليل على بشاعة الاستعمار الفرنسي.
كما تشكّل “حرب الكهوف” وجها آخر أكثر وحشية في ممارسات فرنسا مدعية “الأخوّة” و”المساواة”، وقد اعترف بنوها خلال السنوات الأخيرة باستخدام جيشهم المقيت لغازات سامة في حقن مغارات المجاهدين وكهوفهم، وأخطر منها جرائم أسلحة الدمار الشامل تحت عنوان التجارب النووية والكيميائية، في عدة مواقع من الصحراء الجزائرية بدءا من 1957.
لم تكن تلك المحطات الأليمة في ذاكرتنا الوطنية سوى عيّنات محدودة عن جرائم فرنسا في حق الأمة الجزائرية، ويكفي أنّ تقريرا صادرا عام 2017 عن الرابطة الجزائرية للدفاع عن حقوق الإنسان، يؤكد استشهاد 10 ملايين شخص خلال كامل فترة الاحتلال.
إنّ نكأ جراحنا التاريخية مع فرنسا، بعد 63 سنة من استرجاع السيادة الوطنية، لا تحرّكه الأحقاد (وحقّ لنا الحقد عليها) ولا المزايدات أو الانغلاق على الماضي، كما يروّج المهزومون وبقايا الطابور الخامس، بل لأنّ “الحرص على ملف التاريخ والذاكرة ينبع من تلك الصفحات المجيدة، ومن تقدير الدولة لمسؤوليتها تجاه رصيدها التـاريخي، باعتباره أحد المقوّمـــــات التي صهرت الهويـــــة الوطنيــــــةَ الجزائريـــــة ومرتكزا جوهريا لبنـــــاء الحـــــاضر واستشراف المستقبل”، على حد تعبير رئيس الجمهورية.
ولا يمكن اليوم بناء مسار ثقــــة، والتطلع نحو إرساء علاقات تعاون دائم ومثمر، يضمن مصالح البلدين في إطار الاحترام المتبادل، من دون تسوية نهائية لملف الذاكرة والتاريخ، لأنّ دماء الآباء والأجداد وحرمة الأرض المنتهكة وخيرات الوطن المسلوبة لن تذهب هدرا على يد الأسلاف في عهد السيادة.
من المؤسف أنّ “الشعوب التي خضعت للاحتلال لم تستفد من النظامين الأساسيين لمحكمة العدل الدولية والمحكمة الجنائية الدولية، نظرا لعدم احتوائها على قواعد محدّدة لملاحقة مرتكبي الانتهاكات الجسيمة للقانون الدولي الإنساني، بخصوص المسؤولية الشخصية للأفراد والمسؤولية التقليدية للدول زمن الاحتلال”، وفق قول الخبير في القانون الدولي الإنساني، البروفيسور عمر سعد الله، على جريدة “الشروق”.
ولأجل استرجاع الحقوق لأهلها، فإنّنا ندعّم بقوة مقترح سعد الله بخصوص استحداث شعبة خاصة بالجرائم الدولية على مستوى المحكمة العليا، خاصة أن مقترح قانون تجريم الاستعمار على طاولة النقاش البرلماني، حيث تختصّ بالنظر في جرائم الاحتلال الفرنسي، ومنحها اختصاصات القضايا المتعلقة بمسؤولية الدول والأفراد زمن الاحتلال، استنادا إلى المنظومة القانونية الدولية كاتفاقيات جنيف عام 1949، والصكوك المتعلقة بالنزاعات المسلحة الدولية وغير الدولية، والنظام الأساسي للمحكمة الجنائية الدولية.
الشروق الجزائرية