خبراء يكشفون الهدف الحقيقي للهجوم الحوثي المفاجئ على إسرائيل وما الذي يمكن أن تفعله صواريخ كروز
تاريخ النشر: 5th, November 2023 GMT
قال خبراء إنه من غير المرجح أن تصل الهجمات الجوية التي تشنها الميليشيات المدعومة من إيران إلى إسرائيل في الوقت الحالي، لكن المحللين يشعرون بالقلق بشأن الصواريخ المضادة للسفن وعدم الاستقرار الإقليمي.
ومع استمرار الهجمات الإسرائيلية على غزة بلا هوادة، ومع حصول مقاتلي حماس على دعم مسلح متواضع من حزب الله الذي يتخذ من لبنان مقراً له، تدخل حليف آخر غير متوقع إلى حد ما لمساعدة الجماعة الفلسطينية المسلحة.
يقول زوران كوسوفاتش وهو محلل جيوسياسي وأمني ومراسل حربي ومنتج يغطي الصراعات في أوروبا والشرق الأوسط وشمال أفريقيا: "قبل بضعة أيام فقط، توقعت أن الاعتراض الناجح الذي قامت به البحرية الأمريكية لجميع الصواريخ التي أطلقها الحوثيون باتجاه إسرائيل من شأنه أن يثنيهم عن إهدار القذائف في المستقبل".
يضيف: "وفي يوم الثلاثاء ثبت خطأي عندما أطلق الحوثيون مرة أخرى صواريخ كروز وطائرات بدون طيار على إسرائيل. ولم تكن لديهم فرصة كبيرة لضرب أي شيء: على بعد أكثر من 2000 كيلومتر (1240 ميلاً)، وصلت إسرائيل إلى الحد الأقصى حتى لأطول الصواريخ اليمنية مدى".
اقرأ أيضاً الآن.. أعنف قصف على الإطلاق يشنه الاحتلال الاسرائيلي على المدنيين في قطاع غزة ”فيديو” مناورة عسكرية أخيرة لمليشيا الحوثي على الحدود السعودية قبيل إنهاء الحرب في اليمن رسميا غروندبرغ يلتقي مسؤولين إيرانيين عن ملف مليشيا الحوثي وسط توقعات بانهيار الهدنة مشروع تأليه السرطان على بقية اليمنيين مليشيا الحوثي تكشف عن معركة حاسمة تلوح في الأفق ستحدد مصير الجميع والد أنجلينا جولي يردّ بقوة بعد انتقادها لإسرائيل تصريحات لوزير اسرائيلي دعا فيها لـ”إلقاء قنبلة نووية على قطاع غزة” تثير ضجة كبيرة فرصة جديدة لمليشيا الحوثي لتعزيز أجندتها وجلب المتاعب لليمن (ترجمة خاصة) انهيار وشيك للهدنة بين السعودية ومليشيا الحوثي لأول مرة منذ تسع سنوات.. استئناف رحلات النقل الجماعي بمدينة تعز بعد خطاب ”نصرالله” .. اختفاء أربعة شباب بعد تظاهرهم و تمزيقهم شعارات حزب الله بصنعاء توجيهات حوثية بإزالة أي منشورات انتقاد لنصر الله على خلفية خطابه الأخيروللوصول إلى إسرائيل، يجب على صواريخ الحوثيين أولاً تجنب سفن البحرية الأمريكية التي تقوم بدوريات في المنطقة والتي يمكنها إسقاطها، ثم طرادات الصواريخ البحرية الإسرائيلية المتمركزة في البحر الأحمر. يضيف الخبير الجيوسياسي والأمني، في التقرير الذي نشرته الجزيرة الإنجليزية وترجمه المشهد اليمني .
ويقول إنه من المؤكد أن الحوثيين يدركون القيود المفروضة على أجهزتهم ويعرفون أنه حتى لو تسلل عدد قليل منهم، فلن يتمكنوا إلا من إلحاق أضرار رمزية بأهدافهم الإسرائيلية.
فلماذا يهتمون بذلك؟
الجواب بسيط: بإطلاق صواريخ كروز فإنهم لا يخوضون حرباً عسكرية بل حرباً سياسية. والهدف الحقيقي ليس إسرائيل، بل المملكة العربية السعودية، العدو اللدود للحوثيين. يقول كوسوفاتش.
وبينما كانت غزة تتعرض للهجوم، كان الدعم المسلح الوحيد للفلسطينيين، المحدود والخجول، يأتي من حزب الله، وكيل إيران. بدا إطلاق الحوثيين للصواريخ في 19 أكتوبر/تشرين الأول وكأنه حدث لمرة واحدة. لكن الطلقات المتكررة والأكبر في وقت سابق من هذا الأسبوع، وإن كانت غير فعالة على الإطلاق، من المحتمل أن تشير إلى نمط: مجموعة أخرى مدعومة من إيران تنضم إلى قتال الفلسطينيين.
في هذه الأثناء، قال البيت الأبيض هذا الأسبوع إن “السعوديين أبدوا استعدادهم لمواصلة” العمل نحو التوصل إلى اتفاق تطبيع مع إسرائيل. ولم تؤكد المملكة العربية السعودية ادعاء البيت الأبيض.
ومع ذلك، إذا كان هناك أي حقيقة في بيان البيت الأبيض، فإن إطلاق الحوثيين للصواريخ الأخيرة جعل من الصعب أكثر من أي وقت مضى تحويل هذه الخطة إلى واقع.
في السياق، قالت مجموعة الأزمات الدولية، إن تجدد الصراع الفلسطيني الإسرائيلي يعد فرصة جديدة لمليشيا الحوثي لتعزيز أجندتها وجلب المتاعب لليمن.
وأوضحت المجموعة في أحدث تقرير لها ترجمه "المشهد اليمني "، بأن تجدد الصراع الإسرائيلي الفلسطيني أتاح للحوثيين الفرصة لتعزيز أجندتهم، وتوسيع نطاقهم الشعبي، وتأكيد ارتباطهم بنظرائهم في محور المقاومة، والتي ظهرت كما لو أنها تعكس التنسيق الكامل في العمليات العسكرية، من خلال تصريحاتهم الأخيرة.
وأكدت أن تدخل جماعة الحوثي في الحرب الجارية بغزة سيجلب المتاعب لليمن، وفي نفس الوقت يعزز الجماعة بنقاطا إضافية تسعى للحصول عليها، خاصة مع إعلانها استهداف إسرائيل بهجمات صاروخية، وتوعدها بالمزيد.
وأشارت إلى أن الانخراط الحوثي في الحرب يعني أنهم يقدمون أنفسهم لأول مرة كلاعب خارج منطقتهم الجغرافية المباشرة، ويرغبون في أن ينظر إليهم ليس فقط كمتلقين للدعم من أعضاء محور المقاومة الآخرين، بل كداعم نشط لمساعيهم الإقليمية، إضافة لمحاولتهم التأكيد للجمهور المحلي والدولي على حد سواء أن قوتهم العسكرية آخذة في النمو.
ونوهت بأن فاعلية أسلحة الحوثيين بعيدة المدى لا تزال غير واضحة حتى الآن.
ولفتت إلى أن هجماتهم على إسرائيل لم تصل إلى هدفها، أو تم إحباطها، بما في ذلك صاروخ 19 أكتوبر الذي اعترضته السفينة الأمريكية كارني فوق البحر الأحمر، وقذيفة 31 أكتوبر التي أسقطها الإسرائيليون، وكذلك فشل هجوم بطائرة بدون طيار بالقرب من الحدود الإسرائيلية المصرية في 27 أكتوبر.
ورجحت المجموعة أن يؤدي أي تصعيد إضافي للحوثيين إلى تعريض موقعهم داخل اليمن للخطر، لا سيما على خلفية الهدنة غير المعلنة التي لا تزال هشة والمفاوضات مع المملكة العربية السعودية حول وقف دائم لإطلاق النار، وهو ما قد يؤدي تقريبًا إلى تفاقم الوضع.
وأضافت: "من المؤكد أنها ستنهار إذا شارك الحوثيون في حرب أكبر في المنطقة".
المصدر: المشهد اليمني
إقرأ أيضاً:
جلال كشك.. الذي مات في مناظرة على الهواء مباشرة وهو ينافح عن رسول الله
يقدّم الكاتب والباحث المصري جمال سلطان في هذا المقال، الذي تنشره "عربي21" بالتزامن مع نشره على صفحته في فيسبوك، قراءةً حميمة ومكثّفة في سيرة واحد من أكثر المثقفين العرب إثارة للجدل وحضورا في معارك الوعي خلال النصف الثاني من القرن العشرين: محمد جلال كشك.
فمن خلال استعادة شخصية كشك وتجربته الفكرية وتقلباته وتحولاته وصراعاته، لا يكتب سلطان مجرد شهادة شخصية، بل يعيد تفكيك مشهد ثقافي وسياسي كامل، كانت فيه مصر ـ والعالم العربي ـ تتشكل تحت وطأة الإيديولوجيات الكبرى، والمشاريع السلطوية، وصدامات الهوية، ومحاولات التأريخ والهيمنة على الذاكرة.
تتكشّف في هذه السطور صورة كاتب عركته التجارب، واشتعل بالأسئلة، وامتلك جرأة لا تلين في مواجهة ما اعتبره زيفا أو تزويرا للوعي، حتى آخر لحظة في حياته.
طاقة صحفية وفكرية مذهلة
كنت في شبابي مغرما بالكاتب الراحل الكبير محمد جلال كشك، وما زلت، كان الرجل طاقة صحفية وفكرية مذهلة، ولديه صبر ودأب على القراءة والكتابة بشكل تحار فيه العقول، ويكفي أنه كان يقرأ كتب الراحل الكبير أيضا محمد حسنين هيكل ويجري مقارنات صبورة بين ما يكتبه هيكل في النسخة الانجليزية التي تصدر للتسويق الخارجي وما يكتبه في النسخة العربية ، ليكشف عن تناقضات في الروايتين، وهو جهد صعب للغاية، كما كان كتابه المهم "ودخلت الخيل الأزهر" أهم موسوعة حديثة في تسجيل جرائم الغزو الفرنسي لمصر، والعملاء الذين خدموه في الداخل، والكتاب أثار ضجة في حينه، كما كان كتاباه: كلمتي للمغفلين، وثورة يوليو الأمريكية، من أخطر الكتب التي صدرت عن تجربة ثورة يوليو وعبد الناصر، وهو ما قلب عليه القوميين والناصريين بشدة، وهو كان يبادلهم كراهية بكراهية وله كتابات أخرى في هذه المعارك .
لذلك كانت سعادتي كبيرة عندما قدمتني له الكاتبة الكبيرة صافي ناز كاظم، خاصة عندما قرأ كتابا لي صدر في أول التسعينات الماضية "أزمة الحوار الديني"، وأبدى إعجابه الشديد به، وكان مندهشا أن كاتبا شابا يكتب بتلك اللغة والمعلومات، ودعاني لزيارته في شقته بالزمالك وأكرمني كرما حاتميا مما جعلني أحكي تلك "العزومة" الفاخرة لصافي ناز على سبيل التباهي بأنها أتتني من كاتب كبير في قيمة وقامة جلال كشك، فلما بلغه كلامي وغزلي في العزومة غضب، واعتبر أن "العزومة" وما فيها من أسرار البيوت وأنني بذلك لم أحترم بروتوكل الزيارات، فلم يكررها ثانية، وبصراحة كان محقا في ذلك وقد تعلمت من هذا الموقف فيما بعد، لكني وقتها خسرت الكثير من الحمام المحشي والمشوي وخلافه، رغم أنه ـ رحمه الله ـ لم يكن يأكل إلا قليلا بسبب إصابته بالسكر والكوليسترول وأمراض أخرى اجتمعت عليه .
شهدت أفكار محمد جلال كشك تحولات، مثل تحولات عبد الوهاب المسيري وعادل حسين وطارق البشري وجيل كبير من المثقفين المصريين، بدأ حياته الفكرية والسياسية ماركسيا وكان من مؤسسي الحزب الشيوعي، ثم تركه وتركهم وقدم نقدا عنيفا للماركسية ومنظماتها في الستينيات ونشر سلسلة مقالات أزعجت الاتحاد السوفيتي، حتى ردت عليه صحيفة البرافدا واعتبرت أن وجود جلال كشك في الصحافة المصرية هو إساءة للاتحاد السوفييتي، وكانت علاقات عبد الناصر وقتها قد توثقت بموسكو، فأوقفه عبد الناصر عن الكتابة وعن العمل كلية ثلاث سنوات كاملة، ولم يعد إلا بعد النكسة، فعاد إلى مؤسسة أخبار اليوم، ثم ترك مصر كلها وهاجر، وقضى حقبة من حياته في بيروت في حالة لجوء اختياري بعد مضايقات عصر السادات، حتى كانت الثمانينيات حاسمة في توجهه إلى الفكرة الإسلامية، والانحياز للإسلام كحضارة وهوية للأمة وشرط لنهضتها.
لم يمكث جلال كشك بعدها سوى ثلاثة أشهر فقط، وكان من كرم الله عليه أن مات بأزمة قلبية وهو في مناظرة على الهواء ضد نصر حامد أبو زيد يدافع فيها عن رسول الله في وجه خطابات علمانية وغربية متطرفة، فقبضت روحه وهو على هذه الحال.كان جلال كشك يجمع بين الجدية والصرامة في الكتابة وبين خفة الظل والصراحة في المواجهة، وعندما ابتلي في سنواته الأخيرة بسرطان البروستاتا، كان يتردد على لندن للعلاج والفحص، وفي آخر زيارة طبية، أجرى التحاليل، فقال له الطبيب أن أمامه ما بين ثلاثة أشهر إلى ستة أشهر فقط في الدنيا ثم يموت، ويومها كتب مقالا مؤثرا للغاية في مجلة أكتوبر، وكان لها شأن في تلك الأوقات، كان عنوانه "أنعي لكم نفسي"، وحكى فيه ما جرى وأنه ينتظر الموت خلال ستة أشهر على الأكثر، هي كل ما بقي له من الدنيا، ويودع قراءه، ورغم الحزن والمفاجأة، إلا أنه لم يتخل عن خفة ظله في هذا المقال، فحكى فيه أنه بعد أن تسلم من المستشفى اللندني التحليل الذي يؤكد قرب وفاته، فوجئ باتصال يأتيه من شركة أمريكية متخصصة في "دفن الموتى"، وقالوا له: مستر جلال نحن لدينا تجهيزات راقية للجنازات، ومقابر مميزة وبأسعار مناسبة ويمكن أن نحجز لك مقبرة تسرك!!، وراح في المقال يلعن سلسفيل جدودهم، ولم يمكث جلال كشك بعدها سوى ثلاثة أشهر فقط، وكان من كرم الله عليه أن مات بأزمة قلبية وهو في مناظرة على الهواء ضد نصر حامد أبو زيد يدافع فيها عن رسول الله في وجه خطابات علمانية وغربية متطرفة، فقبضت روحه وهو على هذه الحال.
كان جلال كشك شرسا في معاركه الفكرية، موسوعي الثقافة، قوي الحجة، حاضر الذهن، صاحب جلد وصبر غير عادي على البحث والكتابة، لذلك كان مزعجا جدا لأكثر من تيار فكري ، وبشكل خاص كان مكروها من الأقباط المتطرفين، ومن استصحبوا الوعي الطائفي من المثقفين في كتاباتهم عن تاريخ مصر، ولذلك كان يكرهه بشدة الناقد المعروف لويس عوض وكذلك غالي شكري ، خاصة وأنه في كتابه "ودخلت الخيل الأزهر" كشف عن دور "المعلم يعقوب" والفيلق القبطي الذي شكله للقتال بجوار الجيش الفرنسي الذي احتل مصر، وكان لويس عوض يثني في كتاباته على "المعلم يعقوب" عميل الاحتلال الفرنسي ويعتبره بطلا .
أيضا، يكرهه الناصريون بشدة، لأنه صاحب أهم الكتب التي كشفت عن الدعم الكبير الذي قدمته المخابرات الأمريكية "CIA"، لانقلاب ضباط حركة يوليو 1952 بقيادة جمال عبد الناصر، وكان كتاباه "كلمتي للمغفلين"، و"ثورة يوليو الأمريكية" أشبه بزلزال ضرب الوعي الخرافي الذي سوقته آلة الدعاية الناصرية على مدار عقود، وذلك بسبب ما حواه الكتاب من وثائق وأدلة دامغة على الاتصالات واللقاءات السرية التي كانت تجري بين عبد الناصر وبعض ضباطه وبين السفارة الأمريكية، والترتيبات الأمريكية لدعم وحماية انقلاب الضباط ومنع جيش الاحتلال الانجليزي من التدخل، حيث كان جيشهم يرابط في منطقة القناة، على بعد ساعة واحدة من القاهرة.
أيضا، كان يحظى بكراهية شديدة من محبي الأستاذ محمد حسنين هيكل، ومجاذيبه، لأنه القلم الوحيد الذي جرؤ على إهانة هيكل وإحراجه، بل وإعلان احتقاره وتحديه، في مقالات كثيرة، وفي كتب أيضا، وكشف تناقضاته، كما كشف تمريره لمعلومات غير صحيحة على الإطلاق، وتعتبر تضليلا للرأي العام، وكان له صبر عجيب في تتبع هيكل وإحراجه، ولذلك كان الناصريون وأنصار هيكل أكثر من شنعوا على جلال كشك، وأطلقوا حوله الشائعات والشبهات، ورموه بالاتهامات المرسلة والسخيفة والكاذبة التي يسهل إطلاقها على أي أحد، بدون أي دليل، محض كراهية وبهتان وتصفية مرارات عالقة في النفوس.
تتفق أو تختلف مع جلال كشك ، الذي توفاه الله في العام 1993 ، إلا أنك لا يمكن أن تتجاهل أن الثقافة العربية والصحافة العربية خسرت بموته قلما جبارا، وطاقة لا تكل ولا تمل من إثارة المعارك الفكرية والصحفية التي أحدثت استنارة حقيقية في جيل بكامله من المثقفين المصريين والعرب أراد البعض لهم أن يرسفوا في أغلال الزيف والبهتان، يرحمه الله .