بروفيل| «كـاراس جرجس» أيقونة الوحدة الوطنية
تاريخ النشر: 10th, November 2023 GMT
قــلم رصـاص وأزميل ومنشار وألواح خشب وقطع أرابيسك وبدن فارع الطول منحنى وأنامل خشنة متشققة ووجه طيب، تلك هي أدوات صناعة الوحدة الوطنية البسيطة جدًا والتي ابتكرها «كاراس جرجس ميخائيل» ذلك النجار القبطي البسيط الذي قضى عمره حتي رحيله، في صناعة منابر المساجد لأشقاءه المسلمين.
ذلك المواطن المصري وهو شخص على فطرته وربما لم ينل قسطًا من التعليم؛ حل اللغز الذي تعثر على كثيرين حله .
. بادر بأدواته البسيطة بتقديم حلولا لتلك الإشكالية الصعبة التي استعصى على كثيرين حلها ورحوا يعقدون الحلقات النقاشية في الغرف المغلقة ويديرون المساجلات والمجادلات، ربما يجدوا الإجابة على السؤال وهو كيف تصنع وحدة وطنية في بلد اغترب فيه مواطنيه ؟
وكأن كراس جرجس يجيب أن الحل يكمن أن يبدأ كل شخص بنفسه فكيف تطلب من الآخرين أن يخرجوا القذى الذي في أعينهم وأنت لم تخرج بعد الخشبة التي في عينك؟!.
العم كاراس، لم يكن يرهق نفسه أبدا في استدعاء فصولا من العلاقات الحميمة بين المسلمين والأقباط الموروثة مثلما جرت العادة عندما يتحسر الجانبان على الأيام الفائتة أو عندما يتصافى مسلم وقبطي بعد أى نزاع، هو يرى أننا يمكن أن نشعل شمعة بدلا من أن نلعن الظلام قد يشع نورها ولو كان بصيصا للأجيال نالت قسطا كبيرا من ثقافة الكراهية للآخر وإنكاره ونبذه.
كاراس جرجس، لم يضع وقته منذ 30 عامًا هذا هو تاريخه المجيد في صناعة الوحدة الوطنية التي بدأها بصناعة أول منبر لمسجد أقيم بالجهود الذاتية فتبرع بأجره ليساهم مع المسلم في إقامة ذلك المسجد.
صنع كاراس جرجس، أول منبر منذ أن تعلم مهنة النجارة وهو بلا آية خبرات في صنعة المنابر التي تتطلب حرفية عالية ودقة في تجميع التكوينات الخشبية وخاصة في الأرابيسك الذي يحلى جانبي المنبر وكان عليه أن يتحدى نفسه ويستغل موهبته الفطرية ويوظفها في صناعة أول منبر ليس لينال التقدير المعنوي من المتبرع ببناء المسجد بعد تبرع باجره أنما ليبدأ رسالته الممتدة التي انتهت برحيله.
تلك الرسالة التي كان يلخصها هو ببساطة شديدة في جمل تخرج من فمه بصعوبة ودون أى زخرفة أو مبالغة «صنعة المنابر هي خدمة لربنا الجامع زيه زي الكنيسة» .
وتلك الثقافة الرائعة هي جزء الشخصية المصرية التي نبحث عنها الآن تلك الشخصية ذات الخصوصية التي تتداخل فيها تكوينات مثل الهوية والثقافة الواحدة فالإرث الحضاري والتاريخي المصري بتنوعه كان مبدعًا في إنتاج مواطنين كانوا حتى وقت قريب يشكلون تركيبية شخصية مغايرة عن سكان المنطقة العربية بأثرها ـ رغم اختلاف العقائد ـ من ناحية التسامح الديني وقبول الآخر.
وتلك التركيبة كنّا نراها في عمنا «كاراس» ليس على سبيل مسايرة الأوضاع؛ بل هي قناعات شخصية لا يمكن أن تتبدل يوما لديه تلك القناعات هي ذاتها التي جعلت ذلك النجار القبطي أن يرفع صلاته إلى الله ليعيد إليه ابنه الغائب في المسجد!
نعم في المسجد هناك وأثناء تركيب المنبر بكى العم «كاراس» وأغلق على نفسه الباب وصلى أن يعود ابنه الغائب ونذر نذرا بان يهب الثلث من أجره للمسجد الذي سيوضع فيه المنبر الذي يصنعه له وقد عاد الابن وإلتزم «كاراس» بنذره هكذا يقول ويقنعنا أن المسجد عنده مثل الكنيسة كلها بيوت الله .
صنع كاراس جرجس ميخائيل، مئات المنابر لمئات المساجد في الصعيد وهو لا يستطيع أن يحصى عددها ولكنه يتذكر باعتزاز ذلك المنبر الفخم الذي صنعه لمسجد العارف بالله سيدي عبد الرحيم القناوى بمدينة قنا منذ سنوات والذي استغرق في صناعته 20 يوماً.
ظل الرجل رغم تقدم العمر وانحناء الظهر ومتاعب الحياة، يمارس رسالته، وفى فبراير من العام الماضي 2022، رحل العم كاراس جرجس بعد عمر مديد، صنع خلاله بحرفته المئات من المنابر لمساجد القري فى شمال محافظة قنا وجنوبها، رحل الرجل وقد ترك رسالة تحتاج لمن يفهمها.
المصدر: بوابة الوفد
كلمات دلالية: بروفيل إيقونة الوحدة الوطنية منبر المسجد كاراس
إقرأ أيضاً:
الصناعة المصرية بخير
إن تطور الصناعة في أي بلد في العالم يحقق العديد من الأهداف على رأسها استخدام أحدث تكنولوجيا الإنتاج للحصول على أعلى جودة بما يتفق مع الجودة والمعايير المطلوبة لتحقيق طلبات التصدير إلى الخارج؛ علاوة على طلبات السوق المحلي في ظل تنافس غير عادي في الأسواق الدولية.
ولن تتحقق الجودة المطلوبة للمنافسة الخارجية إلا باستخدام تكنولوجيا إنتاج متقدمة.
على مدار يوم كامل شاهدت أحدث نظم إنتاج صناعة السيراميك والبورسلين في مصر أثناء حضوري افتتاح أحدث مصنع لتصنيع السيراميك والبورسلين في مصر بحضور رجال الصناعة والمال والاستثمار ضمن توسعات إحدى
شركات السيراميك الكبرى بحجم استثمارات تزيد على نصف مليار جنيه.
والذي لاحظه الجميع هو خطوط الإنتاج الحديثة المستخدمة في عملية التصنيع والكوادر الفنية المدربة على التشغيل لهذه التكنولوجيا الحديثة، وهذا يعكس قدرة العمالة المصرية على التعامل مع أحدث تكنولوجيا التصنيع بالتدريب خارج مصر وداخلها من خلال اتفاقيات مع الشركات والهيئات والمؤسسات المختلفة.
وهذا يتيح تطورا ملحوظا في الصناعة المصرية.
فأصبح لدينا المعدات الحديثة
لخطوط الإنتاج والعنصر البشري المتطور بالتدريب والدراسة من خلال الدورات المختلفة.
وأوضح رئيس مجلس إدارة والعضو المنتدب للشركة أهمية افتتاح هذا المصنع الجديد (مصنع 2) للشركة لتغطية الطلب على منتجات الشركة خاصة وأن الشركة تصدر منتجاتها إلى 12 دولة عربية وأجنبية.
وهذا يدل على أن الصناعة المصرية تحقق الجودة المطلوبة في المنافسة بين كبريات الشركات العالمية في الأسواق الخارجية، وهي شهادة اعتماد بأن الصناعة المصرية بخير وتسير على الطريق الصحيح.
بتوطين التكنولوجيا الحديثة في التصنيع؛ ليس فقط في قطاع السيراميك والبورسلين، والتي تحتل مصر أكبر منتج في هذا القطاع في منطقة الشرق الأوسط، بل في قطاعات أخرى في الصناعة مثل صناعة السجاد والموكيت، صناعة الأجهزة المنزلية المختلفة، صناعة البويات، صناعة الحديد والصلب، الصناعات النسيجية والصناعات الغذائية.
وهذا يؤكد على تطبيق توجيهات السيد الرئيس عبد الفتاح السيسي بضرورة توطين التكنولوجيا الحديثة في مختلف الصناعات المصرية لمواكبة الجودة المطلوبة عالميا في التصنيع، وحجز مساحة للمنتجات المصرية في الأسواق الخارجية لمنافسة الصناعات المصرية فيها.
كما أن حضور رجال البنوك والصناعة والاستثمار في افتتاح هذا المصنع يخلق رؤية توافقية بضخ استثمارات واعدة في الصناعات التي تستخدم التكنولوجيا الحديثة في التصنيع والتي تحقق الجودة المطلوبة في الأسواق الخارجية مما يعطي ضمانة واقعية على نجاح هذه المصانع في تحقيق أهدافها والوفاء بما عليها من أقساط للبنوك.
وهذا بدوره يحقق أهدافا كثيرة
في زيادة عدد المصانع في قطاعات صناعية مختلفة وزيادة حجم الاستثمارات وتوفير فرص
عمل حقيقية لآلاف الشباب ذوي
التخصصات المختلفة؛ وكلها مؤشرات تعطينا آمالا كثيرة بأن
الصناعة المصرية تسير على طريق التقدم والازدهار بما تطبقه من معايير الصناعة الحديثة والتي تنافس منتجاتها في الأسواق العالمية.
عضو اتحاد كتاب مصر
[email protected]