بوابة الوفد:
2025-06-26@14:44:41 GMT

بروفيل| «كـاراس جرجس» أيقونة الوحدة الوطنية

تاريخ النشر: 10th, November 2023 GMT

قــلم رصـاص وأزميل ومنشار وألواح خشب وقطع أرابيسك وبدن فارع الطول منحنى وأنامل خشنة متشققة ووجه طيب، تلك هي أدوات صناعة الوحدة الوطنية البسيطة جدًا والتي ابتكرها «كاراس جرجس ميخائيل»  ذلك النجار القبطي البسيط الذي قضى عمره حتي رحيله، في صناعة منابر المساجد لأشقاءه المسلمين.

 

 ذلك المواطن المصري وهو شخص على فطرته وربما لم ينل قسطًا من التعليم؛ حل اللغز الذي تعثر على كثيرين حله .

. بادر بأدواته البسيطة بتقديم حلولا لتلك الإشكالية الصعبة التي استعصى على كثيرين حلها ورحوا يعقدون الحلقات النقاشية في الغرف المغلقة ويديرون المساجلات والمجادلات، ربما يجدوا الإجابة على السؤال وهو كيف تصنع وحدة وطنية في بلد اغترب فيه مواطنيه ؟ 

وكأن كراس جرجس يجيب أن الحل يكمن أن يبدأ كل شخص بنفسه فكيف تطلب من الآخرين أن يخرجوا القذى الذي في أعينهم وأنت لم تخرج بعد الخشبة التي في عينك؟!. 

 

العم كاراس، لم يكن يرهق نفسه أبدا في استدعاء فصولا من العلاقات الحميمة بين المسلمين والأقباط الموروثة مثلما جرت العادة عندما يتحسر الجانبان على الأيام الفائتة أو عندما يتصافى مسلم وقبطي بعد أى نزاع، هو يرى أننا يمكن أن نشعل شمعة بدلا من أن نلعن الظلام قد يشع نورها ولو كان بصيصا للأجيال نالت قسطا كبيرا من ثقافة الكراهية للآخر وإنكاره ونبذه. 

 

 كاراس جرجس،  لم يضع وقته منذ 30 عامًا هذا هو تاريخه المجيد في صناعة الوحدة الوطنية التي بدأها بصناعة أول منبر لمسجد أقيم بالجهود الذاتية فتبرع بأجره ليساهم مع المسلم في إقامة ذلك المسجد. 

 

 صنع كاراس جرجس،  أول منبر منذ أن تعلم مهنة النجارة وهو بلا آية خبرات في صنعة المنابر التي تتطلب حرفية عالية ودقة في تجميع التكوينات الخشبية وخاصة في الأرابيسك الذي يحلى جانبي المنبر وكان عليه أن يتحدى نفسه ويستغل موهبته الفطرية ويوظفها في صناعة أول منبر ليس لينال التقدير المعنوي من المتبرع ببناء المسجد بعد تبرع باجره أنما ليبدأ رسالته الممتدة التي انتهت برحيله. 

 

تلك الرسالة التي كان يلخصها هو ببساطة شديدة في جمل تخرج من فمه بصعوبة ودون أى زخرفة أو مبالغة «صنعة المنابر هي خدمة لربنا الجامع زيه زي الكنيسة» . 

 

 وتلك الثقافة الرائعة هي جزء الشخصية المصرية التي نبحث عنها الآن تلك الشخصية ذات الخصوصية التي تتداخل فيها تكوينات مثل الهوية والثقافة الواحدة فالإرث الحضاري والتاريخي المصري بتنوعه  كان مبدعًا في إنتاج مواطنين كانوا حتى وقت قريب يشكلون تركيبية شخصية مغايرة عن سكان المنطقة العربية بأثرها ـ  رغم اختلاف العقائد ـ من ناحية التسامح الديني وقبول الآخر. 

 

 وتلك التركيبة كنّا نراها في عمنا «كاراس» ليس على سبيل مسايرة الأوضاع؛ بل هي قناعات شخصية لا يمكن أن تتبدل يوما لديه تلك القناعات هي ذاتها التي جعلت ذلك النجار القبطي أن يرفع صلاته إلى الله ليعيد إليه ابنه الغائب في المسجد! 

 

نعم في المسجد هناك وأثناء تركيب المنبر بكى العم «كاراس» وأغلق على نفسه الباب وصلى أن يعود ابنه الغائب ونذر نذرا بان يهب الثلث من أجره للمسجد الذي سيوضع فيه المنبر الذي يصنعه له وقد عاد الابن وإلتزم «كاراس» بنذره هكذا يقول ويقنعنا أن المسجد عنده مثل الكنيسة كلها بيوت الله .

 

 صنع كاراس جرجس ميخائيل،  مئات المنابر لمئات المساجد في الصعيد وهو لا يستطيع أن يحصى عددها ولكنه يتذكر باعتزاز ذلك المنبر الفخم الذي صنعه لمسجد العارف بالله سيدي عبد الرحيم القناوى بمدينة قنا منذ سنوات والذي استغرق في صناعته 20 يوماً.

 

ظل الرجل رغم تقدم العمر وانحناء الظهر ومتاعب الحياة، يمارس رسالته، وفى فبراير من العام الماضي 2022، رحل العم كاراس جرجس بعد عمر مديد، صنع خلاله بحرفته المئات من المنابر لمساجد القري فى شمال محافظة قنا وجنوبها، رحل الرجل وقد ترك رسالة تحتاج لمن يفهمها. 

المصدر: بوابة الوفد

كلمات دلالية: بروفيل إيقونة الوحدة الوطنية منبر المسجد كاراس

إقرأ أيضاً:

ندوة عن «صناعة المحتوى» في بيوت ثقافة الإسماعيلية يوليو المقبل

يستضيف بيت ثقافة الإسماعيلية، صانع المحتوى أحمد حيدر، في ندوة عن أساسيات صناعة المحتوى في مواقع التواصل الاجتماعي، يوليو المقبل.

وذكر أحمد حيدر أن هذا المجال لم يعد مجرّد وسيلة للترفيه، بل تحوّل إلى صناعة قائمة بذاتها تتقاطع فيها التكنولوجيا بالاقتصاد والثقافة والإعلام، وتملك القدرة على التأثير الحقيقي في حياة الأفراد والمجتمعات، سواء من خلال المحتوى أو المبادرات الإنسانية المرتبطة به.

وذكر حيدر أن صناعة المحتوى ازدادت أهميتها وشعبيتها بالتزامن مع ظهور أول هاتف ذكي في العام 2007، وسبقها منصات التواصل الاجتماعي، التي تتالى ظهورها حيث تأسست منصة فيس بوك في العام 2004، إلى أن أصبحت حتى هذه اللحظة أكبر شبكة اجتماعية، ثم انطلقت منصة اليوتيوب في عام 2005 والتي غيرت كل المفاهيم وأتاحت فرصة تأسيس قناة لكل فرد يرغب في ذلك.

وأضاف " تتالت بعد ذلك المنصات والشبكات الأخرى بالظهور مع اختلاف بقوالب المحتوى، فظهر تويتر عام 2006 معتمداً على النصوص القصيرة وأصبح وسيلة مزاحمة للصحف لنقل الأخبار، وفي 2009 انطلق الوتساب الذي أصبح الآن من أكثر المنصات انتشارا حول العالم، وفي عام 2010 ظهر الانستغرام وهي المنصة التي هددت الإعلام وأحدثت ثورة بوسائل الإعلام، وظهر لنا مصطلح صناعة المحتوى من خلالها، وفي عام 2011 ظهر تطبيق السناب شات والذي كانت بدايتي من خلاله".


وأوضح أن "تصويرنا للوطن بشتى أشكاله وأحداثه، مسؤولية كبيرة، لذلك على كل صانع محتوى تحمل هذه المسؤولية على الوجه الأكمل، مع الحفاظ على الطرح المحايد بهدف التحسين والتطوير، حتى لا يتم استغلال ما يقدمه من محتوى بأسلوب مسيء من وسائل إعلام مضللة".

طباعة شارك الإسماعيلية اخبار الاسماعيلية قصر ثقافة الإسماعيلية

مقالات مشابهة

  • الوزير البكري يزور المصلين في المسجد الذي تعرض لاقتحام عناصر الإنتقالي وسط سخط شعبي واسع من الحادثة
  • المغير.. إخراج ثعبان من داخل مكيف هوائي بغرفة نوم
  • دشنا تحتفي برحلة العائلة المقدسة بندوة توعوية عن الوحدة والتراث الديني
  • وفاة أيقونة السينما الإيطالية «ليا ماساري» عن عمر 92 عاما
  • ندوة عن «صناعة المحتوى» في بيوت ثقافة الإسماعيلية يوليو المقبل
  • وسط أزمة مع اليونان.. تعاون ليبي-تركي جديد: “الوطنية للنفط” و”TPAO” التركية توقّعان مذكرة تفاهم للاستكشاف البحري
  • الترجي.. هل تواصل الكرة التونسية صناعة التاريخ بالفوز على تشلسي؟
  • وزير الصحة: مصر الأولى إفريقيا في صناعة الدواء
  • وزارة الصحة تبدأ صرف أول دفعة من «هرمون النمو» للأطفال
  • «خارجية حكومة الوحدة» تدين الهجمات الإيرانية على “قاعدة العيديد” بقطر