مشهد مؤثر ذلك الذي تابعه الملايين عبر الشاشة، وانتشر في مواقع الإنترنت وشبكات التواصل الاجتماعي، وعلى صدر الصفحات الأولى في الجرائد في أعقاب إعلان وقف إطلاق النار في قطاع غزة؛ حيث مئات الآلاف من الفلسطينيين يمشون راجلين عبر شارع الرشيد، أو الطريق الساحلي بجانب شاطئ البحر عائدين إلى شمال غزة؛ حيث كانت منازلهم ودورهم.
ماذا سيكون في انتظارهم؟ تقول البي بي سي: إن كثير من منازل الفلسطينيين في غزة، قد تم تدميرها من قبل
العدو الصهيوني. لن يجد الفلسطينيون إلا الركام والمنزل الذي كان. لكن هذا كاف بالنسبة للبعض منهم خاصة وأنهم لن يتعرضوا للقصف مجددًا، وأن الدول
التي توصّلت لهذا الاتفاق، تضمن ذلك رغم أن بنود الاتفاقية التي رعاها دونالد ترامب لوقف إطلاق النار غير واضحة، ولم يتم نشر كل بنودها وخاصة تلك التي تتعلّق بانسحاب العدو
الصهيوني الكامل من قطاع غزة؛ إذ يبدو أن العدو سيمكث إلى أجل غير مسمى في أجزاء من القطاع ومراقبة الوضع الأمني. ولم يتضح بعد ما إذا كان هناك ضمانات بعدم بدء الحرب من جديد، وما نوع الانتهاكات التي يمكن أن تشعل نار الحرب مرة أخرى. الشيء المعروف عن العدو الصهيوني، أنه لا يمكن الجزم بحسن نواياه فربما يعود من جديد في اختلاق أي مبرر أو تزييف أي سبب للعودة للحرب بعد استلامه للرهائن الاثنين، بحسب خطة ترامب. المشهد الدراماتيكي السابق للفلسطينيين في غزة، وهم يعودون أدراجهم إلى ما تبقّى من آثار منازلهم دليل صارخ على أنهم متمسّكون بالأرض، التي تتكلّم لغتهم، وتتنفّس هواءهم وتحتفظ بهوياتهم وذكريات أجدادهم. ذلك المشهد يكشف أيضاً عن السرّ الدفين الذي جعل أهل غزة يقدّمون هذه التضحيات الكبيرة التي رأيناها خلال حرب مدمّرة استمرت لأكثر من 739 يوماً، شنّها طرف واحد مدجج بالأسلحة المدمّرة التي تستخدم أحدث برامج الذكاء الصناعي والأجهزة الحديثة والمسيرات وأنواع من الأسلحة يتم استخدامها لأول مرة ضد شعب أعزل، في الوقت الذي لم يتحمّل فيه العدو الصهيوني يوما واحداً فقط من الأسلحة التقليدية البسيطة، التي استخدمتها المقاومة الفلسطينية بعد سنوات من الحصار الظالم لقطاع غزة. هذا اليوم الواحد هو السابع من أكتوبر 2023، الذي أصبح السردية الصهيونية الرئيسية في الإعلام الغربي لتبرير هذا الدمار الكامل والقتل العشوائي الذي صنّفته الأمم المتحدة على أنه حرب إبادة جماعية إلى الدرجة، التي أصدرت فيها محكمة الجنايات الدولية مذكرات اعتقال في حق نتن ياهو ووزير دفاعه كمجرمي حرب. هذا السر الكبير الذي رأيناه في ذلك المشهد المهيب هو نفسه الذي عبّر عنه محمود درويش بقصيدته الذائعة الصيت “على هذه الأرض ما يستحق الحياة”. من الواضح أن أولئك الناس الذين كانوا يمشون عبر الطريق الساحلي عائدين إلى منازلهم، التي ربما لن يجدوها في مكانها، هم من تحمّل عواقب هذه الحرب المدمرة التي رغم أنهم لم يختاروا بدايتها أو نهايتها الغامضة، إلا إنهم اختاروا الموقف الأخلاقي المناسب الذي جعل العالم كله يقف احترامًا لهم، وفي صفهم وينافح من أجلهم.
المصدر: صحيفة البلاد
كلمات دلالية:
العدو الصهیونی
إقرأ أيضاً:
العدو الصهيوني يداهم منازل الأسرى في رام الله ويستدعي أهالي من القدس المحتلة
الثورة نت/وكالات داهمت قوات العدو الاسرائيلي، فجر اليوم الاثنين، عدداً من منازل الأسرى الفلسطينيين المنوي الافراج عنهم اليوم، ضمن اتفاق وقف اطلاق النار، في عدة بلدات وقرى بمحافظة رام الله والبيرة. وحسب وكالة الأنباء الفلسطينية (وفا)أفادت مصادر أمنية، بأن قوات العدو داهمت منازل الأسرى في بلدات: عبوين ومزارع النوباني وعارورة، شمال رام الله، وبيت ريما وكفر نعمة ودير ابزيع وعين عريك والنبي صالح، شمال غرب، ونعلي غرباً، ودير جرير وسلواد شرقاً، وحي أم الشرايط ومخيم الأمعري في مدينة البيرة. كما استدعت قوات العدو الإسرائيلي، فجر اليوم الاثنين، عائلات العديد من الأسرى المنوي الإفراج عنهم، ضمن اتفاق وقف اطلاق النار، إلى مركز تحقيق غرب مدينة القدس المحتلة. وفي سياق منفصل، اقتحمت قوات العدو بلدتي الجديرة وبدو شمال غرب القدس، وبلدة كفر عقب شمالاً. وفي رام الله شددت قوات العدو من إجراءاتها العسكرية على حاجزي عين سينيا وعطارة، شمال المدينة، وقامت بالتنكيل بمواطن على حاجز عين سينيا، بعد أن أوقفت عشرات المركبات الداخلة إلى المدينة.