تركوا ديارهم، خرجوا مُهجَّرين قسراً من شمال مدينتهم المحتلة غزة، متجهين إلى مناطق مختلفة فى الجنوب داخل الأراضى الفلسطينية، قطعوا عشرات الكيلومترات سيراً على الأقدام فى هجرتهم الداخلية، سلكوا طريقاً محفوفاً بالمخاطر، مدججاً بدبابات قوات الاحتلال الإسرائيلى، مليئاً بالجثث شمالاً ويميناً، لم تكن رحلتهم إلى مخيم الشابورة جنوب مدينة رفح الفلسطينية سهلة.

رحلة نزوج أهالي غزة إلى الجنوب

مشهد مؤثر التقطته عدسة المصور الفلسطينى بلال خالد لسيدة تسعينية انحنى ظهرها من كثرة تهجيرها، فالسيدة «إنعام السباعى»، البالغة من العمر 90 عاماً، عاشت 3 نكبات «48، 67، و23»، لكن الثابت أن عمرها أكبر من عمر الاحتلال الإسرائيلى، الذى أجبر آلاف الفلسطينيين على النزوح إلى أماكن سماها بـ«الآمنة» لكنها لم تكن هكذا، وتحكى العجوز: «نزحت من غزة عام 48، بسبب المجازر التى يرتكبها جيش الاحتلال فى حق الفلسطينيين العُزل، لكنى احتفظت بمفتاح العودة ورجعت بيتى لكن عشت إحساس النزوح تانى فى 2023».

لم يكن نزوح السيدة وأسرتها سهلاً عليها، قطعت ما يزيد عن 7 كيلومترات سيراً على الأقدام، يُمسك بيدها نجلها تارة وزوجته أخرى: «قوات الاحتلال الإسرائيلى دمرت منزلنا فى شمال غزة، وبعدين نزحنا إلى مستشفى الشفاء وأُجبرنا على النزوح مرة أخرى للجنوب، وإحنا ماشيين كانت الجثث فى كل مكان، لكن هرجع غزة تانى».

نزوح جماعي لأهالي قطاع غزة

انحنى ظهره من كثرة الأحزان، وبعد فقدان ولديه وتدمير منازل أسرته، لم يجد «على جمالة»، البالغ من العمر 82 عاماً، مفراً من النزوح إلى الجنوب، فالرجل الذى فقد جزءاً كبيراً من أسرته نجا بأعجوبة: «مشينا من شارع عشرة بغزة إلى رفح، أكتر من 15 كيلومتراً، بعد ما فقدت اتنين من ولادى من بداية الحرب على غزة، واتخذنا من مستشفى الشفاء ملجأ لنا، قصفوا المشفى فوق روسنا، وما عارف فين باقى ولادى، لكن شُفت ولاد أخوى الـ3 أشلاء قدام عينى، وولاد الحلال طلعونى».

جثث ملقاة على الأرض يميناً ويساراً، وفى المنتصف زجاجات مياه فارغة وملابس متناثرة ربما فقدها أصحابها فى منتصف الرحلة، هكذا وصفت السيدة عيشة عسقلان، المشهد من حولها، والتى اضطرت لترك منزلها بشارع المخابرات وسط مدينة غزة بعد تهديد قوات الاحتلال الإسرائيلى بقصفه: «القصف كان على راسنا، وبقيت لآخر نداء رافضة أترك بيتى، وبعد دقايق من خروجى قصفوا البيت سووه بالأرض، أصبح كومة ركام».

سيدة تضطر للنزوح من غزة 

اضطرت السيدة الخمسينية للنزوح القسرى مع بعض أولادها: «مشينا على الأقدام والطريق كله كان مليان جثث، طلعنا حافيين بالهدمة اللى علينا، رحت لأقاربى لقيت هناك قصف، رحت على مستشفى الشفاء حاولت أركب مالقتش مواصلات مشيت على رجلى 30 كيلومتر وفى نص الطريق حاول شباب جرَّى وعدينا الدبابة اللى كانت بعيدة ومشينا حوالى 7 ساعات لحد ما وصلنا المخيم».

3 أطفال بينهم رضيع، اضطرت مريم وحيدى، لحملهم على ظهرها وذراعيها، والاستراحة فى منتصف الطريق، بعدما هُجِّرت قسراً وتركت منزلها دون معرفة مكان زوجها: «حملت 3 أطفال وطلعت أجرى وضلوا أهالينا ورانا، جوزى ما بعرف عنه شىء، ومشيت بأطفالى أكتر من 10 كيلومتر، ما معى أكل ولا مياه ولا شىء، كنت بقف فى الطريق أدوّر على قطعة خبز أو رشفة مياه لأطفالى».

عربة كارو كانت وسيلة أسرة «أبوسعيد» خلال رحلتهم الشاقة المحفوفة بالمخاطر من غزة إلى خان يونس، تحكى «أم على»: «ركبنا على عربية كارو، لكن الاحتلال ضربوا شاب كان بيجرّنا، عندى جلطات فى رجلى لو وقفت دقيقة واحدة يضربوا عليك، تعرضت للإغماء وشباب فوّقونى وحملونى إلى المخيم».

المصدر: الوطن

كلمات دلالية: نزوح أهالي غزة نازحو غزة حياة نازحي غزة النزوح من غزة الاحتلال الإسرائیلى على الأقدام

إقرأ أيضاً:

نهاية سعيدة لمسلسل درامي.. سوري يمزق خيمة النزوح فرحا بالعودة لمنزله

"وأخيرا تخلصنا من النزوح والتهجير، وهذه البلاد باتت بلا الأسد"، بهذه الكلمات صدح أحد المواطنين السوريين وهو يعتلي خيمة نزوحه، استعدادا لتفكيكها بعد سنوات من التهجير القسري في مخيمات النزوح بالشمال السوري هربا من نظام بشار الأسد.

المشهد المؤثر للمهجّر في أحد مخيمات الشمال السوري انتشر بسرعة على المنصات والمواقع الرقمية، حاصدا آلاف المشاهدات والتعليقات المتعاطفة.

وعبّر معظم الناشطين في تعليقاتهم عن مشاركتهم فرحة المواطن المهجر، "بعد سنوات طويلة من عذاب النزوح داخل الوطن".

ورأى آخرون أن المشهد يعكس مزيجًا من الفرح والحزن، في ظل قسوة التجربة التي مرت بها آلاف العائلات في خيام النزوح شمال سوريا، مؤكدين أن تلك الخيام ستبقى وصمة عار في تاريخ الرئيس المخلوع بشار الأسد، حسب تعبيرهم.

كما أعرب بعض المغردين عن امتنانهم للخيام التي احتضنت آلام الكبار والصغار وكبرياءهم، وتحملت جوعهم وعطشهم وسط برد الشتاء القارس وحرارة الصيف اللاهبة. وأضاف أحدهم "دفعنا لأجل هذه اللحظة كل غالٍ وثمين، وها نحن نعود أخيرا".

الله يسعدهم ويعوضهم بكل خير
هدول الناس يلي تستحق كل سوريا تحكي عن صبرهم ومعاناتهم

— therapist ???? (@psychrana) May 17, 2025

وأعرب كثيرون عن أملهم أن ينجح هذا المهجّر في إعادة بناء منزله الذي دمره النظام، بعد أن اضطر هو وملايين السوريين إلى النزوح أو اللجوء خارج البلاد. وذهب البعض إلى اعتبار الفيديو بداية لنهاية مسلسل الاستبداد وحقبة الدكتاتورية التي رزحت تحتها سوريا أكثر من نصف قرن.

إعلان

وفي هذا السياق، كتب أحد الحسابات على منصة إكس "النازحون هم أكثر من ظلموا ورأوا الويلات، نسأل الله أن يعوضهم خيرا، ونأمل أن تبادر الحكومة إلى دعمهم في المستقبل، حتى يعود كل اللاجئين والنازحين خارج ديارهم إلى الوطن".

بينما علق آخر على منصة فيسبوك قائلا "هذه ثمرة الصبر على الظلم والتهجير، لقد ناضل وثار حتى وصل إلى التحرير، ارفع رأسك عاليا، فأنت سوري حر".

هكذا أحتفى أحد المُهجرين بتفكيك خيمته في أحد مخيمات الشمال السوري، وهو يستعد للعودة لمنطقته التي هُجر منها على يد النظام الأسدي، أعوام من التهجير والنزوح والحياة في الخيمة أنتهت، وحان آوان العودة.

«البلد بلا أسد، يحرق روحك يا أسد»
pic.twitter.com/We9MxdgcZF

— زين العابدين | Zain al-Abidin (@DeirEzzore) May 17, 2025

وفي مشهد يوحي بواقع جديد بعد سقوط النظام، بدت العديد من المخيمات في ريف إدلب الشمالي خالية من ساكنيها، وتحولت إلى مساحات يشوبها الصمت والفراغ، وتشهد على واحدة من أقسى فصول النزوح السوري.

????????????????????والله كأنه نهاية سعيدة لمسلسل درامي
يااارب يعوضهم عن كل سنين القهر والظلم الي عاشوها

— Free Syria ???? (@sosoh1997) May 17, 2025

وأشارت آخر إحصاءات المنظمة الدولية للهجرة التابعة للأمم المتحدة إلى أن نحو 1.87 مليون نازح ولاجئ سوري عادوا إلى ديارهم في الداخل والخارج بعد سقوط نظام بشار الأسد.

كما سجل عدد النازحين في الداخل السوري انخفاضًا طفيفًا في أبريل/نيسان 2025، ليبلغ نحو 6.6 ملايين مقارنة بأكثر من 6.7 ملايين في مارس/آذار من العام نفسه.

مقالات مشابهة

  • في ضربة موجعة لمطارات الاحتلال.. إلغاء 45 رحلة إلى يافا المحتلة “تل أبيب” خلال يوم واحد
  • النجاة المستحيلة في غزة.. النزوح عبء إضافي على المنهكين
  • 19 شهراً على العدوان - القيادة الفلسطينية تعمل على الخروج من الأزمة الكبيرة
  • إلغاء 45 رحلة جوية إلى مطار(بن غوريون) خلال الـ 24 ساعة الماضية
  • غزة تباد.. نزوح واسع من شرق خان يونس بعد أوامر إسرائيل
  • الهجرة المناخية.. أزمة عالمية صامتة متعدد الأبعاد
  • نزوح كبير بعدة مناطق في خان يونس بعد أوامر الإخلاء من جيش الاحتلال
  • فيديو - مع بدء "العملية البرية الواسعة" للجيش الإسرائيلي.. نزوح جماعي من جباليا
  • النائب فايز أبو حرب: مصر كانت ولا تزال داعمة للحق الفلسطيني في كل المحافل الدولية
  • نهاية سعيدة لمسلسل درامي.. سوري يمزق خيمة النزوح فرحا بالعودة لمنزله