فضيحة بوغبا مع مبابي كشفت المستور.. العالم السري للأطباء السحرة بفرنسا
تاريخ النشر: 14th, November 2023 GMT
قال الشيخ عيسى وهو يمسك بقطعة من لحاء الشجر وزجاجة من الدواء الأصفر إن "هناك الكثير من الغيرة في كرة القدم" ولهذا السبب لجأ العديد من محترفيها إلى هذا المعالج الأفريقي في ضواحي باريس بحثاً عن طرق لدرء "العين الشريرة" على حد زعمه وغيرها من الآلام.
وكشفت فضيحة اتهام بول بوغبا نجم المنتخب الفرنسي الفائز بلقب مونديال 2018 بإلقاء تعويذة على زميله في "الديوك" كيليان مبابي، سُلّط الضوء على الدور الذي يلعبه المعالجون الشعبيون أو "المرابطون" بالرياضة الشعبية الأولى في العالم.
وقال الشيخ عيسى الذي قمنا بحذف اسمه بناء على طلبه "هذا ما أستخدمه لعلاج لاعب يتعرض للإصابة في المباريات الكبيرة".
وزعم "المعالج التقليدي" المولود في ساحل العاج أنه قادر على "رؤية الماضي والمستقبل".
وقال القس الإنجيلي جويل تيبو إنه "مع وجود الكثير من الأموال على المحك ومسيرة كروية يمكن أن تنتهي بتدخل واحد يلجأ نخبة الرياضيين بانتظام إلى الأطباء السحرة..".
كل ذلك كان سرياً بعيداً عن أعين العامة، حتى وقع بوغبا -الذي ينحدر والداه من غينيا- ضحية محاولة ابتزاز مزعومة العام الماضي من قبل بعض المقربين منه أبرزهم شقيقه.
وزعم شقيقه الأكبر ماتياس أن بوغبا دفع لطبيب ساحر من أجل إلقاء تعويذة على مبابي، لكن نجم مانشستر يونايتد الإنجليزي السابق ويوفنتوس الإيطالي الحالي والمعالج أخبرا الشرطة أنهما لم يفعلا شيئاً من هذا القبيل.
وقال "المرابط" إن المبالغ الكبيرة التي دفعها له بوغبا كانت من أجل "أعمال خير في أفريقيا".
ومع ميل 3 من كل 10 أشخاص في فرنسا إلى الإيمان بنوع من السحر وفقاً لاستطلاع أجري عام 2020، قامت وكالة الأنباء الفرنسية على مدار العام الماضي بالتحقيق في هذا العالم المغلق مكتشفة كيف أن المعالجين بالإيمان "نصفهم يثيرون الخوف والنصف الآخر محتقرون" وفق ما قال أحد علماء الأنثروبولوجيا (علم الإنسان).
يرتدي الشيخ عيسى سروال الجينز في الشارع لكن عندما يستقبل طالبي العلاج يرتدي زياً أفريقياً طويلاً.
وقال الرجل البالغ 45 عاماً -الذي يدير أيضاً شركة تنظيف- إنه لا يؤمن بالتمائم "بل أؤمن بالقرآن والنباتات" زاعماً أن لحاء الشجر يحمي من "العين الشريرة" أما البذور المطحونة فـ"تجعلك محظوظاً" والجرعات "تضيف لمعاناً" وجاذبية لـ"الساسة والمحامين ورجال الأعمال" الذين قال إنهم يأتون إليه بحثاً عن "المحبة والإعجاب".
وأشار أيضاً إلى وجود علاجات أيضاً من أجل تعزيز "القوّة الجنسية".
وكسب الشيخ عيسى هذه "الهدية" من والدته "التي تقرأ الأصداف" ووالده الإمام، وقد تدرب مع معالجين دينيين غرب أفريقيا حيث يستشير الناس في كثير من الأحيان "المرابطين" وذلك بعد دراسته في مدرسة قرآنية.
وأفاد أن شهرته بدأت عندما "ساعد" أحد السياسيين على أن يصبح وزيراً في الحكومة.
ومعظم زبائن الشيخ -الذي يصر على أنهم يدفعون فقط تكلفة استيراد نباتاته ونفقات سفره- غالباً من الأفارقة وجنوب آسيا، على الرغم من أن بعضهم يأتي من منطقة الكاريبي الفرنسية وفرنسا نفسها.
وقال "الناس لا يتحدثون عندما يأتون للمرة الأولى. عليّ أن أُخَمِّن مشكلتهم" مضيفاً أن البعض يواجه مشاكل في المنزل أو العمل أو يعاني من مشاكل صحية أو يبحث عن "حب حياته".
وبالنسبة لعالم الأنثروبولوجيا جان بيار أوليفييه دي ساردان من المركز الوطني الفرنسي للبحث العلمي، فإن "بعض (المرابطين) يشبهون المعالجين النفسيين.. والبعض الآخر "نصابون" مضيفاً أن بعضهم ينحدر من تقليد صوفي ولديه "ثقافة دينية عميقة ورغبة في المساعدة" لكن آخرين لا يعرفون سوى "بعض سور القرآن ويستخرجون الحد الأقصى من ضحاياهم" من الناحية المادية.
ولا تتدخل الشرطة الفرنسية إلا عندما تكون هناك شكاوى حول الاحتيال أو ممارسة الطب بشكل غير قانوني.
وفي الرياضة حيث الأموال الطائلة تنتشر الخرافات، يمكن أن تخرج الأمور عن السيطرة بسرعة.
ويقول القس تيبو إن "المسيرة الرياضية قصيرة وأقل إصابة" يمكن أن تكون كارثية، وبالتالي يبحث الرياضيون في بعض الأحيان عن المساعدة لأنه "ليس لديهم القوة الداخلية للتغلب على كل شيء" يواجههم.
لكنه أكد أن "ما يفعله هؤلاء المرابطون خطير للغاية".
ويعرف المدرب الفرنسي الأسطوري كلود لوروا الذي تولى الإشراف على 6 منتخبات أفريقية، هذه المشكلة جيداً جداً، حتى أنه تعرض للتهديد ووصم بـ "الساحر الأبيض" لأنه أبعد "المرابطين" عن طواقمه ولاعبيه.
ورأى لوروا أن "بعض اللاعبين يحتاجون إلى التحدث مع المرابطين، وهذا يمكن أن يريحهم، كما أنه بمثابة رابط مع وطنهم".
وعلى الرغم من إصراره على أنه "لا يؤمن ولو لدرجة واحدة" بسلطاتهم، إلا أنه ما زال مضطرباً من حادثة واحدة.
فعام 1997 وبعد مباراة الذهاب الكارثية بالدور التمهيدي الثاني من مسابقة دوري أبطال أوروبا ضد ستيوا بوخارست الروماني والتي خسرها بثلاثية نظيفة، كان على باريس سان جيرمان -حيث كان لوروا لاعباً- الفوز بـ4 أهداف إياباً من أجل التأهل لدور المجموعات.
وفي محاولة يائسة للحصول على أي شيء قد يساعده في تحقيق مبتغاه، دفع النادي "لأحد كبار المرابطين الماليين" مبلغ 500 يورو، وقد "طلب منا صور اللاعبين وأرقامهم، وقبل مباراة الإياب على أرضنا أخبرنا أن اللاعب رقم 18 سيسجل الهدف الرابع في الدقيقة 37".
وفاز سان جرمان 5-0، وسجل صاحب القميص رقم 18 الهدف الرابع بالدقيقة 41.
يقول لاعب كرة القدم العاجي الدولي السابق جيل يابي يابو، بعد تعرّضه للاحتيال وخسارته 200 ألف يورو على يد أحد الأطباء السحرة، إنه دفع لتحقيق وعود المعالج التقليدي جني تلك الثروات 40 ألف يورو، 50 ألفا، ثم 60 ألفا.
ويذكر لاعب الوسط السابق -الذي يشرف حالياً على فريق سويسري من الدرجة الثانية- أنه عندما أصابه الإرهاق المالي من كثرة ما دفعه، قال له الطبيب الساحر "إذا لم يكن لديه المزيد من المال عليه التضحية بابنه. تحليت بالقوّة للقول توقف ولم أعد أزوره بعدها".
ويقول يابو إنه خُدع خلال سنتين ولم يحصد مقابل ذلك "أي شيء إيجابي" وأوضح "عرف (الساحر) كيف يضعني في دوامة وفقدت القدرة على التفكير بصفاء..".
ويختم بأن بعض الأطباء السحرة هدّدوا ضحاياهم "بالثأر.. خشية من الانفصال عنهم".
المصدر: الجزيرة
كلمات دلالية: الشیخ عیسى یمکن أن من أجل
إقرأ أيضاً:
منبر المنامة السري.. قضايا وضحايا
كتب الأستاذ الجامعي د. محمد عبد الحميد
إعادة نشر هذا المقال بعد عام من نشره
كان بإمكان هذا المقال أن يُعمِل أدوات علم التفاوض على مجمل مجريات عمليات التفاوض الجارية لوقف الحرب في السودان تحليلاً وشرحاً، غير أن ذلك قد تبدى مستحيل نظراً لتعقُد وتداخل مسارات التفاوض. وقد لا يكون ذلك مستغرب لأن طبيعة الحرب الدائرة في السودان نفسها لا تخضع لأي معيار علمي في تحليل النزاعات، فهي ليست حرب أهلية بالمعنى المعروف. ولا هي حرب تمرد بالصورة التي عهدها السودان إبان حربي الجنوب ودارفور، كما هي ليست حرب أطراف تدور رحاها في ميدان القتال بعيدا عن موقع المدنيين، كما هي ليست حرب منظمة من حيث التكتيك والإستراتيجيات.. فهي حالة من الفوضى المشبعة بالحقد و المختلطة بأبشع صور التعدي على أطراف ليس لها علاقة بالصراع أو النزاع... وقد حار الكثير من المراقبين في توصيفها، فمنهم من حاول أن يصفها بحرب (الجنرالين) ومنهم من وصفها بالحرب (العبثية) بمن فيهم قائد الجيش نفسه، ومنهم يراها حرب (أهلية قيد التبلور). وما الي ذلك من أوصاف قد لا تعكس ما يدور على الأرض بتوصيف ناجز ومقنع.
بالمقابل فإن تحليل مسارات عمليات الوساطة والتفاوض فيها سيكون مرهق تبعاً لذلك. كما أن مواقف الفاعلين (الوسطاء) نفسها تضيف للإرهاق عسرا، فهناك مبادرة من دول الايقاد والاتحاد الأفريقي لم تتقدم خطوة للأمام. كما أن هناك منبر مفاوضات جدة التي انطلقت برعاية أمريكية - سعودية يمكن أن تُصنّف حسب علم التفاوض بأنها تحمل سمات (المسار الأول Track one) وذلك نسبة لوجود وفدين محددين يتناقشان فيما يطرحه عليهما الوسطاء وفق أجندة محددة، وهي بطبيعتها معلنة في حدود ما يصدر عن الوسطاء من حين لآخر من بيانات عما تم التوافق عليه، غير أنه وبدون مقدمات منطقية إنبثق مسار آخر لا يمكن تصنيفه بأنه يقع ضمن ( المسار الثاني Track two ) ولا هو كذلك مصنف ضمن (المسار المعروف بمسار الواحد ونصف Track 1.5) حسب علم التفاوض. فالمساران الأخيران يشكلان في الغالب الأعم مساران داعمان وممهدان للمسار الأول ويخدمان بإتجاه إثارة الأفكار وتطويرها من قبل فاعلين أكادميين أو ممثلين للمجتمع المدني العريض أو خبراء اختصاصيين في قضايا محددة لا يحملون الصبغة الرسمية، إلا أنهم يساهمون في تسريع الوصول لحل النزاع بأفضل وأيسر السبل.
بينما كانت أنظار المراقبون ترنو لمنبر جدة، فإذا بخبر يعم الإعلام تم تسريبه بشكل مدروس لمنبر آخر "سِري" بمستوى تمثيل رسمي عالي من الطرفين... وبرعاية الرباعية والتي تضم للمفارقة ذات الوسيطين في مفاوضات جدة وهما أمريكا والسعودية مضاف اليهما مصر والإمارات.
هنا تعتلي المشهد معالم الحيرة الكبرى بدرجة ترهق ذهن المتابع كما ترهقه طبيعة الحرب بعدم إمكانية تصنيفها .. فإذا كان منبر جدة واضح المعالم من حيث التصنيف في علم التفاوض، فلا يمكن أن يُصنف منبر التفاوض " السري" في المنامة فهو سري ومعلن في نفس الوقت.. وعال المستوى من حيث التمثيل (الكباشي بوصفه نائب القائد العام للجيش، وعبد الرحيم دقلو قائد ثاني الدعم السريع) ومنبع الحيرة يكمن في أنه لا ينفي وجود منبر آخر أقل منه مستوى وأوضح منه تصنيفاً.. فمنبر المنامة فيما يبدو ليس بديلاً لجدة من ناحية، ولا هو منبر لتطوير الأفكار والآراء لتكون عوناً للمفاوضين في جدة نظراً لمستوى تمثيله. فهو بذلك لا يقع ضمن تصنيف المسار الثاني ولا هو كذلك مسار الواحد ونصف ليتم تحليله من منظور علم التفاوض على أساس محدد ودقيق.. ففيما يبدو أن هذا المنبر مقصود بذاته لذاته بهذه الدرجة من التمثيل العالي لتمهيد ما قد يتمخض عنه أو بشكل أدق لتمهيد ما تمخض عنه فعلياً. ويبدو أن أطرافه وبحكم مواقعها الرسمية مفوضة لإنجاز إتفاق نهائي يكون فيه صيغة مرضية أو مفروضة على الطرفين من قبل رعاة هذا المنبر.. لذلك تميز بأنه منبر تفاوضى غير معهود حسب مسارات التفاوض التي مر ذكرها وبذلك يمكن أن يُصك له مصطلحاً خاصاً به وهو (المسار السريع Fast Track).. كما أنه معني بإيجاد حل قد يكون مكلفاً خاصة للطرف الحكومي (الجيش ومن يواليه من الاسلاميين تحديداً )... فبنظرة عامة لرعاة هذا الإتفاق (أمريكا، مصر، السعودية والإمارات) فإن هنالك ثمة توافق مشترك بينهم في سياساتهم المعلنة والخفية ومشربهم ومزاجهم الفكري، نقطة ارتكازه قائمة على فكرة جوهرية هي إبعاد الاسلاميين من المشهدين الحربي و السياسي في السودان على الأقل في اللحظة الراهنة، وهذا الإبعاد قد لا يتم التوصل إليه من خلال منبر يناقش قضايا فنية في كيفيات وقف الحرب وبناء السلام. فالواضح أن منبر المنامة قد بُني على أرضية فرض حل سياسي يستجيب لرغبة الوسطاء وتصورهم لحل النزاع و وقف الحرب، وهذا التصور قد يقرب الشقة عملياً بين كل الفاعلين بمن فيهم الدعم السريع ولن يكلف الجيش وقيادته الكثير خاصة إذا ما ضمن لهم خروجاً آمناً من المساءلات عن العديد من التجاوزات إبان الثورة وما بعدها.
على عموم الأمر، لن تكون عملية إبعاد الإسلاميين سهلة و رخيصة الثمن. فالإسلاميون قد بنوا حساباتهم ورهان بقائهم ليس فقط على استمرارية الحرب، وإنما على هزيمة قوات الدعم السريع والقضاء عليها قضاءاً مبرماً من خلال العمليات العسكرية، وبذلك صارت الحرب والظفر بها مسألة حياة أو موت بالنسبة لهم. فقد عبأوا كل قدراتهم وامكاناتهم لخوض الحرب، ونجحوا لحد كبير في تصوير الحرب بحدية مفرطة التطرف واستنفروا فيها قدرات اعلامية ومالية وبشرية مهولة، ونسجوا خطاباً ببطانة داخلية سميكة يصور الحرب وأفق السلام بمعيار واحد وحيد هو القضاء على الدعم السريع وقد تجسد ذلك في شعار (بل بس) ساعدهم في ذلك طبيعة الدعم السريع كقوات غير منضبطة. وفقدان السيطرة الميدانية على سلوك محاربيها فضلا عن عدم وجود رؤية سياسية واضحة المعالم لتكييف الحرب والاتكاء على خطاب متناسق ومتزن يمكن أن يجعل لحربهم معنى أو مغزى اضافة لحالات النهب والسلب والترويع وجرائم الحرب الذي وصمت سلوكهم بكل المخازي المرتبطة بالحروب القذرة.
مهما يكن من أمر، فإن منبر التفاوض "المبهم" في المنامة وبحكم مستويات التمثيل فيه و وزن رعاته إقليمياً ودولياً قد عقد العزم على وضع تصور لإنهاء الصراع بكيفية سيكون الخاسر فيه الأكبر الاسلاميين، غير أن ذلك سيكون أمر صعب المنال حيث لن يستسلم الاسلاميون بسهولة لفرض حل هم اقدر من يصوغ المبررات لرفضه على المستوى الوجداني والسياسي، حيث سيعملون على تمرير خطاب عاطفي (يخون) الطرف الحكومي الموقع واستهدافه بل وتصفية الموقعين عليه جسديا إن لزم الأمر وغالبا ما يلزم.. كما أنهم وبحكم سيادة خطاب الغلو والتطرف الذي تشبعت به أجواء الحرب منذ اندلاعها سيراهنون ساعتذاك على شق صف الجيش نفسه بين (خونة و وطنيين) طبقا لما يستلزم حالة فك الخناق من عنقهم واحداث حالة من البلبلة تشكك حتى في رأس الحكم والتي بدأت وقبل فترة وربما تصفيته حتى تضمن عدم اصطفاف مختلف بعد أن رتبوا الملعب لعودتهم عوداً مظفراً بعد الحرب.
د. محمد عبد الحميد
wadrajab222@gmail.com