العُمانية: تعد قرية القشع بولاية الجبل الأخضر بمحافظة الداخلية وجهة مثرية لسياحة المغامرات لما تتمتع به من تضاريس وجيولوجيا استثنائية ذات مناخ معتدل صيفًا وبارد شتاءً.

تقع قرية القشع عند السفح الشرقي لأحد الجبال الشاهقة عند نهاية أحد أطول المدرجات الجبلية من جهتها الغربية أما شمالها فتطل عليها قرية العين، بينما تحدها من الجنوب قرية سلوت ومصيرة الرواجح.

وتتفرد القرية بمدرجاتها الزراعية التي تضم العديد من أشجار الفاكهة كغيرها من قرى الولاية كأشجار الرمان والجوز والخوخ والمشمش، إضافة إلى المحاصيل الزراعية الموسمية كالثوم والبصل وغيرها.

ووضح وليد بن سيف الزكواني، عضو المجلس البلدي في ولاية الجبل الأخضر وأحد الأهالي في القرية لوكالة الأنباء العُمانية أن سبب تسمية القرية بالقشع يرجع إلى انحدار الصخور نحوها من مختلف الاتجاهات، ومن معانيها اللغوية أيضًا انقشاع الغيوم بعد أن تغطي كبد السماء، وهو وصف مجازي يليق بعلاقتها الساحرة بالطبيعة.

وذكر الزكواني أن القرية تشتهر بالكثير من الشواهد والأدلة الأثرية التي تعود إلى بدايات الاستيطان البشري الأول في الجبل الأخضر، حيث تنتشر المقابر القديمة بعدة أشكال واتجاهات غير معتادة، مختلفة عن النمط الإسلامي، ما يُشير إلى أزمنة ما قبل الإسلام، وربما إلى العصر الحجري القديم، وتحجر بعض المدرجات الزراعية بفعل العوامل الجيولوجية والطقس ما يدل على قدمها. كما توجد آثار كهوف سكنية تتضمن مواقد للنار وآثارًا للدخان، ما يعزز فرضية استخدامها البشري كما لا تزال هناك مبانٍ حجرية قديمة فيها وهي بحاجة إلى دراسات أثرية معمقة من قبل الجهات الحكومية المعنية.

وبيّن ارتباط نشأة قرية القشع بالعمق التاريخي والموروث التراثي المتنوع، حيث تضم شواهد تاريخية وعددًا من المساجد منها مسجد البلاد ومسجد الوادي ومسجد الجفرة ومسجد الحجرين، إلى جانب عدد من الأفلاج والعيون المائية والتي تروى بها المزروعات كفلج لعور وفلج الغوج وفلج ازل وفلج الحرف، وعين السمنة وعين السويب وعين شاذان وغيرها.

وأشار عضو المجلس البلدي في ولاية الجبل الأخضر إلى أن حصاد الورد والرمان ومختلف أصناف الفاكهة يتم خلال فصل الصيف مما يجعل الولاية وجهة سياحية للكثير من السياح والزوار، حيث إن هذه المواسم تُضفي على قرية القشع تنوع المنتج السياحي، ويتعرف الزائر عن قرب على آلية تصنيع ماء الورد بشقيه التقليدي والحديث، مؤكدًا على أن زراعة الورد والرمان في القرية تعد ذات جدوى اقتصادية ولها أهمية كبيرة كونها أحد مصادر الدخل للمزارعين.

وقال حمد بن صبيح الزكواني، أحد أهالي قرية القشع لوكالة الأنباء العُمانية: إن القرية تحوّلت في السنوات الأخيرة إلى مزار سياحي بارز حيث يتوافد إليها محبو الطبيعة، خصوصًا في فصل الصيف، لما تتميز به من شلالات ساحرة مثل شلال وادي العين، وشرجة العنبور، وشلال كور أزك والتنوّع الجيولوجي في تكوينات الصخور (متحولة، رسوبية، ونارية)، وكهوف ومغارات فريدة مثل كهف لمبرد، بالإضافة إلى النمو النادر لأشجار استوائية تُعرف محليًّا بـ"السوجر" والتي تنبت على طول وادي العين، وهي ميزة تنفرد بها قرية القشع عن سائر قرى الجبل.

وأكد الزكواني أنه توجد في القرية طرق مهيأة لرياضة المشي الجبلي (الهايكنج)، والتي تمر عبر عدد من الشعاب والأودية والمدرجات الزراعية في مناخ متوسطي معتدل، مشيرًا إلى أنه من أبرز هذه المسارات طريق اللمد وطريق الساب وطريق مسلك المغارات والتي تربط القرية بعدد من القرى المجاورة وكانت تستخدم في تنقل الأهالي قديمًا.

وقال: إن مواسم حصاد الفاكهة في ولاية الجبل الأخضر بشكل عام وقرية القشع بشكل خاص تسهم في جذب السياح والزوار للتعرف من خلالها على المقومات السياحية من خلال سياحة المغامرات والسياحة الطبيعية والتراثية وغيرها.

المصدر: لجريدة عمان

كلمات دلالية: الجبل الأخضر

إقرأ أيضاً:

قصة حُلم معطّل (الأخيرة)

حمد الناصري
   
اتخذت "عزّة " ابنة خال سعيد، حرفة عصر الزعفران وصناعة ماء الورد كحال سائر أهالي الجبل ووادي جرفة، حرفة اتخذوها منذ مئات السنين كما تفتخر عزّة، بأنّ أبوها، حبيب بين عبدالله، ويُكنى بالرّامي، لكونه يمتاز بشجاعة تصويب الهدف، لا يُخطي إذْ رمَى.. ماهر بجودة عالية في القنص.. وحين كان سعيد في القرية، يعمل في محصول خاله عبدالله بن حبيب، وأم سَعيد " مُزنة بنت حبيب " شريكة أخوها في أثمار البُستان والأرض مع خاله حبيب، ويُعرف محلياً بـ المال.؛ فقد ورثا "المال" من أبيهما حبيب الرّامي الذي لا وريث سواهما، حيث أنّ أمهما "نورة " قدا وافتها المنية، وعرّجت روحها إلى ربّها، بعد أيام قليلة من وفاة زوجها.
وكان سَعيد يُعاون "عزة " في المال" ويعمل معها في إدارة معمل عصر الورد والزعفران، وبينهما مودة وإعجاب وقُربى، فضلاً عن أنّ أم سعيد " مزنة بنت حبيب" تشدّه إلى التقارب من ابنة أخيها وتُعزز الارتباط بينهما، فهي ترى أنها خير مثال للزوجة الصالحة، تعمل في عصر الورد والزعفران وتكدح في البُستان.؛
كانت عين سَعيد الحوز امتدّتا إلى ما برزا على صَدر كاترينا وبدا مشدوداً إليها، وفي أعماقه حديث، لماذا تتبدّل نفختهما من يوم لآخر، أم أنّ لهما أوقاتاً حسّية، تكون خاوية الإحساس في أخرى، نظرة بُليَ بها سَعيد الحوز كلما التقتْ عينيه في حسّ مثله.. وما كان له أن يتخذ حسّاً، يشغله عمّا أراده أبيه، ولكن الأشياء من حوله، تُمكّنه أن يتذوّق بما يشعر به، وكُل أؤلئك تقف قُبالته، ولا يستطيع لمسها، فالأشياء لها وجود في قلبه، يُحسّ بها، إثارتها تتماهى، بترابط ينصهر بين شيئين، هما مصدر الإثارة ومصدر الدافع، وقد عزم مرة، في لحظةٍ حسّاسة مع كاترينا وكاد يَفعلها مع ايرين الحكيمة.. سحب نفساً وأخرجه في زفرة واحدة.. وقال: أمي هيَ الأصوب في اختيارها، فـ عزة إبنة خالي تمتلك البُستان ومعمل اللورد والزعفران.

نظر سعيد الحوز إلى أعلى، فإذا هو مشدودٌ إلى جبل عظيم، قرية الجبل بهيّة.. وسِراً همس إلى نفسه : تتميّز قرية الجبل بجمالها الساحر، جمال طبيعي في قلوب ساكنيها لا يُضاهيها سِحر المدينة، قرية حافظت على القيم والتقاليد القديمة بل أنّ قرى الجبل مثالاً للتقاليد الأصيلة ، حافظ أهل الجبل على تقاليدهم وأسلوب حياتهم ، وحافظ أهل قرية وادي نزوة ، على الحِرف التقليدية ، وما جاورها من القرى وما يُحيط بها ، من البُلدان والأحياء كمنظومة اقتصادية وإجتماعية ، فهي تُمثّل جزءاً من الهوية الوطنية ، وتُعزز الروابط المُهمة في مُحيط وادي نزوة ، ولا تزال تلك القِيم باقية في مُحيطها المكاني ، كرمز للماضي الجميل ، وكرمز لتقاليدٍ مُتّزنة ساهمت في خلق هويّة ثقافية وحرفٍ تقليدية ، عزّزت المعرفة بالإرث التقليدي المحلي ، ورِفعةً لـ مجتمع الجبل العظيم.

قال في نفسه: أراني مشدوداً إلى رأي أمي، لاعتبارات كثيرة، منها أنّ "عَزّة" إبنة خالي عبدالله، أقرب الناس إليّ، وربما لها نظرة فيما تعطّل..  كفاني خذلان، خذلتني المشاعر، انطفأتْ شُعلة الشهوة، أهملتني أحلامي، فلم يكن لي غير حُلم مُعطّل.؛ تكفيني مرارة تجربة، مشاعرها في وضْع مُعطّل، تركت أحلاماً قاسية في داخلي وانطفأتْ جذوة ما أحببته، ولم يكن بوسْعي استبدال شهوة أو يخطر ببالي، أن تأتيني مُفاجأة سِرّها صعبٌ جداً وقاسياً، والنيّة الطيبة وحدها لا تكفي، بل تلزمها الأفعال وجُهد ملموس.. نعم ابنة خالي عبدالله ، فتاة رائعة، وقد تمنعها قيمها وعزّتها، وهذا ما أتوقعهُ.. وإني أعلم كثيراً مما يمرّون به، والذين تعطّلت أحلامهم ولم تَعُد أشياءهم يعتدون بها ، يرجون زُلفاً من الوسيلة وقُربة من رضا الذينَ يُخفون الأسْرار ولا يبوحون بها لغيرهم ويكتمون ما عرفوا ولا يَعيبون ما خفي من أسرار مُعطّلة ولا يجهرون بحديث مثلها أبداً، أؤلئك الذين يُؤمنون بقول ربّهم ويفهمون أحوال غيرهم بحسن نيّة، حتى لو كانوا يعلمون.

توقّف فجأة.. وكأنّ شيئاً حدث غير متوقّع.. هزّ رأسه وأردف: تحدثتُ ذات مرة، مع أسماء ابنة خالي عبدالله ، وقد فهمت من قولها، ما يدفعني أن أتمسّك بها.. لا يهمّني في الرجل قوته ولا صلابته ولا نشاطه الخاص، ما يهمّني هو صفاؤه ونقاؤه.؛ وربما ذلك من قول أمي، فاقتنعتْ به، وأنا بـ الطبع، أتفق معها كما اتفقتْ أسْماء مع أمي في صوابها.؛
 سكت بُرهة، سحب نفساً عميقا وأخرجه زفرة واحدة: كل منهما يُريدني لإبنة أخيه.. يجب أن أتوقف عن الرأيين، فأحسن سيرتي مع والديّ، فكلاهما له الحق، ولديه الصواب.. وعَزّة ابنت عمي، لا ارتاح لها كثيراً، تتحدث بلغة أهل العلم والمعرفة وكأنّها أحد فلاسفة الجبل العظيم.. شدّ نظره مرة أخرى إلى كاترينا، وأردف.. من الذي يَترك هذا السّخاء.؛ من الذي يبخل على نفسه ويغمض عينيه عن زينةٍ تُبرز حياء أثِيْنا التاريخية.. وتُخفي أسرار عيون حضارتها العتيقة.. من ذا الذي.. سكت.. حكّ عينيه، شعر بإحمرارهما، وسُخونة بدت تُخرج إفرازات من عينيه.. لكنه أبقاهما مشدودتين فيهما، وكأنه يُناديها.. إقبلي فأنا... توقف كأنما نزعة أخذته.. لن يكون أحداً معي ساعتها.. إذا ما رأيت أخطائي كموج البحر يركمني ويجمع شِدته فوق بعضه، أو يُغرقني إلى ما لا نهاية ... انتباهة شدّته وكأنه يرى شيئاً هُلامياً، فزعَ وخاف وارتبك واهتز.. استحضر آية حكيمة.. استقوى بها، " لا تمدّن عينيك إلى ما متّعنا به .... " ثم أردف، بالصبر نتعلّم.. وبالحزن نفهم.. والتفت إلى كاترينا وقال: الحياة صَبر ومن امتلك الصّبر ملك الحياة.؛ ثم همّ بـ المسير.. لكنه تراجع، لحظة نظرة الحكيمة إيرين، مع حمحمة.. اجلس سعيد.

الليل ظلامه ثقيل، وفي الغرفة جروح ووجع، أجوائها باردة، وفُرشها ساكنة، بالوجع والحزن.. حاولَ سعيد، يُغادر المكان، بأدب ابن القرية العتيقة وماء وادي جرفة.. اسمحي لي سيدتي، لا أستطيع البقاء.. لا مُكث بعدها، وغداً نلتقي..، هزّت رأسها.. كأنها اتفقت مع ما يُبديه من أمر.. ولكنها وفي نفسها ، كشفت عن سِرّ دفين لم يطّلع عليه أحد، فلم تُفلت.. أخذته إلى ركن قصِي.. سَعيد خُذها نصيحة.. لا تُعقّد الأمور، لا تُقدس قول مضى أو تاريخ جانح، لا تتعاظم ولا ترمي حجَراً فقد تحتاج إليه يوماً، لا تنفرد بروحك.. احتوي من يحتويك، قد تَعْتى عليكَ أمورًا، وقد تسهل لك أمورًا أخرى.. فالحياة أحاديث شتى، وفضفضة ومُعانقة واحتضان.؛ هزّ رأسه مُتفقاً، لكنه لم يستسلم كما ذلك الجبل العظيم ذي المُنحدرات الحادّة لا يعرفها غير أهلها، تماثلت، صُورة ملحمة إبنة الرجل الأول "نزوة الحسناء" الذي نزل على أرض سيح "يدم " التي تشرفت باسمه.. ولكن أخلاقه، أذِنت له بالسكون والسّمت والترفّع عن ما يخلّ بها.
استدعت الحكيمة على عجل ميلاد إبراهيم وخولة وسَمر زوجة المدير التنفيذي لأرقى فندق في العاصمة، مدينة الحُلم واليقظة والتهلكة، وملاذ الأجساد الهائمة.. وقالت لـ ميلاد ابراهيم: بتصرّفك هذا، سوف تجرّنا إلى الخيبة.. والتفريط بـ سعيد الحوز.. أي خطأ هُنا، سوف تتحمّله وحدك.. سنقوم بـ الإبلاغ.؛ ولم تزد حرفاً.

شمس النهار تُشرق فرحاً بنجاة سعيد الحوز من وغَى كاد أن يجرهُ إلى تيهٍ لا يعرف مداه.. رفع رأسه ومدّها إلى قُرصها الملتهب، نظرة إجلال وامتنان، وبدتْ الشمس في عينيه بداية تهافتَ إليها قلبه وشغف بها، ابنة خاله عزة بنت عبدالله حبيب الرّامي، وظنّت كاترينا أنه مُتمسّك بها، دسّت مَبلغاً كبيراً، سُرّ به سعيد الحوز، وفرح مُستبشراً بنهاية صفحة المدينة والعودة إلى القرية العتيقة. إلى ما هو أنفع.

مقالات مشابهة

  • منتجع دوسِت D2 نسيم الجبل الأخضر يفتتح ملعب بادل لتعزيز السياحة الرياضية
  • مهرجان صيف تلفريك عجلون ينطلق الجمعة في قلب الطبيعة الأردنية
  • بدء حصاد الرمان من 27 ألف شجرة في الجبل الأخضر
  • أجمل 5 وجهات شهر عسل لمحبي المغامرات والرياضات المائية
  • بورسعيد .. رفع كفاءة مدرسة الفتح لخدمة أبناء القرية
  • بمبادرة من مركز عبدالله بن إدريس الثقافي.. تنطلق غداً ندوة “من القرية للعالم، كيف نعزز هويتنا”
  • برلماني: الاستثمار في المخلفات الزراعية يدعم الاقتصاد الأخضر
  • مزارع عسير.. وجهة سياحية تجمع بين التنوع وجمال الطبيعة
  • قصة حُلم معطّل (الأخيرة)
  • الأفلاج والمدرجات بالجبل الأخضر .. حكاية إبداع وكفاح عماني مع الطبيعة