محمد بن راشد: الإمارات تتبنّى نهج عمل يقوم على الابتكار وتحفيز الإبداع
تاريخ النشر: 15th, November 2023 GMT
دبي – الوطن:
أكد صاحب السمو الشيخ محمد بن راشد آل مكتوم، نائب رئيس الدولة رئيس مجلس الوزراء حاكم دبي، رعاه الله، أن تبنّي دولة الإمارات لنهج عمل يقوم على الابتكار وتحفيز الإبداع، وسعيها المستمر لتطوير بنيتها التشريعية ورفع كفاءة قدراتها التقنية واللوجستية بأسلوب يخدم شركائها ضمن مختلف القطاعات الحيوية لاسيما على الصعيد الاقتصادي والاستثماري، وحرصها على أن تكون النموذج المُحتذى به في تطبيق أعلى مستويات الشفافية، معطيات تضافرت في تعزيز ثقة مجتمع الأعمال العالمي في جدارتها بأن تكون الدولة الشريك والوجهة المفضلة لمؤسساته في المنطقة.
جاء ذلك خلال استقبال سموه، بحضور سمو الشيخ حمدان بن محمد بن راشد آل مكتوم، ولي عهد دبي، وسمو الشيخ مكتوم بن محمد بن راشد آل مكتوم، النائب الأول لحاكم دبي نائب رئيس مجلس الوزراء وزير المالية، وسمو الشيخ أحمد بن محمد بن راشد آل مكتوم، النائب الثاني لحاكم دبي، وسمو الشيخ منصور بن محمد بن راشد آل مكتوم، رئيس مجلس دبي لأمن المنافذ والحدود، القيادات المصرفية العالمية المشاركة في اجتماعات مؤتمر النقد الدولي، وفي مقدمتهم جون دوجان، رئيس مجلس إدارة سيتي جروب، رئيس المؤتمر ، وذلك مع اختتام أعمال المؤتمر التي انطلقت في الحادي عشر من الشهر الجاري في دبي، واستضافها بنك الإمارات دبي الوطني، في أول انعقاد للمؤتمر في المنطقة، حيث تُعقد اجتماعاته سنوياً في إحدى المدن العالمية الكبرى.
ورحّب صاحب السمو الشيخ محمد بن راشد آل مكتوم خلال الاستقبال الذي جرى اليوم (الثلاثاء) في قصر زعبيل بدبي، بالقيادات المصرفية المشاركة في المؤتمر من رؤساء مجالس الإدارة والرؤساء والمديرين التنفيذيين لمجموعة من أكبر وأهم
البنوك والمؤسسات المالية العالمية، مؤكداً سموّه أن دولة الإمارات لا تدخر جهداً في دعم الأفكار والرؤى التي من شأنها المساهمة في دفع عجلة الاقتصاد العالمي واكتشاف فرص جديدة تخدم أهداف التنمية المستدامة حول العالم.
وحول استضافة اجتماعات مؤتمر النقد الدولي في دبي، قال سموه: “دولة الإمارات حريصة على بناء وتوثيق شراكات متينة وفعّالة مع المجتمع المالي تواكب طموحاتها للمستقبل وتسهم في تحفيز الاقتصاد العالمي… البيئة الاستثمارية المستقرة والالتزام بأعلى مستويات الشفافية والأطر التشريعية المرنة والبنية التحتية القوية وتحفيز الابتكار عوامل عززت الثقة في دبي ورسّخت مكانتها بين أهم المراكز المالية العالمية.”
وأشاد سموه بأهداف المؤتمر وأثره كحدث سنوي يجمع قيادات أبرز البنوك حول العالم لمناقشة المسائل الاقتصادية والنقدية المُلِحّة، بما يخدم في تعزيز مستقبل النظام المصرفي الدولي، وقال سموه: “ندعم كافة الجهود والرؤى الرامية إلى بناء نظام اقتصادي عالمي فعّال يمنح شعوب العالم نصيباً متكافئ من تنمية مستدامة تزيد من فرص تقدمها وازدهارها”.
وتطرق اللقاء إلى التقدير الدولي الكبير الذي تحظى به دولة الإمارات بين أهم المراكز المالية والتجارية الرائدة على مستوى العالم، والأهداف التنموية الكبيرة التي تتطلع إليها دبي خلال المرحلة المقبلة والتي تضمّنتها “أجندة دبي الاقتصادية D33” ومن أبرزها جعل دبي ضمن أهم 4 مراكز مالية عالمية خلال السنوات العشر المقبلة، وترسيخ مكانتها المتنامية كوجهة عالمية للمؤسسات المالية وشركات التكنولوجيا المالية وشركات الابتكار العالمية.
وقد أعرب جون دوجان، رئيس مجلس إدارة سيتي جروب العالمية، رئيس مؤتمر النقد الدولي، عن بالغ الشكر والامتنان لما وجده أعضاء المؤتمر من حفاوة الترحيب وحسن الاستقبال في دبي، ولما حظي به المؤتمر من دعم أسهم في إنجاح اجتماعاته، منوهاً بالمكانة المتنامية لدبي ودولة الإمارات بوجه عام في الأوساط المالية العالمية، والتطور الكبير الذي تشهده الدولة في كافة المجالات لاسيما على الأصعدة الاقتصادية والاستثمارية
والتجارية، وما تقدمه دبي من محفّزات وتسهيلات جعلتها مركزاً محورياً للأنشطة المالية والمصرفية ووجهة رئيسية للاستثمار في المنطقة.
حضر اللقاء معالي محمد بن عبدالله القرقاوي، وزير شؤون مجلس الوزراء، ومعالي محمد بن هادي الحسيني، وزير الدولة للشؤون المالية، وسعادة هشام عبدالله القاسم، نائب رئيس مجلس الإدارة والعضو المنتدب لمجموعة بنك الإمارات دبي الوطني، وعدد من كبار المسؤولين.
يُذكر أن “مؤتمر النقد الدولي” هو منظمة خاصة تأسست في العام 1954 ويضم في عضويته، 31 دولة و58 من البنوك الرائدة متعددة الجنسيات وأبرز مؤسسات الخدمات المالية في العالم، ويتم دعوة لفيف من محافظي البنوك المركزية من الدول الممثلة في المؤتمر، وكبار المسؤولين في بعض المنظمات المالية الدولية مثل: البنك الدولي، وصندوق النقد الدولي، وغيرها لحضور الاجتماعات السنوية للمؤتمر.
المصدر: جريدة الوطن
إقرأ أيضاً:
رئيس بنك أوف أميركا بالشرق الأوسط لـ«الاتحاد»: الإمارات تُعيد هندسة حركة تدفّقات رأس المال العالمية
حسام عبدالنبي (أبوظبي)
تُعيد دولة الإمارات تشكيل هيكلية رأس المال العالمي، حيث لا يقتصر دورها على المشاركة في التدفقات الرأسمالية العالمية، وإنما يمتد ليشمل المساهمة في هندسة حركة تلك التدفّقات، بحسب أرشد غفور، رئيس بنك أوف أميركا في منطقة الشرق الأوسط وشمال أفريقيا، الذي أكد لـ«الاتحاد» خلال فعاليات «أسبوع أبوظبي المالي» أن الإمارات تبني الشبكات والمؤسسات والمنظومات المعرفية التي ستُحدِّد معالم الترابط الاقتصادي للسنوات العشر القادمة.
أخبار ذات صلةوقال غفور: إن الإمارات برزت على الصعيد العالمي، كواحدة من أكثر المستثمرين نفوذاً في العالم، مدعومةً بصناديق ثروة سيادية تدير أصولاً قيمتها 3 تريليونات دولار، كما تم تخصيص مبالغ ضخمة لتنفيذ الاستراتيجية الاستثمارية لدولة الإمارات، وفضلاً عن ذلك أعلنت الإمارات والولايات المتحدة في مارس الماضي عن إطار استثماري مشترك بقيمة 1.4 تريليون دولار لمدة 10 سنوات، يشمل مجالات الذكاء الاصطناعي، والتصنيع المتقدم، والبنية التحتية للبيانات، والطاقة النظيفة، معتبراً أن هذا الإعلان يمثّل التزاماً سياديّاً غير مسبوق يعكس عزم الإمارات على تشكيل الجيل القادم من القطاعات العالمية.
وتابع: أن ريادة الإمارات لا تقف عند هذا الحدِّ فحسب، إذ إن الشراكات التقنية التي تبرمها الدولة تلفت أنظار العالم بشكل متزايد، ومنها على سبيل المثال شراكة مجموعة «جي 42» مع «مايكروسوفت» بقيمة 1.5 مليار دولار، والتي تم الإعلان عنها عام 2024 لتسريع اعتماد الذكاء الاصطناعي والبنية التحتية الرقمية، منوهاً بأن هذه الشراكة تؤكد التزام الإمارات بترسيخ مكانتها في قلب شبكات الابتكار المستقبلية العالمية، ونقل هذا الزخم عبر الحدود.
فرصة جوهرية
وفيما يخصُّ «أسبوع أبوظبي المالي» قال غفور: إن استضافة فعاليات أسبوع أبوظبي المالي تأتي في خضمِّ بيئة عالمية معقّدة تحكمها الكفاءة السياسية للدول، غير أن هذا المشهد يكشف عن فرصة جوهرية لمن يستطيع سد فجوة التدفقات العالمية لرأس المال والمواهب والتكنولوجيا.
وأوضح أن قلة من الدول فقط استطاعت أن تظهر مثل هذه القدرة كما فعلت الإمارات، حيث تقف الدولة اليوم عند نقطة التقاء أوروبا وآسيا وأفريقيا، ليس فقط كمركز مصرفي أو تجاري عالمي، وإنما أيضاً كممر لتدفقات رأس المال يربط القارات والاقتصادات، مشدداً على أن دولة الإمارات أصبحت مركزاً مالياً يتم فيه هندسة تدفّقات رأس المال العالمية وليس فقط توجيهها.
ويرى غفور، أن المؤشرات الاقتصادية لدولة الإمارات تشير إلى هذه الحقيقة بكل وضوح، فمن المتوقع أن يرتفع الناتج المحلي الإجمالي الحقيقي لدولة الإمارات في عام 2025 إلى 2.1 تريليون درهم (وفقاً لتقديرات «بنك أوف أميركا»)، بالمقارنة مع 1.8 تريليون درهم في عام 2024، وبنسبة نموٍّ قوية تبلغ 4%.
وأضاف: الأهم من ذلك مساهمة الأنشطة الاقتصادية غير النفطية بأكثر من 75% من هذا الناتج المحلي الإجمالي، وهي النسبة الأعلى في تاريخ الدولة على مر 54 عاماً. وتابع: أن الناتج المحلي الإجمالي غير النفطي شهد نمواً بنحو 5% في العام ذاته، مما يعكس اقتصاداً متنوعاً قائماً على التجارة، والخدمات اللوجستية والتمويل، والخدمات، والصناعة، والابتكار، منبِّهاً أن هذه المكاسب ليست مؤقتة، وإنما هي نتيجة مباشرة لعقود طويلة من التخطيط الاستشرافي والتركيز المتواصل من القيادة الإماراتية الرشيدة.
المصدر الأكبر
ووفقاً لرئيس بنك أوف أميركا في منطقة الشرق الأوسط وشمال أفريقيا، فإن الإمارات تُعتبر أيضاً المصدر الأكبر للاستثمار الأجنبي المباشر في القارة الأفريقية، بنحو 200 مليار دولار، وهو رقم يشهد نمواً متواصلاً، ويخصَّص ثلثه للطاقة الخضراء. وذكر أنه يندرج في هذا الإطار أيضاً العديد من الصفقات الكبرى، ومنها الاستحواذ على شركة «ألايند داتا سنترز» وتحويلها إلى شركة خاصة (بقيمة إجمالية 40 مليار دولار)، كما تضمّنت الصفقات أيضاً استحواذ أدنوك على شركة «كوفيسترو» (بقيمة إجمالية 15 مليار يورو)، وكذلك استحواذ مبادلة كابيتال على شركة «سي آي فايننشال» (بقيمة إجمالية 12 مليار دولار)، مؤكداً أن هذه الصفقات توضّح حجم وعمق رأس المال المرتبط بدولة الإمارات على المستوى الدولي.
ويرى غفور، أن تدفق الاستثمارات الواردة يؤكد أهمية مكانة الإمارات بكل وضوح، فمع استقطاب 45.6 مليار دولار من الاستثمار الأجنبي المباشر في عام 2024، وتحقيقها المرتبة الثانية عالمياً في اجتذاب المشاريع التأسيسية الجديدة، تواصل الإمارات جذب الشركات والمبتكرين والمستثمرين الباحثين عن الاستقرار والتوسع والوصول إلى الأسواق العالمية.
بنية تحتية عالمية المستوى
أشار أرشد غفور إلى أن ما يميز دولة الإمارات هو قدرتها على صياغة رؤية واضحة للمستقبل وتوجيه رأس المال بشكل استراتيجي لبناء أنظمة معرفية وبنية تحتية عالمية المستوى، مدللاً على التفكير الاستشرافي للدولة بتعيين وزير مُخصَّص للذكاء الاصطناعي، توجه صناديق الثروة السيادية والمؤسسات الاستثمارية الكبرى في أبوظبي ودبي، رؤوس الأموال نحو الذكاء الاصطناعي والحوسبة المتقدمة، ومراكز البيانات الضخمة، والتكنولوجيا العميقة، والطاقة المتجددة والهيدروجين الأخضر، والبنية التحتية اللوجستية عالمية المستوى، والتميز في أنظمة الرعاية الصحية والتعليم المتقدم، ومنبهاً في الوقت ذاته أن هذه الاستثمارات تمثّل المحرّكات الأساسية للقدرة التنافسية طويلة الأجل، حيث تظهر أبحاث «بنك أوف أميركا» أن الاقتصادات القادرة على الاستثمار في البنية التحتية المادية والإمكانات الرقمية ورأس المال البشري في آن معاً تحقق نمواً أقوى وأكثر مرونة، ولذا تعتبر الإمارات من الدول القليلة التي تنجح في تطبيق هذا النهج على نطاق واسع، وأصبحت اليوم وجهة مفضلة للمواهب العالمية.
ركيزة أساسية
ورداً على سؤال عن أسواق رأس المال في الإمارات، قال غفور، إن تطور أسواق رأس المال في الإمارات يمثّل ركيزة أساسية أخرى لاستراتيجية الدولة، خاصة أن أبوظبي العالمي، الذي أصبح الآن أكبر مركز مالي دولي في منطقة الشرق الأوسط وشمال أفريقيا، سجّل أكثر من 11100 ترخيص نشط بنهاية النصف الأول من عام 2025، مع ارتفاع الأصول الخاضعة للإدارة بنسبة 42% على أساس سنوي.
وقال: إن هذا النمو يرافق عقد شراكات استراتيجية مع مديري أصول عالميين من بينهم «بلاك روك» و«أبولو»، مما يسهم في توفير السيولة والمعايير العالمية وتعزيز مشاركة المؤسسات، لافتاً إلى أن مركز دبي المالي العالمي يضم حوالي 8500 شركة نشطة، بإجمالي قوى عاملة يتجاوز 50 ألف موظف متخصص يديرون أصولاً تتجاوز قيمتها 1 تريليون دولار، وهكذا انتقلت أسواق رأس المال الإماراتية من دعم النمو المحلي إلى الاندماج الفاعل في الأنظمة المالية العالمية الكبرى.
وحسب غفور، فإن من المزايا التنافسية الحيوية للإمارات أنها أصبحت مركزاً عالمياً للتنقل، حيث تجتذب المواهب من جميع أنحاء العالم بفضل استقرارها وأمنها وانفتاحها، وبنيتها التحتية الفريدة، وجودة الحياة فيها، موضحاً أن التنوع والشمولية فيها ليسا مجرد أهداف طموحة فحسب، وإنّما يشكّلان واقعاً ملموساً يُعزِّز قدرة الدولة على الابتكار، وفي عالم أصبحت فيه المواهب (محركاً للتكنولوجيا) و(التكنولوجيا محركاً لرأس المال) تتمتع الإمارات بقدرة عالية على استقطاب الموارد البشرية، مختتماً بالتأكيد على أنه مع التقاء العالم في أبوظبي هذا الأسبوع، تتجلّى حقيقة واحدة هي أنّ الإمارات لم تَعُدْ تتأثر بتدفقات رأس المال العالمي، بل أصبحت شريكاً فاعلاً في تحديد مساراته.