"أُحبُّكَ يَا أوْكَامَوْتُوْ" فِدائِيٌّ يَابَانيٌّ فِيْ فِلَسْطينَ (岡本 公三)
تاريخ النشر: 15th, November 2023 GMT
عدن ((عدن الغد ))خاص:
قال:" إننِي جُنديٌّ في الجَيشِ الأحمَرِ اليابانيّ أحاربُ مِنْ أجلِ الثَّورةِ العالميَّةِ، أقاتلُ معَ الجبْهةِ الشعبيّة لتحريرِ فلسطينَ، وإذا مِتُّ سأتحوّلُ إلى نَجمٍ في السماءِ"
اِعْتقدَ اليابانيُّ "أوكاموتو" غيرُ المُؤْمنِ أنّهُ سيتَحوّلُ إلى نَجْمٍ في السماءِ؛ إذا مَا مَاتَ وهوَ يدافعُ بسلاحِه عَنْ فَلَسْطين قبلَ أنْ يُعلنَ إسلامَهُ ويتخذَ لهُ "أحمدَ اليابانيّ" مسمّىً دالًا؛ فما الذي يدفعُ نجومَ العالمِ الأحرارَ أن يتدافعوا لنصرةِ فلسطينَ وغزةَ؟!
مُؤمِنينَ بعدالةِ القضيّة الفلسطينيّة وحقّ أهلِها استعادةَ كاملِ أرضِهِم المغتصبة، باتوا يتداعون مِنْ كُلِّ حدَبٍ وصوب "ليناضلوا من أجلِ وطنٍ ليس وطنَهم، مشاركين في معركةٍ ليست معركتَهم، وهكذا نشاهد أيرلنديين وايطاليين وجنوب أمريكيين ويابانيين، ولهم مساهمةٌ عظيمةٌ في الكفاحِ لأجل استعادة الحق الشرعي للفلسطينيين، لإيمانهم بقضيةٍ إنسانيّةٍ، دونَ انتظارِ أي مقابلٍ ماديّ أو معنويّ!
إذَنْ الأمرُ يبدو ليس كما يُصوّرهُ الإعلامُ الصهيوني أو المُتصهين من تسطيحٍ للوقائع والأحداث على أنّها صراعٌ خاص بين الفلسطينيين والصهاينة، ولا بينَ العربِ واليهود أو المسلمين، إنّه صراع عالميٌّ ذو بعدٍ إنساني فطري بين الحق والباطل هكذا يجب أن نَعي ويَعي العالم.
كَادَ "أوكاموتو" أنْ يُقتل في العملية الفدائية التي قام بها ورفاقه في مطار الّلدِّ الإسرائيلي ليحكمَ عليه بالإعدام ولأن الكيان أراد أن يكسبَ ودّ اليابان خُفِّفَ عليه الحكم إلى مؤبدات ثلاثة، ليقضي ربيع عمره في حبس انفراديّ وحشي في الزنزانة الصهيونية مدةً تزيد عن 13 سنة و"قد أفاد بعضُ من عايشوه في الأسر بأنّ صحته العقلية والنفسية آنذاك تدهورت بشكل كبير، واستمرت آثار التعذيب عليه حتى بعد إطلاق سراحه بصفقة تبادل للأسرى بين الجبهة الشعبية لتحرير فلسطين وإسرائيل، عام 1985، ومنذ هذا التاريخ يعيش في مكان مجهول في لبنان خوفًا على حياته، كما أن السلطات اليابانية ما زالت تطالب به لتحاكمه.
َيُخلِّدُ ذكره الشاعر التونسي الفذّ "مختار اللغماني⃰⃰⃰ " بقصيدة في ديوانه (أقسمت على انتصار الشمس) الصادر عام 1978... فيكتب:
أُحبّكَ يَا أوكاموتو
أُحبك يا أخي الإنسان
ولست أخي في الدِّين
ولست بقارئ القرآن
ولست من خيرِ أمّة قد أُخرِجَتْ للنّاس
فحين حبول البركان
تذوب جميع الأجناس..
وتسقط كل الأديان
سقطت كل التيجان..
مات أبطال الروم
ومات أبطال اليونان
ومات عنترة وعلي بن السلطان
مات جميع الأبطال...
ومازال الإنسان
أوكاموتو...
في عام 1947 ولد "أوكاماتو"، لأسرةٍ متوسطةِ الحال، درس علم النبات، وهو يتحدث بطلاقة إلى جانب لغته اليابانية الأمّ، العبرية، والعربية، والصينية، والروسية بطلاقة. انضمَّ في بداية شبابه إلى الجيش الأحمر الياباني، الذي تأسس عام 1971، ويهدف للإطاحة بالحكومة اليابانية والحكم الإمبراطوري لبدء ثورة عالمية؛ حيث آمن أعضاؤها بحرية الإنسان والشعوب، ونفّذوا عددًا من العمليات الفدائية حول العالم، والتي قد تتهم حالياً بأنها كانت عمليات إرهابية.
من هذه العمليات عملية مطار الّلدِّ، التي شارك فيها "كوزو أوكاموتو" عندما كان في عمر 28، حيثُ قام برفقة زميلين له من أعضاء الجيش الأحمر الياباني، وبالتنسيق مع الجبهة الشعبية لتحرير فلسطين، بتنفيذ عملية في مطار الّلدِّ.
ففي تاريخ 30 مايو 1972 وصل كلٌّ من(كوزوأوكاموتو) و(ياسويوكي ياسودا)، و(أوكادابرا تسويوشي)، إلى مطار الّلدّ في تل أبيب، على متن الطيران الفرنسي، وحال نزولهم من الطائرة، توجهوا نحو منطقة الأمتعة، وحصلوا على أمتعتهم ليخرجوا منها أسلحة رشاشة وقنابل يدوية، وبدأوا بإطلاق النار، فنتج عن الهجوم مقتل 26 شخصًا، وإصابة 71 آخرين، أمّا المهاجمون فقد قتل منهم "ياسويوكي ياسودا" أثناء تبادل إطلاق النار، وانتحر تسويوشي بقنبلة يدوية كان يحملها، بينما تمّت إصابة وأسر "كوزو أوكاموتو" أثناء محاولته الفرار من المطار.
⃰ولد الشاعر المختار اللغماني في قرية الزارات (قابس) بتونس، سنة 1952م وتوفي في تونس (العاصمة) وهو لا يزال في نضرة شبابه، تلقى علومه في المدرسة الابتدائية بقرية الزارات (1958 - 1964)، ثم التحق بمدرسة قابس الثانوية، وحصل على شهادة البكالوريا عام 1970، ثم قصد تونس العاصمة، فالتحق بكلية الآداب، قسم اللغة العربية، وتخرج فيها عام 1976. عين أستاذًا بمدينة تستور، وتوفي بعد شهرين من تعيينه. الإنتاج الشعري: - له ديوان مطبوع بعنوان: «أقسمت على انتصار الشمس» - الدار التونسية للنشر - تونس 1978. شاعر قومي مجدِّد قلق، كتب قصيدة التفعيلة، في شعره جدل ينشأ عبر تصارع الأفكار الداخلية، بما يعكس نازع المناجاة، كما أن كثيرًا من قصائده تتعدَّد فيها الأصوات وتتباين مستويات الذات الشاعرة فهي أقرب إلى الحوار. ومجمل شعره يصدر عن وعي يقِظٍ لقضايا الواقع العربي مثل: «الهوية - المصير- الموقف من الآخر»، فضلاً عن اهتمامه بالقضايا السياسية الصريحة مثل القضية الفلسطينية. وإذا كانت قصائده تنطلق من لحظات معيشة آنيًا، فإنها تشتبك بالتاريخ، وتجد فيها شواهد تضيء الحاضر، وتبرِّر نزوعه الثوري، ورغبته الكشف عن معاناة الإنسان العربي تحت أساليب القهر المختلفة، مبشرًا بغدٍ أفضل، قد تكون صريحة، وقد تتوسّل بالرمز، وربما نجد في شعره أصداءً لكبار شعراء الحداثة أمثال صلاح عبدالصبور ونزار قباني.
تحية شكر وتقدير للمفكر النّاقد التونسي مختار المختاري الزاراتي الذي أمدّنا بديوان الشاعر اللغماني وكان أول من أشار الى القصيدة والشاعر في مناسبة سابقة.
مجيب الرحمن الوصابي
المصدر: عدن الغد
إقرأ أيضاً:
ترامب يريد إعادة المصانع لأميركا لكن من سيعمل فيها؟
في وقت تُدفع فيه السياسة الاقتصادية الأميركية مجددا نحو إعادة "عصر الصناعة"، وتُفرض الرسوم الجمركية على الواردات من أجل تشجيع الإنتاج المحلي، تبرز معضلة جوهرية: هل هناك ما يكفي من الأميركيين الراغبين في العمل داخل المصانع؟
وفي تقرير حديث قالت صحيفة وول ستريت جورنال الأميركية إن الرئيس الأميركي دونالد ترامب يواصل تعهداته بإعادة الوظائف الصناعية إلى الداخل، عبر سياسات حمائية صارمة، في مقدمتها الرسوم الجمركية التي تهدف إلى تقليص الاعتماد على الموردين الأجانب.
وقد حققت هذه السياسات بعض النتائج الأولية، حيث لاحظت شركات صغيرة ومتوسطة في أميركا -منها مصنع كويكر سيتي كاستينغز في ولاية أوهايو- زيادة في الطلب، بل وصل الارتفاع إلى 25% لفترة قصيرة بعد إعلان الرسوم، وفقا لما أكده رئيس المصنع ديف لوردي.
نصف مليون وظيفة لا تجد من يشغلهالكن خلف هذا المشهد المتفائل -تضيف الصحيفة- يكمن واقع أكثر تعقيدا، فبحسب وزارة العمل الأميركية، هناك حاليا نحو نصف مليون وظيفة تصنيع شاغرة في البلاد.
وتشير دراسة صادرة عن "الرابطة الوطنية للمصنعين" إلى أن نحو نصف الشركات في القطاع ترى أن التحدي الأكبر أمامها هو توظيف واستبقاء العمال.
يقول أحد العمال في قسم صب المعادن مصنع كويكر سيتي إن كثيرا من أصدقائه يرفضون مجرد التفكير في العمل داخل المصنع: "الناس يرون أن هذا العمل صعب، وربما غير مستقر".
إعلانويبدأ يوم العمل في هذا المصنع في السادسة صباحا، حيث يصطف عمال في أحذية فولاذية لصب الحديد وصقل القوالب في بيئة تتسم بالقسوة والمخاطر.
ويؤكد مدير الموارد البشرية جوزيف كورف أن المصنع رفع الرواتب بنسبة 30% منذ جائحة كوفيد-19، لكن رغم ذلك، "إذا قمنا بتوظيف 20 شخصا، فغالبا ما يبقى منهم اثنان أو 3 فقط، والباقي يستقيل خلال أسابيع أو أشهر".
تشير بيانات "مكتب إحصاءات العمل الأميركي" إلى أن متوسط أجور العاملين في قطاع التصنيع أقل بـ7.8% من متوسط القطاع الخاص، بينما كانت في عام 1980 أعلى بـ3.8%.
ويُعزى هذا الانحدار حسب الصحيفة إلى :
تراجع تأثير النقابات العمالية. ثبات أنظمة الورديات الصارمة. عدم وجود مرونة في جداول العمل.وتقول سوزان هاوسمان الخبيرة الاقتصادية من معهد "أبجون لبحوث التوظيف"، إن جزءا من المشكلة يكمن في الصورة الذهنية السلبية عن المصانع: "الناس يتذكرون ما حدث في التسعينيات وأوائل الألفية، عندما أغلقت المصانع أبوابها وانتقل الإنتاج إلى الخارج، ولا يعتقدون أن هذه الوظائف مستقرة".
أما كارولين لي، رئيسة معهد التصنيع، فتقول: "لا يمكنك بناء مصنع وتتوقع أن يظهر العمال من العدم"، وتضيف أن على الشركات تقديم حوافز جديدة لجذب العمال، تشمل مرونة أكبر في ساعات العمل وجدولة الورديات، وهي ميزة بات يطالب بها العمال الزرق والبيض على حد سواء.
قصص من الداخل.. تعب واستقالاتورصدت الصحيفة تجارب عمال من داخل مصانع للبلاستيك بعضهم عبروا عن افتخارهم وصمودهم، بينما قال آخرون إنهم "لا يحبون العمل الشاق، لأنهم اعتادوا الحصول على الأشياء دون تعب"، وصرح آخرون أيضا بأنهم تركوا العمل بسبب التعب اليومي وقلة الامتيازات.
وتقول الصحيفة إن سياسات ترامب قد تُعيد خطوط الإنتاج إلى الداخل، لكن تبقى معضلة التوظيف والتأهيل والتشغيل قائمة دون حلول جذرية.
إعلانفمن دون تغيير في ثقافة العمل وأجور عادلة وتحسين بيئة العمل، تبقى الوظائف الشاغرة مجرد أرقام على الورق، لا تجد من يشغلها، رغم الحنين السياسي إلى "المجد الصناعي الأميركي"، وفق الصحيفة.
وقالت وول ستريت جورنال، إن التحدي اليوم لا يكمن في إنشاء مصانع، بل في العثور على من يرغب بالعمل فيها، فإعادة الوظائف لا تعني بالضرورة إعادة العمال.