الخطيئة الكبرى التي ارتكبها الفلسطينيون في العقدين الأخيرين ليس في الانقسام والقتال الداخلي فقط، بل في فصل حقيقي جغرافي وسياسي وحتى على صعيد العواطف بين الضفة وغزة، بحيث أصبح لدينا قضيتان، واحدة في الضفة وأخرى في غزة، وأصبح الاحتلال الإسرائيلي يتعامل مع معطيات خاصة وتضاريس سياسية لكل ملف.
غزة أصبحت عنوان القلق العسكري على الاحتلال وأمنه عندما أصبحت معقلا لقوى المقاومة وإن كانت خلال السنوات الأخيرة تتعامل بمنطق الحكومة ومصالح الناس المعيشية، لكنها كانت نصفين؛ الأول حكومة لها مؤسسات خدمية، والثاني تنظيم مسلح، لكن الضفة بقيت جمرا تحت الرماد لأن فيها امتدادا لقوى المقاومة في غزة، لكن تعامل إسرائيل معها كان وفق معادلة أمنية وعسكرية، فقد رسمت للسلطة مسارا أمنيا عبر التنسيق الأمني، ووضعتها في موقف صعب مع الفلسطينيين، لأنها لم تمنحها أي مسار سياسي يعيد الحقوق أو يجعل من السلطة قابلة للتطور سياسيا إلى دولة حتى بمواصفات إسرائيلية.
ورغم إخلاص السلطة الفلسطينية في الالتزام بالتنسيق الأمني إلا أن إسرائيل لم تثق بقدرة السلطة على إنجاز المهمة، ولهذا لم تتوقف الاقتحامات لمخيمات ومدن الضفة، وبقيت الضفة تحت سوط الاقتحامات والاستيطان الذي مزق جغرافيا السلطة ولم تحصل على أي ميزة سياسية، بل إن غزة كانت أكثر حرية رغم الحصار الاقتصادي الذي كان يضعف في بعض المراحل.
ورغم وجود السلطة الفلسطينية في الضفة لكن إسرائيل لا تطمئن إلى الوضع الأمني هناك، وكما هو التفكير الإسرائيلي أمني عسكري، فإنها تتمنى أن ترى سلطة قوية في قمع الفلسطينيين، لكنها تريدها سلطة ضعيفة سياسيا ولا تحمل بذور الدولة وهي معادلة مستحيلة، ولهذا يبقى دائما وضع الضفة قابلا للاشتعال.
أمنيات إسرائيل أن تتخلص من كل الفلسطينيين حتى من هم من عرب 48، وهذا كان ضمن صفقة القرن التي طرحها ترامب عبر فكرة تبادل الجغرافيا والسكان، لأن هذه الطريقة هي التي ستحقق فكرة الدولة اليهودية، أي دولة دينية كل من فيها يهود بلا أي دين آخر.
إسرائيل تتمنى التخلص من غزة بطريقة تختلف عن طريقة شارون الذي انسحب منها وتركها وثبت أنها طريقة غير ناجحة، ومشروعها اليوم عبر العدوان العسكري محاولة للتخلص من السكان أو نصفهم، وتتمنى أن تكون نهاية الحرب إدارة مصرية أو عربية وهو خيار رفضه الأردن ورفضته مصر.
أما الضفة فإنها ستبقى مصدر قلق يومي للاحتلال، لأن احتمالات توسع المقاومة فيها قائمة دائما، وإسرائيل لا تثق بالسلطة وقدراتها، ولهذا فالعين على الضفة إسرائيليا دائمة للبحث عن حل في مساحة تتراوح من التهجير أو حل سياسي يعيد الضفة للأردن بفدرالية أو كونفدرالية إو إلغاء فك الارتباط، أو حل نهائي للقضية بشرط ألا تكون الضفة بذرة دولة فلسطينية حتى لو قبلت السلطة بدولة منزوعة السلاح.
وكما هي الضفة مصدر قلق إسرائيلي فإن تعامل إسرائيل مع ملف الضفة مصدر قلق للأردن، وجزء من العقيدة السياسية للدولة الأردنية رفض كل خيارات إسرائيل السياسية والعسكرية تجاه الضفة والتصدي لها بحزم، وتبني خيار واحد أن تكون الضفة وغزة أرض الدولة الفلسطينية من خلال مسار سياسي.
(الغد الأردنية)
المصدر: عربي21
كلمات دلالية: سياسة اقتصاد رياضة مقالات صحافة أفكار عالم الفن تكنولوجيا صحة تفاعلي سياسة اقتصاد رياضة مقالات صحافة أفكار عالم الفن تكنولوجيا صحة تفاعلي مقالات كاريكاتير بورتريه الفلسطينيون غزة الاحتلال فلسطين غزة الاحتلال طوفان الاقصي مقالات مقالات مقالات سياسة صحافة سياسة مقالات سياسة سياسة سياسة سياسة سياسة سياسة سياسة اقتصاد رياضة صحافة أفكار عالم الفن تكنولوجيا صحة
إقرأ أيضاً:
محمد مصطفى: الضفة تتعرض لمخطط ممنهج من الاحتلال لاقتلاع الفلسطينيين
قال الدكتور محمد مصطفى، رئيس الوزراء الفلسطيني، إن ما يحدث في الضفة الغربية، لا يقل خطرًا عن ما يجري في قطاع غزة، مؤكدًا أن الاحتلال الإسرائيلي ينفذ خطة ممنهجة هدفها "إلغاء الوجود الفلسطيني على الأرض".
وأضاف، خلال لقاء صحفي على هامش القمة العربية في بغداد،: "العدوان على الضفة الغربية ومخيماتها هو امتداد للهجمة الكبرى التي تستهدف الشعب الفلسطيني في كل أماكن تواجده".
وفي سياق آخر، أشار مصطفى، خلال مقابلة خاصة مع الإعلامي أحمد أبوزيد على قناة القاهرة الإخبارية، إلى أن الاحتلال ينتهج سياسة توسعية عبر الاستيطان والاقتحامات اليومية للمخيمات، مما يخلق واقعًا ديموغرافيًا جديدًا يحاول من خلاله فرض وقائع على الأرض تقوّض أي إمكانية لقيام دولة فلسطينية مستقلة.
وأضاف: "نحن نحارب هذا التمدد بالثبات على الأرض، وبالعمل السياسي والدبلوماسي والقانوني".
وحول الدور الحكومي في دعم السكان؛ أوضح مصطفى أن السلطة الفلسطينية اتخذت خطوات مباشرة لتعزيز صمود المواطنين، مشيرًا إلى عقد اجتماعين لمجلس الوزراء في جنين وطولكرم خلال أسبوعين فقط؛ للاستماع إلى مطالب الأهالي، واتخاذ قرارات عملية لدعمهم.
وأكد أن الحكومة الفلسطينية بصدد إطلاق برامج إغاثية وتنموية عاجلة للمناطق الأكثر تضررًا، رغم الظروف الاقتصادية الصعبة والحصار المالي المفروض من الاحتلال، والذي يشمل اقتطاعات غير قانونية من أموال الضرائب الفلسطينية.
وختم رئيس الوزراء الفلسطيني، بالقول: "رغم شراسة العدوان؛ إلا أن الشعب الفلسطيني أثبت صموده، ورفضه للنكبة مجددًا، وأن هذه الأرض لن تُفرّغ من أهلها، ولن تكون نكبة جديدة، لأن شعبنا متجذر ومستعد للتضحية من أجل حريته واستقلاله، وهذا ما تؤكده كل مرحلة نضالية نمر بها".