أفادت خبيرة في البيئة أن اليمن يعدّ من أكثر الدول الفقيرة التي تعاني من آثار ظاهرة الاحتباس الحراري بينما هو لم يتسبب في هذه المشكلة، والذي يشبه في هذا جيرانه في القرن الأفريقي، وتشمل أزمته البيئية ندرة المياه التي تشكل التهديد الأكبر للحياة فيه بالإضافة إلى عدد من المشاكل الأخرى.

 

وقالت هيلين لاكنر، وهي خبيرة في شؤون اليمن وتعمل مستشارة مستقلة للتنمية الريفية وزميلة زائرة في المجلس الأوروبي للعلاقات الخارجية -في تصريحات نقلها موقع "عرب دايجست"- إن المشاكل البيئية سببها الاحتباس الحراري التي تعد مساهمة اليمن فيها شبه منعدمة، وبعضها الآخر سببه البشر.

 

وذكرت أن البيئة اليمنية تواجه تحديات بسبب ظاهرة الاحتباس الحراري. وتدهور الوضع البيئي أكثر بعد ثماني سنوات من الحرب الأهلية. ولا يبدو أن مؤتمر الأمم المتحدة المعني بتغير المناخ (كوب 28) سيقدم حلولا حقيقية لأزمة بلد يواجه كارثة بيئية.

 

ولفتت إلى أن "المشاكل البيئية العديدة التي تواجهها البلاد لا ترتبط بتغير المناخ مباشرة، لكنها تتطلب التحرك البشري للتخفيف من حدتها".

 

وقالت "بعد أكثر من 8 سنوات من القتال تنتشر كميات كبيرة من المواد الكيمياوية ومخلفات الحرب الأخرى، مثل الذخائر المتفجرة وغير المتفجرة على الأرض بما في ذلك الألغام والقنابل وقذائف المدفعية التي تنشر الملوثات الكيمياوية في جميع أنحاء اليمن.

 

وأشار لاكنر إلى أنها تمنع استخدامات الأراضي الزراعية في بلد تعد فيه أقل من 3 في المئة من مساحته فقط صالحة للزراعة ويعيش 70 في المئة من سكانه في المناطق الريفية. وتقتل هذه المخلفات وتشوه الرعاة وغيرهم من المدنيين بمن في ذلك الأطفال.

 

وأوضحت أن التربة والمياه يتلوثان بالآثار الجانبية الهيدروكربونية في مواقع الإنتاج، بالإضافة إلى البترول والنفايات الأخرى الناتجة عن استخدام المركبات وصيانتها.

 

وذكرت أن النفايات الصلبة التي تخلّفها المنتجات الصناعية الحديثة أصبحت تلوث الأرض والهواء. وتشمل البلاستيك والعلب وغير ذلك من المنتجات غير القابلة للتحلل في مجتمع اليمن الاستهلاكي. وتسبب النفايات الصلبة والسائلة في بروز مخاطر صحية خطيرة تمسّ أعدادا متزايدة من السكان في البلاد.

 

وتطرقت إلى أن التنوع البيولوجي يعاني بسبب إزالة الغابات (للوقود والبناء) والرعي الجائر والتصحر نتيجة الرياح والجفاف.

 

وتابعت "الأنواع المحلية تتضرر بالأنواع الغازية مثل البروسوبيس جوليفلورا التي غُرست في البداية لمكافحة التصحر وأصبحت تعرقل مجاري المياه. وتواصل اصطياد الحيوانات البرية في اليمن حتى أوشكت على الانقراض. ويرجع ذلك إلى الفقر وارتفاع أسعار الحيوانات مثل الأرْخ والنمور والفهود.

 

وأردفت البيئة الساحلية تتأثر بسبب ظاهرة الانجراف وتراجع أشجار المانغروف وفقدان الشعاب المرجانية وبطء عملية ارتفاع منسوب سطح البحر.

 

كما لفتت إلى أن الصيد الجائر الوطني والدولي للعديد من الأنواع البحرية المهددة بالانقراض يتواصل مع غياب إنفاذ اللوائح الدولية والوطنية. وتطلق السفن النفايات السائلة الملوثة بالقرب من السواحل، مما يزيد من تدهور الوضع.

 

وعن البيئة الساحلية قالت لاكنر إنها تتآكل بسبب ظاهرة الانجراف وتراجع أشجار المانغروف وفقدان الشعاب المرجانية وبطء عملية ارتفاع منسوب سطح البحر

 

وقالت إن السنوات الأخيرة قد شهدت تسارع الظواهر الجوية المتطرفة واشتدادها، وتشمل الأعاصير والجفاف؛ فقد تعرضت البلاد في عام 2015 لإعصارين في غضون أسبوع، واثنين آخرين في 2018 وواحد في 2023. وأصبحت الفيضانات المدمرة الناتجة عن الأمطار الغزيرة أكثر تواترا وانتشارا وتتخللها حالات الجفاف.

 

وأوضحت أن السيل الجفاف، لا يعوض لأن الأمطار الغزيرة لا تغذي طبقات المياه الجوفية، بل تغسل التربة وتلحق الضرر بضفاف الأودية. ويدمر هذا مدرجات المنحدرات التي تحافظ على حياة سكان الريف، بالإضافة إلى تشكيلها مناظر طبيعية جميلة.

 

واستطردت لئن كان بعض هذه المشاكل راجعا إلى ظاهرة الاحتباس الحراري التي تعد مساهمة اليمن فيها شبه منعدمة (تشكل انبعاثاتها من ثاني أكسيد الكربون 0.07 في المئة من انبعاثات العالم)، فإن بعضها الآخر ناتج عن العمل البشري.

 

واستدركت "يمكن اعتبار الإهمال السياسي لهذه القضايا إجراميا لأن المشاكل البيئية مسؤولة عن العديد من الوفيات. ويكون بعضها بشكل مباشر كالفيضانات المفاجئة والبعض الآخر بسبب عوامل غير مباشرة مثل سوء التغذية والفقر الناتج عن الجفاف".

 

وقالا إن السلطات خلال العقود الماضية اتفقت على سياسات لمعالجة بعض القضايا البيئية دون تنفيذها بينما تدهور الوضع قبل الحرب ولا يزال يتدهور الآن.

 

كما أشارت إلى أن الفصائل المتنازعة، التي تسيطر على أجزاء مختلفة من البلاد المجزأة، تتجاهل المشاكل رغم إلحاحها، وأصبحت ملحوظة إلى درجة أن المواطنين صاروا واعين ويطالبون باتخاذ إجراءات للتخفيف منها والتكيف معها.

 

وترى لاكنر أنه يجب اتخاذ إجراءات فورية. أولا: تعتبر إدارة المياه الفعالة أمرا ضروريا لتمكين اليمنيين من مواصلة العيش في البلاد، وهذا ما يتطلب إنفاذ اللوائح لتحديد أولويات الاحتياجات المنزلية البشرية والحد من ري الآبار العميقة للمحاصيل التي تتطلب كميات كبيرة من المياه، وتنظيم إدارة المورد على مستوى مستجمعاته.

 

وتضيف أنه يجب اتخاذ إجراءات وقائية لحماية المدن الساحلية ومجتمعات الصيادين من ارتفاع منسوب مياه البحر وإنشاء أنظمة إنذار مبكر لتحذير السكان من العواصف القادمة وغيرها من التهديدات المرتبطة بالطقس. كما يجب إعداد التدابير قبل وقوع مثل هذه الأحداث لمساعدة المتضررين على التأقلم واستعادة سبل عيشهم.

 

وقالت "لا بد من السيطرة على التلوث الناجم عن النفط لمنع تسمم إمدادات المياه الصالحة للشرب والتربة الزراعية. وتعد تدابير مكافحة التصحر ضرورية (رغم وجوب أخذ الآثار الجانبية السلبية المحتملة في الاعتبار، كإدخال نبات البروسوبيس جوليفلورا الذي استقر في بعض الكثبان الرملية وأصبح يسبب أضرارا كبيرة لأحواض الوديان ويخنق النباتات الأخرى في جميع أنحاء البلاد، وبالتالي يسبب ضررا أكثر من الفوائد). وتتوجب حماية المناطق والأنواع “المحمية” عبر مزيج من الإنفاذ والتوعية، بالإضافة إلى الحد من الفقر".

 

تتابع "تبقى التوقعات حول مؤتمر الأمم المتحدة المعني بتغير المناخ (كوب 28) المزمع عقده في دبي منخفضة. ويشير سجل هذا النوع من المؤتمرات والتراجع الحالي عن تخفيف آثار تغير المناخ في العديد من الدول المتقدمة إلى أن الأمر لن يتجاوز التصريحات الرمزية".

 

وذكرت ان العالم في 2009 تعهد بتقديم 100 مليار دولار سنويا لمساعدة البلدان الفقيرة على التخفيف من آثار تغير المناخ، لكن هذا لم يحدث. وإذا لم يتقرر اتخاذ إجراءات جادة في مختلف أنحاء العالم للحد من انبعاثات الكربون، فسيتسارع الانحباس الحراري العالمي والكوارث المصاحبة.

 

وقالت إن رئيس وزراء المملكة المتحدة السابق غوردون براون  اقترح أن "فرض ضريبة عالمية غير متوقعة بقيمة 25 مليار دولار على أرباح النفط والغاز، تدفعها أغنى الدول النفطية، لن يتجاوز 3 في المئة فقط من عائدات التصدير لهؤلاء المنتجين الرئيسيين".

 

ولفتت إلى أن صناعة النفط والغاز في العام الماضي جمعت حوالي 4 تريليونات دولار على مستوى العالم. وهي تمثل واحدة من أكبر عمليات إعادة توزيع الثروة من فقراء العالم إلى أغنى الدول النفطية.

 

وختمت لاكنر  حدثها بالقول "قد يأمل اليمنيون، مثل غيرهم من سكان العالم، في اعتماد هذا الاقتراح، وأن يحصلوا على الدعم الذي يحتاجونه للحد من معاناتهم".


المصدر: الموقع بوست

كلمات دلالية: اليمن البيئة الاحتباس الحراري اقتصاد الازمة اليمنية الاحتباس الحراری بالإضافة إلى فی المئة إلى أن

إقرأ أيضاً:

وزير المياه والبيئة يبحث مع وفد البنك الدولي مشاريع تعزيز قدرات قطاع المياه في اليمن

انضم إلى قناتنا على واتساب

شمسان بوست / المركز الإعلامي للوزارة

بحث وزير المياه والبيئة، المهندس توفيق الشرجبي، اليوم، في العاصمة المؤقتة عدن، مع وفد البنك الدولي، المشاريع المقترحة لتعزيز قدرات قطاع المياه في اليمن، وتحسين البنية التحتية والخدمات المقدمة للمواطنين.

وتناول اللقاء بحضور نائب وزير المياه والبيئة مجاهد بن عفرار، مشروع الإدارة المتكاملة والإنذار المبكر، الهادف إلى تعزيز الجاهزية والاستجابة للتغيرات المناخية والظواهر البيئية الطارئة، إلى جانب مشروع البنية التحتية الذي يشمل إعادة تأهيل شبكات المياه والصرف الصحي، وتحسين الكفاءة التشغيلية لمنشآت القطاع في عدد من المحافظات.

كما ناقش الجانبان، مشروع تحلية المياه، وأهمية التوسع في تقنيات التحلية المستدامة كمصدر بديل لتغطية العجز المائي، خاصة في المناطق الساحلية ذات الشحة الشديدة في الموارد المائية.

وتم تقديم عرضاً تفصيلياً حول أزمة المياه الخانقة التي تواجهها محافظة تعز، استعرض فيه التحديات المتراكمة في الحوض المائي للمدينة، والأسباب التي فاقمت الأزمة خلال السنوات الأخيرة، نتيجة الضغط السكاني وتراجع مصادر التمويل، وتعثر بعض المشاريع الحيوية.

وأكد وزير المياه والبيئة، على أهمية الشراكة مع البنك الدولي في دعم مشاريع استراتيجية تُسهم في تحسين خدمات المياه والبيئة.. مشيراً إلى أن الوزارة تولي أولوية قصوى للمشاريع المتكاملة والمستدامة التي تُعزز الصمود المؤسسي وتخدم المناطق الأكثر تضرراً، خاصة في ظل التحديات الاقتصادية والإنسانية الراهنة.

وأوضح الشرجبي، أن اللقاء مثّل فرصة مهمة لمناقشة الاحتياجات الوطنية العاجلة في قطاع المياه.. مشدداً على أهمية تسريع وتيرة التنسيق الفني لإنجاز الدراسات اللازمة والانتقال إلى مرحلة التنفيذ الفعلي في أقرب وقت ممكن.

من جانبه، أكد وفد البنك الدولي حرص المؤسسة الدولية على تعزيز التعاون مع الحكومة اليمنية ووزارة المياه والبيئة.. مشيراً إلى أن البنك ينظر إلى قطاع المياه كأحد القطاعات الحيوية ذات الأولوية القصوى في خطط الدعم والتعافي.

ونوّه الوفد بالجهود التي تبذلها الوزارة رغم الظروف الاستثنائية..مؤكداً استعداد البنك تقديم الدعم الفني والتمويلي للمشاريع ذات الأثر المباشر والمستدام، وخصوصاً في مجالات إدارة الموارد المائية، والتحلية، وبناء أنظمة الإنذار المبكر.

مقالات مشابهة

  • مجلة بريطانية تسلط الضوء على حضرموت.. الجانب الآخر من اليمن البعيد عن صخب الحرب والحوثيين (ترجمة خاصة)
  • جريمة التجويع في غزة .. كارثة إنسانية بصمت العالم
  • خبيرة دولية: استغلال الدين سياسياً يؤجج الصراعات بدلاً من حلها
  • المجلس النرويجي: شح المياه يضع اليمن على شفا كارثة إنسانية جديدة
  • احنا عندنا حرب ملعلعه.. جدل في اليمن بعد نيل وزير الدفاع درجة الدكتوراة في "الحروب الصامتة"
  • «المواصفات» تسلط الضوء على أهمية مؤشر المطابقة في سلامة المنتجات
  • هيئة شباب اليمن تستقبل وفد اتحاد الطلاب اليمنيين في الأزهر وتبحث أفق التعاون المشترك
  • الأربعاء القادم..مياه الشرب ببني سويف: ضعف وقطع المياه عن المناطق التي تغذيها محطة أشمنت
  • كارثة عطش تهدد الضفة.. الاحتلال يسيطر على 84% من المياه الفلسطينية
  • وزير المياه والبيئة يبحث مع وفد البنك الدولي مشاريع تعزيز قدرات قطاع المياه في اليمن