خبيرة دولية تسلط الضوء على كارثة اليمن البيئية التي تزيد أوضاع اليمنيين سوءا على سوء
تاريخ النشر: 22nd, November 2023 GMT
أفادت خبيرة في البيئة أن اليمن يعدّ من أكثر الدول الفقيرة التي تعاني من آثار ظاهرة الاحتباس الحراري بينما هو لم يتسبب في هذه المشكلة، والذي يشبه في هذا جيرانه في القرن الأفريقي، وتشمل أزمته البيئية ندرة المياه التي تشكل التهديد الأكبر للحياة فيه بالإضافة إلى عدد من المشاكل الأخرى.
وقالت هيلين لاكنر، وهي خبيرة في شؤون اليمن وتعمل مستشارة مستقلة للتنمية الريفية وزميلة زائرة في المجلس الأوروبي للعلاقات الخارجية -في تصريحات نقلها موقع "عرب دايجست"- إن المشاكل البيئية سببها الاحتباس الحراري التي تعد مساهمة اليمن فيها شبه منعدمة، وبعضها الآخر سببه البشر.
وذكرت أن البيئة اليمنية تواجه تحديات بسبب ظاهرة الاحتباس الحراري. وتدهور الوضع البيئي أكثر بعد ثماني سنوات من الحرب الأهلية. ولا يبدو أن مؤتمر الأمم المتحدة المعني بتغير المناخ (كوب 28) سيقدم حلولا حقيقية لأزمة بلد يواجه كارثة بيئية.
ولفتت إلى أن "المشاكل البيئية العديدة التي تواجهها البلاد لا ترتبط بتغير المناخ مباشرة، لكنها تتطلب التحرك البشري للتخفيف من حدتها".
وقالت "بعد أكثر من 8 سنوات من القتال تنتشر كميات كبيرة من المواد الكيمياوية ومخلفات الحرب الأخرى، مثل الذخائر المتفجرة وغير المتفجرة على الأرض بما في ذلك الألغام والقنابل وقذائف المدفعية التي تنشر الملوثات الكيمياوية في جميع أنحاء اليمن.
وأشار لاكنر إلى أنها تمنع استخدامات الأراضي الزراعية في بلد تعد فيه أقل من 3 في المئة من مساحته فقط صالحة للزراعة ويعيش 70 في المئة من سكانه في المناطق الريفية. وتقتل هذه المخلفات وتشوه الرعاة وغيرهم من المدنيين بمن في ذلك الأطفال.
وأوضحت أن التربة والمياه يتلوثان بالآثار الجانبية الهيدروكربونية في مواقع الإنتاج، بالإضافة إلى البترول والنفايات الأخرى الناتجة عن استخدام المركبات وصيانتها.
وذكرت أن النفايات الصلبة التي تخلّفها المنتجات الصناعية الحديثة أصبحت تلوث الأرض والهواء. وتشمل البلاستيك والعلب وغير ذلك من المنتجات غير القابلة للتحلل في مجتمع اليمن الاستهلاكي. وتسبب النفايات الصلبة والسائلة في بروز مخاطر صحية خطيرة تمسّ أعدادا متزايدة من السكان في البلاد.
وتطرقت إلى أن التنوع البيولوجي يعاني بسبب إزالة الغابات (للوقود والبناء) والرعي الجائر والتصحر نتيجة الرياح والجفاف.
وتابعت "الأنواع المحلية تتضرر بالأنواع الغازية مثل البروسوبيس جوليفلورا التي غُرست في البداية لمكافحة التصحر وأصبحت تعرقل مجاري المياه. وتواصل اصطياد الحيوانات البرية في اليمن حتى أوشكت على الانقراض. ويرجع ذلك إلى الفقر وارتفاع أسعار الحيوانات مثل الأرْخ والنمور والفهود.
وأردفت البيئة الساحلية تتأثر بسبب ظاهرة الانجراف وتراجع أشجار المانغروف وفقدان الشعاب المرجانية وبطء عملية ارتفاع منسوب سطح البحر.
كما لفتت إلى أن الصيد الجائر الوطني والدولي للعديد من الأنواع البحرية المهددة بالانقراض يتواصل مع غياب إنفاذ اللوائح الدولية والوطنية. وتطلق السفن النفايات السائلة الملوثة بالقرب من السواحل، مما يزيد من تدهور الوضع.
وعن البيئة الساحلية قالت لاكنر إنها تتآكل بسبب ظاهرة الانجراف وتراجع أشجار المانغروف وفقدان الشعاب المرجانية وبطء عملية ارتفاع منسوب سطح البحر
وقالت إن السنوات الأخيرة قد شهدت تسارع الظواهر الجوية المتطرفة واشتدادها، وتشمل الأعاصير والجفاف؛ فقد تعرضت البلاد في عام 2015 لإعصارين في غضون أسبوع، واثنين آخرين في 2018 وواحد في 2023. وأصبحت الفيضانات المدمرة الناتجة عن الأمطار الغزيرة أكثر تواترا وانتشارا وتتخللها حالات الجفاف.
وأوضحت أن السيل الجفاف، لا يعوض لأن الأمطار الغزيرة لا تغذي طبقات المياه الجوفية، بل تغسل التربة وتلحق الضرر بضفاف الأودية. ويدمر هذا مدرجات المنحدرات التي تحافظ على حياة سكان الريف، بالإضافة إلى تشكيلها مناظر طبيعية جميلة.
واستطردت لئن كان بعض هذه المشاكل راجعا إلى ظاهرة الاحتباس الحراري التي تعد مساهمة اليمن فيها شبه منعدمة (تشكل انبعاثاتها من ثاني أكسيد الكربون 0.07 في المئة من انبعاثات العالم)، فإن بعضها الآخر ناتج عن العمل البشري.
واستدركت "يمكن اعتبار الإهمال السياسي لهذه القضايا إجراميا لأن المشاكل البيئية مسؤولة عن العديد من الوفيات. ويكون بعضها بشكل مباشر كالفيضانات المفاجئة والبعض الآخر بسبب عوامل غير مباشرة مثل سوء التغذية والفقر الناتج عن الجفاف".
وقالا إن السلطات خلال العقود الماضية اتفقت على سياسات لمعالجة بعض القضايا البيئية دون تنفيذها بينما تدهور الوضع قبل الحرب ولا يزال يتدهور الآن.
كما أشارت إلى أن الفصائل المتنازعة، التي تسيطر على أجزاء مختلفة من البلاد المجزأة، تتجاهل المشاكل رغم إلحاحها، وأصبحت ملحوظة إلى درجة أن المواطنين صاروا واعين ويطالبون باتخاذ إجراءات للتخفيف منها والتكيف معها.
وترى لاكنر أنه يجب اتخاذ إجراءات فورية. أولا: تعتبر إدارة المياه الفعالة أمرا ضروريا لتمكين اليمنيين من مواصلة العيش في البلاد، وهذا ما يتطلب إنفاذ اللوائح لتحديد أولويات الاحتياجات المنزلية البشرية والحد من ري الآبار العميقة للمحاصيل التي تتطلب كميات كبيرة من المياه، وتنظيم إدارة المورد على مستوى مستجمعاته.
وتضيف أنه يجب اتخاذ إجراءات وقائية لحماية المدن الساحلية ومجتمعات الصيادين من ارتفاع منسوب مياه البحر وإنشاء أنظمة إنذار مبكر لتحذير السكان من العواصف القادمة وغيرها من التهديدات المرتبطة بالطقس. كما يجب إعداد التدابير قبل وقوع مثل هذه الأحداث لمساعدة المتضررين على التأقلم واستعادة سبل عيشهم.
وقالت "لا بد من السيطرة على التلوث الناجم عن النفط لمنع تسمم إمدادات المياه الصالحة للشرب والتربة الزراعية. وتعد تدابير مكافحة التصحر ضرورية (رغم وجوب أخذ الآثار الجانبية السلبية المحتملة في الاعتبار، كإدخال نبات البروسوبيس جوليفلورا الذي استقر في بعض الكثبان الرملية وأصبح يسبب أضرارا كبيرة لأحواض الوديان ويخنق النباتات الأخرى في جميع أنحاء البلاد، وبالتالي يسبب ضررا أكثر من الفوائد). وتتوجب حماية المناطق والأنواع “المحمية” عبر مزيج من الإنفاذ والتوعية، بالإضافة إلى الحد من الفقر".
تتابع "تبقى التوقعات حول مؤتمر الأمم المتحدة المعني بتغير المناخ (كوب 28) المزمع عقده في دبي منخفضة. ويشير سجل هذا النوع من المؤتمرات والتراجع الحالي عن تخفيف آثار تغير المناخ في العديد من الدول المتقدمة إلى أن الأمر لن يتجاوز التصريحات الرمزية".
وذكرت ان العالم في 2009 تعهد بتقديم 100 مليار دولار سنويا لمساعدة البلدان الفقيرة على التخفيف من آثار تغير المناخ، لكن هذا لم يحدث. وإذا لم يتقرر اتخاذ إجراءات جادة في مختلف أنحاء العالم للحد من انبعاثات الكربون، فسيتسارع الانحباس الحراري العالمي والكوارث المصاحبة.
وقالت إن رئيس وزراء المملكة المتحدة السابق غوردون براون اقترح أن "فرض ضريبة عالمية غير متوقعة بقيمة 25 مليار دولار على أرباح النفط والغاز، تدفعها أغنى الدول النفطية، لن يتجاوز 3 في المئة فقط من عائدات التصدير لهؤلاء المنتجين الرئيسيين".
ولفتت إلى أن صناعة النفط والغاز في العام الماضي جمعت حوالي 4 تريليونات دولار على مستوى العالم. وهي تمثل واحدة من أكبر عمليات إعادة توزيع الثروة من فقراء العالم إلى أغنى الدول النفطية.
وختمت لاكنر حدثها بالقول "قد يأمل اليمنيون، مثل غيرهم من سكان العالم، في اعتماد هذا الاقتراح، وأن يحصلوا على الدعم الذي يحتاجونه للحد من معاناتهم".
المصدر: الموقع بوست
كلمات دلالية: اليمن البيئة الاحتباس الحراري اقتصاد الازمة اليمنية الاحتباس الحراری بالإضافة إلى فی المئة إلى أن
إقرأ أيضاً:
علي أبو سنة: تعزيز مرونة المياه كأولوية دولية في برنامج عمل الأمم المتحدة للبيئة
توجه الدكتور على أبو سنة الرئيس التنفيذي لجهاز شئون البيئة بالشكر إلى عبد الله بن علي العمرى رئيس الدورة الحالية ، ولحكومة وشعب كينيا على حسن التنظيم وحفاواة الاستقبال، مؤكدًا تضامن مصر الكامل مع البيان الذي ألقته موزمبيق نيابة عن المجموعة الأفريقية. مشيرا الى ان شعار الدورة الحالية ، يضع على عاتق المجتمع الدولي مسؤولية الانتقال من مرحلة وضع الحلول إلى مرحلة التنفيذ.
وترأس الدكتور على أبو سنة الرئيس التنفيذي لجهاز شئون البيئة ، وفد مصر في أعمال الدورة السابعة لبرنامج الأمم المتحدة للبيئة بالعاصمة الكينية نيروبي ، نيابة عن الدكتوره منال عوض وزيرة التنمية المحلية والقائم بأعمال وزير البيئة، تحت شعار «النهوض بالحلول المستدامة من أجل كوكب مرن قادر على الصمود"، والمنعقد خلال الفترة من ٨- ١٢ ديسمبر الحالى بهدف دعم مسار العمل البيئي العالمي وتفعيل الجهود متعددة الأطراف، برئاسة الدكتور عبدالله بن علي العمري رئيس هيئة البيئة ورئيس الدورة الحالية للجمعية، وبمشاركة ممثلي الدول الأعضاء والمنظمات الدولية والهيئات البيئية العالمية.والمجتمع المدني والشباب والقطاع الخاص .
وأضاف الرئيس التنفيذي أن مصر تتطلع إلى نتائج تعكس الطموحات المشتركة للدول الأعضاء، لافتاً ان المعيار الحقيقي للتقدم لا يقاس بما يكتب على الورق، بل بما يتحقق من التزامات عملية، معربا عن امله فى ان يكون لدينا الإرادة لاتخاذ الإجراءات اللازمة، وليس فقط القرارات لحماية مستقبلنا المشترك.
وأكد ابو سنه أن المناقشات التي شهدتها الاجتماعات خلال الأيام الماضية أظهرت جدية الدول الأعضاء، فى اتخاذ اجراءات تهدف إلى حماية البيئة ، وتم تحقيق التوافق حول العديد منها ، وكشفت أيضًا المناقشات عن تحديات كبيرة، يواجهها العمل البيئي الدولي ، وفي مقدمتها اتساع الفجوة بين الأهداف البيئية ووسائل التنفيذ المتاحة، خاصة أمام الدول النامية. فبالنسبة للدول النامية، "وسائل التنفيذ" تشمل التمويل، ونقل التكنولوجيا، وبناء القدرات وهى ليست خيارات، بل هي شريان الحياة للاستدامة ، فلا يمكن أن نتوقع من الدول النامية أن تختار بين التنمية والبيئة؛ وعلينا أن نمكنهم من تحقيق كليهما.
وشدد الرئيس التنفيذي على أن مصر تعتبر قضايا المياه والطاقة والأمن الغذائي محورًا مترابطًا لا يمكن فصله، مشيرًا إلى أن المياه ليست مجرد مورد، بل هو حق وجودي، ، وأن مرونتها يجب أن تكون عنصرًا رئيسيًا في عمل برنامج الأمم المتحدة للبيئة، مضيفا ان المياه ليست مجرد مورد طبيعي، بل هي حق وجودي. ولا يمكن الحديث عن «كوكب مرن» دون تعزيز مرونة الموارد المائية. مؤكدا ان من هذا المنطلق، تدعو مصر الجمعية إلى إعطاء الأولوية للإدارة المستدامة للمياه العابرة للحدود، التي ترتكز بقوة على قواعد القانون الدولي والمنفعة المتبادلة.
واختتم الرئيس التنفيذي كلمته بالتأكيد على أن مصر ستظل صوتا داعمًا للنهج القائم على التنفيذ الفعلي للالتزامات البيئية، وأنها ماضية في العمل مع شركائها الإقليميين والدوليين لضمان إدارة مستدامة لموارد الكوكب. مشددًا على أن الحفاظ على البيئة ليس خيارًا، بل مسؤولية جماعية تتطلب إرادة سياسية حقيقية وتعاونًا دوليًا صادقًا، مؤكدًا أن مصر ستواصل الإسهام بفاعلية في صياغة مستقبل بيئي أكثر أمانًا وعدالة للأجيال القادمة.