لجريدة عمان:
2025-05-12@09:50:23 GMT

هوامش ومتون.. صورة لها فعل الرصاصة

تاريخ النشر: 22nd, November 2023 GMT

خلال قراءتي في تاريخ السينما الفلسطينية وجدت أنّ المخرج مصطفى أبو علي، وهو من روّاد السينما الفلسطينية، أخرج سنة 1973 فيلمًا بعنوان «مشاهد من الاحتلال في غزة» مدته 13 دقيقة، ويتحدّث عن معاناة سكان غزة، محاولا من خلال الفيلم تصوير الأوضاع المأساوية التي يعيشها أبناء قطاع غزة، في ذلك الوقت، واليوم بعد نصف قرن، تتكرّر المأساة فـ«ما أشبه الليلة بالبارحة»!، كلّ هذا يجري وسط صمت عالمي مريب، وهو العالم نفسه الذي صمت على جرائم المحتل الصهيوني منذ بداية الاحتلال في 1948، وهو لم ينكر هذه الجرائم، وإذا أنكر، فالصور شاهدة على الجرائم، تلك المشاهد دوّنتها الكاميرا، ضوئيا، فوفّرت لنا ذاكرة بصريّة تدين العدوان، وتوثّق الجرائم التي ارتكبها بحقّ الأبرياء، والنساء والأطفال.

فالسينما الفلسطينية واكبت الأحداث، وأكّدت أنّ الصورة مثل الكلمة، لها فعل الرصاصة، لذا استخدمها السينمائيّون سلاحا في المعركة، فوقفت بصلابة بوجه أكاذيب وسائل إعلام الصهيونية العالمية، متصدّية له، موثّقة الكثير من الأحداث، معرّفة العالم بأبعاد القضية، وكانت بحقّ سينما ثوريّة، تنطلق من أفكار وأيديولوجيا، فقد انطلقت سينما الثورة الفلسطينية مع انطلاق الثورة المسلحة التي أعلنت في 1/ 1/ 1965م فوقفت الكاميرا إلى جانب البندقية، إيمانا من المقاومة بأهمية الصورة، التي قدّمت وثيقة عن تلك الجرائم، وكذلك أظهرت بطولات المقاومة، والعمليات التي قامت بها، وبدون الصورة لن تبلغ الثورة أهدافها، ولن تكون بدون تضحيات، فسقط العديد من السينمائيين والمصورين في ساحات القتال، من بينهم المخرج والمصور السينمائي الفلسطيني هاني جوهريه أحد مؤسسي السينما النضالية الذي استشهد في جبال عينطورة اللبنانية عام 1976م، أثناء قيامه بتصوير فيلم عن الثورة، يقول زميله توفيق خليل: كان هاني يرقص فرحًا عندما يصور كادرًا ويقول أصبحت لدينا وثائق عن ثورتنا عن قضيتنا تعالوا شوفوا هذا الفيلم عن القضية.

ورغم كل الإنجازات التي حققتها السينما الفلسطينية يشعر السينمائيون بالمرارة لأن أفلامهم غير مسموح لها بالعرض داخل الأراضي المحتلة، لأن المحتلين أرادوا قطع صلة التواصل بين السينمائيين والجمهور المستهدف فمنعوها من العرض داخل فلسطين، وكذلك منعت من العرض في بعض البلدان العربية، وهذا أثّر على تسويقها، فصارت سينما مهرجانات وأسابيع ثقافية، ورغم ذلك فللسينما الفلسطينية جمهور، ومنذ بداية تفتح وعينا، كانت تستهوينا مشاهدة الفيلم الفلسطيني رغم أن السينما الفلسطينية، اقترنت بالوجع والوضع الإنساني المأساوي وغالبا ما تكون تلك الأفلام تسجيلية، وكانت تقام في بغداد مهرجانات خاصة بتلك الأفلام، الطويلة والقصيرة التي يخرجها سينمائيون فلسطينيون وعرب، وأحيانًا أجانب، فلم يقتصر هذا الاهتمام علينا نحن الذين اختلط الجرح الفلسطيني بحليب أمهاتنا، بل نالت اهتمام الجمهور في العالم، لأنّها سينما قضية وموقف، وليس من المستغرب أن تحتلّ اليوم مكانة مرموقة في السينما العربية، بل وحتى على المستوى الدولي، وقد أكّدت هذه المكانة مشاركاتها في مهرجانات سينمائية عالمية، وحصولها على جوائز دولية، ويكفي أن فيلم «الجنة الآن» لهاني أبو سعد قد رشّح لجائزة الأوسكار، ونال أكثر من جائزة في مهرجانات دولية، مثلما نال فيلمه «عمر» اهتماما نقديا، وينطبق الكلام على أفلام محمد بكري، وميشيل خليفي وإيليا سليمان وعلي نصار وتوفيق أبو وائل وليانة بدر، هذه المكانة جاءت نتيجة تراكم خبرات، فالمعروف أن فلسطين عرفت فن السينما قبل النكبة 1948م، ورغم أن أرشيف السينما الفلسطينية اختفى في لبنان 1982 مع اجتياح إسرائيل لبيروت لكن مما لا ينسى أن أولى المحاولات السينمائية بدأت في عام 1935م مع تجارب إبراهيم سرحان صاحب فيلم «أحلام تحققت» و«معركة في جرش» الذي أخرجه سنة 1957 وفيلم «وطني، حبي» للمخرج الفلسطيني عبدالله كعوش وهو من إنتاج سنة 1964، وفي سنة 1969، أخرج عبدالوهاب الهندي فيلميه «كفاح حتى التحرير» و«الطريق إلى القدس» ولا يمكن نسيان المخرج الرائد مصطفى أبو علي الذي درس في الستينيات فن السينما في بريطانيا.

ولم يقف المخرج الفلسطيني وحيدا في الميدان فقد وقف إلى جانبه مخرجون عرب كثيرون وأخرج السينمائي العراقي قاسم حول عدة أفلام تسجيلية إلى جانب فيلمه الروائي «عائد إلى حيفا» الذي أعدّه عن رواية غسان كنفاني بالاسم نفسه وأخرجه عام 1982م، كما أخرج المصري سمير سيف عام 1979 فيلم «شناو» عزت العلايلي ماجدة الخطيب، أديب قدورة وأخرج العراقي قيس الزبيدي «صوت القدس»، «وطن الأسلاك الشائكة»، «ملف مجزرة»، وكذلك أخرجت أنعام محمد علي فيلم «الطريق إلى إيلات» 1993 الذي تحدّث عن عملية نفذتها الضفادع البشرية في ميناء إيلات الحربي، والكثير من المخرجين الغربيين بالثورة مثل فانيسا رديغريف وجون لوك جودارد، والمخرج السويسري ريشارد ديندو، لأنهم عرفوا أن القضية عادلة، فوقفوا موقفا مشرّفا، وقاتلوا إلى جانب أصحاب الأرض بالصورة التي لها فعل الرصاصة.

المصدر: لجريدة عمان

كلمات دلالية: السینما الفلسطینیة

إقرأ أيضاً:

هادي الباجوري يعلق على تصنيف السينما إلى نظيفة ومرأة.. تفاصيل

رفض المخرج هادي الباجوري، تصنيف الأفلام السينمائية الى "السينما النظيفة" أو "سينما المرأة"، مؤكدا أن هذه التصنيفات غير دقيقة وتؤثر سلبا على العمل الفني وصناعة السينما ككل.

وأوضح هادي الباجوري ، في لقاء خاص مع الإعلامية شيرين سليمان ببرنامج "سبوت لايت" المذاع على قناة صدى البلد، قائلا: "لأ، هي التصنيفات دي هي كاتيجوريز، أنا ضد إن احنا نسميها أفلام بنعملها، يعني أنا ضد فيلم السينما النظيفة ده تصنيف لا يصلح، إنما ممكن نقول أكشن، كوميدي، رومانسي، ما فيش سينما مرأة، فيلم أكشن بس بطولة مرأة، فيلم دراما، سينما مرأة دي لما بنعمل مهرجان أفلام مبنية على حواديت مرأة".

بسبب عزاء زوجها.. كارول سماحة تصالح إليسا ومروان خورى بعد 12 عاماأول تعليق من أشرف فايق بعد إجراء عملية جراحية في القلبجمال سليمان يرد بقوة على تصريحات سلاف فواخرجى.. ما القصة؟كزبرة يسخر من محمد رمضان بطريقة غير مباشرة.. تفاصيلهادي الباجوري يعترض على تصنيف السينما النظيفة 

وتابع هادي الباجوري، حديثه عن موقفه من تصنيف "السينما النظيفة"، الذي راج في فترات سابقة بسبب رفض بعض الفنانات المشاركة في مشاهد توصف بالـ"جريئة"، قائلًا: "المشاهد لما بنقول سينما نظيفة، تبقى المشاهد دي مشاهد قذرة، وده ما ينفعش، ما ينفعش نصنف كده، الممثلة جاية بتأدي دور، بتعمل دور فما ينفعش نصنف لوحة إن هي لوحة قذرة، ولوحة تانية لوحة نظيفة، هو ده مش فن؟ ما فيش حاجة اسمها كده".

وأضاف هادي الباجوري، قائلا: "هي عندها وجهة نظر مش عايزة تعمل ده، هي حرة، ده موضوع بتاعها، بس مش لازم أصنف الفيلم يبقى نظيف ومش نظيف، مثلا: لو سمحت أنا عندي فيلم بقى حلو قوي بس مع الأسف هو مش نظيف، تعملي دور؟ ما ينفعش، مش حلو أبدا إن احنا نقول كده يعني".

وأشار هادي الباجوري ، إلى أن المصطلح بدأ بجملة بسيطة، ولكن الإعلام والعلاقات العامة والصحافة ساهموا في ترويجها بشكل كبير حتى أصبحت معيارا في التقييم، قائلا: "فالممثل اللي ما كانش عنده مشكلة، ابتدى يبقى عنده مشكلة لأن الناس ابتدت تاخد إن دي سينما نظيفة، ودي سينما مش نظيفة، فهو هيتنظف، هيتصنف في السينما اللي مش نظيفة".

وضرب هادي الباجوري، مثالا بتأثير هذا التصنيف على اختياراته الإخراجية قائلًا: "فبقى دلوقتي أنا لو عندي دور واحدة رقاصة، ودور حلو، وشخصية مهمة، تحية كاريوكا، مش هعرف أجيب واحدة تعمل الدور ده.. عشان مش هتلبس بدلة.. عشان بقى في كلمة اسمها سينما نظيفة وسينما مش نظيفة".

واختتم الباجوري، حديثه بالتأكيد على أن هذه التصنيفات تعيق حرية الإبداع وتؤثر على جودة المحتوى، قائلا: "الموضوع وصل لما بيحصل عندي أنا من وجهة نظري كفنان، كراجل عايز أعمل محتوى حلو، مش عايز قوانين عليا مش، مش حقيقية".

طباعة شارك هادي الباجوري المخرج هادي الباجوري الإعلامية شيرين سليمان شيرين سليمان برنامج سبوت لايت

مقالات مشابهة

  • قبائل مربع مدينة الحديدة تجدد استعدادها لمواجهة العدو الصهيوني ونصرة الشعب الفلسطيني
  • «صواعق» و«مذنبون» يتصدران شباك تذاكر السينما الأمريكية مجددًا
  • مقدمة لدراسة صورة الشيخ العربي في السينما الأمريكية «21»
  • بعد غياب 15 عامًا عن السينما.. مصطفى شعبان يستعد لتصوير فيلمه «مملكة»
  • الهيئة النسائية في حجة تنظم وقفات تضامنية مع الشعب الفلسطيني
  • هادي الباجوري يعلق على تصنيف السينما إلى نظيفة ومرأة.. تفاصيل
  • الأمراض التي قد يشير إليها الطفح الذي يصيب أكبر عضو في الجسم
  • نشر صورتين مختلفتين للجوهرة الزرقاء.. ناشط سوداني يوثق للحال الذي وصل إليه إستاد الهلال بعد الحرب
  • وقفة تضامنية للهيئة النسائية في الحديدة مع الشعب الفلسطيني
  • خلال حواره مع نظيره الفلسطيني.. الرئيس السيسي: مصر ستبقى دوما داعما للقضية الفلسطينية