يقول الكاتبان الأيرلنديان فيرغال شاركي (موسيقي وناشط بيئي) واللورد ألف دوبس (سياسي عمالي) إنه مع انعدام التشابه تقريبا بين الصراع الماضي في أيرلندا الشمالية والصراع المحتدم اليوم في إسرائيل وقطاع غزة، فإن هناك ما يمكن أن يُستفاد منه من تجربة السلام في أيرلندا الشمالية للوصول إلى سلام في إسرائيل وفلسطين.

واستهل شاركي ودوبس -مقالا اشتركا فيه بصحيفة تايمز البريطانية- بالقول إن هذا العام يصادف الذكرى السنوية الـ25 لاتفاق الجمعة العظيمة، الذي بدأ عملية سلام أنهت ما كان يعد صراعا مستعصيا وغير قابل للحل دام عقودا.

التحدث للأعداء يحتاج للصبر

وأوضحا أن الصراعات تنتهي بالحديث، وأن التفاوض، بما في ذلك مع أولئك الذين يمكن اعتبارهم "متطرفين" أو "إرهابيين" على كلا الجانبين، أمر ضروري، وكلما بدأ الحديث أسرع، بدأت عملية السلام أسرع، وأن التحدث إلى الأعداء يحتاج إلى الصبر، والاستعداد لتجاوز اللوم والشعور بالذنب، والأهم من كل ذلك هو توفر القيادة.

وقالا إنه في حالة أيرلندا الشمالية، كانت المفاوضات موجهة بخبرة من قبل السيناتور الأميركي جورج ميتشل، الذي كان يحظى باحترام كبير ومقبول بوصفه مستقلا، وقادها سياسيون جادون وملتزمون بحسن نية، وتم دعم العملية من قبل جميع الأطراف: المملكة المتحدة وأيرلندا والولايات المتحدة والاتحاد الأوروبي.


وسيط مستقل يحظى باحترام جميع الأطراف

وأكدا أن الصراع بين إسرائيل وغزة يحتاج إلى جورج ميتشل الخاص به وإلى تأييد وقيادة السلطة الفلسطينية وإسرائيل وجيرانها العرب، وربما يكون لجامعة الدول العربية والولايات المتحدة والأمم المتحدة والاتحاد الأوروبي والمملكة المتحدة دور تلعبه، في حالة طلب دعمها أيضا.

واستمرا يوضحان أن المفاوضات لا تسير للأمام تحت وطأة الشروط المسبقة، وأن هناك مؤشرات واضحة في الصراع الحالي: إطلاق سراح الرهائن، والوصول الكامل إلى المساعدات الإنسانية، ووقف العنف، كما ستكون هناك حاجة إلى جهود إعادة إعمار ضخمة في غزة ستوفر فرصا للمنظمات التي تمثل الإسرائيليين والفلسطينيين على حد سواء للعمل معا وبناء الثقة، وأشارا إلى أنهما رأيا ذلك العمل في أيرلندا الشمالية.

إبقاء الأعين ثابتة على الهدف المنشود

وأكدا أنه لا يوجد شيء سهل مما ذكراه، ولا يوجد ما يحدث بسرعة، لكن تم التوصل للهدف المنشود في أيرلندا الشمالية عن طريق إبقاء الأعين ثابتة على الهدف الذي يتطلع إليه الجميع، وهو السلام.

وقالا إن الهدف في فلسطين وإسرائيل هو السلام والأمن في إسرائيل، والدولة المستقلة للفلسطينيين التي توفر لهم الأمن واحترام الذات والازدهار، والمزيد من الاستقرار في جميع أنحاء الشرق الأوسط الأوسع. ولا ينبغي لأي شيء أن يصرف انتباه المجتمع الدولي عن محاولة الوصول للسلام، مهما بدا ذلك مستحيلا، "يجب أن يبدأ الحديث الآن".

المصدر: الجزيرة

كلمات دلالية: فی أیرلندا الشمالیة

إقرأ أيضاً:

خطة ترامب للسلام.. سحب البساط

ليس أخطر على الأمة من زيف الكلام حين يُلبَس ثوب الحقيقة- طلعت حرب.

يواصل الساسة الأمريكيون التأكيد على أن وقف العمليات العسكرية في غزة لم يكن ليتحقق دون تدخل الرئيس ترامب المباشر، مشيرين إلى أنه الفاعل الوحيد في إنهاء الصراع، بل ويذهبون أبعد من ذلك، بالقول إن النزاع برمته ما كان ليندلع أساسًا لو كان يشغل منصب الرئاسة في تلك الفترة الحرجة.

في الخامس من أيلول الماضي، أطلق مجموعة من خبراء حقوق الإنسان التابعين للأمم المتحدة نداءً عاجلاً للجمعية العامة لتفعيل قرار «الاتحاد من أجل السلام» بهدف وقف عمليات الإبادة الجماعية المستمرة في غزة. ويُخوّل هذا القرار الجمعية العامة بالتدخل الفوري عندما يخفق مجلس الأمن في أداء مسؤولياته المتعلقة بحفظ السلم والأمن الدوليين نتيجة استخدام حق الفيتو؛ حيث يمنحها صلاحية إصدار توصيات تشمل إجراءات جماعية، قد تصل في الحالات القصوى إلى استخدام القوة العسكرية كخيار أخير. وبعبارة أوضح، يمثل هذا القرار آلية فعّالة لتجاوز الفيتو الأمريكي الذي مارسته واشنطن ست مرات متتالية لإحباط جهود وقف الأعمال العدائية.

من المفارقات اللافتة أن الولايات المتحدة نفسها كانت أول من لجأ إلى تطبيق هذا المبدأ خلال الحرب الكورية عام 1950، وذلك عقب شلّ الاتحاد السوفييتي لعمل مجلس الأمن عبر استخدامه لحق الفيتو، وهو السيناريو ذاته الذي تكرره واشنطن اليوم في سياق المجازر المرتكبة بغزة.

ويتيح هذا القرار للجمعية العامة صلاحيات واسعة تشمل إصدار توصيات بوقف فوري لإطلاق النار، ونشر قوات دولية لحفظ السلام، وفرض عقوبات دبلوماسية واقتصادية على الكيان الصهيوني، فضلاً عن إرسال قوات تدخل دولية لفرض السلام بالقوة إن اقتضت الضرورة. وقد شرعت دول الجنوب العالمي بالفعل في بناء تحالفات استراتيجية والترويج لعرض هذا المبدأ على الجمعية العامة تمهيدًا لاعتماده رسميًّا.

إلا أن واشنطن أدركت المخاطر الاستراتيجية المحتملة لطرح هذا القرار على تصويت الجمعية العامة؛ حيث توجست من احتمالية فقدان السيطرة على مسار الأحداث، مما قد يُلحق أضرارًا جسيمة بالكيان الصهيوني، ويفتح الباب أمام الدول النامية للمطالبة بإجراءات تصعيدية إضافية في المستقبل. ومن هذا المنطلق، بادرت الإدارة الأمريكية بتحرك استباقي سريع لإحباط هذه المبادرة. وفي توقيت محسوب بدقة، أُعلن عن «مبادرة ترامب للسلام»، لتستعيد واشنطن زمام المبادرة في قيادة جهود وقف إطلاق النار.

وفي خطوة عاجلة، تقدمت الولايات المتحدة بمشروع القرار 2803 أمام مجلس الأمن، الذي حظي بالموافقة رغم امتناع كل من الصين وروسيا عن التصويت، مما أسفر عمليًّا عن إجهاض مشروع قرار «الاتحاد من أجل السلام».

ولم يقتصر هذا التحرك الاستراتيجي على مجرد تعطيل المبادرة الأممية، بل كان جزءًا من منظومة أهداف أوسع تسعى من خلالها واشنطن إلى توفير حماية شاملة للكيان الصهيوني. فقد شهدت صورة الأخير تدهورًا دراماتيكيًا على الساحة الدولية، فيما تصاعدت الموجة العالمية من التظاهرات المناصرة للقضية الفلسطينية إلى درجة وضعت حكومات حليفة لواشنطن في موقف محرج.

كما سعت الإدارة الأمريكية إلى تعطيل التحركات القانونية للمحكمة الجنائية الدولية، واحتواء حالة الاستقطاب والانقسام المتنامية داخل المجتمع الإسرائيلي، فضلاً عن محاولة إيصال رسالة للمجتمع الدولي مفادها أنها ليست طرفًا مباشرًا في جرائم الإبادة الجماعية المرتكبة. وعلاوة على ذلك، هدفت واشنطن إلى كبح موجة الاعترافات الأوروبية المتزايدة بالدولة الفلسطينية، لا سيما بعد الإخفاق الواضح للكيان الإسرائيلي في تحقيق الأهداف المعلنة للحرب.
ما عجزت القوة العسكرية عن إنجازه، يُفترض أن تستكمله «مبادرة ترامب للسلام» عبر الوسائل الدبلوماسية
وبهذا، نجحت الولايات المتحدة في تحقيق مآربها الاستراتيجية؛ حيث وفّرت غطاءً سياسيًّا ودبلوماسيًّا متكاملاً مكّن الكيان من مواصلة ارتكاب جرائم الإبادة الجماعية أمام مرأى ومسمع المجتمع الدولي.

والواقع أن ما عجزت القوة العسكرية عن إنجازه، يُفترض أن تستكمله «مبادرة ترامب للسلام» عبر الوسائل الدبلوماسية. فالكيان لا يزال يبسط سيطرته على 60% من مساحة قطاع غزة، ويفرض حصارًا خانقًا يمنع دخول المساعدات الإنسانية، ويواصل تدمير المنازل بشكل ممنهج، ويستهدف المدنيين بعمليات اغتيال متواصلة، ويلوّح بشكل دائم بالعودة إلى التصعيد العسكري الشامل. وفي الوقت نفسه، يبقى معبر رفح مفتوحًا في اتجاه واحد فقط: للخروج النهائي من القطاع دون إمكانية العودة.

وحتى اللحظة الراهنة من كتابة هذا التحليل، لم يتم تشكيل مجلس السلام الموعود، ولم تُنشر قوات حفظ السلام الدولية لتوفير الحماية اللازمة لسكان غزة، كما أن المعابر الحدودية لا تزال مغلقة في وجه الإغاثة الإنسانية. وفي المحصلة النهائية، تناسى المجتمع الدولي المأساة الإنسانية في غزة وانشغل بقضايا أخرى، بينما يستمر القطاع في النزيف ويستشهد الأطفال بسبب البرد ويعيش السكان وسط برك المياه المختلطة بمياه الصرف الصحي، وتتعالى صرخات الاستغاثة من تحت الأنقاض دون مجيب.

الدستور الأردنية

مقالات مشابهة

  • تايمز: هذه العوامل تجعل الانتقال إلى المرحلة الثانية من اتفاق غزة مستحيلا
  • التصعيد يعود لشرق الكونغو وقلق من تمدد الحرب.. هل انهار اتفاق السلام؟
  • خطة ترامب للسلام.. سحب البساط
  • تهديد أميركي لرواندا بالتحرك بعد اتهامها بانتهاك اتفاق السلام مع الكونغو الديمقراطية
  • تايمز أوف إسرائيل: الرئيس السيسي لا يعتزم عقد لقاء مع نتنياهو
  • تعهد أميركي بالرد على انتهاك رواندا اتفاق السلام مع الكونغو
  • وزير الخارجية: تثبيت وقف إطلاق النار بغزة ضروري للتنفيذ الكامل لخطة الرئيس ترامب للسلام
  • الأمم المتحدة تعتمد قرارًا يلزم “إسرائيل”بإدخال المساعدات وعدم تهجير الفلسطينيين بغزة
  • ترامب يدعي أن السلام بغزة ما كان ممكنا “لولا تحييد إيران”
  • صحيفة إسرائيلية: إسرائيل وافقت على تحمل تكاليف إزالة الركام بغزة