في نقد حركتي: كيف محوت أميتي عن حداثة الإمام الصادق المهدي؟

د. عبد الله علي إبراهيم

(أنشر في مناسبة ذكرى رحيل السيد الصادق المهدي مقدمة ورقة علمية بالعنوان أعلاه أعض فيها بنان القلم على ما فاتني كماركسي ممارس لها من العلم بمأثرة الإمام الصادق المهدي فينا. وهي في باب كتابات للشفافية معروفة بإطراح الامتياز بالجهل عما ينبغي لك معرفته.

وهي متاحة للراغب متي بعث بإيميله إلى إيميلي [email protected]

هذه الورقة عن مساعي الإمام الصادق المهدي لتحديث حزب الامة ولبرلته في الستينات في مواجهة صعبة مع تقاليد الإمامة في شعب الأنصار والتي سادت في الحزب. وهي مساع طرقت أذني كمعاصر لها في صف اليسار وخفي خطرها علي حتى استبان لي بعد قراءات لاحقة عنها صبرت على عرضها أو تحليلها. وعليه فالورقة تنتمي إلى فرع من علم الشفافية يتقصد المرء فيه إزالة أميته عن مسألة. وهي ليست أمية عن جهل، بل أمية عن امتياز أيضاً. ومعروفة بالإنجليزية كـ (unlearning privilege).

ومتى خرج المرء لمحو أميته على نحو ما ذكرنا فهو قد شرع في نقد حركته السياسية والاجتماعية التي جعلت أميته عن مساعي مثل الإمام الصادق موضوع نظرنا ميزة. وهي خطة أخرى في الشفافية معروفة في الإنجليزية بـ (critique of my movement). وممن رأيته جرب أخذ حركته حول شأن ما بالشدة عبد الوهاب الأفندي الذي نقد الحركة الإسلامية قبل انقلابها في 1989 على أغلاطها الاستراتيجية والتكتيكية حيال مسألة جنوب السودان وحركة الجنوبيين القوميين.

تساءلت وأنا اقرأ عن مساعي الإمام الصادقة لتحديث الحزب كيف استغشينا في ثوبنا الماركسي عن مسائل كدح لأجلها الإمام الصادق في بطن الحوت هي طبق الأصل مما اعتقدنا ونحن خارج بطنه. فأثار غير مسبوق قضية الفصل بين السياسة والإمامة في حزب الامة والأنصار مما انشغلنا به أيضاً. وجاء بمشروع للإصلاح الزراعي في مشاريع “اقتصاديات القداسة” لأعيان الأنصار في النيل الأبيض والأزرق وتحويلها لملكية جمعيات المزارعين التعاونية. وكنا في اليسار من شق غير مسبوق سبيل العمل النقابي في أوساط مزارعي المنطقتين. كما دعا مثلنا تماماً إلى تحرير التجارة الخارجية بتأميم البنوك وشركات التأمين المملوكة لغير السودانيين. ودعا في حزب لأعيان القبائل إلى تصفية الإدارة الأهلية، أو إصلاحها يقوم عليه الكفء لا الوريث بغض النظر. وكان ذلك ديدننا.

ليس من العسير معرفة كيف “غِبانا” الإمام الصادق. فلربما كانت أميتنا عن الإمام قدراً تراجيدياً. فقد رأينا منه في ذلك الزمن وجهاً وغابت وجوه. رأينا منه ما انحجبنا به عنه وهي سياساته المعادية لحزبنا الشيوعي فيما بعد ثورة أكتوبر 1964. فكان حل حكومة أكتوبر الثورية الأولى التي أكرمتنا مستحقين كحزب أثراً من تحشيد للأنصار بواسطة حزب الامة روع الخرطوم وطأطأ سر الختم الخليفة، رئيس الوزراء، له فحل الحكومة في فبراير 1965. وكان ذلك التحشيد نفسه هو الذي رتب له حزب الامة لحل الحزب الشيوعي في شتاء 1965.

لربما احتاج اجحاف الإمام على رأس حزب الأمة بنا منا لنكون من الملائكة المجنحة برفيف السماحة والعفو لنتجاوز ذنبه فينا حتى نرى اجتهاداته الحداثية المذكورة. ولكن الثوري ملائكة من نوع آخر. فعلى شدة الثورية مع الخصم الكائد إلا أنها تكون بمنجاة من مثل أميتنا عن الإمام الصادق متى أحاطت بالأمر من كل وجوهه. لا تفرط في شيء منه. فغريزة البقاء وحدها هي التي تملي على الثوري أن يرى وميض النار تحت الرماد. فالتشفي من الإمام بالجهل بظاهرته الحداثية لا يضره. ولكنه جهل كمشي المكب على وجهه. وهو انتحار الثوري علناً.

الوسومالأنصار الإمام الصادق المهدي الخرطوم السودان الليبرالية الماركسية حزب الأمة د. عبد الله علي إبراهيم سر الختم الخليفة

المصدر: صحيفة التغيير السودانية

كلمات دلالية: الأنصار الإمام الصادق المهدي الخرطوم السودان الليبرالية الماركسية حزب الأمة د عبد الله علي إبراهيم حزب الامة

إقرأ أيضاً:

الأزهر يكشف حقيقة لقاء الإمام الأكبر بـ تركي آل الشيخ وعرض الـ5 مليارات جنيه

نفى المركز الإعلامي للأزهر، ما تداوله أحد الصحفيين، على حسابه بموقع التواصل الاجتماعي فيسبوك، بشأن اجتماع الإمام الأكبر الدكتور أحمد الطيب شيخ الأزهر، بالمستشار تركي آل شيخ، رئيس الهيئة العامة للترفيه السعودية، لمناقشة شؤون خاصة بقناة الأزهر الفضائية، وتقديم عرض بنحو 5 مليارات جنيه.

وأكد الأزهر أن كل ما تم تداوله في هذا الشأن غير صحيح على الإطلاق، مطالبا الجميع بتحري الدقة فيما ينشر، والرجوع للمصادر الرسمية للحصول على المعلومات الصحيحة.

اقرأ أيضاًنتيجة الثانوية الأزهرية 2025.. رابط الاستعلام برقم الجلوس فور اعتمادها

الأزهر يُطلق نداءً عالميًّا لتحرك فوري لإنقاذ أهل غزة من المجاعة القاتلة

إقبال متزايد من الدارسين داخل الرواق الأزهري بقنا وفروعه

مقالات مشابهة

  • هل يجب على المأموم قراءة الفاتحة في الصلاة الجهرية؟.. الإفتاء توضح
  • أمسية ثقافية في المحابشة بذكرى استشهاد الإمام زيد
  • النفط تدشن البرنامج التدريبي حول دروس عهد الإمام علي لمالك الأشتر
  • زمن خروج الإمام المهدي.. اعرف نسبه ووصفه وصفاته الشكلية والأخلاقية
  • هل يجوز قول سيدنا الحسين ؟.. دار الإفتاء تجيب
  • ما هي الغيبة المحرمة شرعا؟.. دار الإفتاء توضح الحقائق
  • هل بات الأزهر رهينة في يد نظام السيسي؟
  • شاهد بالفيديو.. الفنان أحمد الصادق يحظى بإستقبال أسطوري وغير مسبوق لحظة وصوله حفل زواج “البندول” بالقاهرة
  • الأزهر يكشف حقيقة لقاء الإمام الأكبر بـ تركي آل الشيخ وعرض الـ5 مليارات جنيه
  • أسمر من آل البيت ..علي جمعة يصف شكل وملامح وهيئة الإمام المهدي