موقع 24:
2025-12-13@03:24:31 GMT

بعد إيطاليا.. هولندا في قبضة اليمين المتشدد

تاريخ النشر: 29th, November 2023 GMT

بعد إيطاليا.. هولندا في قبضة اليمين المتشدد

لو لم تكن الدنيا تدور، لما تباينت الأحوالُ، ولما تغيّرت الحظوظُ. وتغيّرُ الحظوظِ يمكن أن يكون مثل أخطبوط، يمد أذرعه المتعددة في اتجاهات كثيرة، ومنها السياسة.


 وهذا يعني أن حظوظ من يقبعون في الهوامش منتظرين قد تتغيّر، ويجدون أنفسهم في قلب رحى العملية السياسية، وبيدهم مقاليد الأمور. نظرة واحدة إلى ما حدث ويحدث لأحزاب اليمين المتطرف أو المتشدد تكفي.

آخر الأخبار جاءت من هولندا، تؤكد سقوط قلعة ليبرالية أخرى، بفوز حزب «الحرّية»، وهو حزب يميني متطرف، بالانتخابات العامة. وكان، إلى عهد قريب، هامشياً ومنبوذاً سياسياً واجتماعياً. ومن الممكن أن يصبح زعيمه خيرت فيلدرز رئيساً للحكومة.
قبل هولندا، تابعنا باهتمام وقلق سقوط إيطاليا، بصعود حزب «إخوة إيطاليا» إلى الحكم بقيادة سيدة اسمها جورجيا ميلوني. وهو حزب لا يخفي جذوره الفاشية. ورأينا أحزابا مماثلة في فرنسا والسويد والنمسا والمجر وفنلندا واليونان، تفكُّ جدران الهامش وتقتحم، عبر صناديق الانتخابات، الساحة السياسية الرئيسة. وهناك، بالطبع، نكسات مثل ما حدث مؤخراً في إسبانيا حيث أفلحت ميكافيللية الحزب الاشتراكي العمالي في الوقوف حائلا أمام اليمين للوصول إلى الحكم، ومثل ما حل بالشعبويين المتشددين في بولندا.
كل تلك الأحزاب اليمينية المتشددة، التي كانت مهمّشة سياسياً، تتبادل فيما بينها مكونات طبخة سياسية واحدة: ركوب موجة الهجرة، وموقف عدائي من الإسلام والمسلمين، وموقف لا يقل عنه عداوة من الاتحاد الأوروبي.
تلك الوصفة يمكن أن تضاف إليها مكونات أخرى تتماشى والأحوال السائدة. وعلى سبيل المثال، في مرحلة ما بعد انتشار الوباء كوفيد، أضيف إليها مكون موقف معاد من التطعيم، وتعاطف مع الناس ضد ارتفاع تكاليف المعيشة، وموقف رافض للتغيرات المناخية... إلخ.
هولندا، مثل دول أوروبية كثيرة، تتبنى نظاماً انتخابياً يسمى التمثيل التناسبي، وهو بطبيعته، نظام لا يضمن حصول حزب على الأغلبية البرلمانية. لذلك، فإن الدول التي تتبنى نفس النظام، تكون حكوماتها ائتلافية الطابع، متكونة من عدة أحزاب، وفي العادة تحت قيادة الحزب الذي يحصل على أكبر عدد من المقاعد. في الانتخابات النيابية الأخيرة في هولندا، شارك 26 حزباً في الانتخابات، من مختلف ألوان الطيف السياسي، 18 حزباً منها من الممكن أن تكون ضمن تشكيلة الحكومة القادمة، استناداً إلى معلقين.
حزب «الحرية» اليميني بقيادة فيلدرز فاز بعدد 37 من مجموع 150 مقعداً. وهذا يعني أنه في حاجة إلى عدد 39 مقعداً آخر ليضمن الحصول على عدد 76 مقعداً، تؤهله لتولي الحكم، ورئاسة حكومة ائتلافية. زعيم الحزب فيلدرز صدر ضده حكم قضائي في السابق، بسبب شتمه لمهاجر مغربي ووصفه بالحثالة. وفي السنوات السابقة، كان يطالب بوقف بناء المساجد، ومنع ارتداء الحجاب في المؤسسات والمصالح الحكومية. وتعهد بإجراء استفتاء شعبي حول بقاء أو خروج هولندا من الاتحاد الأوروبي، وطالب بإعادة المفاوضات مع بروكسل بخصوص اتفاقيات كثيرة ذات صلة بحقوق الإنسان والمهاجرين، بهدف خروج هولندا منها. والتقارير الإعلامية قالت إنه شخصياً فوجئ بالنتيجة الانتخابية، وفي ذات الوقت، تسببت النتيجة في إحداث صدمة سياسية شديدة في عواصم أوروبية كثيرة، باريس على سبيل المثال لا الحصر. لكنّه الآن يقف على رأس القائمة الانتخابية، وفي انتظار أن يتولى قيادة هولندا. هذه الأمنية، والتي هي في متناول أي زعيم حزبي آخر يفوز بالانتخابات، تقف فعلياً دونها عوائق. أهمها وأبرزها أن لا أحد من زعماء الأحزاب الأخرى على استعداد للمشاركة في أي حكومة يترأسها فيلدرز. وفيلدرز يعرف ذلك، وعليه تدارك المشكلة وإيجاد حلول لها. أبرز الحلول التي ظهر بها مؤخراً أنه سيحترم نصوص الدستور الهولندي، خاصة المتمثلة في حرية العقيدة وحرية العبادة، وحق التجمع وحرية الرأي. المعلقون الإعلاميون يرون أن حلم فيلدرز في قيادة حكومة ائتلافية لا يختلف كثيراً عن حلم إبليس بدخول الجنة. وأن أقرب الاحتمالات هو قبوله بتقديم دعمه البرلماني لأي حكومة ائتلافية بقيادة زعيم آخر، مقابل التزامها بقبول تنفيذ سياسات حزبه. وهم في ذلك يتناسون حقيقة أن حرمانه من رئاسة الحكومة يتعارض والديمقراطية، ورغبات الناخبين.
لكن تكهنات المعلقين تظل مجرد تكهنات، تخطئ كثيراً وتصيب قليلاً. وفي رأيي أن الدنيا التي تدور، وغيرت من حظوظ السيد فيلدرز وحزبه، ربما تواصل لعبتها، ونستيقظ بعد أسابيع أو أشهر قليلة، ونكتشف أن فيلدرز أصبح رئيساً لحكومة هولندا.
وما يهم حقيقة هو أن حظوظ أحزاب اليسار واليمين الليبرالي الأوروبي تتراجع انتخابياً على المجمل. ومن الواضح أن اليمين المتشدد يتقدم بخطى واسعة لملء الفراغ السياسي المفتوح، باستغلال مخاوف المواطنين من قضايا كثيرة تقلقهم وتجعلهم في خشية مما ينالهم من سوء مستقبلاً. ومن الواضح أن المسألة تتعدى أوروبا. في الأرجنتين تمكن مرشح رئاسي انتخابي -ليبرالي يميني متشدد- من دون خبرة أو تجربة سياسية، من اكتساح الانتخابات الرئاسية والفوز بقيادة الأرجنتين لأربع سنوات.

المصدر: موقع 24

كلمات دلالية: التغير المناخي أحداث السودان سلطان النيادي غزة وإسرائيل الحرب الأوكرانية عام الاستدامة هولندا

إقرأ أيضاً:

هرب من العدالة في إيطاليا فتخفّى داخل مشهد الميلاد.. قبل أن يُكتشف أمره ويُعتقل

ألقت الشرطة الإيطالية القبض على رجل يبلغ من العمر 38 عامًا جنوب البلاد بعد أن اكتشفه عمدة البلدة متخفّيًا داخل مشهد لميلاد المسيح على أنه تمثال. وكان الرجل مطلوبًا بتهمة الاعتداء على ضابط شرطة، إضافة إلى تهربه من تنفيذ حكم بالسجن في بولونيا. ويُعد هذا الاكتشاف الغريب من أغرب حالات الاعتقال في البلاد

ألقي القبض على إيطالي حاول الهرب من ملاحقة الشرطة له يوم السبت متنكّرا في زيّ تمثال ضمن مشهد ميلاد المسيح في إحدى البلدات الواقعة جنوب البلاد.

بينما كنت أقف أمام مشهد المهد، الذي أبدعه حِرَفيُّونا المهرة، لاحظت شيئًا ظننته في البداية جزءًا من المشهد". "تفصيلٌ بدا لي عاديا ولكن تبيّن أنه أمرٌ بالغ الأهمية."

الرجل البالغ من العمر 38 عامًا والمنحدر من غانا اكتُشف أمرُه في بلدة غالاتوني، في منطقة بوليا، وذلك بفضل فطنة عمدة البلدة فلافيو فيلوني، الذي كان يمر بجوار المشهد في ساحة سانتيسيمو كروسيفيسو.

كتب فيللوني في منشور على فيسبوك: "بينما كنت أقف أمام مشهد المهد، الذي أبدعه حِرَفيُّونا المهرة، لاحظت شيئًا ظننته في البداية جزءًا من المشهد". "تفصيلٌ بدا لي عاديا ولكن تبيّن أنه أمرٌ بالغ الأهمية."

لأول وهلة، فكّر رئيس البلدية بالتواصل مع المنظمين لتهنئتهم على هذا التمثال "النابض بالحياة"، لكنه أدرك بعد التدقيق فيه أنه شخص حقيقي.

Related معرض دولي في الفاتيكان يعرض مغارات ميلاد من أنحاء العالم

اتصل فيلوني بمسؤول آخر في البلدة لإقناع الرجل بمغادرة مشهد المهد. لكن الأخير قاوم وادعى أن مشهد المهد هو منزله، وفقًا لما ذكرته صحيفة ليتشي بريما المحلية.

الشرطة الإيطالية شبه العسكرية تقوم بدورية في ساحة القديس بطرس في الفاتيكان، 24 أبريل/نيسان 2025 AP Photo

وصلت الشرطة المحلية وشرطة المقاطعة وعناصر الدرك (كارابينييري) بسرعة حيث تمكنت من تحديد هويّة الرجل باعتباره هاربًا مطلوبًا للعدالة.

ووفقا للتقارير، فقد كان الرجل قد فرّ من حكم بالسجن لمدة تسعة أشهر و15 يومًا في بولونيا بتهمة الاعتداء ومقاومة موظف عام.

وقال فيلوني: "بفضل التدخل السريع لشرطتنا المحلية وشرطة المقاطعة والدرك، تمكّنا من تعقب وتحديد هوية الشخص المطلوب للعدالة".

وقد شكر رئيس البلدية الشرطة على عملها، مضيفًا أن الحادث أكد "مدى أهمية وضع الثقة الكاملة في العمل اليومي لأولئك الذين يضمنون الأمن ويسهرون على سيادة القانون".

غالاتوني، هي بلدة يبلغ عدد سكانها حوالي 15,400 نسمة وتقع على بعد 26 كيلومتراً من ليتشي، في منطقة سالينتو جنوب بوليا.

انتقل إلى اختصارات الوصول شارك محادثة

مقالات مشابهة

  • ثلاثة لصوص في قبضة الأمن بعد سرقة صادمة بشقة بالمنيا
  • غزة حاضرة في اجتماع الرئيس عباس مع رئيسة وزراء إيطاليا
  • انتصارات رائعة للإمارات في مونديال الريشة الطائرة
  • إيكونوميست: هل يمكن لأحد إيقاف زحف اليمين الشعبوي في أوروبا؟
  • في قبضة الجلاد
  • هرب من العدالة في إيطاليا فتخفّى داخل مشهد الميلاد.. قبل أن يُكتشف أمره ويُعتقل
  • هل تفكر في الانتقال إلى إيطاليا؟ بلدة في توسكانا ستساعدك على دفع إيجارك وشراء منزلك
  • علي الطلاق بالتلاتة منا واكل.. الإفتاء توضح هل يقع بها انفصال حال حنث اليمين؟
  • نجم إيطاليا السابق يهاجم كاراجير: اغسل فمك قبل أن تتحدث عن صلاح
  • هل يجوز صيام الأيام القمرية بنية النافلة وكفارة اليمين؟.. الإفتاء تجيب