بيت لحم تطفئ أضواء عيد الميلاد تضامناً مع غزة
تاريخ النشر: 29th, November 2023 GMT
قرر المسيحيون الفلسطينيون من مختلف الطوائف في مدينة الضفة الغربية الأسبوع الماضي التخلي عن جميع الاحتفالات هذا العام، كدليل على التضامن مع غزة، ولن تكون هناك احتفالات عامة، ولن تتلألأ أضواء عيد الميلاد، ولن تكون هناك شجرة مزينة في ساحة المهد، طالما أن حالة الحرب تسود قطاع غزة المحاصر.
وذكر تحليل نشرته صحيفة "واشنطن بوست" أن كنيسة عيد الميلاد اللوثرية الإنجيلية في بيت لحم انتقدت الحرب في غزة، ووصفتها بـ"جنون"، حيث أصبحت هذا إبادة جماعية، مع نزوح 1.
ووصل إلى واشنطن وفد صغير من المسيحيين الفلسطينيين هذا الأسبوع للضغط على إدارة بايدن والمشرعين الأمريكيين والزعماء الدينيين لدعم الدعوات لوقف إطلاق النار على نطاق واسع، حيث من المقرر أن تنتهي هدنة لمدة 6 أيام من الأعمال العدائية بين إسرائيل وحركة حماس، على الرغم من أن المفاوضات مع حماس التي تضم مسؤولين أمريكيين وإسرائيليين وعرب مستمرة، لاحتمال تمديد الهدنة الحالية.
In Bethlehem, Christmas is canceled: Palestinian Christian leaders across denominations in the West Bank city decided last week that they will forgo all festivities this year as a mark of solidarity with their brethren in Gaza. https://t.co/ndxWeFN7pB
— Shibley Telhami (@ShibleyTelhami) November 29, 2023وتعهد المسؤولون الإسرائيليون بمواصلة حملتهم ضد حماس بعد إطلاق سراح الرهائن، بينما يبدو أن إدارة بايدن تحاول كبح جماح أي مرحلة تالية من الحرب تختار إسرائيل شنها في القطاع المحاصر.
وتوجه الوفد المسيحي إلى البيت الأبيض، وسلم رسالة للرئيس بايدن موقعة من زعماء الطائفة المسيحية في بيت لحم، بما في ذلك طائفة إسحق البروتستانتية ونظرائهم الأرثوذكس والأرمن والكاثوليك، بالإضافة للقاء أعضاء في مجلسي الشيوخ والنواب في الكونغرس الأمريكي.
وجاء في الرسالة بحسب ما ذكرت الصحيفة: "لقد وضع الله القادة السياسيين في موقع القوة، حتى يتمكنوا من تحقيق العدالة، ودعم أولئك الذين يعانون، ويكونوا أدوات للسلام.. نريد وقفاً دائماً وشاملاً لإطلاق النار. كفى موتاً. كفى دماراً. وهذا التزام أخلاقي. يجب أن تكون هناك طرق أخرى. هذه هي دعوتنا وصلواتنا في عيد الميلاد لهذا العام.
There will be no Christmas lights in Bethlehem this year. Celebrations have been canceled in Bethlehem, Jerusalem, and Jordan to express solidarity with suffering neighbors: https://t.co/tbNkRAjlkc
— Christianity Today (@CTmagazine) November 23, 2023 مجتمع يتضاءلوينتمي المسيحيون الفلسطينيون إلى أقدم المجتمعات المسيحية في العالم، والتي تمتد جذورها إلى المهد التاريخي للمسيحية، لكنهم يتضاءلون من حيث العدد، على الأقل بما يتناسب مع جيرانهم من الديانات الأخرى، ويمثلون بقوة أكبر في الشتات الفلسطيني في جميع أنحاء العالم، ويشكل المسيحيون الفلسطينيون حوالي 2% من إجمالي السكان الفلسطينيين في الضفة الغربية، ويتركز معظمهم حول رام الله وبيت لحم والقدس، وأقل من 1% من السكان في غزة.
وعلى الرغم من صغر "المجتمع الأخير" من المسيحيين، إلا أنه بارز، في وجود ما يقرب من ألف مسيحي في غزة، عاشوا هناك دون مشاكل كبيرة، على الرغم من وجود حركة حماس الفعلي على المنطقة في عام 2007، لكن الغارات الجوية الإسرائيلية دمرت أو ألحقت أضراراً بجميع منازل المجتمع في مدينة غزة تقريباً، بينما أصابت أيضاً أقدم كنيسة نشطة في غزة، حيث كان البعض يحتمي بها.
وربما دفع هذا ما يصل إلى خُمس المسيحيين في غزة، الذين لديهم أيضاً جوازات سفر أجنبية، إلى مغادرة المنطقة تماماً، فيما يجد الباقون أنفسهم مهجرين. وقالت المنسقة الإقليمية للاتحاد اللوثري العالمي والتي كانت أيضاً ضمن الوفد الزائر لواشنطن تمار حداد: "إنهم ينادوننا قائلين: دعونا نرحل، إما أن نموت أو نرحل".
وأشار رئيس كلية بيت لحم للكتاب المقدس جاك سارة، إلى أن محنة المسيحيين الفلسطينيين لا يبدو أنها مسموعة من قبل العديد من الإنجيليين الأمريكيين، الذين يرون في التفوق اليهودي القوي على الأرض المقدسة طريقاً لرؤيتهم الخاصة.
وترى الصحيفة أن أيديولوجية الصهيونية المسيحية حركت أجندة إدارة ترامب سابقاً، وتؤثر على شريحة واسعة من المشرعين الجمهوريين، من نائب الرئيس السابق مايك بنس إلى رئيس مجلس النواب الحالي مايك جونسون (الجمهوري من لوس أنجليس).
Negotiators push to extend pause in Gaza fighting as hostage return continues https://t.co/K2ECBqX3S7
— Joe Hickman???????????????? (@joehick58) November 29, 2023 مناخ من الترهيبوبعيداً عن غزة، وصف أعضاء الوفد مناخاً متزايداً من الترهيب والعداء تجاه المسيحيين الفلسطينيين في الضفة الغربية والقدس، والذي تغذيه تصرفات المتطرفين اليهود الذين شجعتهم حكومة اليمين المتطرف في إسرائيل. وقال إسحاق: "نشعر أن المتطرفين اليهود يريدون خروجنا من القدس، ويعملون على ذلك، ولا يتم ردعهم".
وقد أكد العديد من الدبلوماسيين الأجانب البارزين على الأهمية الأساسية لإحياء عملية "حل الدولتين" المتوقفة منذ فترة طويلة، ويشعر أغلب الفلسطينيين بالاستخفاف بهذا المشروع، نظراً لضعف قيادتهم السياسية، وعجز الغرب عن منع إسرائيل من تقسيم الضفة الغربية إلى المزيد من المستوطنات على مدى العقدين الماضيين. كما يعارض العديد من السياسيين الإسرائيليين، بما في ذلك الأعضاء البارزون في الحكومة الحالية، بشكل صريح إنشاء دولة فلسطينية مستقلة.
I was really worried about this. ???? With great sadness, I have now confirmed that several of my relatives (including Viola and Yara pictured here) were killed at Saint Porphyrius Orthodox Church in Gaza, where they had been sheltering, when part of the complex was destroyed as… pic.twitter.com/w5k1xEeTgF
— Justin Amash (@justinamash) October 20, 2023وترى الصحيفة في تحليلها أن أي نظام ما بعد الحرب يجب أن يأخذ في الاعتبار الحقائق على الأرض في إسرائيل والأراضي المحتلة، وأشار الدبلوماسي الأوروبي وسفير السياسة الخارجية للاتحاد الأوروبي جوزيب بوريل في مقال افتتاحي لصحيفة "فاينانشيال تايمز" بعد رحلة قام بها مؤخراً إلى الشرق الأوسط، إنهم "يدركون الفرصة الهائلة التي تكمن في جوار سلمي، والتعاون عبر الحدود والدور المحتمل لإسرائيل كمحرك اقتصادي إقليمي. ولكن الجميع متفقون على أن التعاون العربي الإسرائيلي يتوقف على حل القضية الفلسطينية".
وفي رسالتهم إلى بايدن، كرر رجال الدين من فلسطين مناشدتهم: "إن هذه الأرض تبكي من أجل السلام والعدالة منذ 75 عاماً. لقد حان الوقت لتحقيق العدالة. لقد حان الوقت ليتمكن الجميع من العيش بكرامة في هذه الأرض. إن الأطفال الفلسطينيين والإسرائيليين يستحقون العيش والأمل والحلم".
المصدر: موقع 24
كلمات دلالية: التغير المناخي أحداث السودان سلطان النيادي غزة وإسرائيل الحرب الأوكرانية عام الاستدامة غزة وإسرائيل فلسطين الضفة الغربیة عید المیلاد بیت لحم فی غزة
إقرأ أيضاً:
هل هناك موت ثقافي في القدس؟
القدس ليست مدينة عادية، فهي مدينة مركزية للديانات، وتمتد حضارتها لآلاف السنين، تعاقبت عليها حضارات وثقافات متعددة، تمتلك تراثا معماريا متنوعا وهائلا، كما أن كونها محتلة من قبل الصهاينة، هذا يمنحها قداسة وأهمية مضاعفة في عيون العرب والفلسطينيين وأحرار العالم، هذه الأيام بالذات تشتد الهجمات على القدس من قبل محتليها، وتتنوع الهجمات ما بين مداهمات للمكتبات ومصادرة كتب كما حصل مع مكتبة عماد منى، في شارع صلاح الدين، قبل أشهر، وما بين مداهمة حفلات إحياء التراث الفلسطيني كما حدث قبل أسبوعين مع مسرح الحكواتي، حيث منع المحتلون هذا الحفل وطردوا الأطفال والعائلات، وأغلقوا المسرح.
نحن نعرف أن هناك شبه موت اقتصادي في القدس بفعل إجراءات الاحتلال وإغلاق المدينة أمام المدن الفلسطينية الأخرى، لكن هل هناك موت ثقافي؟ ثمة نقاش دائم حول ذلك، هناك من ينفي هذا الموت كالفنان المسرحي حسام أبو عيشة الذي قال لنا: أعتقد حازما أن في ذلك تجن على الحالة الثقافية في القدس، هناك الكثير من الحالات الثقافية المستمرة والمتقدمة رغم ظرف القدس المعروف، قد يكون أنه بعد السابع من أكتوبر حصل سبات ما وليس موتا، إذ لا عودة بعد الموت، على سبيل المثال لا الحصر هناك خمس (إنتاجات مسرحية جديدة في المسرح الوطني الفلسطيني، هناك عملان موسيقيان للمعهد الوطني للموسيقا وفرقة بنات القدس، هناك عروض (سينما فلسطين) كل أول شهر لشباب مخرجين ومصورين من القدس، هناك مؤسسات ثقافية مهمة نفخر فيها جميعا أبرزها: مؤسسة يبوس ومسرح الحكواتي، وغيرها.
رغم تحديات الاحتلال وإجراءاته القمعية وحصاره للثقافة والحياة فإن مسرح الحكواتي استطاع تقديم خدمة ثقافية مهمة للمسرحيين الفلسطينيين ولمتذوقي المسرح وأيضا للكتاب والشعراء الذين يديرون منذ سنوات طويلة ندوة شهرية اسمها (ندوة اليوم السابع)، أما مؤسسة يبوس فتعمل على إحياء البنية التحتية الثقافية في القدس من خلال ترميم وإعادة بناء سينما القدس التاريخية وتحويلها إلى بؤرة ثقافية متكاملة تحوي قاعات للحفلات والعروض والورش.
وقد أطلقت المؤسسة مهرجانات مهمة: مهرجان القدس ومهرجان الحكايات ومهرجان الفنون الشعبية وليالي رمضان، وهي نشاطات تسحر الجمهور وتنهض بالفن الفلسطيني.
كما تنظّم يبوس أمسيات أدبية وحفلات توقيع كتب، وندوات ثقافية اجتماعية وسياسية، ومعارض فنية، مما يساهم في خلق مناخ ثقافي مضيء. وتقدّم ورشات مسرحية وقصصية وفعاليات ترفيهية تخدم الأجيال الصاعدة وتطور الإبداع لديها).
لكن القاص المعروف محمود شقير له رأي آخر: نعم، مقارنة بما كانت عليه أحوال الثقافة في سبعينيات وثمانينيات القرن (العشرين، فإن تجلّيات الثقافة في القدس هذه الأيام ليست على النحو المطلوب، وذلك بسبب عزل المدينة عن محيطها الفلسطيني في محاولات دائبة لتهويدها، وبسبب الحالة الأمنية المتردّية في المدينة، حيث تتضاءل حركة المواطنين عند الغروب أو قبله بقليل.
وثمة ضرائب باهظة تفرضها سلطات الاحتلال الإسرائيلي على المواطنين، فتجعل أحوالهم الاقتصادية صعبة، ما ينعكس سلبًا على الحالة الثقافية. ثم إنّ وباء كورونا ترك أثرًا سلبيًّا على الأنشطة الثقافية واضطر بعض الهيئات الثقافية مثل ندوة اليوم السابع إلى ممارسة نشاطها الأسبوعي إلى يومنا هذا عبر منصّة زووم، فيما يمارس المسرح الوطني الفلسطيني ومركز يبوس ومعهد إدوارد سعيد للموسيقى أنشطة ثقافية لها حضورها النسبي إلى حدٍّ ما).
فجّر الفنان الفلسطيني المقدسي خالد الغول، فكرة الجفاف الثقافي في القدس، عبر اقتراحه الذي كرره أكثر من مرة عبر وسائل التواصل الاجتماعي، بإنشاء مكتبة عامة، تخدم الناس والطلاب والباحثين والمثقفين، الفنان المقدسي العاطل عن العمل الآن (ليس عن الحلم والأمل)، بعد سنوات من خدمة الثقافة الفلسطينية عبر مؤسسة يبوس المقدسية الشهيرة، يجيب عن سؤال بداية لمعان الفكرة في قلبه: (لمعت شرارة المبادرة بالصدفة، وفي ظروف اجتماعية محضة.
ففي زيارة اجتماعية لجمعية أهلية تعنى بشؤون الناس الاجتماعية والثقافية في القدس. قال لي أحد العاملين فيها، إن مقر الجمعية المقامة سيتم هدمه ويتحول إلى بناية تجارية. وعرض عليّ أن آخذ الكتب والمخطوطات من المقر قبل هدمه. وبالفعل نقلت الكتب. وفي الأسبوع ذاته، طلب مني صديق بعض الروايات والدواوين الشعرية لابنه اليافع، الذي ما زال معنيًّا بقراءة الكتب المطبوعة ولم تسيطر عليه بعد عقلية التذوق للأعمال الأدبية من خلال التكنولوجيا الحديثة والرقمية.
وبعد أن زودت الفتى بالكتب التي طلبها، نشرت على صفحتي في "فيسبوك" طالبًا التبرّع بكتب تحت عنوان "نحو مكتبة أهلية عامة في القدس"، فلبّى الكثيرون من الأصدقاء الطلب، وانهالت عروض التبرع بالكتب والمساعدة، وما زلت منهمكًا في جمع الكتب والبحث عن مكان مناسب يلبّي الغرض).
القدس المقدسة تحتاج منا جميعا مثقفين ورجال أعمال وأكاديميين، ومؤسسات أهلية ومن السلطة الوطنية الفلسطينية ومن المؤسسات الثقافية العربية واتحادات الكتّاب العرب مزيدًا من الدعم والاهتمام لتعزيز هويتها، ووقف تهويدها.