جريدة الرؤية العمانية:
2025-05-10@06:14:48 GMT

"بِأيّ ذَنْبٍ قُتلَتْ"؟

تاريخ النشر: 3rd, December 2023 GMT

'بِأيّ ذَنْبٍ قُتلَتْ'؟

 

 

‏راشد بن حميد الراشدي *

في خضم حياة عجيبة غريبة، نعيش اليوم في أعتى عصور الانحطاط الإنساني وأقبحها على الإطلاق، حيث تتكالب قوى الشر بعدتها وعتادها على فئة قليلة فوضت أمرها إلى الله وهي تُباد وتدُك بكل أنواع الأسلحة المحرمة دوليا، ويتباكى بعدها الجميع على الظالم الغاشم بأنه صاحب الحق المظلوم - لعنه الله إلى يوم الدين- آلاف القتلى والجرحى والمفقودين والمعوزين قد سويت بهم الأرض بديارهم وأجسادهم والعالم من أقصاه إلى إقصاه صامت لا يتحرك له ضمير ولا ينفطر قلبه على آلاف الشهداء الأبرياء من الأطفال والعجزة والشباب، عوائل بأكملها سحقت تحت قصفهم وعداوتهم هم مصاصو دماء البشر في هذا العصر البغيض، عادوا عطشى للفتك بقوم يعيشون على أرضهم يدافعون عن عرضهم وديارهم، فهم من أنبل الشعوب اليوم ببسالتهم وجهادهم في عليين عند بارئهم، إما نصراً مؤزرا أو استشهادًا وفوز بالجنان.

"بِأيّ ذَنْبٍ قُتلَتْ".. تلك الأرواح الطاهرة الزكية؟ وإلى أين يذهب هذا العالم المجنون بسكوته عن مجازر غزة؟ وأين نخوة العرب والمسلمين وأحرار العالم تجاه ما يرونه من أهوال تقشعر لها الأبدان؟

الأرض ليست أرضكم أيها الجبناء، والمكان ليس مكانكم أيها الأنذال.. هكذا نقول جميعا ونردد للعدو المحتل اخرج من ديار المسلمين وديار العرب؛ فمكانك مزابل التاريخ التي سطرتها ببغيك وطغيانك وخيانتك للأمم وبقبح أفعالك، وإذا لم تخرج ستُسحق بإذن الله فعباده صامدون لنصرة وطنهم حتى آخر رجل.

اليوم نقول للعرب جميعاً: ويل ثم ويل للعرب من شر قد اقترب، بسكوتكم ونصرتكم لعدوكم الغاشم اللعين، فهو لن يكون لكم إلا ويلًا ودمارا لأوطانكم وشعوبكم، فما يزينه من حبائل شيطانية وهم، كبيت العنكبوت لن يصمد ساعات، وسينقلب عليكم كما انقلب على جميع الأمم من خلال سيرتهم الحاضرة وسيرتهم الماضية.

"بِأيّ ذَنْبٍ قُتلَتْ".. سيبقى عارها على شعوب العالم أجمع يسألهم الله عن مَن أحل سفك دمائهم واغتصاب أرضهم، وعن من صرخ بكلمة حق ضد عطشى القتل وسفك الدماء، فلنتحد جميعا كلٌّ بما يملكه لنصرة غزة؛ ففي نصرتها نصرة للحق والدين، ومن ترابها ينطلق المسير بإذن الله قريباً لتحرير فلسطين.. وإن غداً لناظره لقريب.

اللهم يا ربِ، إن هذهِ الأيام قاسية جدا علينا وعلى أمتك، وهذهِ اللّيالي كَئيبة، وأرواحنا مُتعبة وقلوبنا مُرهقةٌ، وظُروفنا صِعبةً مريرة، ولا أحد يسمعنا سواك، ولا أحد قادر أن يغير أحوالنا غيرك، أنت ملاذنا الوحيد والأقرب إلينا من حبل الوريد، ارحم ضَعفنا وانصر مجاهدينا يا الله.. اللهم آمين.

* إعلامي - عضو مجلس إدارة جمعية الصحفيين العمانية

رابط مختصر

المصدر: جريدة الرؤية العمانية

إقرأ أيضاً:

أحفاد محرري أوروبا من النازية يدافعون عن العالم اليوم ضد الإمبريالية الروسية

بقلم: السفير: ميكولا ناهورني
سفير دولة أوكرانيا في القاهرة

السفير/ ميكولا ناهورني

القاهرة (زمان التركية)ــ في الثامن من مايو تُحيي أوكرانيا الذكرى الثمانين للنصر على النازية في أوروبا، تلك اللحظة الفاصلة التي أنهت واحدة من أحلك صفحات التاريخ الإنساني. وتُعدّ هذه الذكرى ذات أهمية استثنائية لأوكرانيا البلد الذي تحمّل شعبه خسائر فادحة غير مسبوقة. فقد تحوّلت الأراضي الأوكرانية إلى ساحة رئيسية للمعارك، كتب خلالها الأوكرانيون صفحات مضيئة من التضحيات والبطولة والمقاومة، على حين كانوا يتعرضون، في الوقت ذاته، لحملات تنكيل جماعية.
وخلال سنوات الحرب، تكبّدت أوكرانيا خسائر بشرية مروعة تجاوزت، في مداها، خسائر بريطانيا وكندا والولايات المتحدة وفرنسا مجتمعةً. وتتراوح التقديرات حول عدد الأوكرانيين الذين فقدوا أرواحهم ما بين 8 إلى 10 ملايين، أي ما يزيد على خُمس سكان البلاد قبيل اندلاع الحرب. منهم ما يقرب من 3–4 ملايين من العسكريين والمقاومين والفدائيين الذين قضوا في المعارك، أو وقعوا ضحايا الأسر أو القمع، بالإضافة إلى نحو 4–5 ملايين من المدنيين الذين أُعدموا رميًا بالرصاص، أو ماتوا جوعًا، أو تحت القصف، أو جرى ترحيلهم قسرًا، أو راحوا ضحية لأشكال أخرى من الإرهاب.

في عام 1941، بلغ عدد سكان أوكرانيا 41.7 مليون نسمة، وفي عام 1945 انخفض إلى 27.4 مليونًا. وقد احتاجت الدولة إلى ربع قرن كي تتعافى من هذا الزلزال الديموغرافي الهائل.
لقد ساهم الأوكرانيون مساهمة بارزة في تحقيق النصر على النازية، واعتُبروا بحقّ من بين شعوب النصر. وقد تم الاعتراف بذلك دوليًا من خلال منح جمهورية أوكرانيا السوفيتية موقعًا مؤسسًا في منظمة الأمم المتحدة، كنوع من التكريم لتضحيات الأوكرانيين، وإسهامهم الفعّال في النصر المشترك.
ومن الجدير بالذكر أن الحرب بدأت فعليًا بالنسبة للأوكرانيين في الأول من سبتمبر عام 1939، حين التحق نحو 112 ألفاً من مواطني أوكرانيا، ومعظمهم من سكان غاليسيا وفولينيا التابعة آنذاك لبولندا، بصفوف الجيش البولندي في مواجهة قوات “الفيرماخت” الألمانية. وخلال حملة سبتمبر، قُتل حوالي 8 آلاف أوكراني، وأُصيب 16 ألفاً آخرون. وبعد سقوط وارسو، واصل العديد من الأوكرانيين القتال في صفوف الوحدات البولندية، سواء تحت القيادة السوفييتية أو البريطانية.

كان الأوكرانيون يشكّلون إحدى أكبر القوميات داخل الجيش الأحمر. ففي عام 1944، كان ثلث جنود القوات السوفييتية من أصل أوكراني، وفي تشكيلات المشاة ضمن الجبهات الأوكرانية الأربعة التي حرّرت أوروبا الشرقية وساهمت في اقتحام برلين، بلغت نسبتهم ما بين 60 و80%. كما قدّمت أوكرانيا للجيش السوفييتي سبعة قادة جبهات وجيوش، و200 جنرال، وأكثر من ستة ملايين جندي.
وفضلاً عن ذلك، قاتل أكثر من 130 ألف أوكراني في صفوف جيوش دول التحالف المناهضة لهتلر، ومنهم نحو 80 ألفاً في الجيش الأمريكي، و45 ألفاً في

جيوش الإمبراطورية البريطانية وكندا، و6 آلاف في الجيش الفرنسي. وقد شاركوا في معارك شمال أفريقيا، وإنزال النورماندي، ومعركة مونتي كاسينو.
وفي شمال أفريقيا، شارك الأوكرانيون في القتال ضمن الجيوش البريطانية والكندية والأمريكية، وخاصة في معارك ليبيا ومصر وتونس والجزائر. وفي معركة العلمين التي دارت رحاها بين أكتوبر ونوفمبر 1942 على الأراضي المصرية، قاتل الأوكرانيون ضمن صفوف الجيش البريطاني الثامن بقيادة الجنرال برنارد مونتغمري، وكانت تلك المعركة نقطة تحوّل حاسمة أوقفت تقدم قوات المحور بقيادة الجنرال الألماني إرفين رومل.
إن إسهام الأوكرانيين في إسقاط النازية واضح، عميق، ولا يمكن تجاهله. ومن هنا فإن محاولات الاتحاد الروسي الحالي احتكار ذاكرة النصر تثير غضب المجتمع الأوكراني وسخطه. نرفض رفضاً قاطعاً التلاعبات التاريخية التي يمارسها الكرملين، ومساعيه لتهميش الدور الأوكراني ودور باقي الشعوب، وسرقة صفة “المنتصر الأوحد”، وتحويل مأساة الأمم إلى عبادة أيديولوجية تخدم أجندات سلطوية.

ليس من حق أي دولة أن تدّعي احتكار شرف النصر على النازية، إذ كان ذلك نصرًا مشتركاً لعشرات الدول ومئات الشعوب. ومن غير المقبول أخلاقياً استخدام هذا الإرث لتبرير جرائم جديدة، كما تفعل روسيا اليوم، بمحاولتها تشريع عدوانها على أوكرانيا ودول أخرى، عبر تسخير رمزية الحرب العالمية الثانية كأداة للتوسع والهيمنة.

ومما يُذكر أن الحرب العالمية الثانية بدأت بتحالف بين نظامين شموليين: الرايخ الثالث النازي والاتحاد السوفيتي الشيوعي اللذين اقتسما أوروبا، ونظّما استعراضاً عسكرياً مشتركاً في مدينة بريست يوم 22 سبتمبر 1939، احتفالاً بهذا التحالف. ورغم أن عام 1945 جلب معه السلام المنتظر، إلا أنه لم يحقق الحرية لكثير من الدول الأوروبية. إذ وقعت أوكرانيا، وليتوانيا، ولاتفيا، وإستونيا، وبولندا وسواها، تحت نير الاحتلال السوفيتي، لتستبدل شمولية بأخرى.
واليوم، وبعد أكثر من ثلاثة عقود من استقلال أوكرانيا المعترف به دوليًا، تتعرض البلاد لحرب غاشمة، غير مبررة، تشنها روسيا ضد شعبٍ كان من بين المنتصرين على النازية، ودفع ثمنًا باهظًا من أجل حرية أوروبا وسلامها. وخلال هذه الحرب، ارتكبت القوات الروسية مئات الآلاف من جرائم الحرب: إعدامات جماعية، مقابر جماعية، اغتصاب، نهب، احتجاز رهائن مدنيين، تعذيب، إعدامات لأسرى الحرب، قصف أحياء سكنية، واستهداف للبنية التحتية المدنية. وكل ذلك على يد جيشٍ يستعرض قوته يوم 9 مايو في الساحة الحمراء بموسكو. هؤلاء ليسوا محرري أوروبا، بل محتلون ومجرمو حرب. من يسير معهم اليوم في صفٍّ واحد إنما يشارِكهم المسؤولية عن دماء الأطفال الأوكرانيين والمدنيين والعسكريين الذين سقطوا ضحايا.

واليوم، وبعد عقود من سقوط النازية والشيوعية، يواجه العالم تهديدًا جديدًا يتمثل في “الراشيزم” — مزيج روسي من الفاشية والنازية، يتغذى على الشمولية والإمبريالية والعسكرة وكراهية الآخر. ويقوم هذا الفكر على مصادرة إرث النصر وتحويله إلى طقوس عبادة للحرب، إذ تُذكّر مزاعم موسكو بـ”حماية الناطقين بالروسية” في دول الجوار بالدعوات النازية لـ”الحيز الحيوي”. بالنسبة للكرملين، حدود روسيا حيث تُسمَع لغتها، أي لا حدود لها.
إن مقاومة الأوكرانيين اليوم ليست فقط دفاعًا عن استقلالهم وسيادتهم، بل معركة من أجل أوروبا كلها، ومن أجل نظام دولي عادل، ومن أجل الأمن والحرية للجميع. ذلك أن العدوان الروسي لا يطال أوكرانيا وحدها، بل يشمل احتلال أراضٍ جورجية، وخضوع بيلاروسيا، وزعزعة الاستقرار في أرمينيا ومولدوفا، وتهديدات مباشرة لكازاخستان ودول البلطيق وبولندا. كما تمضي روسيا في الداخل بسياسات قمع ممنهجة ضد شعوب شمال القوقاز وتتارستان وباشكورستان وغيرهم، في ظل عملية روسيفيكية (أيْ ترويس) شاملة.

تدفع أوكرانيا ثمنًا باهظاً لكي ينعم هذا العالم بفرصة للسلام الحقيقي. ولن تُبنى بنية أمنية جديدة إلا بهزيمة “الراشيزم”، عبر تحرير الأراضي الأوكرانية كاملة، ومحاسبة روسيا على جرائمها، وضمان عدم تكرار العدوان.
ولتكريس سرديتها الخاصة، ترفض روسيا المعاصرة إحياء اليوم العالمي لذكرى ضحايا الحرب في 8 مايو، وتحتفل بدلاً منه في 9 مايو كجزء من بروباغندا الدولة.
أما بقية دول العالم، فقد اختارت أن يكون 9 مايو يومًا لأوروبا، رمزاً للسلام والمساواة والديمقراطية والوحدة الطوعية بين الشعوب. هذا هو الخيار الحضاري الذي اتخذته أوكرانيا بسعيها للانضمام إلى الأسرة الأوروبية، القائمة على قيم الحرية والكرامة وحقوق الإنسان.
نحن لا ننسى أيّاً من المحاربين القدامى الذين واجهوا جحيم الحرب العالمية الثانية، أولئك الذين دافعوا عن بيوتهم، والذين قاتلوا في جيوش الحلفاء، والذين حلموا بالحرية دون أن يعرفوا إن كانت ستتحقق أم لا. اليوم، تتجسّد تضحياتهم مجددًا في نضالنا المعاصر ضد شر جديد. وتفرض علينا ذكرى ضحايا النازية والشيوعية مقاومة حيّة وفاعلة: ألا نكتفي بالشعارات، بل أن نواجه؛ ألا نصمت، بل نقول الحقيقة؛ ألا نظل غير مبالين، بل نختار الحرية لأوكرانيا، لأوروبا، وللعالم أجمع.

Tags: أوكرانياالسفير ميكولا نهورني

مقالات مشابهة

  • الفرق بيننا وبينهم
  • ناشطات وإعلاميات لـ”الأسرة”:إن الشعار سلاح وموقف ووعد تحقق من مران إلى العالم أجمع
  • معارضو اجتماع اتحاد الكرة: لا مقاطعة والمدرب أرنولد خيارنا جميعاً
  • إذا بليتم فاستتروا.. هل ثبتت هذه المقولة عن النبي؟ عالم أزهري يوضح
  • بابا الفاتيكان في أول كلمة له: السلام عليكم جميعا
  • عاجل من صنعاء.. المجلس السياسي الأعلى يكشف كيفية الرد على العدوان الإسرائيلي وتوقيته
  • السياسي الأعلى: اليمن يتموضع بقوة في المنطقة ويواصل دعم غزة
  • أحفاد محرري أوروبا من النازية يدافعون عن العالم اليوم ضد الإمبريالية الروسية
  • الأرض للروس والمعادن للأميركان.. ماذا ستفعل الترامبية بالعالم؟
  • شتاء نووي يهدد الأرض: كيف يمكن لحرب بين الهند وباكستان أن تجلب المجاعة والتجمّد للعالم؟