لم يكن خروج المنتخب المصري من كأس العرب الأخيرة مجرد تعثر رياضي عابر، بل جاء ليضيف حلقة جديدة إلى سلسلة الإخفاقات التي تضرب كرة القدم المصرية منذ سنوات، بدءا من السقوط المدوي لمنتخب الشباب في كأس العالم، وصولا إلى الأداء المرتبك والنتائج المخزيه للمنتخبات الوطنية بمختلف فئاته، وآخرها فضيحة المنتخب الثاني بقيادة حلمي طولان فى كأس العرب.

الإقصاء من كأس العرب ليس مجرد نتيجة مخيبة، بل مؤشر إضافي على أزمة شاملة تطال المنظومة بأكملها من دون استثناء، بأداء باهت، غياب استقرار فني، تراجع مستوى الدوري المحلي، وضعف في إنتاج المواهب الشابة.

وازدادت حالة الإحباط بعد المشهد المقلق الذي فرضه خروج منتخب الشباب قبل أشهر، ما فجر موجة انتقادات واسعة تجاه أداء المنتخبات الوطنية وبرامج التطوير التي باتت شبه غائبة.

فالمنافسة لم تصبح فقط مع القارة الإفريقية، بل مع كرة عربية تتطور بسرعة فائقه، ومصر لم تعد تحتمل إخفاقا جديدا، فالمشهد العام يوحي بأن الكرة المصرية تقف اليوم في مفترق طرق وسط مخاوف جماهيرية متصاعدة من تكرار الصدمات في الاستحقاق القاري المقبل “كأس الأمم الإفريقية”، في ظل حالة عدم الثقة بقدرة المنتخب الحالي على استعادة أمجاد بطولات 2006 و2008 و2010 حين كان الفراعنة رقما صعبا في القارة السمراء.

ولا يخفى على القائمين على كرة القدم أو الجماهير أن المنتخب الأول تحت قيادة حسام حسن لم يصل بعد إلى مستوى الجاهزية الفنية أو الإدارية للمنافسة على اللقب القاري.

ورغم أن النقاش العام يتركز غالبا على اللاعبين والمدربين، إلا أن جوهر الأزمة يتجاوز ذلك بكثير، فالمنظومة الرياضية لم تعد قادرة على مواكبة التطور العالمي في كرة القدم، فيما تراجع الدوري المصري بفعل اضطراب جدول المباريات فى الدوري الممتاز ودروي الدرجة الثانية، والضعف البدني الواضح، وغياب التخطيط طويل المدى.

في الوقت الذي تعاني فيه الكرة المصرية من التراجع، تعيش الكرة المغربية طفرة مبهره، سواء في كأس العالم أو تتويجات قارية متتالية لأنديتها، بجانب صعود لافت للمستوى الفني في السعودية وقطر والإمارات.

النجاح المغربي لا يعود فقط إلى وفرة المحترفين في أوروبا، بل نتيجة مشروع بدأ قبل أكثر من عشر سنوات يعتمد على بنية تحتية حديثة، وأكاديميات لرعاية الموهوبين، واستقرار فني وإداري، بينما لا تزال الكرة المصرية عالقة في دائرة الأخطاء المتكررة.

النهضة المغربية أصبحت نموذجا يحتذى به بعد أن اقترنت بالتخطيط الطويل ومحاربة الفساد، وهو ما تفتقده الرياضة المصرية التي لا تزال بحاجة إلى إصلاحات جذرية تعيدها إلى موقع الريادة.

فالأزمة باتت هيكلية بسبب التغيرات المستمر في الأجهزة الفنية، وغياب رؤية طويلة المدى، المسئول عنها اتحاد الكرة الذى يدير المشهد بشكل غير احترافي بقرارات ارتجالية تربك المنتخبات في مختلف الأعمار، بجانب عدم الاهتمام ببرامج تطوير الناشئين وتراجع إنتاج المواهب القادرة على المنافسة الدولية.

وفي ظل هذا المناخ المضطرب يصبح من الصعب بناء مشروع كروي حقيقي، بينما يزداد الضغط على المنتخبات قبل الظهور في بطولات عالمية وقاريه، لينتهي بنا المطاف بالخروج صفر اليديدن من معظم البطولات طوال السنوات الماضية.

يؤكد خبراء الإعداد البدني أن الفارق بين اللاعب المصري ونظيره الإفريقي أو العربي لم يعد مهاريا بقدر ما هو بدني، فمع توقف الأندية عن الاستثمار في برامج اللياقة الحديثة تراجع الأداء البدني للاعبين بشكل واضح، وهو ما يظهر عند مواجهة منتخبات شمال إفريقيا الأكثر جاهزية وقوة.

بينما يرى خبراء التدريب أن الأزمة الأكبر تكمن في تراجع منظومة الناشئين، إذ تعتمد أغلب الأندية الكبرى على شراء اللاعبين بدل صناعة جيل جديد، وفي وقت تبني فيه الدول العربية وعلى رأسها المغرب مراكز تكوين تضاهي الأكاديميات الأوروبية، ما زالت قطاعات الناشئين المصرية تدار بأساليب تقليدية تفتقد للرؤية.

أكبر نجاحات الكرة المصرية في تاريخها جاءت حين كان هناك مشروع واضح واتحاد مستقر وأهداف طويلة المدى، أما اليوم فالمشهد مختلف تماما: لا رؤية، ولا تخطيط، ولا استمرارية، بل قرارات متلاحقة معظمها وفقا للأهواء والانتماء، وهو ما يعمق الفوضى داخل المنتخبات والأندية.

الأزمة الحالية أعمق من مجرد خروج من بطولة، فهي نتيجة غياب مشروع حقيقي يربط بين المنتخبات والأندية، وتبني معايير واضحة للتطوير الفني والبدني والإداري، وإذا أرادت الكرة المصرية أن تستعيد موقعها الطبيعي فعليها التخلي عن الحلول المؤقتة والبدء في بناء المنظومة من القاعدة إلى القمة.

المصدر: بوابة الوفد

كلمات دلالية: منتخب مصر كأس العرب منتخب الشباب كاس العالم كأس الأمم الإفريقية الکرة المصریة

إقرأ أيضاً:

حلمي طولان: شخص واحد المسؤول عن إهانة الكرة المصرية وإيقاف الدوري أو استمراره .. الجميع يعرفه

شنّ المدير الفني للمنتخب الوطني الثاني حلمي طولان هجومًا حادًا على طريقة إدارة الكرة المصرية، مؤكّدًا أن إخفاق المنتخب في بطولة كأس العرب، والخروج المبكر من مرحلة المجموعات بعد الخسارة أمام الأردن بثلاثية دون رد، لم يكن نتيجة أداء اللاعبين فقط، بل بسبب قرارات إدارية أثّرت بشكل مباشر على التجهيز والإعداد.

حلمي طولان: منتخب مصر الثاني وُلِد يتيمًا.. ولا أتهرب من المسؤولية رغم غياب الدعم

وقال طولان في تصريحاته بالمؤتمر الصحفي عقب المباراة:"المسؤول عن هذه الإهانة للكرة المصرية هو واحد فقط، واحد فقط! هو المسؤول عن إيقاف الدوري أو استمرار الدوري، كل شيء بيده ومعروف للجميع."
وتابع أن القرار كان له أثر مباشر على تحضير المنتخب الوطني الثاني، إذ لم تُمنح الفرصة لإقامة فترة إعداد مناسبة قبل انطلاق البطولة، معتبراً أن ذلك كان عاملاً رئيسيًا في الأداء الباهت الذي ظهر به الفريق طوال المنافسات.

وأوضح طولان أن المنتخب تكون قبل بطولة كأس العرب ثلاثة أشهر فقط، وهي فترة قصيرة لا تكفي لإعداد منتخب قادر على مواجهة فرق جاهزة ومترابطة على المستوى الفني والبدني. وأكد أن الاتحاد المصري لكرة القدم رفض تأجيل الدوري لإتاحة الفرصة للاعبين للتدريب والانخراط الكامل مع المنتخب، رغم أن بقية المنتخبات المشاركة في البطولة أوقفت مسابقاتها المحلية بالكامل، مما أعطى فرقها ميزة كبيرة في الإعداد والانسجام.

وأضاف طولان:"هذا المنتخب كان بحاجة لكل دقيقة إعداد ممكنة، لكننا دخلنا البطولة دون خطة كافية، دون تجهيز مناسب، ودون فرصة للاعبي الدوري للانخراط الكامل في المشروع، وهذا انعكس مباشرة على النتيجة."

وأشار إلى أن الأمر لا يتعلق باللاعبين فقط، مؤكداً أنه يتحمل مسؤولية الاختيار والإعداد بالكامل، لكنه شدّد على أن الإدارة لم تقدم الدعم المطلوب، وأنه كان يفتقد التنسيق والتعاون الكامل من الجهات المسؤولة عن اتخاذ القرارات الحاسمة.

وتأتي تصريحات طولان بعد خروج المنتخب الوطني الثاني من مرحلة المجموعات عقب خسارة أمام الأردن، بعد أن اكتفى الفريق بالتعادل أمام الكويت والإمارات في الجولتين الأولى والثانية، ما أدى إلى وداع البطولة رسميًا بلا أي فوز، وسط أداء وصف بأنه "باختصار بلا هوية ولا شكل تكتيكي".

مقالات مشابهة

  • الكرة المصرية تواصل الانهيار بعد فضيحة مباراة الأردن
  • بركات: بعض لاعبي الكرة المصرية مستمرون حتى الآن بماضيهم فقط دون إضافات تذكر
  • حسام البدري: الكرة المصرية تحتاج خطة واضحة.. ودعم محمد صلاح «واجب» |فيديو
  • «أبومسلم»: اختيارات المنتخب بكأس العرب بـ «الواسطة».. ولا يوجد تخطيط للكرة المصرية
  • أبو مسلم: اختيارات المنتخب بكأس العرب بها مجاملات .. ولا يوجد تخطيط للكرة المصرية
  • حسام البدري: الكرة المصرية تحتاج خطة واضحة.. ودعم صلاح واجب
  • شبانة يفتح النار على منظومة الكرة المصرية: خروج مصر فضيحة.. ومعندناش أي شخصية
  • حلمي طولان: شخص واحد المسؤول عن إهانة الكرة المصرية وإيقاف الدوري أو استمراره .. الجميع يعرفه
  • حلمي طولان يفتح النار على مسئولي الكرة المصرية بعد الخروج من كأس العرب