إدارة مشروع الجزيرة ورهنها لأصول المشروع

* الصديق عبد الهادي

يمر السودان بفترة عصيبة من تاريخه، والحرب ترمي بثقلها الآن على كل مناحي الحياة فيه. يتفق الجميع من مهنيين وخبراء ومنظمات دولية على ان احتمال المجاعة أصبح كبيراً، وأن لابد من مجابهتها.

إن الخطوة الأولى في المجابهة هي إنجاح المواسم الزراعية في مختلف المشاريع الزراعية في البلاد، وعلى رأس هذه المشاريع يأتي وبالضرورة مشروع الجزيرة، هذا المشروع والذي بالرغم من أهميته لم يحظ باهتمام الدولة ولا بإهتمام القائمين على أمر الدولة الآن.

وكل ذلك يتم عن قصد وبتخطيط مسبق. فهذا المشروع مستهدف في وجوده.

إن وزير المالية الحالي، وهو أحد مخططي إنقلاب 25 أكتوبر المشئوم، له موقفه الواضح والمعلن تجاه المشروع والمتمثل في رفضه لتسهيل أي عملية تمويل إنتاجية خاصة بالمشروع، بل وتمنعه وعدم إلتزامه بكلمته. وقد يذكر الناس عامة والمزارعون خاصةً عندما حنث بكلمته ورفض شراء انتاج القمح من المزارعين بدعوى أن القمح المستورد سعره أرخص! بالطبع لا يمكن لأي إقتصادي أن يقول بذلك، دعك من ان يكون مسئولاً، وذلك لأن أي منتج محلي يختزن قوة عمل وطنية، فمن أجل صون هذه الميزة لوحدها يتم الدعم غير المحدود للمزارع في كل بلدان العالم، فقيرها وغنيها. وهو مما يعني أن بإستيرادك للقمح فكانك تقوم بتصدير فرص العمل الي الدول التي تستورد منها! “ودي ما دايرة ليها درس عصر”، كما يقول المثل السوداني السائر!

إن إدارة مشروع الجزيرة، وكما أشرت إلى ذلك من قبل، هي متماهية مع سلطة الإنقلاب قلباً وقالباً. وإستناداً علي ذلك التماهي تتخلى الآن وزارة المالية عن مسئوليتها القانونية والأخلاقية تجاه المشروع والمزارعين، وتوكل مهمة التحلل منها لإدارة مشروع الجزيرة، التي جاءت لتعلن وبطريقةٍ مخاتلة بأن أمر التمويل ليس من مهامها، ولكنها ستقوم برهن أصول المشروع للبنك الزراعي لأجل توفير التمويل لهذا الموسم، وذلك وفقاً للتخويل الممنوح لها من وزير المالية!. ان الموقف الإداري الصحيح هو أن ترفض الإدارة التخويل مبدأً دعك من قبول تنفيذ جريمة رهن أصول المشروع! والسؤال هنا، لماذا لا تقوم وزارة المالية بفعل ذلك بنفسها؟. إن منْ له القدرة أن يخول القيام بفعلٍ ما، يمكنه ان يقوم بتنفيذ ذلك الفعل بنفسه!.

إنه، لابد أن يعلم الجميع أن القول الفصل في أمر أصول مشروع الجزيرة، دائماً وأبداً، يعود للمزارعين وحدهم، ولا غيرهم. فما تقوم به وزارة المالية تحت عباءة إدارة مشروع الجزيرة وكذلك البنك الزراعي هو “عطاء من لا يملك لمن لا يستحق”. فما تقوم به إدارة المشروع هو إنتحال لحق ليس بحقها. فالغياب القسري لمجلس الإدارة أو للجسم الذي يمثل المزارعين، لا يعطي الإدارة الحق في التجاوز. فما تقوم به الإدارة يعد جريمة. إن الذي تجب معرفته هو أن التمويل حق بالنسبة للمزارع ولا يجب استخدامه أداةً لإذلاله أو إبتزازه.

هناك عدة أسئلة واستفسارات في شأن هذا التمويل أولاً ومن ثم في الوضع الحقيقي للمشروع الآن وفي الوقت الراهن.

نعلم جميعاً أن بلادنا تمر بظروف إستثنائية تستوجب التعامل معها بطرق إستثنائية وبحس وطني كذلك. فإذا كانت هذه هي الصورة أمامنا فلماذا الذهاب إلى وضع اليد على أصول المشروع بدلاً من التفكير وبحس وطني في صيغة أخرى للتمويل وبالشراكة؟!، بالقطع لن يفعلوا او يفكروا في صيغٍ بديلة لأنهم، أي في إدارة المشروع والبنك الزراعي، يعرفون “الوضع الحقيقي للمشروع الآن وفي الوقت الراهن”!.

عليه، فطالما أن الامر أصبح متعلقاً بأصول المشروع فيجب على الإدارة القيام بنشر العقد الذي تم توقيعه اولاً، ومن ثم ثانياً نشر تفاصيل الأصول التي تمّ رهنها. لأنه من حق المزارعين معرفة كل ذلك.

إننا نفترض بإن قرار وضع أصول المشروع في مواجهة الرهن، وهو قرار جسيم، إستوجبته مستجدات لابد وان تكون قد حدثت وستجعل الموسم الزراعي الحالي مختلفاً من المواسم السابقة!. فالسؤال للإدارة، ما هو الجديد الذي طرأ، مثلاً، على حال شبكة الري المتهالكة بنسبة 85%، وجعلكم مستوثقون، وفي توقعاتكم، من إختلاف الإنتاج لهذا الموسم عما سبقه من مواسم، ولدرجة جعلتكم تقومون برهن الأصول وبهذا الإطمئنان؟

إنه، ومما نعلمه بحق، ووفقاً لتقارير الإدارة نفسها، أن معضلة الري وفي المواسم السابقة أخرجت مساحات كبير من دائرة الإنتاج وأوقعت عدداً كبيراً من المزارعين تحت طائلة البنوك وحتى هذه اللحظة. إن إدارة البنك الزراعي هي الأخرى تعلم بذلك. فإذا كان هذا هو الحال وما زال قائماً، فهذا يعني أن هناك تواطئاً مبرماً، بين كل هذه الأطراف المعنية، على إستهداف أصول المشروع.

فما أود قوله، هو أن جميع هذه الأطراف تسعى، وبكامل العلم والإرادة وبعجزها كذلك، إلى خلق فتنة مؤكدة، وفي وقتٍ لا تنقص البلاد فيه الفتن. إن مشروع الجزيرة، بل والسودان قاطبة يستحقان أفضل مما هو حادث فيهما الآن.
في الختام، أتمنى لشعبنا ولبلادنا كل الخير،

* رئيس مجلس إدارة مشروع الجزيرة

الوسومالحرب السودان الصديق عبد الهادي مشروع الجزيرة

المصدر: صحيفة التغيير السودانية

كلمات دلالية: الحرب السودان مشروع الجزيرة أصول المشروع

إقرأ أيضاً:

مشروع رايزوتوب: تقنية مشعة لمكافحة صيد وحيد القرن في جنوب أفريقيا

المبادرة التي تحمل اسم "مشروع رايزوتوب" (Rhisotope Project)، تهدف إلى جعل قرون وحيد القرن قابلة للاكتشاف بسهولة أثناء محاولات تهريبها، دون أن تُعرّض الحيوان لأي ضرر صحي. اعلان

أطلقت جامعة ويتواترسراند في جنوب أفريقيا، بالتعاون مع خبراء في الطاقة النووية وجهات معنية بالحفاظ على الحياة البرية، مشروعًا رائدًا لمكافحة الصيد غير المشروع، من خلال حقن قرون وحيد القرن بنظائر مشعة غير ضارة، يمكن رصدها عبر أجهزة الكشف في المطارات والمعابر الحدودية.

المبادرة التي تحمل اسم "مشروع رايزوتوب" (Rhisotope Project)، تهدف إلى جعل قرون وحيد القرن قابلة للاكتشاف بسهولة أثناء محاولات تهريبها، دون أن تُعرّض الحيوان لأي ضرر صحي. ويأتي إطلاق المشروع بعد نجاح تجارب أولية العام الماضي، شملت نحو 20 وحيد قرن في محمية طبيعية، مهّدت الطريق لإطلاق الحملة الجديدة التي بدأت بحقن خمسة حيوانات.

Related شاهد: الملك تشارلز الثالث وزوجته يداعبان وحيد القرن في متنزه للحيوانات في كينياأكبر مزرعة في العالم لحماية وحيد القرن تعرض للبيع في مزاد في جنوب أفريقيا فيديو: تكاثر غير متوقع لحيوانات وحيد القرن الإفريقي بعد أن كانت مهددة بالإنقراض

وقال جيمس لاركن، كبير العلماء في المشروع، إن اختبارات المرحلة التجريبية أثبتت "بما لا يدع مجالًا للشك العلمي، أن العملية آمنة تمامًا وفعالة في جعل القرون قابلة للكشف بواسطة أنظمة النظائر المشعة في الجمارك الدولية".

وأضاف أن قرون وحيد القرن المحقونة يمكن اكتشافها حتى داخل حاويات شحن بطول 40 قدمًا، كما أن مستويات الإشعاع المستخدمة منخفضة بما يكفي لضمان سلامة الحيوان، لكنها كافية لتحفيز أجهزة الإنذار في نقاط التفتيش.

ووفقًا للاتحاد الدولي لحفظ الطبيعة (IUCN)، فقد انخفض عدد حيوانات وحيد القرن عالميًا من نحو 500 ألف مطلع القرن العشرين إلى ما يقارب 27 ألفًا اليوم، بسبب تزايد الطلب على قرونه في السوق السوداء، لا سيما في آسيا. وتُعد جنوب أفريقيا موطنًا لنحو 16 ألفًا من هذه الحيوانات، لكنها تواجه معدلات مرتفعة من الصيد الجائر، إذ يُقتل ما يقرب من 500 وحيد قرن سنويًا لأغراض تجارية غير مشروعة.

ودعت الجامعة السلطات الوطنية ومالكي المحميات الخاصة إلى تبنّي المشروع وتوسيع نطاق تطبيقه، في محاولة لوقف نزيف أعداد هذا الحيوان المهدد بالانقراض.

انتقل إلى اختصارات الوصول شارك هذا المقال محادثة

مقالات مشابهة

  • تدشين زراعة ألفي شتلة سدر في الحديدة ضمن مشروع المحميات النحلية
  • تسلّم مولداً كهربائياً لمشروع مياه سردد في مديرية الرجم
  • شركة سرت تُنجز مشروعًا متقدّمًا لمراقبة جودة الهواء في مواقعها النفطية
  • الأشغال” تُنجز المرحلة الأولى من مشروع طريق معان
  • "الجهاد": زيارة ويتكوف محاولة مكشوفة لتجميل بشاعة الاحتلال
  • سليم سحاب: مشروع اكتشاف المواهب في قصور الثقافة ينشط الحياة الفنية
  • مشروع رايزوتوب: تقنية مشعة لمكافحة صيد وحيد القرن في جنوب أفريقيا
  • هل نفّذت إدارة الشرع في السويداء ما أرادته إسرائيل؟
  • تدشين إعادة تأهيل مشروع بئر الغول في الراهدة
  • اجتماع موسع بمصيرة لمتابعة مشروع ميناء متعدد الأغراض