ورد إلى دار الإفتاء المصرية، سؤال يقول (ما حكم صلاة الجنازة والقيام بالدفن في أوقات الكراهة؟

حكم الثناء على الميت أثناء الدفن.. دار الإفتاء تجيب هل يجوز تقبيل الميت قبل الدفن ؟ دار الإفتاء تحدد الضوابط الشرعية

وأجابت دار الإفتاء، على السؤال، بأن المقصودُ بأوقاتِ الكراهة هي الأوقاتُ التي تُكرَه فيها الصلاة، وهي خمسة أوقات -على خلافٍ بين الفقهاء في عَدِّها-: ما بَعْدَ صلاة الصبح حتى تَطْلُع الشمس، وعند طُلُوعِها حتى تَتَكامل وترتفع قَدْر رُمْحٍ، وإذا استوت الشمس حتى تَزول، وبعد صلاة العصر حتى تغْرُب الشمس، وعند الغروب حتى يتكامل غروبها.

وأجمع الفقهاء على صحة ومشروعية أداء صلاة الجنازة في وقت ما بعد صلاة الصبح وحتى تطلع الشمس، أو بعد صلاة العصر وحتى تغرُب الشمس.

قال الإمام ابن المنذر في "الأوسط" (2/ 397، ط. دار طيبة): [وإجماع المسلمين في الصلاة على الجنائز بعد العصر وبعد الصبح] اهـ.

وقال الإمام النووي في "المجموع" (4/ 172، ط. دار الفكر): [وأجمع المسلمون على إباحة صلاة الجنائز بعد الصبح والعصر، ونقل العبدري في كتاب (الجنائز) عن الثوري، والأوزاعي، وأبي حنيفة، وأحمد، وإسحاق: أن صلاة الجنازة منهي عنها عند طلوع الشمس، وعند غروبها، وعند استوائها، ولا تكره في الوقتين الآخرين] اهـ.

أما أداؤها عند طلوع الشمس أو إذا استوت حتى تزول أو عند الغروب؛ فقد اختلف الفقهاء في جواز ذلك:

فذهب الشافعية والحنابلة في روايةٍ إلى جوازها في أيٍّ من هذه الأوقات ما دام حصل ذلك اتفاقًا ولم يُتحرى صلاتها في أوقات الكراهة؛ لأنها فرضٌ في الجملة فيصح أداؤها في سائر الأوقات كالفرائض، وقياسًا على قضاء الفوائت، كما أنها من الصلوات ذوات الأسباب التي وردت النصوص بجوازها من غير تحديد وقتٍ، ووافقهم المالكية عند خشية تغيرها.

بينما ذهب الحنفية والمالكية إن لم يخف الفساد -وباستثناء وقت الزوال؛ لعدمه محلًّا عندهم-، والحنابلة في معتمد مذهبهم إلى عدم جواز صلاة الجنازة في هذه الأوقات.

فَعَنْ عُقْبَةَ بْنِ عَامِرٍ الْجُهَنِيِّ رَضِيَ اللهُ عَنْهُ، قَالَ: "ثَلَاثُ سَاعَاتٍ كَانَ رَسُولُ اللهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَآلِهِ وَسَلَّمَ يَنْهَانَا أَن نُصَلِّيَ فِيهِنَّ، أَوْ أَن نَقْبُرَ فِيهِنَّ مَوْتَانَا: «حِينَ تَطْلُعُ الشَّمْسُ بَازِغَةً حَتَّى تَرْتَفِعَ، وَحِينَ يَقُومُ قَائِمُ الظَّهِيرَةِ حَتَّى تَمِيلَ الشَّمْسُ، وَحِينَ تَضَيَّفُ الشَّمْسُ لِلْغُرُوبِ حَتَّى تَغْرُبَ»" أخرجه الإمام مسلم في "صحيحه".

وأكدت أن المختار للفتوى: جواز صلاة الجنازة في كلِّ وقت، بما في ذلك أوقات الكراهة ما دام قد وقع ذلك عَرَضًا واتفاقًا لا عن قصدٍ وتحرٍّ، وهو محمول حديث عقبة رضي الله عنه، لا الكراهة المطلقة.

فَعَنِ ابْنِ عُمَرَ رَضِيَ اللهُ عَنهُمَا أنَّ رَسُولَ اللَّهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَآلِهِ وَسَلَّمَ قال: «لَا تَحَرَّوْا بِصَلَاتِكُمْ طُلُوعَ الشَّمْسِ وَلَا غُرُوبَهَا» أخرجه الشيخان.

قال الإمام النووي في "المجموع" (5/ 302-303): [الدفن في الأوقات التي نُهي عن الصلاة فيها إذا لم يتحرَّه: ليس بمكروه عندنا، نص عليه الشافعي في "الأم" في باب: "القيام للجنازة"، واتفق عليه الأصحاب، ونقل الشيخ أبو حامد في أول باب: "الصلاة على الميت" من تعليقه، والماوردي، والشيخ نصر المقدسي، وغيرهم: إجماع العلماء عليه، وثبت في "صحيح مسلم" رحمه الله عن عقبة بن عامر رضي الله عنه قال: "ثلاث ساعات نهانا رسول الله صلى الله عليه وآله وسلم عن الصلاة فيها، وأن نقبر فيها موتانا، وذكر وقت طلوع الشمس واستوائها وغروبها" وأجاب الشيخ أبو حامد، والماوردي، ونصر المقدسي، وغيرهم بأن الإجماع دلَّ على ترك ظاهره في الدفن. وأجاب القاضي أبو الطيب، والمتولي، وغيرهما بأن النهي عن تحرِّي هذه الأوقات للدفن وقصد ذلك. قالوا: وهذا مكروه، فأما إذا لم يتحره: فلا كراهة، ولا هو مراد الحديث] اهـ.

وَمَحَلُّ اختلاف الفقهاء إنما هو حال السعة والاختيار لا الضيق والاضطرار كخوف التغير والفساد؛ لأنه إذا مسَّت الحاجة إلى فعل مكروه: انتفت كراهته، فقد تقرر شرعًا أن: "الكَرَاهَةَ تَزُولُ بِأَدْنَى حَاجَةٍ"؛ كما في "غذاء الألباب" للعلَّامة شمس الدين السفاريني (2/ 22، ط. مؤسسة قرطبة)، وأنه: "يُفْعَلُ فِي الاضطِرَارِ مَا لَا يُفْعَلُ فِي الاخْتِيَارِ"؛ كما في "الحاوي الكبير" للإمام الماوردي (14/ 359، ط. دار الكتب العلمية).

وبناء على ذلك: فصلاة الجنازة والقيام بدفن الميت في أوقات الكراهة صحيح شرعًا، بَعْدَ صلاة الصبح حتى تَطْلُع الشمس، وبَعْدَ صلاة العصر حتى تغْرُب الشمس بإجماع الفقهاء، وكذا عند طُلُوعِ الشمس حتى تَتَكامل وترتفع قَدْر رُمْحٍ، وإذا استوت الشمس حتى تَزول، وعند الغروب حتى يتكامل غروب الشمس، والحال حال اختيارٍ لا اضطرارٍ، كما سبق بيانه.

المصدر: صدى البلد

كلمات دلالية: دار الإفتاء صلاة الجنازة الدفن الكراهة صلاة الجنازة دار الإفتاء ع الشمس ب الشمس الله ع

إقرأ أيضاً:

دعاء ثاني أيام عيد الأضحى.. «الإفتاء» تحدد عددا من الصيغ المستحبة

في ثاني أيام عيد الأضحى المبارك، يتوجه الكثير من المسلمين بالدعاء إلى الله تعالى، فهو من أحب العبادات إلى الله وأقربها إلى قلوب المؤمنين.

والدعاء في هذه الأيام الفضيلة له مكانة خاصة، حيث يجد الناس فيه فرصة للتضرع إلى الله وطلب المغفرة والرحمة.

دعاء ثاني أيام عيد الأضحى دعاء ثاني أيام عيد الأضحى

في السياق ذاته، قامت دار الإفتاء المصرية بنشر مجموعة من الأدعية المناسبة في ثان أيام عيد الأضحى، ومنها:

- «اللهم إنا نعوذ بك من الفراغ الذي يملأ العين والقلب، نستجير بك من حب الدنيا الزائلة والتعلق بها، حتى لا تشغلنا عن ذكرك وطاعتك يا رب العالمين».

- «يا الله، زين أيامنا بالتوبة الصادقة والمغفرة الواسعة، وأكرمنا بحسن الخاتمة».

- «اللهم اشفي قلوبنا المكسورة، وأعطنا من جبرك ما يدهش أهل السماوات والأرض، جبرًا يناسب كرمك وعظمتك يا أرحم الراحمين».

- «نسألك يا ربنا الرحمة والمغفرة، أصلح أولادنا ونياتنا، اجمع بين قلوبنا على الخير، ستر عيوبنا، فرج همومنا، اشف مرضانا، ارحم موتانا، انصر دينك، وسع أرزاقنا، وأمدد في أعمارنا بالصحة والعافية والعمل الصالح، واجعل قبور أحبابنا حدائق من جنات النعيم».

- «يا من وسعت رحمته كل شيء، يا من يبسط يديه بالعطاء، يا من يسمع كل نجوى، يا من يعلم كل شكوى، يا كريم العفو، يا عظيم المنن، يا من ينزل النعم قبل أن نستحقها».

يوم القر يوم القر

وجدير بالذكر أن يوم القر هو أول أيام التشريق الثلاثة، وسمي بهذا الاسم لأن الحجاج يستقرون في منى بعد وقوفهم بعرفة ومبيتهم في مزدلفة. في هذا اليوم لا يسافر الحجاج ولا يتحركون كثيرًا، بل يكون يومهم مليئًا بالراحة والطمأنينة.

هذا اليوم من أعظم الأيام عند الله، حتى أن النبي ﷺ قال في حديث صحيح: «أعظم الأيام عند الله يوم النحر، ثم يوم القر». وهذا يدل على مكانة هذا اليوم الكبيرة، فهو يأتي بعد يوم النحر مباشرة، وتشعر فيه النفوس بالراحة والهدوء بعد أداء أهم أركان الحج.

ماذا يفعل الحجاج في هذا اليوم؟

في يوم القر، يبقى الحجاج في منى ويقومون برمي جمرة العقبة الكبرى إذا لم يكونوا قد رموها من قبل. ثم يرمون الجمرات الثلاثة - الصغرى والوسطى والكبرى - بسبع حصيات لكل جمرة، مع التكبير أثناء الرمي. هذا الرمي يستمر بنفس الطريقة في أيام التشريق كلها.

الحجاج في هذا اليوم يكثرون من ذكر الله، كما أمر الله في القرآن: {واذكروا الله في أيام معدودات}، وهذه الأيام هي أيام التشريق التي منها يوم القر. ومن الأشياء المهمة في هذا اليوم أن الحاج يكمل شعائره، فيذبح الهدي إذا لم يذبحه في يوم النحر، ويحلق أو يقصر شعره، ويطوف طواف الإفاضة إذا لم يفعله من قبل.

اقرأ أيضاًأفضل دعاء لعيد الأضحى 2025؟ نصوص مأثورة وأدعية النبي ﷺ لهذا اليوم الفضيل

أفضل دعاء لجلب الخير والرزق والمغفرة.. ردده كما ورد عن النبي

اللهم افتح لنا أبواب البركة.. خير دعاء تبدأ به يومك

مقالات مشابهة

  • ما أخر موعد يجوز فيه نحر الأضحية؟.. الإفتاء تجيب
  • حكم نحر الأضحية رابع أيام عيد الأضحى.. الإفتاء تحدد 7 أمور مستحبة
  • ما الفرق بين طواف الإفاضة وطواف الوداع؟.. الإفتاء توضح اختلافين اثنين
  • تقسيم الميراث.. الإفتاء تكشف حكم توزيع الأب تركته على أبنائه قبل وفاته
  • وفاة بطل «سيارة البنزين».. دار الإفتاء: من مات محروقا شهيد
  • متى ينتهي رمي الجمرات في ثالث أيام عيد الأضحى؟ «الإفتاء» توضح
  • هل تقبل صلاة الجزار في ملابس ملطخة خلال نحر الأضحية؟ الإفتاء ترد
  • دعاء ثاني أيام عيد الأضحى.. «الإفتاء» تحدد عددا من الصيغ المستحبة
  • الإفتاء: الله شرع العيد لإدخال الفرحة والبهجة على المسلمين
  • هل تسقط صلاة الجمعة يوم العيد؟.. الإفتاء تجيب