بوابة الوفد:
2025-12-13@07:40:44 GMT

هذا الأمريكى النادر

تاريخ النشر: 6th, December 2023 GMT

من سوء الحظ أن تكون الأصوات العاقلة فى الولايات المتحدة الأمريكية قليلة، ولأنها قليلة فإنها لم تشكل بعد ما يمكن أن يكون بمثابة رأى عام.

ومنذ بدأت الحرب الإسرائيلية الوحشية على غزة، لا يكاد يوجد صوت أمريكى عاقل ينافس السيناتور بيرنى ساندرز، الذى يمثل ولاية فيرمونت فى الكونجرس، والذى ينتمى إلى الحزب الديمقراطى الحاكم فى البلاد.

هذا السيناتور يتبنى موقفًا أقل ما يوصف به أنه موقف شجاع، ورغم أنه موقف لم يؤثر فى مسار الحرب عمليًا، إلا أنه سوف يظل محسوبًا فى ميزان صاحبه، وسوف يظل كاشفًا عن بقية أصحاب المواقف الجبانة فى واشنطون.

فمنذ أن تبين للعالم أن إسرائيل تقتل الأطفال النساء والمدنيين فى قطاع غزة، خرج ساندرز ليقول إن هذه الحرب لا بد أن تتوقف، وأن الولايات المتحدة تستطيع أن توقفها، وأن ورقة المساعدات الأمريكية لإسرائيل أقوى الأوراق التى يمكن توظيفها، بل يجب توظيفها فى هذا السبيل، وأن على إدارة الرئيس الأمريكى جو بايدن أن تبادر إلى ربط الاستمرار فى تقديم المساعدات بوقف الحرب.. هذا موقف شجاع لا شك من جانب الرجل، وقيمته تأتى من أن صاحبه ينتمى إلى الحزب الحاكم، لا إلى الحزب الجمهورى الذى يجلس فى مقاعد المعارضة.

وعندما وصل عدد شهداء الحرب فى القطاع إلى ١٥ ألفًا، وعندما قيل وفق احصاءات موثوقة أن ٣٩% من العدد أطفال ونساء، عاد هذا السيناتور الديمقراطى يعترض من جديد، وعاد يقول إن وصول ضحايا الحرب من الغزاويين إلى هذا الرقم مسألة غير مقبولة.

قارن هذا الموقف من جانبه، بموقف هيلارى كلينتون التى تنتمى إلى الحزب نفسه، والتى لم تُضبط متلبسة يومًا بموقف من نوعية ما يتخذه ساندرز، فلما ذهبت إلى جامعة كولومبيا فى نيويورك قبل أيام، لاحقها الطلاب هناك وطاردوها وهُم يرددون: العار عليكِ.

ولا يقف ساندرز وحيدًا بموقفه فى عالمنا المعاصر، الذى بدا بلا قلب ولا مشاعر ولا أخلاق مع الغزاويين، وإنما هناك آخرون من الإسرائيليين أنفسهم يقفون إلى جواره، ومن بينهم الممثلة الإسرائيلية يولا بينيفولسكى التى تعيش فى كندا من سنين، والتى لم تحتمل ما تراه من مشاهد دموية على الشاشات، فأعلنت تنازلها عن جنسيتها الإسرائيلية، ولسان حالها يقول أن ما تراه لا يمكن أن يجتمع عندها مع الجنسية فى وقت واحد.

العالم لا يزال فيه أحرار، حتى ولو كانوا عاجزين عن تخليصه من قسوته وانعدام إنسانيته، وفى المقدمة منهم يأتى رجل مثل ساندرز الذى حشر بموقفه إدارة بايدن فى زاوية ضيقة، وأظهرها عارية أمام نفسها وأمام كل صاحب ضمير حى.

 

المصدر: بوابة الوفد

كلمات دلالية: خط احمر سوء الحظ الولايات المتحدة الحرب الإسرائيلية الوحشية غزة إلى الحزب

إقرأ أيضاً:

العداء الإثيوبي.. والصبر المصرى

تواجه إثيوبيا مشاكل وتحديات كبيرة تهدد وحدتها نتيجة الصراعات العرقية والأزمات الاقتصادية المتلاحقة، وكلما زادت الضغوط على الحكومة الإثيوبية والمخاوف من تفكك الاتحاد الفيدرالى الإثيوبي، تذهب الحكومة الإثيوبية إلى خلق مشكلة أو نزاع خارجى لشغل الرأى العام الإثيوبي عن مشاكله الداخلية من خلال تصريحات وخطابات عدائية مع الدول المجاورة، فى تناقض شديد للواقع الذى بدحض كل مزاعم إثيوبيا المضللة، ويؤكد اعتداءها على سيادة الدول ومخالفة كل قرارات الشرعية الدولية، وتزعزع الأمن فى منطقة القرن الافريقى، بداية من الاعتداء على دولة الصومال واحتلال ميناء بربرة على البحر الأحمر من خلال اتفاق غير شرعى مع الانفصاليين فى شمال الصومال مقابل اعتراف إثيوبيا للانفصاليين باستقلال هذا الاقليم فى خطوة شكلت انتهاكا لسيادة دولة ورفضها المجتمع الدولى والمنظمات الأممية وأدانتها جامعة الدول العربية، وتكرر الأمر نفسه مع الجارة اريتريا فى تصعيد إثيوبي جديد لدولة أخرى بهدف الحصول على منفذ بحرى بالقوة وعلى حساب سيادة الدول، وهو النهج نفسه الذى تتخذه إثيوبيا مع دول حوض النيل فى محاولة فرض أمر واقع مخالف للشرعية الدولية.

الأسابيع الأخيرة شهدت حملة عداء وتصعيدًا إثيوبيا ضد مصر، ومزاعم ومغالطات وصلت إلى حد إنكار اتفاقيات النيل عام 1920، 1929، وباقى الاتفاقيات الدولية التى تحفظ حقوق مصر التاريخية فى مياه النيل.. هذه الحملة الإثيوبية الممنهجة لم تأتِ من فراغ وإنما لأسباب جوهرية يأتى على رأسها انهيار الحلم الإثيوبي فى النهضة الشاملة جراء إنشاء هذا السد الذى روجت له واعتبرته مشروع القرن لتحويل إثيوبيا إلى مصاف الدول الاقتصادية الكبرى والخلاص من كل مشاكلها وخدعت الشعب الإثيوبي بالمساهمة فى إنشاء السد رغم ظروفه الاقتصادية الصعبة، وبعد مرور 15 عامًا على إنشاء السد وافتتاحه رسميًا، فاق الشعب الإثيوبي على صدمة كبيرة، وواقع أليم لم يتغير وحالة اقتصادية أكثر سوءًا.. الأمر الثانى الذى كشف الواقع الإثيوبي المذرى كان حالة الصبر المصرى اللامحدود فى المسار التفاوضى لسنوات رغم التلاعب الإثيوبي والهروب من التوقيع على اتفاق قانونى بشأن الجوانب الفنية وتشغيل السد، لتأتى المفاجأة بفشل إثيوبيا فى تشغيل السد بعد تعطل معظم التربونات عن العمل، واضطرار إثيوبيا لتصريف المياه بصورة عشوائية وبكميات هائلة بعد أن شكلت خطورة على جسم السد، وأدى الأمر إلى خسائر كبيرة فى السودان وتهديد مصر، وهو ما سبق أن حذرت منه مصر وكشفه الواقع والتجربة.

الحقيقة أن إثيوبيا فى مزنق شديد ما بين مطرقة الواقع فى فشل إدارة وتشغيل السد، وسندان مخالفة قرارات الشرعية الدولية بسبب قراراتها الاحادية المخالفة للقرارات الأممية التى تنظم الأسس الحاكمة للأنهار الدولية العابرة للحدود، وهو ما يدفع إثيوبيا للهروب من الواقع الذى تعيشه بأكاذيب وخطاب سياسى متطرف، تقابله مصر بأقصى درجات ضبط النفس.. إلا أن الأخطر من كل هذا هو الاعلان الإثيوبي الأخير عن إنشاء عدد من السدود الجديدة بحجة الاستفادة من المياه فى الزراعة، فى هروب جديد من فشل سد النهضة وصناعة أزمة جديدة مع مصر، ويبدو أن إثيوبيا ومن يقف خلفها، لا تعى أن مصر الآن، ليست مصر عام 2011 التى انشغلت بأزمتها الداخلية وكانت أولويتها الحفاظ على وحدتها واتقرارها المجتمعى فى مواجهة مخطط دولى كبير تحطم على صخرة الإرادة المصرية.. ومصر الآن قادرة على حماية أمنها القومى أينما وجد، وعلى رأسه حصتها فى مياه النيل، وعلى إثيوبيا أن تدرك أنها لن تستطيع وضع حجر واحد جديد على مجرى النيل الذى يشكل شريان الحياة لكل مصرى.

حفظ الله مصر

 

مقالات مشابهة

  • باريش أردوتش يشعل التريند بعد ظهوره النادر مع زوجته وتصريحاته المفاجئة عن العائلة ونجوم العرب
  • «فخ» كأس العرب
  • المصرى الأمريكى عصام فارس جاسوس لصالح ايران.. ما القصة وما علاقة سميرة موسى؟
  • فؤاد باشا سراج الدين .. الرجل الذى علم المصريين معنى الكرامة
  • الوجوه الثلاثة!!
  • «حزب الأمة» يدين قصف سوق كتيلا ويدعو لحماية المدنيين
  • العداء الإثيوبي.. والصبر المصرى
  • «السيسى» وبناء الدولة
  • تصريحات مشعل.. وواقعية حماس!
  • مي عز الدين تستذكر والدتها الراحلة بكلمات مؤثرة على إنستجرام