ما العلاقة بين غياب أبو عبيدة والمسيرات البريطانية؟ .. خبير أمن سيبراني يجيب
تاريخ النشر: 8th, December 2023 GMT
على غير المعتاد ومنذ الهدنة المؤقتة يغيب الناطق باسم كتائب القسام، الذراع العسكري لحركة المقاومة الإسلامية حماس، منذ نحو 14 يوما عن الظهور الإعلامي، الأمر الذي يثير تساؤلات المتابعين، حيث بدأ بعضهم بالتكهن بأن المسيرات البريطانية التي تحمل أجهزة تجسس حساسة لها علاقة بغياب أبو عبيدة، الذي صار يكتفي بنشر البيانات الصحفية المتعلقة بإنجازات المقاومة على أرض الميدان في قطاع غزة، عن طريق التغريدات على تلغرام.
من جهته قال خبير الأمن السيبراني رائد سمور، إن الحديث عن علاقة بين الطائرات الدرون البريطانية، وأنها تحمل ميزة ذكية من خلال الوصول إلى نبرة الصوت وتحديد موقعه، ليس له علاقة بغياب أبو عبيدة على الإطلاق.
وأكد سمور عبر صفحته على فيسبوك، أن الربط بين غياب أبو عبيدة والطائرات البريطانية غير منطقي وغير علمي، لأن طائرات الدرون البريطانية تطير على ارتفاعات عالية جدا بنحو 13 ألف متر خوفا من إسقاطها. وشدد سمور على أنه لا يوجد مجسات أو مايكروفونات أو أجهزة قد تلتقط الصوت في ظل الارتفاع الهائل لها، مشيرا إلى أن هذا الأمر ممكن في حال كانت الطائرات على ارتفاع منخفض بنحو 100 متر فقط.
ولفت إلى أن طائرات الدرون البريطانية تقوم بعمليات مسح تستغرق 15 دقيقة لكل كيلو متر، وتقوم بإرسال نتائج العملية لغرفة التحكم، ليتم تحليل الصور المرسلة عبر برامج خاصة في الذكاء الاصطناعي.
ويتساءل ناشطون عن سبب غياب أبو عبيدة الناطق العسكري باسم كتائب القسام -الجناح العسكري لحركة المقاومة الإسلامية (حماس)- وإطلالته المعتادة بخطابات مسجلة خلال الحرب.
وكان آخر خطاب مسجل لأبو عبيدة قبل نحو 14 يوما، في اليوم الثامن والأربعين من معركة طوفان الأقصى (2023/11/23).
ويؤكد متابعون عبر مواقع التواصل الاجتماعي أن خطابات أبو عبيدة تبث الطمأنينة والثقة في صلابة المقاومة الفلسطينية في قطاع غزة، واستمرارها في دك معاقل الاحتلال الإسرائيلي ودحره.”
المصدر: مواقع الكترونية
المصدر: الميدان اليمني
كلمات دلالية: أبوعبيدة ابو عبيدة ابوعبيدة القسام حماس غزة لماذا اختفى ابو عبيدة متحدث كتائب القسام مصير ابو عبيدة أبو عبیدة
إقرأ أيضاً:
د. أمل منصور تكتب: زواج على حافة الانهيار
يصل الزواج أحيانًا إلى نقطة دقيقة، نقطة لا تُعلن نفسها بصوت مرتفع، لكنها تهزّ الجدران بصمت ثقيل. لا ينهار البيت فجأة، ولا تتصدع العشرة في لحظة واحدة. كل شيء يبدأ بانزلاق صغير، وبابتعاد خفي، وبمشاعر تُدفن لأن التعب أقوى من القدرة على الشرح، ولأن الكلام يتحول إلى حمل إضافي على كتف مُرهق.
الاقتراب من حافة الانهيار لا يرتبط بخلاف صاخب أو قرار نهائي، بل يبدأ من تفاصيل تبدو عادية جدًا؛ من مساء بارد دون حوار، من مجاملة قسرية، من ضحكة بلا معنى، أو من غياب نظرة كانت تختصر مليون كلمة. يتغير شكل العلاقة قبل أن يلتفت الطرفان إلى أن التغيير أصبح عادة. ومع تراكم الصمت، يتحول الحب إلى عبء، والوجود المشترك إلى قيد، والجدران التي شهدت فرحتهم تتحول إلى شاهد على الخيبة.
الزواج لا يسقط بسبب مشكلة واضحة فقط؛ بل يسقط أكثر بسبب ما لا يُقال. بسبب الاستنزاف العاطفي، وبسبب اختفاء الرغبة في الإصغاء، وبسبب انقطاع الحضور النفسي. كثير من الأزواج يستمرون في حياة مشتركة لكنها بلا نبض، كأنهم يؤدون واجبًا لا أكثر. هنا بالضبط يبدأ الانهيار: عندما يصبح البقاء معًا قرارًا اجتماعيًا، وليس اختيارًا قلبيًا.
من العلامات التي تكشف اقتراب العلاقة من حافة السقوط أنّ الشريكين يتجنبان المواجهة. ليس خوفًا من الخلاف، بل لأنهما فقدا الشغف بالبحث عن حل. الصمت يصبح بديلاً عن الكلام، والابتعاد يصبح مريحًا أكثر من الاقتراب. تتسع المسافة دون شجار، وتبرد العلاقة دون إعلان رسمي، ويستيقظ كل طرف مندهشًا من الفراغ الذي تسلل بهدوء إلى روح البيت.
ومن المؤشرات أيضًا تغيّر شكل العطاء. يتحول العطاء من فعل حب إلى واجب ثقيل. يبدأ الرجل أو المرأة في حساب كل خطوة، وكل مساعدة، وكل كلمة طيبة، كأن العلاقة دفتر حسابات يحتاج إلى مراجعة دائمة. تختفي التلقائية، ويحل محلها شعور بالاستنزاف: “أنا أفعل لأنني مضطرة، لا لأنني راغبة”. هذا الشعور وحده كفيل بتقويض أي علاقة مهما كانت قوية.
الانهيار لا يرتبط بالخلافات الكبيرة، بل بغياب الدعم النفسي. أحيانًا لا يحتاج الشريك سوى أن يشعر أنّ الآخر يراه، يشعر به، يستوعب تعبه. لكن تجاهل التعب، أو التقليل من ألم الآخر، يخلق شرخًا صامتًا. الشرخ يبدأ صغيرًا، ثم يتسع كلما زادت اللامبالاة. وتبتعد الأرواح قبل أن تبتعد الأجساد.
ومن أكثر الدلالات وضوحًا أنّ العلاقة أصبحت تفتقد الدفء. الطمأنينة التي كانت تملأ المكان تختفي. يصبح البيت مكانًا للراحة الجسدية فقط، وليس للراحة العاطفية. يبدأ كل طرف في البحث عن مساحات خارج العلاقة ليشعر بأنه ما زال حيًا. قد تكون هذه المساحات في العمل، أو الأصدقاء، أو الاهتمام المفرط بالهاتف. المهم أنّ القلب يتجه للخارج لأن الداخل أصبح مكانًا يذكّره بالتعب.
المرأة المصرية والعربية تحمل فوق كتفيها أثقالًا لا تراها العيون بسهولة. تُطالب بالاحتمال والصبر والمواءمة بين كل الأدوار دون أن تُمنح لحظة واحدة لتسأل: من يساندني أنا؟ كثير من النساء يخفين ضعفهن لأن المجتمع زرع في داخلهن فكرة أنّ القوة واجب، وأن الانكسار رفاهية لا يحق لهن امتلاكها. ومع ذلك، تبقى المرأة هي الطرف الذي يحاول إنقاذ العلاقة مرات متتالية قبل أن يعترف الرجل بوجود أزمة. وربما لأنها ترى الزواج بيتًا له روح، لا عقدًا له بنود فقط. لذلك يتضاعف ألمها عندما يتحول البيت إلى شكل بلا مضمون، ووجود بلا دفء، وكأنها وحدها التي تتذكر أن الزواج يستحق أن يُقاتَل من أجله، لا أن يُترك يبرد على الرف.
ومع ذلك، الوصول إلى الحافة لا يعني السقوط. بل يمكن لهذه الحافة أن تكون دعوة للإنقاذ، إذا كانت الرغبة موجودة عند الطرفين. الإصلاح لا يبدأ من النقاش الحاد، ولا من إعادة ترتيب التفاصيل اليومية، بل يبدأ من الرغبة الصادقة في أن يظل كل طرف قريبًا من الآخر، من الاستعداد لفتح الجرح بدل تغطيته، ومن الشجاعة للاعتراف بأن هناك خللًا حقيقيًا يحتاج إلى علاج.
العلاقة لا تحتاج لإعادة اختراع العاطفة من الصفر، لكنها تحتاج لاستعادة القرب. القرب الذي يجعل الحديث عاديًا لكنه دافئ، والذي يجعل الخلاف فرصة للفهم وليس معركة لإثبات الرأي. تحتاج العلاقة إلى إعادة إصغاء؛ إلى أن يمنح كل طرف الآخر مساحة آمنة ليقول ما يخيفه وما يوجعه وما يفتقده، دون سخرية أو تقليل.
الإصلاح يتطلب إعادة تعريف دور كل طرف. كثير من العلاقات تتدهور لأن الرجل والمرأة يتبادلان الأدوار دون وعي، فيتحول أحدهما إلى شخص قوي طوال الوقت، بينما يُترك الآخر في دائرة التضحية الدائمة. إحدى أكبر الأخطاء أن يصبح أحدهما الأب والآخر الطفل، أو أحدهما المنقذ والآخر الغريق. العلاقة السليمة علاقة ندّية، يتحمل فيها كل طرف مسؤوليته دون أن يفقد رومانسيته أو إحساسه بالسهولة.
ومن الضروري أيضًا إعادة بناء الحوار. الحوار ليس مجرد كلمات، بل هو طريقة في النظر، ولغة في الشعور، وصدق في الإعلان عن الاحتياجات. كثير من الأزواج يظنون أنهم يتحدثون بينما هم في الحقيقة يلقون اتهامات مغلفة بالكلمات. الحوار الحقيقي يحتاج إلى قلب مفتوح، لا إلى قائمة شكاوى جاهزة.
الخطوة الأهم هي إعادة إحياء الانجذاب الإنساني. ليس المقصود الانجذاب الجسدي فقط، بل الانجذاب الروحي، ذلك الذي يجعل حضور الآخر مطمئنًا حتى لو كان صامتًا. هذا الشعور يعود عندما يشعر كل طرف أنه مفهوم ومحترم، وأن خطأه لا يُستخدم ضده، وأن ضعفه لا يُستهان به
هناك أسر كثيرة، أكثر مما نتصور، تعيش عقودًا طويلة تتجاوز العشرين عامًا، تبدو من الخارج مستقرة ومتماسكة، لكن داخليًا تشبه منظومة عمل دقيقة، لا علاقة زوجية حقيقية. كل فرد يؤدي دوره بمنتهى الانضباط: زوج يوفر الاحتياجات المادية، وزوجة تدير البيت باحتراف، وأبناء يحصلون على كل ما يلزمهم من تعليم ورعاية. كل شيء منسق ومنظم، لكن المشاعر خارج الخدمة. الشريكان يعيشان تحت سقف واحد لكن بينهما مسافات واسعة لا يقطعها كلام ولا يرممها اقتراب. يتحركان كفريق عمل، لا كقلبين كانا يومًا يحلمان بسقف دافئ وعمر مشترك. وفي الوقت الذي يصفق فيه الناس لصورة العائلة “المثالية”، ينام الطرفان على شعور بارد يشبه أداء الواجب. البيت على ما يرام، والمهام تُنجز في موعدها، والأبناء لا يعانون، لكن القلبين يعانيان نقصًا شديدًا في الدفء العاطفي الذي يجعل الزواج علاقة لا منظومة. هذا النوع من الاستمرار قد يحافظ على الشكل، لكنه يقتل الروح ببطء لا يشعر به أحد إلا صاحبيه.
في النهاية، العلاقة التي تصل إلى الحافة ليست علاقة فاشلة بالضرورة. أحيانًا تكون الحافة لحظة يقظة. لحظة تقول للطرفين: لقد أهملتما الطريق، لكن المسار لم يغلق بعد. ويمكن للإصلاح أن يبدأ بخطوات صغيرة وصادقة، وبنية حقيقية لتغيير ما يجب تغييره، وليس محاولة لتلميع شكل العلاقة أمام الآخرين.
أما السقوط الكامل فلا يحدث إلا عندما يستسلم الطرفان للتعب، ويمنحان الصمت سلطة أكثر مما يستحق، ويتركان الحب يذبل بلا ماء ولا دفء.
الزواج ليس معركة، وليس اختبار قوة. هو رحلة تحتاج إلى صيانة دائمة، وإلى قلبين لا يخجلان من الاعتراف بالتعب، لأن الاعتراف بداية النجاة… والنجاة ممكنة طالما أنّ الرغبة ما زالت موجودة.