«فايننشال تايمز»: أكثر من نصف غزة تحول إلى ركام.. وحجم الدمار يتخطى الحرب العالمية الثانية
تاريخ النشر: 9th, December 2023 GMT
رغم كون الحرب العالمية - على اتساع رقعة أحداثها- مثلا يضرب عندما تذكر ضخامة الخسائر المادية فى الصراعات، فإن ما تكبده قطاع غزة (المنطقة التى لا تزيد مساحتها على ٣٦٥ كيلومترا)، منذ بدء العدوان الإسرائيلى فى السابع من أكتوبر الماضي، يجعل ما حدث هناك "حربا عالمية أخرى" من حيث حجم الدمار، إذ أصبح من الصعب وصف ما أصبحت عليه نسبة كبيرة من المبانى سوى بـ "الركام"، إذا ما قورن الوضع بما لحق بمدن أوروبية كبيرة أثناء الحرب العالمية.
قامت صحيفة "فاينانشيال تايمز" البريطانية بمقارنة بين حجم الدمار الذي شهدته المناطق الحضرية فى قطاع غزة ومدن أوروبية كبيرة أثناء الحرب العالمية الثانية.
وأفادت الصحيفة فى تقرير من قطاع غزة أن نسبة ٦٠٪ من المناطق الحضرية فى شمال غزة تحولت إلى ركام بالكامل بحلول الرابع من ديسمبر الحالي، كما قارنت هذه النسبة بحجم الدمار الذى تعرضت له مدن أوروبية كبرى خلال الحرب العالمية الثانية، موضحة أن مناطق شمال القطاع تعانى من دمار شديد بسبب الهجمات الإسرائيلية.
وأشارت "فاينانشيال تايمز" إلى أن ٦٨٪ من المباني فى مدينة غزة، (عاصمة القطاع)، تحولت إلى أطلال وأنقاض، فيما وصل حجم الدمار الناتج عن غارات الحلفاء فى مدينة هامبورج الألمانية إبان الحرب العالمية الثانية إلى ٧٥٪، كما تعرضت مدينة بولونيا الألمانية لنسبة دمار بلغت ٦١٪ بينما لم يتجاوز الدمار فى مدينة دريسدن الألمانية نسبة ٥٩٪ من المبانى الموجودة فى المدينة.
ووفقًا لما رأته الصحيفة، فإن الخراب الذى لحق بالمناطق المبنية فى قطاع غزة قد تفوق بكثير فى بعض الأحيان حجم الخراب الذي تعرضت له المبانى والبنى التحتية فى ثلاث مدن ألمانية خلال الحرب العالمية الثانية بين عامى ١٩٤٣ و١٩٤٥، عندما استهدفتها غارات الحلفاء بـ ٧١٠٠ طن من القنابل وأودت بحياة حوالى ٢٥ ألف شخص فقط من سكانها.
ونقلت الصحيفة تأكيد الباحثين فى جامعة ولاية أوريجون الأمريكية أن نسبة ٧٠٪ من المناطق المبنية فى قطاع غزة تم تدميرها بشكل كامل وأصبحت أشبه بالأنقاض بسبب الغارات الإسرائيلية، واستند الباحثون إلى صور الأقمار الاصطناعية.
وأشارت الصحيفة إلى أن عدد البنايات التى دمرت بالكامل فى قطاع غزة يبلغ نحو ٨٢ ألفًا و٦٠٠، وأصبحت مجرد أطلال، فيما تعرضت حوالى ١٠٥ آلاف و٣٠٠ بناية لأضرار جزئية.
وأوضحت الصحيفة أن الوضع الكارثى فى قطاع غزة جاء رغم استخدام الطائرات الإسرائيلية لذخائر عالية الدقة والاستهدافية التى تزن ٢٥٠ رطلًا، ولكنها تتمتع بقوة تدميرية هائلة، وهذا الخراب يظل فى مستويات مروعة لا تناسب التقدم التكنولوجى للذخائر المستخدمة.
بالإضافة إلى ذلك، تستخدم إسرائيل قذائف مدمرة من طراز "هيل فاير" الموجهة بالليزر لاستهداف المبانى الصغيرة والأقل حجمًا، والتى تم استخدامها من قبل القوات الأمريكية فى سوريا والعراق، وهى تُعد من الأسلحة الموجهة والتى تتميز بدقتها العالية.
ومع ذلك، لا يزال الدمار والأضرار الهائلة نتيجة الغارات الإسرائيلية على مناطق قطاع غزة، رغم استخدام المقذوفات ذات الدقة العالية، وتشمل هذه الأضرار تدمير المنشآت الحضرية وأضرارًا بالبنية التحتية، بما فى ذلك شبكات الإنارة والمياه.
وبحسب التقرير الذى أوردته "فاينانشيال تايمز"، تستخدم إسرائيل أيضًا مقذوفات موجهة ذات تأثير تدميرى كبير من طراز (أم-١١٧)، والتى تتراوح أوزانها بين ٥٠٠ إلى ٢٠٠٠ رطل، حسب حجم المبانى المستهدفة.
هذه المقذوفات التى استخدمتها الولايات المتحدة سابقًا فى حروبها فى كوريا وفيتنام، وتُعتبر فعالة فى استهداف المبانى الكبيرة وتسبب أمواجًا ارتجاجية قادرة على تدمير الهياكل الأساسية والأنفاق تحت الأرض والملاجئ للقوات المعادية.
وأوضحت الصحيفة البريطانية أنه من الصعب فصل الدمار الذى لحق بالمبانى فى قطاع غزة عن فقدان الأرواح البشرية بين المدنيين.
وأشارت إلى أن عدد القتلى بين سكان البنايات المتضررة فى شمال القطاع زاد إلى أكثر من ١٥ ألفًا منذ بدء إسرائيل حملتها العسكرية الواسعة، وهو رقم يفوق عدد الضحايا المدنيين خلال الغزو الأمريكى للعراق فى عام ٢٠٠٣ الذى بلغ ١٢ ألف مدني عراقي.
فى سياق ذى صلة، ذكرت صحيفة (ليبراسيون) الفرنسية أن جيش الاحتلال الإسرائيلى بدأ استخدام تكتيكات مبنية على الذكاء الاصطناعى خلال هجومه الأخير على قطاع غزة، ما ساهم فى تحسين خطط الهجوم وتحديد الأهداف بشكل أكثر دقة وفعالية، موضحة أن هذا الاستخدام المتقدم للتكنولوجيا سمح بتنفيذ غارات مكثفة نادرة، مما أدى إلى تكبيد أضرار هائلة وخسائر بشرية كبيرة بين السكان المدنيين.
وأكدت الصحيفة - فى تقريرها الأخير - أن الغارات لا تزال مستمرة على القطاع، حيث يتعرض المدنيون لهجمات جوية وقصف من الأسلحة الثقيلة التابعة لجيش الاحتلال، فيما تظل الأمور بعيدة عن التهدئة، خاصة بعد إعلان حكومة حماس نهاية الهدنة التى استمرت لمدة أسبوع وانتهت فى أول ديسمبر الجاري.
وأشارت الصحيفة إلى تزايد حصيلة القتلى فى القطاع، حيث وصل العدد إلى أكثر من ١٦ ألف شخص منذ بداية الهجوم فى أكتوبر الماضي، مع حوالى ٧ آلاف شخص فى عداد المفقودين، منهم نحو ٤٧٠٠ امرأة وأطفال.
وأضافت الصحيفة أن الوضع الحالى فى غزة يماثل بقسوته وتدميره الصراعات الدائرة فى هذا القرن، حيث تمنع الضربات المستمرة فرق الإغاثة الدولية من أداء دورها المعتاد فى تقديم المساعدة وجمع المعلومات حول الخسائر البشرية والدمار الذى خلفه القصف الإسرائيلي.
ورأت الصحيفة الفرنسية أن المأساة التى تعرض لها سكان قطاع غزة تجاوزت مرحلة الجدل، حيث أصبحت واقعًا مروعًا لا يمكن إنكاره ولا مناقشته، مشيرة إلى أنه حتى رئيس الوزراء الإسرائيلى بنيامين نتنياهو أقر فى بيان لقناة (سى بى إس) الأمريكية بفشل جيش الاحتلال فى تقليل الخسائر بين المدنيين لعدة أسابيع.
وأوضحت الصحيفة أنه خلال شهر ونصف الشهر الذى سبق الهدنة، تم تدمير أكثر من نصف المبانى فى شمال قطاع غزة أو تعرضت لأضرار جسيمة، وتم هدم أجزاء كبيرة من الأحياء بما فى ذلك البنية التحتية بأكملها، مستندة إلى تأكيدات جيش الاحتلال الإسرائيلى نفسه، حيث أعلن أنه استهدف ١٥ ألف هدف بعد ٣٥ يومًا من الحرب حتى ١٠ نوفمبر، وأطلق نحو ٩٠ ألف قذيفة مدفعية عيار ١٥٥ ملم بحلول ٢٨ نوفمبر.
وأشارت إلى أن هذه الإحصائيات، التى لم يتم تحديثها بشكل كبير منذ ذلك الحين، لا تزال تحتفظ بصدارتها كما لا تُنشر علانية، ما يعكس حجم الدمار والتدمير الهائل فى المنطقة المزدحمة بالسكان.
المصدر: البوابة نيوز
كلمات دلالية: غزة العدوان الإسرائيلي فايننشال تايمز الحرب العالمية الثانية الحرب العالمیة الثانیة فى قطاع غزة حجم الدمار أکثر من إلى أن
إقرأ أيضاً:
“الإعلامي الحكومي” في غزة: مؤسسة GHF ذراع للاحتلال “الإسرائيلي” تسببت باستشهاد أكثر من 130 شخصا
الثورة نت /..
أكد المكتب الإعلامي الحكومي في قطاع غزة أن مؤسسة GHF ذراع للاحتلال “الإسرائيلي” وليست جهة إنسانية وقد تسببت باستشهاد أكثر من 130 شخصا و1000 جريح من المُجوَّعين في أسبوعين، وتبث أكاذيب رخيصة.
وقال في بيان : تواصل ما تُسمى بـ”مؤسسة غزة الإنسانية (GHF)” ترويج الأكاذيب المعلّبة، وتدّعي زيفاً أن المقاومة الفلسطينية تهدد طواقمها وتمنعها من توزيع المساعدات، بينما الحقيقة الصارخة أن هذه المؤسسة نفسها ليست سوى واجهة دعائية لجيش الاحتلال “الإسرائيلي”.
وأضاف أن هذه المؤسسة يقودها ضباط ومجندون أمريكان و”إسرائيليون” من خارج قطاع غزة، بتمويل أمريكي مباشر، وبتنسيق عملياتي مع الجيش “الإسرائيلي” الذي يرتكب جريمة إبادة جماعية متواصلة ضد أكثر من 2.4 مليون فلسطيني في قطاع غزة.
وقال “إن الحقيقة التي يعرفها القاصي والداني هي أن الاحتلال “الإسرائيلي” هو الطرف الوحيد الذي يمنع دخول المساعدات الإنسانية إلى غزة منذ قرابة 100 يوم متواصل، بإغلاقه المتعمد لكل المعابر في قطاع غزة، ومنعه أكثر من 55 ألف شاحنة مساعدات من الوصول إلى العائلات المنكوبة على مدار المائة يوم الماضية، وتقييده حركة عشرات المؤسسات والمنظمات الأممية العاملة في المجال الإغاثي.
وأردف البيان : لقد أكدت ذلك صراحة الأمم المتحدة، والصليب الأحمر، ومنظمة أوتشا، ومنظمة الصحة العالمية، وغيرها، بأن الاحتلال هو المعيق الأول والأخير للمساعدات، وهو الذي يمنع وصولها إلى المجوعين والسكان المدنيين في قطاع غزة.
وقال “لقد كانت “GHF” وما زالت شريكة في جريمة منظمة تستهدف المدنيين عبر طُعْم المساعدات: حيث توثق الوقائع الميدانية أن هذه المؤسسة، عبر فرقها التي ترعاها قوات الاحتلال، تسببت -خلال أسبوعين فقط من عملها- في استشهاد أكثر من 130 شهيداً من المدنيين برصاص مباشر أثناء محاولتهم الوصول إلى طرود غذائية على حواجز الإذلال والقهر، وأصيب قرابة 1000 مدني آخر، بينما لا يزال 9 فلسطينيين مفقودين بعد أن اجتذبتهم هذه المؤسسة “الإسرائيلية” الأمريكية لمناطق يُتحكم بها عسكرياً جيش الاحتلال. هذه جرائم مكتملة الأركان يُحاسب عليها القانون الدولي.
وأكد ان مؤسسة GHF تفتقر بشكل تام لمبادئ العمل الإنساني ممثلة في الحياد حيث تتعاون ميدانياً مع جيش الاحتلال، وتنفّذ توجيهاته، وهو الذي يقوم بإصدار الإعلانات للمُجوَّعين من السكان. كما تفتقر إلى عدم الانحياز حيث تعمل ضمن أجندة أمنية “إسرائيلية” واضحة، وتخدم أهداف الاحتلال “الإسرائيلي” في إخضاع السكان. وتفتقر أيضا إلى الاستقلالية حيث تتلقى تعليماتها وتمويلها من مصادر حكومية أجنبية ومن جيش الاحتلال “الإسرائيلي”، كما تفتقر إلى الإنسانية حيث لم تكن يوماً في صف الإنسان، بل كانت أداة ضغط وتجويع وقتل ضد السكان المدنيين.
كما أكد أن أي مؤسسة تزعم أنها إنسانية بينما تنفذ مخططات عسكرية وتدير نقاط توزيع ضمن مناطق “عازلة” تشرف عليها دبابات الاحتلال، لا يمكن اعتبارها جهة إغاثية، بل هي جزء من أدوات الإبادة الجماعية، وشريك فعلي في جريمة الإبادة الجماعية ضد السكان المدنيين.
وطالب المكتب الإعلامي الحكومي “كل العالم بألا يخضعوا لتضليل هذه المؤسسة التي تمارس الإجرام المنظم والممنهج، فالمقاومة الفلسطينية لا تهدد أحداً، بل تحمي حق شعبها في البقاء، في وجه مؤسسات زائفة تمارس القتل تحت لافتات مزيفة، وعلى المجتمع الدولي أن يكف عن الانحياز الأعمى، وأن يُنهي فصول هذه المأساة الأخلاقية، وأن يسمح بإدخال عشرات آلاف الشاحنات لمؤسسات الأمم المتحدة التي تعمل منذ عقود في إغاثة اللاجئين والسكان المدنيين، والتي تتمتع بالكفاءة وتلتزم بمبادئ العمل الإنساني”.