في تقييم معمّق للمشهد العسكري العالمي، يحذر مجلس تحرير صحيفة نيويورك تايمز من أن العالم مقبل على مرحلة جديدة تتقاطع فيها تقنيات الذكاء الاصطناعي والهندسة البيولوجية والروبوتات المتقدمة وأنظمة الأسلحة ذاتية التشغيل لتعيد رسم حدود الأمن القومي.

ويفتتح المجلس مقاله بمشهد لافت من اجتماع عُقد في 15 نوفمبر/تشرين الثاني 2023 بين الرئيس الأميركي جو بايدن ونظيره الصيني شي جين بينغ.

فبعد انتهاء الغداء، شوهد أحد مرافقي شي وهو يرش جميع الأسطح التي لمسها الزعيم الصيني، حتى بقايا الحلوى.

اقرأ أيضا list of 2 itemslist 1 of 2هآرتس تستعرض قائمة الأسلحة الأميركية لدى إسرائيلlist 2 of 2صحف عالمية: أكثر من 40 ألف فلسطيني بغزة يعانون من إصابات بالغةend of list

واستنتج المسؤولون الأميركيون الذين شاهدوا ما حدث أن الغرض من ذلك كان إزالة أي أثر للحمض النووي للرئيس الصيني، في خطوة فهمها المسؤولون الأميركيون على أنها تعكس قناعة بكين بأن خصومها قد يحاولون جمع مادته الجينية وتطوير مرض يستهدفه شخصيا.
وقال أحد الحاضرين: "هذه هي الطريقة التي يفكرون بها، وهي أنه يمكن تصنيع مرض لا يصيب إلا شخصا واحدا".

 

 

تعميق الشك والخوف

بالنسبة للمسؤولين الأميركيين الذين حضروا ذلك اللقاء، كانت هذه اللحظة بمثابة "خاتمة رصينة" للقمة، حيث تسلّط الضوء على أنه حتى مع استمرار الدبلوماسية، فإن وتيرة التغيير التكنولوجي تعمق الشك والخوف بين الجانبين، وتعيد تشكيل الجغرافيا السياسية.

فمنذ عصور الحروب التي تطورت من العربات إلى القوس والنشّاب وصولا إلى القنبلة النووية، بقي التطور العسكري مرتبطا بالاكتشاف العلمي.

أسرع تقدم في التاريخ

يؤكد المقال أن البشرية تشهد حاليا ما قد يكون "أسرع تقدم في التسلح على الإطلاق". فالحرب الحديثة تتطور بسرعة تتجاوز المعدلات التقليدية.

ويشير الخبراء إلى العديد من التقنيات الناشئة المرعبة، فهناك الآن أسراب من الطائرات المسيّرة القادرة على العمل في تناغم لرصد الأهداف والقضاء عليها دون تدخل بشري، وأسلحة سيبرانية متقدمة تشلّ حركة القوات المسلحة وتُغلق شبكات الكهرباء وتدمر البُنى الحيوية لدولٍ بأكملها، وأسلحة بيولوجية يصممها الذكاء الاصطناعي لاستهداف أشخاص ذوي بصمة جينية محددة.

إعلان

بعض هذه التقنيات لا يزال في طور النظرية، لكنّ كثيرا منها يقترب سريعا من الاستخدام العملي. فالذكاء الاصطناعي والحوسبة الكمية وعلم الأحياء التركيبي بدأت تعيد تعريف آليات الحرب نفسها.

وبينما تتفوق الولايات المتحدة في بعض المجالات، لا سيما في الذكاء الاصطناعي بفضل ريادة قطاعها الخاص، فإن الصين وروسيا تستثمران بكثافة في الجامعات والمختبرات والمنشآت العسكرية لدمج الاكتشافات الجديدة مباشرة في جيوشهما.

مسؤول سابق في البنتاغون أعرب عن اعتقاده أن السرعة التي تتطور بها الحروب ستتجاوز قريبا قدرة البشر على السيطرة عليها

دعوة إلى تحول جوهري

ولمواكبة سباق التسلح بين الدول في القرن الحالي، ينصح مجلس تحرير الصحيفة الحكومة الأميركية، أن تُظهر "إرادة سياسية وتنسيقا وطنيا بين القطاعين العام والخاص والمؤسسات البحثية". وهذا-في رأيه- يستلزم تحولا جوهريا في نهج وزارة الحرب (البنتاغون)، وتوسيع مبادرات تمويل البحث العلمي، وإشراك القطاع الصناعي الخاص في المهمة.

ويقارن المجلس هذا الوضع بما حدث في الحرب العالمية الثانية، عندما سبقت العلوم الأميركية نظيرتها الألمانية في تطوير السلاح الذري، وفازت بالحرب بفضل التعاون بين المسؤولين الحكوميين الأميركيين والباحثين الأكاديميين والشركات الخاصة.

وتعتبر الحاجة إلى هذا التعاون ماسّة، خاصة في الذكاء الاصطناعي، نظرا لأن هذه التكنولوجيا ذات الآثار العميقة على الأمن القومي قد طوّرها القطاع الخاص في المقام الأول، وليس الحكومة.

والأهم من ذلك، يحث مجلس التحرير على أن يخضع هذا التعاون لإشراف صارم من الكونغرس والمحاكم لضمان أنه يخدم المصلحة العامة، وليس مصلحة أي شركة أو إدارة واحدة.

برنامج مافن

ويستعرض المقال أمثلة على التحول الجاري داخل الجيش الأميركي، حيث تقود وكالة الاستخبارات الجغرافيا المكانية الوطنية، جهود تطوير نظام الاستهداف العسكري بالذكاء الاصطناعي المعروف باسم برنامج "مافن".

ويُجمع هذا البرنامج كميات هائلة من البيانات من الأقمار الصناعية وطائرات التجسس بكفاءة ويحللها، ويحدد مواقع راجمات الصواريخ وتشكيلات الجنود والسفن، ويضع علامات على المواقع المحظور استهدافها مثل المستشفيات.

وتقول صحيفة نيويورك تايمز، إن برنامج "مافن" ساعد في توجبه ضربات أميركية في العراق وسوريا واليمن، وفي عمليات أوكرانية ضد روسيا.

وقد دفع هذا النهج الذي يعتمد على البرمجيات في الحروب، البنتاغون إلى الاعتماد بشكل كبير على القطاع الخاص وفي طليعته شركات مثل "بالانتير" و "أندرويل".

منافسة شرسة

في الوقت ذاته، يحقق خصوم أميركا تقدما سريعا خاصا بهم. فقد نشرت الصين لقطات فيديو لما يبدو أنه اختبار لطائرة روبوتية مرافقة. كما تستخدم روسيا تكنولوجيا رخيصة وفعالة، مثل المسيرة الروسية " في تو يو" (V2U) التي استولت عليها القوات الأوكرانية، والتي يمكنها تعقّب الأهداف والانقضاض عليها دون أي توجيه بشري، رغم أنها مكوّنة من قطع تجارية بسيطة.

غير أن مجلس تحرير نيويورك تايمز يحذر من أن اعتماد الولايات المتحدة على أنظمة "فائقة التطور" يجعلها أكثر هشاشة أمام الهجمات السيبرانية والتشويش وتعطيل الأقمار الصناعية، وهي مجالات تركز عليها الصين بشدة.

ويستشهد المقال في هذا السياق بتصريح لروبرت وورك، نائب وزير الدفاع الأميركي السابق، الذي قال فيه إن "كل نظام اتصالات لدينا تغطيه أجهزة تشويش صينية… ويسأل قائدهم: كيف أحطم الشبكة القتالية الأميركية؟".

التهديد الأخطر

لكن التهديد الأخطر -بحسب المقال- يتمثل في تلاقي الذكاء الاصطناعي مع البيولوجيا. فقد حذرت شركتا "أوبن إيه آي" و "أنثروبيك" من أن الذكاء الاصطناعي قد يُمكّن أفرادا عاديين من تصميم مسببات أمراض فتاكة. وقد أظهر طلاب من معهد ماساتشوستس للتكنولوجيا مدى سهولة ذلك عندما استخدموا روبوتات محادثة لإعداد وصفات لأربعة فيروسات وبائية خلال ساعة واحدة فقط.

إعلان

ودعا مجلس تحرير نيويورك تايمز واشنطن إلى قيادة الابتكار ووضع القيود بصياغة معاهدات للحد من انتشار الأسلحة الذاتية التشغيل، وتشديد الرقابة على المواد البيولوجية، وإعادة الاستثمار طويل الأمد في الجامعات، وفرض رقابة على تصدير الشرائح المتقدمة للذكاء الاصطناعي.

وقد أعرب مسؤول سابق في البنتاغون عن اعتقاده أن السرعة التي تتطور بها الحروب "ستتجاوز قريبا قدرة البشر على السيطرة عليها". ولمنع ذلك، تنصح الصحيفة أميركا بأن تربح سباق الأسلحة الذاتية وفي الوقت نفسه تقود العالم نحو السيطرة عليها.

المصدر: الجزيرة

كلمات دلالية: دراسات حريات الذکاء الاصطناعی نیویورک تایمز مجلس تحریر على أن

إقرأ أيضاً:

فاينانشيال تايمز: ترامب يمنح زيلينسكي مُهلة أيام للرد على مقترح السلام

 

قالت صحيفة "فاينانشيال تايمز" عن مسؤولين، إن الرئيس الأمريكي دونالد ترامب، يمنح الرئيس الأوكراني فولوديمير زيلينسكي، مهلة أيام للرد على مقترح السلام.

ترامب: أيام الرئيس الفنزويلي "باتت معدودة"

جدير بالذكر، قال الرئيس الأوكراني فولوديمير زيلينسكي، اليوم الثلاثاء، إنه سيقدم قريبًا وثيقة إلى الولايات المتحدة بشأن جهود السلام التي تم التوصل إليها من جانب الفرق الأوكرانية والأوروبية.

ترامب: روسيا "صاحبة اليد العليا" في إنهاء الحرب

قال الرئيس الأمريكي دونالد ترامب إنه "لا شك في أن روسيا تتمتع بموقف تفاوضي أقوى من أوكرانيا كما أنه يرى أنها صاحبة اليد العليا في ظل المناقشات الحاسمة لإنهاء الحرب المستمرة منذ سنوات".

وأعرب الرئيس الأمريكي عن شعوره بالإحباط إذ لم تقبل أوكرانيا بعد خطة السلام الأمريكية المقترحة، والتي ستؤدي إلى خسائر إقليمية كبيرة وتنازلات أخرى، حسبما ذكر موقع "أكسيوس" الأمريكي في تقرير نشره اليوم الثلاثاء.

وقال ترامب -في مقابلة مع صحيفة "بوليتيكو" الأمريكية، إن الرئيس الأوكراني فولوديمير زيلينسكي وأوكرانيا "يخسران" الحرب بعد أكثر من ثلاث سنوات من العملية العسكرية الروسية، مضيفًا أنه يعتقد أن الوقت قد حان لإجراء انتخابات في أوكرانيا، فيما قال زيلينسكي، الذي كانت ولايته ستنتهي لولا الحرب، لـ (أكسيوس) في سبتمبر الماضي، إنه مستعد للتنحي بعد الحرب.

وقال إن الشعب الأوكراني يؤيد المقترح الأمريكي، إلا أن "أكسيوس" أفاد مؤخرًا بأن المسؤولين الأوكرانيين ما زالوا يعتقدون أن جوانب من الخطة تصب في صالح موسكو.

من جانبه، وصف الرئيس الأوكراني فولوديمير زيلينسكي الخطة الأمريكية بأنها تجبر بلاده التي تعاني من الصراع على الاختيار بين "كرامتها" والحصول على دعم من الولايات المتحدة.

وأشار الموقع الأمريكي إلى أن النقاشات بشأن إنهاء الحرب تدور حول مطالبة روسيا بأن تتنازل أوكرانيا عن منطقة دونباس بأكملها، ومطالبة أوكرانيا بالحصول على ضمانات أمنية قوية من واشنطن للحماية من أي هجوم في المستقبل.

مقالات مشابهة

  • معلومات جديدة… هذا ما كشف عن العظام التي عثر عليها في محيط بركة دير سريان
  • نيويورك تايمز: نظام كييف قد يقبل بتنازلات إقليمية مقابل ضمانات أمنية موثوقة من الغرب
  • فاينانشيال تايمز: ترامب يمنح زيلينسكي مُهلة أيام للرد على مقترح السلام
  • إليكم هوية الجثة التي عثر عليها في عمشيت
  • هند الفايز تطمح بأن تصبح رئيسة للوزراء : الكل قعد معي وأخذوا الأرض
  • "الشورى" يدعو لاستخدام الذكاء الاصطناعي في إدارة مشاريع البنية التحتية
  • طرابلسي عن وزيرة التربية: أين الاستراتيجية والخطة التي قالت إنها تعمل عليها منذ أشهر؟
  • سوريا الجديدة.. نيويورك تايمز: الذي حدث يشبه المعجزة
  • نيويورك تايمز: مرة أخرى تنتهي جهود إسرائيل بتجنيد عملاء لها في غزة نهاية فظيعة