هل الامتناع عن التصويت في الانتخابات حرام؟.. الإفتاء تجيب
تاريخ النشر: 11th, December 2023 GMT
هل الامتناع عن التصويت في الانتخابات حرام؟ سؤال أوضحته دار الإفتاء المصرية بالتزامن مع دخول ثاني أيام الانتخابات الرئاسية المصرية 2024.
هل الامتناع عن التصويت في الانتخابات حرام؟قالت دار الإفتاء: حث الإسلامُ المسلمين في كل زمان ومكان على التحلي بالصدق والأمانة والتخلي عن الكذب والخيانة، وطلب من المسلم أن يكون صادقًا ويتحرَّى الصدق ويبتعد عن الكذب والغش، فقال رسول الله صلى الله عليه وآله وسلم: «إِنَّ الصِّدْقَ يَهْدِي إِلَى البِرِّ، وَإِنَّ البِرَّ يَهْدِي إِلَى الجَنَّةِ، وَإِنَّ الرَّجُلَ لَيَصْدُقُ حَتَّى يَكُونَ صِدِّيقًا.
وحينما قِيلَ لِرَسُولِ اللهِ صلى الله عليه وآله وسلم: أَيَكُونُ الْمُؤْمِنُ جَبَانًا؟ فَقَالَ: «نَعَمْ»، فَقِيلَ لَهُ: أَيَكُونُ الْمُؤْمِنُ بَخِيلًا؟ فَقَالَ: «نَعَمْ»، فَقِيلَ لَهُ: أَيَكُونُ الْمُؤْمِنُ كَذَّابًا؟ فَقَالَ: «لَا». رواه الإمام مالك في "الموطأ".
ثانيًا: أمر الإسلام المسلم بأداء الأمانة التي تحملها بكل أنواعها وأشكالها فقال تعالى: ﴿إِنَّ اللهَ يَأْمُرُكُمْ أَنْ تُؤَدُّوا الْأَمَانَاتِ إِلَى أَهْلِهَا﴾ [النساء: 58]، وأوجب عليه أن يكون أمينًا وصادقًا في أداء الأمانة مع ربه أولًا، ومع نفسه ثانيًا، ومع الآخرين ثالثًا، فبهما -أي بالصدق والأمانة- ترقى الأمم وتتقدم الشعوب، وهما أساس النجاح في كل عمل على مستوى الفرد والجماعة.
ثالثًا: إنه ليس من شك في أن الشورى في الإسلام هي الديمقراطية الحقَّة وهي التي يجب أن يتربى عليها أبناء المجتمع؛ ليكونوا أمناء صادقين دائمًا في أقوالهم وأفعالهم، ويحترموا عن إيمان صادق سلطات بلادهم التشريعية والقضائية والتنفيذية التي جاءت بالشورى الصحيحة بينهم، والشورى لازمة وواجبة بين أفراد الأمة لاختيار عناصر سلطتهم التشريعية؛ لأن هذا الاختيار من الأمانات الدينية والشرعية التي أمر الله بأدائها لأهلها وأصحابها في قوله تعالى:﴿إِنَّ اللهَ يَأْمُرُكُمْ أَنْ تُؤَدُّوا الْأَمَانَاتِ إِلَى أَهْلِهَا﴾ [النساء: 58]، وقوله صلى الله عليه وآله وسلم: «أَدِّ الأَمَانَةَ لِمَن ائتَمَنَك ولا تَخُن مَن خَانَكَ» أخرجه أبو داود والترمذي، وقوله تعالى: ﴿إِنَّ اللهَ لَا يُحِبُّ الْخَائِنِينَ﴾ [الأنفال: 58].
رابعًا: يجب على من توافرت فيه الصلاحية لأداء هذه الأمانة في الشورى والديمقراطية حسب المصطلحات العصرية والعربية للإدلاء بصوته الانتخابي ألا يتأخر عن القيام بهذا الواجب بصدق وأمانة ونزاهة وموضوعية حتى نضع الرجل المناسب في المكان المناسب، وأن يكون ذلك بعيدًا عن العصبية المدمرة والمجاملات والغش والتدليس والابتزاز والعنف والإكراه والتزوير، وأن يكون رائد الجميع أن مصلحة الوطن فوق المصالح الشخصية، ومنع أداء الصوت كتمان للشهادة التي أمرنا الله بأدائها، وسلبية يمقتها الإسلام وينهى عنها؛ لقول رسول الله صلى الله عليه وآله وسلم: «لَا تَكُونُوا إِمَّعَةً؛ تَقُولُونَ: إِنْ أَحْسَنَ النَّاسُ أَحْسَنَّا، وَإِنْ ظَلَمُوا ظَلَمْنَا، وَلَكِنْ وَطِّنُوا أَنْفُسَكُمْ، إِنْ أَحْسَنَ النَّاسُ أَنْ تُحْسِنُوا، وَإِنْ أَسَاءُوا فَلَا تَظْلِمُوا» رواه الترمذي.
خامسًا: المسلم الذي يراقب ربه ويخشاه يجب عليه البعد عن السلبية ووضع الأمانة التي كلف بها في محلها، والشهادة بالحق والعدل لمن هو أهل لها من المرشحين لعضوية المجالس النيابية والتشريعية في مختلف مراحلها، وعدم الإدلاء بالصوت الانتخابي بالحق والعدل والصدق لمن هو أهل له يُعدُّ في نظر الإسلام جريمة سلبية، توجب المؤاخذة على صاحبها من الناحية الدينية؛ لأن هذه السلبية تؤدي نتيجتها ما تؤديه شهادة الزور من إفساد وفساد على الفرد والمجتمع في الدولة في مجال ضياع الحقوق والواجبات المشروعة للجميع الحاكم والمحكوم، وهي تلتقي من حيث الأثر مع الجريمة الإيجابية وهي شهادة الزور والتدليس وخيانة الأمانة من حيث ضياع الحقوق والواجبات للفرد والجماعة، والدليل على أن السلبية من الجرائم المعاقب عليها في الإسلام من الناحية الدينية قوله تعالى: ﴿إِنَّ الَّذِينَ تَوَفَّاهُمُ الْمَلَائِكَةُ ظَالِمِي أَنْفُسِهِمْ قَالُوا فِيمَ كُنْتُمْ قَالُوا كُنَّا مُسْتَضْعَفِينَ فِي الْأَرْضِ قَالُوا أَلَمْ تَكُنْ أَرْضُ اللهِ وَاسِعَةً فَتُهَاجِرُوا فِيهَا فَأُولَئِكَ مَأْوَاهُمْ جَهَنَّمُ وَسَاءَتْ مَصِيرًا﴾ [النساء: 97]، فهذا النص القرآني يظهر مدى خطورة السلبية في حياة الناس لدفع الظلم وتحقيق العدل فيما بينهم من الناحية السياسية والاجتماعية والاقتصادية، وتولي الأمر فيما بينهم فيما سبق لمن ليس أهلًا له من الناحية التشريعية والتنفيذية والقضائية، وهذا ما حذرنا منه النبي صلى الله عليه وآله وسلم بقوله: «إِذَا وُسِّدَ الأَمْرُ إِلَى غَيْرِ أَهْلِهِ فَانْتَظِرِ السَّاعَةَ» رواه البخاري.
وشددت على أن من يمتنع عن أداء صوته الانتخابي يكون آثمًا شرعًا؛ لأنه بذلك يكون قد منع حقًّا واجبًا عليه لمجتمعه الذي يطالبه بأداء الشهادة لمن قدم نفسه للخدمة العامة بترشيح نفسه للمجلس النيابي التشريعي؛ وذلك لبيان مدى صلاحيته لهذه المهمة القومية والوطنية من خلال هذه الشهادة.
كما أن من يدفع صاحب الشهادة إلى مخالفة ضميره أو عدم الالتزام بالصدق الكامل في شهادته بأية وسيلة من الوسائل المادية أو المعنوية سواء كان مسؤولًا أم مواطنًا عاديًّا يكون مشاركًا مشاركة إيجابية ومساعدًا لصاحب الشهادة في ارتكاب جريمة خيانة الأمانة والتزوير في الشهادة؛ والشريك كالأصيل تمامًا من حيث الفعل والأثر في الإسلام.
وكذلك الذي ينتحل اسمًا غير اسمه ويدلي بصوته بدل صاحب الاسم المنتحل سواء كان حيًّا أو كان من الأموات أو المسافرين الغائبين غير الموكلين يكون قد ارتكب غشًّا وتزويرًا يعاقب عليه شرعًا، ويكون آثمًا، وجميع التصرفات المسؤول عنها محرمة شرعًا؛ لانطوائها على جرائم الإفساد في الأرض المنهي عنها شرعًا؛ ولأنها تعطي فرصة لوصول الشخص غير الكفء، وغير الأهل شرعًا للنيابة عن الناس في طلب حقوقهم المشروعة والدفاع عنها، وهذا ما يضيع مصالحهم ويؤدي إلى الفساد في المعاملات العامة والخاصة وضياع الحقوق؛ ولهذا شدد رسول الله صلى الله عليه وآله وسلم في النهي عن قول الزور وشهادته فقال: «أَلَا وَقَوْلُ الزُّورِ وَشَهَادَةُ الزُّورِ، أَلَا وَقَوْلُ الزُّورِ وَشَهَادَةُ الزُّورِ»، فَمَا زَالَ يَقُولُهَا حَتَّى قُلْتُ لَا يَسْكُتُ. رواه البخاري.
المصدر: صدى البلد
كلمات دلالية: الانتخابات الامتناع عن التصويت دار الإفتاء الانتخابات الرئاسية المصرية 2024 ثاني أيام الانتخابات الرئاسية صلى الله علیه وآله وسلم من الناحیة أن یکون
إقرأ أيضاً:
ما حكم ذكر اسم الشخص في الدعاء بالصلاة؟ دار الإفتاء تجيب
قالت دار الإفتاء المصرية، إنه لا حرج شرعًا على الإنسان من تخصيص أحد من أهل الفضل -كوالديه أو أستاذه- بالدعاء له في الصلاة مع ذِكْر اسمه عند ذلك، سواء أكانت الصلاة فريضة أم نافلة.
وورد إلى دار الإفتاء المصرية، سؤال يقول (ما حكم دعاء لشخص تحبه في الصلاة وذكر اسم الشخص في الدعاء في الصلاة؟ فهناك بعض الناس من أهل الفضل عليَّ، فهل يجوز لي أن أقوم بالدعاء لأحدهم في الصلاة مع تعيينه بالاسم؟
وقالت دار الإفتاء في إجابتها على السؤال، إنه لا حرج شرعًا على الإنسان من تخصيص أحد من أهل الفضل -كوالديه أو أستاذه- بالدعاء له في الصلاة مع ذِكْر اسمه عند ذلك، سواء أكانت الصلاة فريضة أم نافلة.
أما عن دعاء لشخص تحبه في الصلاة بذكر اسمه، فقد اختلف الفقهاء في مشروعيته: فذهب المالكية والشافعية، والحنابلة في الصحيح من المذهب إلى جواز ذلك.
ويردد البعض دعاء لشخص تحبه مثل:
ربي أحفظ لي حبيبي فإني أخشى عليه من ضرر يمسه فيمسني أضعافه اللهم أني أستودعتك إياه في كل حين ف احفظه لي يالله كل سنة وانت طيب ياغالي.
ويارب في كل سنة احفظ لي حبيبي وأمان قلبي اللهم ياخير الحافظين احفظ لي هذه النعمة واطل في عمره وكل سنة وانت حبيبي.
وذكرت دار الإفتاء أنه من المقرر شرعًا بالكتاب والسُّنَّة استحباب الدعاء، فمن الكتاب قوله تعالى: ﴿وَإِذَا سَأَلَكَ عِبَادِي عَنِّي فَإِنِّي قَرِيبٌ أُجِيبُ دَعْوَةَ الدَّاعِ إِذَا دَعَانِ فَلْيَسْتَجِيبُوا لِي وَلْيُؤْمِنُوا بِي لَعَلَّهُمْ يَرْشُدُونَ﴾ [البقرة: 186]، وقوله سبحانه: ﴿وَقَالَ رَبُّكُمُ ادْعُونِي أَسْتَجِبْ لَكُمْ إِنَّ الَّذِينَ يَسْتَكْبِرُونَ عَنْ عِبَادَتِي سَيَدْخُلُونَ جَهَنَّمَ دَاخِرِينَ﴾ [غافر: 60]، وقوله عزَّ وجلَّ: ﴿ادْعُوا رَبَّكُمْ تَضَرُّعًا وَخُفْيَةً إِنَّهُ لَا يُحِبُّ الْمُعْتَدِينَ﴾ [الأعراف: 55]، وقوله تعالى: ﴿قُلِ ادْعُوا اللَّهَ أَوِ ادْعُوا الرَّحْمَنَ أَيًّا مَا تَدْعُوا فَلَهُ الْأَسْمَاءُ الْحُسْنَى وَلَا تَجْهَرْ بِصَلَاتِكَ وَلَا تُخَافِتْ بِهَا وَابْتَغِ بَيْنَ ذَلِكَ سَبِيلًا﴾ [الإسراء: 110].
ويدل عليه من السُّنَّة ما أخرجه أصحاب السنن والحاكم عن النعمان بن بشير رضي الله عنهما: أن النبي صلى الله عليه وآله وسلم قال: «إِنَّ الدُّعَاءَ هُوَ الْعِبَادَةُ»، ثم قرأ: ﴿ٱدۡعُونِيٓ أَسۡتَجِبۡ لَكُمۡ﴾ [غافر: 60].
حكم الدعاء في الصلاةالدعاء في الصلاة مشروعٌ، إلَّا أن فقهاء الحنفية -في ظاهر الرواية- قيدوا ذلك بكون ألفاظ الدعاء موجودة في القرآن الكريم.
وذهب المالكية والشافعية إلى مشروعية الدعاء بكلِّ ما هو خير للعبد في الدين والدنيا والآخرة، وإن كان الدعاء بالوارد وما هو للآخرة أولى.
وروي أنه عليه الصلاة والسلام كان يقول بينهما: «اللهم اغفر لي وارحمني واسترني واجبرني وارزقني واعف عني وعافني».