أنشطة ولقاءات أدبية متنوعة لقصور الثقافة بالبحر الأحمر
تاريخ النشر: 13th, December 2023 GMT
شهد فرع ثقافة البحر الأحمر مجموعة من الفعاليات االأدبية، ضمن برنامج الهيئة العامة لقصور الثقافة برئاسة عمرو البسيوني، المعد خلال شهر ديسمبر الحالي.
ونظم نادي أدب قصر ثقافة الغردقة أمسية شعرية بالنقابة الفرعية لاتحاد كتاب مصر، تضمنت مناقشة الدراسة البحثية "المسرح الجنوبي - ياسين وبهية نموذجا" للشاعر فرج الضوي.
واستهل "الضوي" حديثه عن جنوب الصعيد منبع الأساطير الرومانتيكية والملحمية، التي جسدت أبعادا لأطوار الشخصية الإنسانية، وتناقلتها الذاكرة الشعبية فصارت تراثا يتنقل من جيل إلى جيل.
أولى مسرحيات الكاتب نجيب سروروطرح الضوي "ياسين وبهية" أولى مسرحيات الكاتب نجيب سرور- كنموذج للقصة الشعبية، مقدما تحليلا للمفارقة التاريخية والتشابه العجيب الذي جمع بين أسطورة "المينوتور الإغريقية" والأسطورة الجنوبية "ياسين وبهية"، من حيث الشخصيات والزمان وطريقة التناول.
موضحا أن من يطلع على الأسطورتين يجد أن شخصية "مينوس" في الأسطورة الإغريقية تتشابه مع شخصية "الباشا" في الأسطورة الجنوبية، وكذلك قصر اللابرانت يتشابه مع قصر الباشا الذي يعيش فيه الظلم، والمينوتور يمثلون الإقطاع، ومدينة كريت الإغريقية تمثل مدينة "بهوت" التي تدور بها أحداث أسطورة الجنوب.
كما شهدت الأمسية الاحتفاء بحصول الشاعر على المركز الأول من جائزة أشرف بدير الأدبية، عن ديوان شعر الفصحى "تاركا أثرا على الرمال البحرية".
تقديم باقة متنوعة من القصائد الشعريةتلى ذلك تقديم باقة متنوعة من القصائد الشعرية منها قصيدة "مليش أحباب يحبوني" للشاعر مصطفى محمود، وقصيدة "وجع الوجع وجعي" للشاعر شاذلي محمد، وألقى الشاعر سيد الطيب رئيس نادي الأدب المركزي قصيدة بعنوان "انفد م الناس"، بينما قدم الشاعر أحمد صلاح مقطوعة شعرية بعنوان "جالوا وجلنا جالوها".
واستمرارا للأنشطة المقدمة بإقليم جنوب الصعيد الثقافي برئاسة عماد فتحي، من خلال فرع ثقافة البحر الأحمر برئاسة سوسن عبد الرحيم، أقام قصر ثقافة الغردقة محاضرة بعنوان "الطاقة النفسية ونظرية الأثير" تناولت خلالها د.ميرڤت فهمي مفهوم قوة الطاقة النفسية، ومصادرها وتأثيرها على الأداء الإنساني من خلال اجتياز المواقف وإنجاز المهام التي لم يكن في مخيلة الإنسان القيام بها.
"سحر البيان وجماليات اللغة العربية"واحتفالا باليوم العالمي للغة الضاد، أعد قصر ثقافة رأس غارب لقاء بعنوان "سحر البيان وجماليات اللغة العربية" تحدث خلاله الشاعر الحسن عباس، عن الأساليب البلاغية في اللغة العربية، هذا إلى جانب مناقشة عدد من القصائد الشعرية للأطفال.
كما قدم مصطفى محمد من إدارة سفاجا التعليمية، لقاء مماثلا بحضور عدد من طلاب مدرسة المنار الابتدائية، وذلك ضمن نشاط مكتبة الطفل والشباب بسفاجا.
المصدر: بوابة الفجر
كلمات دلالية: أجندة قصور الثقافة إصدارات هيئة قصور الثقافة
إقرأ أيضاً:
الهوية في مواجهة الهيمنة الثقافية
هذا موضوع يرتبط ارتباطًا وثيقًا بقضية العولمة التي أصبحت موضوعًا تقليديًّا في الفكر الراهن؛ ولكنه يرتبط بذلك الجانب الثقافي من تأثير العولمة الذي يبقى دائمًا متجددًا ومثيرًا للتأمل والجدال. والحقيقة أن حالة «الهيمنة الثقافية» ليست مقترنة بحالة العولمة الراهنة وحدها، وإنما هي حالة عامة طالما اقترنت بالاستعمار عبر العصور، خاصةً عندما يكون المستعمر صاحب حضارة، ويبقى زمنًا طويلًا في البلاد التي يستعمرها.
وربما يكون الاستعمار الفرنسي هو المثال البارز هنا؛ لأن هذا الاستعمار كان مهتمًّا دائمًا بالتأثير في الجانب الثقافي لدى مستعمراته (وهو ما يُعرَف بعملية «الفرنسة»)؛ وهو التأثير الذي نجده ملحوظًا في الثقافة المغاربية، ليس فقط من حيث اللسان وإتقان اللغة الفرنسية، وإنما أيضًا من حيث التوجهات الغالبة في المجال المعرفي والأكاديمي (وربما لهذا السبب نفسه؛ فإن المفكرين والمبدعين الحقيقيين في دول المغرب العربي -من الكبار والشباب- لا تهيمن عليهم تلك التوجهات، ويبدعون مشاريعهم الفكرية والأدبية الخاصة التي تمتد في عمق وجودهم العربي).
ومع ذلك، يتبدى لنا بوضوح أن الهيمنة الثقافية في عالمنا المعاصر، ومنذ عقود طويلة، قد اتخذت صورة جديدة مختلفة عن صورتها المقترنة بالاستعمار التقليدي: فالاستعمار التقليدي كان يسعى إلى الهيمنة الثقافية بفضل هيمنته بقوة السلاح، وكان يستخدم عادةً أدوات محدودة في هذه الهيمنة تتمثل في اللغة والتعليم بوجه خاص.
أما الصورة المعاصرة من الهيمنة الثقافية، فهي نتاج لما يُسمى «الاستعمار الناعم»، وهو شكل جديد من الاستعمار أو الهيمنة من دون حاجة لاستخدام القوة العسكرية في الغزو والاحتلال (وهو ما يتكلف كثيرًا من ناحية، ويخالف القوانين الدولية من جهة أخرى). ولا شك في أن الهيمنة الثقافية هي نتاج للهيمنة الاقتصادية والسياسية لبعض الدول الكبرى، ولكنها بدورها تدعم الهيمنة الاقتصادية والسياسية لهذه الدول.
ومن هنا بدأنا منذ عقود عديدة نسمع ونرى ظواهر عديدة للهيمنة الثقافية، منها -على سبيل المثال- ما يُسمى «الأمركة»، وهي ظاهرة تعبّر صراحةً عن تأثير أمريكي يريد الهيمنة في مجال الثقافة بمعناها الواسع الذي يشمل اللغة والفن والقيم، بل الملبس والمأكل أيضًا، أي يشمل أساليب العيش ومجمل رؤية الناس للعالم.
ولهذا فإن اللغة الإنجليزية قد ترسخت مكانتها في العالم باعتبارها اللغة الأولى في الاستخدام، وهي مكانة قد نشأت في الأصل بفعل هيمنة الإمبراطورية البريطانية التي ورثت نفوذها الولايات المتحدة الأمريكية منذ عصر ما بعد الحرب العالمية الثانية. وحتى هذه اللغة لم تسلم من ظاهرة «الأمركة»؛ فلقد حرص الأمريكان على شيوع مصطلح «الإنجليزية الأمريكية» American English، أي اللغة الإنجليزية على الطريقة الأمريكية من حيث النطق والتعبير بأساليب مخصوصة، وهي اللغة التي يستخدمها كل من يتعلم اللغة أو يدرس في مراكز ومدارس وجامعات أمريكية.
وبوجه عام يمكن القول إن اللغة الإنجليزية في حد ذاتها هي أداة رئيسة للهيمنة الثقافية، بجانب أدوات الفن والقيم الأخلاقية والجمالية وأساليب العيش. ومن هنا بدأنا نرى مظاهر هذا التأثير في شتى بقاع الأرض، بما في ذلك عالمنا العربي بطبيعة الحال.
ونحن جميعًا نرى مظاهر هذا التأثير في أساليب بعض الشباب في الملبس والمأكل والسلوك، وفي اللغة الأمريكية التي يتباهون باستخدامها على حساب اللغة العربية التي هي عندهم لغة الطبقة الأدنى التي يتعلم أبناؤها في مدارس وجامعات حكومية. ناهيك عن استخدام اللغة الإنجليزية في أسماء المحلات التجارية والمشروعات والمؤسسات الكبرى، وذلك على سبيل الدعاية وإظهار التميز.
ماذا تفعل الدول إزاء الهيمنة الثقافية؟ ما دور الهوية هنا؟ حينما نسعى إلى الإجابة عن هذا السؤال العويص، لا بد أن نستبعد ابتداءً بعض التصورات المغلوطة عن الهوية، ومنها أن الهوية تبقى ثابتة جامدة: ذلك أن الهوية ليست شيئًا ثابتًا يكمن في لحظة معينة من الماضي أو التراث، وإنما هي تكمن في شخصية شعب أو أمة، كما تشكلت هذه الشخصية عبر التاريخ من خلال إبداعها في مجال الثقافة بمعناها الواسع، وإبداعها في مجالات العلم والمعرفة عمومًا هكذا تتأسس الهوية وتترسخ باعتباره الذات الكلية لشعب أو أمة ما. هذه الهوية قد تتعرض لحالة من الخفوت والتواري أو الطمس بفعل هيمنة ثقافة الآخر.
ولكننا لا بد أن نلاحظ في الوقت نفسه أن هذه الحالة لا يمكن أن تحدث بفعل تأثير يأتي من خارج الذات، اللهم إلا إذا كانت الذات نفسها في حالة ثبات يجعلها غير قادرة على الإبداع. وبعبارة أخرى أكثر وضوحًا نقول إن هذه الحالة تحدث حينما تصبح الأمة نفسها غير قادرة على الحفاظ على هويتها من خلال إبداعها الخاص، وعلى رأسه الإبداع في مجال الثقافة بمعناها الواسع.
وهكذا، فإن الهوية لا يهددها تأثير يأتي من الخارج، وإنما هو يأتي من الداخل حينما لا يسهم هذا الداخل في تشكيل الهوية والحفاظ عليها. وعلى هذا فإن الهوية لا تعني انغلاق الذات على نفسها وعدم انفتاحها على الآخر؛ لأن هذا الانفتاح نفسه يكون ضروريًّا لإثراء تكوين الذات نفسها، ولكن من دون هيمنة لثقافة الآخر على ثقافة الذات.
خلاصة القول إنه لا يمكن مواجهة الهيمنة الثقافية التي تهدد الهوية إلا من خلال إنتاج الثقافة وتمكينها، بدءًا من إعلاء شأن اللغة وتمكينها في العلم والمعرفة والدراسة، وحتى إعلاء شأن الفنون والآدب وتمكينها في ثقافتنا؛ فضلًا عن الانفتاح على ثقافة الآخر، لا باستيرادها وترويجها، وإنما بإخضاعها للفحص والنقد.