مدير مفوض وشريك أول بشركة بوسطن كونسلتينج جروب : الإمارات تتمتع برؤية إيجابية تجاه التحول في مجال الطاقة
تاريخ النشر: 14th, December 2023 GMT
أكد فرديناند فارغا، مدير مفوض وشريك أول بشركة بوسطن كونسلتينج جروب (BCG) أن دولة الإمارات العربية المتحدة تتمتع برؤية إيجابية تجاه التحول في مجال الطاقة. وتهدف استراتيجية الإمارات للطاقة 2050 إلى مضاعفة مساهمة الطاقة المتجددة بمعدل ثلاث أضعاف واستثمار ما بين 150 و200 مليار درهم بحلول عام 2030. وتم تحديث الاستراتيجية عام 2023، تزامناً مع تحديد أهداف عام 2030 وطموحات عام 2050 لتحقيق الحياد الكربوني.
وتتخذ الإمارات العربية المتحدة خطوات مهمة نحو مستقبل يرتكز على استخدام الطاقة النظيفة. وتشهد الدولة استثمارات مكثفة في مجال الطاقة المتجددة مع تحسين كفاءة استهلاك الطاقة، والالتزام بتحقيق أهداف الحياد الكربوني. ويتماشى هذا التحول مع الجهود العالمية لمكافحة تغير المناخ وتوفير مستقبل مستدام وعادل للجميع.
وأوضح فارغا: يتطلب التحول نحو مستقبل الطاقة المستدامة جهوداً تعاونية من مختلف القطاعات. وينبغي لصناع السياسات التركيز على خلق بيئة داعمة لضمان تحول الطاقة على النحو الأمثل. ويتطلب هذا المسار ضرورة الوعي بالفوائد طويلة الأجل للانتقال، على الرغم من النفقات التي سيتم تكبدها على المدى القصير، مع الاهتمام بسد الفجوة القائمة على مستوى التكلفة.
• من المفترض أن يقوم صانعو السياسات بتحديد أهداف نشر سنوية واضحة لتوجيه عملية الانتقال. ولابد في هذا الإطار من إعادة تصميم أسواق الطاقة على نحو يساهم في جذب الاستثمارات منخفضة الكربون في إطار تجربة سلسة. ويعد تبسيط عمليات التخطيط والتصاريح أمر بالغ الأهمية. كما يجب إعادة النظر في أطر المسؤولية عن التقنيات الجديدة، ومن المهم في هذا الإطار إجراء انتقال عادل يوازن بين الآثار الاجتماعية والاقتصادية.
• يجب على الجهات المنتجة والمزودة للطاقة، قيادة مسار التحول لإنتاج الطاقة منخفضة الكربون. وينبغي عليها ضمان توفير إمدادات طاقة آمنة ومنخفضة التكلفة، تزامناً مع العمل على التخلص تدريجياً من الوقود الأحفوري. وتعد عملية تطوير محافظ إمدادات الطاقة المخصصة ومساعدة العملاء على إيجاد مسارات انتقال فعالة أمر أساسي في هذا الإطار.
• ويتعين على كبار مستهلكي الطاقة ومزودي خدمات البنية الأساسية الوعي بالنفقات القصيرة الأجل المترتبة على الانتقال إلى الطاقة منخفضة الكربون، مع التركيز على الفوائد طويلة الأجل. ويعد تحديد أهداف النشر، وإعادة تصميم أسواق الطاقة، وتبسيط عمليات التخطيط، وتكييف أطر المسؤولية للتقنيات الحديثة من العناصر الأساسية لتسريع عملية الانتقال.
الجدير بالذكر، أن اتباع نهج متعدد لأصحاب المصلحة أمر بالغ الأهمية لضمان انتقال ناجح للطاقة. ومن المفترض أن يتعاون واضعو السياسات مع منتجي الطاقة والموردين والمستهلكين على نحو متكامل لوضع السياسات الهادفة والاستثمار في التقنيات الجديدة والتكيف مع حقائق السوق الجديدة من أجل مستقبل الطاقة المستدامة.
وأضاف: يتعين على الجهات الرائدة عبر قطاع الهيدروجين، تحمل المخاطر وتحديد أولويات تطوير المشروع لدفع القطاع نحو المستقبل. وتشمل الإجراءات الأخرى الواجب تبنيها، التركيز على خفض تكلفة الهيدروجين الأخضر، وهو أمر حيوي يجب اعتماده على نطاق أوسع. ويمكن تسريع عملية خفض التكلفة عبر تبسيط عمليات تطوير المشروع والتعاون مع مصنعي المحللات الكهربائية. ومن الممكن أن تؤدي مثل هذه الشراكات إلى تعزيز الابتكارات وخفض نفقات الإنتاج على نحو ملحوظ. ويعتبر الاطلاع المستمر على أحدث المستجدات ذات الصلة، والتشجيع على استخدام الهيدروجين من أهم الممارسات في هذا الإطار. وتحتاج الجهات الرائدة على مستوى القطاع إلى تعزيز الوعي بالمشهد الحالي، وتسليط الضوء على الدور الحيوي للهيدروجين في مجال التحول الطاقي، لا سيما لناحية توسيع نطاق استخداماته في المجالات الأكثر تعقيداً، وذلك تزامناً مع التطور المستمر للبيئة التنظيمية وإعادة تشكيل سوق الطلب على الهيدروجين. أخيراً، يعد التعاون أمر أساسي في قطاع الهيدروجين، ويشمل ذلك الحكومات التي تعمل مع مصنعي المعدات الأصلية (OEMs) ومزودي الخدمات التقنية والمتعهدين والشركات لتسريع عملية تطوير بنية تحتية شاملة لتجارة الهيدروجين. ويشمل ذلك إنشاء الشبكات وحلول التخزين والمحطات الطرفية التي تعتبر ضرورية لتوزيع الهيدروجين واستخدامه بشكل فعال. ومن المؤكد أن تساهم هذه الجهود التعاونية في التغلب على التحديات الحالية وتمهيد الطريق لمستقبل أكثر استدامة وكفاءة للطاقة.
وأشار إلى أن التنفيذ السريع لعمليات إزالة ثاني أكسيد الكربون (CDR) يعد أمر بالغ الأهمية في مكافحة ظاهرة الاحتباس الحراري. مع تقدم الوقت، تزداد كمية الكربون التي يجب إزالتها من الغلاف الجوي للأرض، ما يعزز أهمية هذا الموضوع. وتشير التقديرات إلى أن 5-16 جيجا طن (Gt) من ثاني أكسيد الكربون يجب إزالتها سنوياً بحلول عام 2050 للحد من ظاهرة الاحتباس الحراري إلى 1.5 درجة مئوية أو 2 درجة مئوية، وتبرز عملية التقاط الهواء المباشر (DAC) كتقنية رئيسية نظراً لقابليتها للتوسع وديمومتها وإمكانية التحقق منها. وتعتبر عملية التقاط الهواء المباشر DAC أكثر كفاءة من إعادة التحريج، ما يجعلها حلاً مثالياً قابلاً للتطوير لتلبية احتياجات عملية إزالة ثاني أكسيد الكربون CDR واسعة النطاق. وفي الإطار ذاته، يمكن اعتماد تقنية التقاط الهواء المباشر DAC على نطاق واسع، عبر الحد من النفقات اللازمة للتخلص من ثاني أكسيد الكربون على نحو تام، والتي تتراوح قيمتها حالياً من 600 دولار إلى 1000 دولار للطن. ويتمثل الهدف الرئيسي من هذا التوجه في خفض هذه التكاليف إلى أقل من 200 دولار، ومن الناحية المثالية أقرب إلى 100 دولار، بحلول عام 2050، ما يجعل التقنية قابلة للتطبيق اقتصادياً وأكثر سهولة للنشر على نطاق واسع.
واختتم قائلا: إن تحقيق نظام طاقة محايد كربونياً أمر ممكن مع التقنيات المتاحة، لكنه يتطلب جهوداً متسارعة واستثمارات كبيرة. في الوقت الحالي، تعد التقنيات التي أثبتت جدواها مثل كفاءة الطاقة والكهرباء والطاقة الشمسية وطاقة الرياح، من العوامل الأساسية التي تسهل عملية الانتقال، والتي ستبقى ذات فعالية عالية حتى عام 2030. ومن المتوقع أن يتحول التركيز عام 2030 لتوسيع نطاق التقنيات الناشئة، بما في ذلك البطاريات على نطاق الشبكة، والمفاعلات النووية الجديدة، والهيدروجين منخفض الكربون، واحتجاز الكربون واستخدامه وتخزينه. وتعد هذه التقنيات ضرورية لنظام طاقة محايد كربونياً ولكنها تتطلب استثمارات وجهداً مناسبين للتوسع بفعالية.
وتشكل وتيرة هذا التحول عاملاً إضافياً، إذ يجب أن يحدث التحول نحو طاقة محايدة كربونياً بمعدل 3 أضعاف من التحولات الرئيسية السابقة للطاقة. في حين أن التحولات التاريخية إلى الفحم والنفط استغرقت 50 و35 عاماً، فإن الهدف الحالي يتطلب تحولا كبيراً في الطاقة المتجددة خلال 13-18 عاماً فقط. وتمثل هذه الوتيرة المتسارعة تحدياً كبيرا يتطلب تعاوناً عالمياً منسقاً ودعماً ملحوظاً للسياسات.
من ناحية أخرى، يعتبر سد الفجوة التمويلية الكبيرة أمر حتمي لهذا التحول. وعلى الرغم من الاستثمار العالمي البالغ 19 تريليون دولار من قبل الجهات الرائدة على مستوى قطاع الطاقة والحكومات والمستثمرين، لا تزال الحاجة ملحة لسد العجز المقدر بـ18 تريليون دولار لنجاح عملية الانتقال. وسيكون سد هذه الفجوة أمر بالغ الأهمية لتحقيق الأهداف الطموحة المحددة لمستقبل محايد كربونياً، ما يتطلب زيادة الالتزامات المالية العالمية من القطاعين العام والخاص.
المصدر: جريدة الوطن
كلمات دلالية: ثانی أکسید الکربون أمر بالغ الأهمیة الطاقة المتجددة عملیة الانتقال فی هذا الإطار على مستوى على نطاق على نحو فی مجال عام 2030
إقرأ أيضاً:
بعد عامين من COP28.. "اتفاق الإمارات" مرجع العمل المناخي
يصادف اليوم السبت 13 ديسمبر ذكرى مرور عامين على إعلان الدكتور سلطان أحمد الجابر، وزير الصناعة والتكنولوجيا المتقدمة، العضو المنتدب والرئيس التنفيذي لأدنوك ومجموعة شركاتها، والمبعوث الخاص لدولة الإمارات للتغير المناخي، التوصل إلى "اتفاق الإمارات" التاريخي في ختام مؤتمر الأطراف COP28 الذي شكل محطة فارقة في جهود العمل المناخي العالمي المشترك.
وبفضل الرؤية الاستشرافية للقيادة في دولة الإمارات ودعمها اللا محدود، نجح الاتفاق في توحيد جهود الأطراف الـ198 في اتفاقية الأمم المتحدة الإطارية بشأن تغير المناخ للتوافق على مجموعة من التدابير الشاملة والعملية غير المسبوقة عبر مجالات التخفيف والتكيف والتمويل، بهدف خفض الانبعاثات وتعزيز جهود إزالة الكربون وحماية الأفراد والمجتمعات الأكثر تضرراً من تداعيات تغير المناخ. وتضمنت هذه التدابير الالتزام بأهداف زيادة القدرة الإنتاجية العالمية لمصادر الطاقة المتجددة ثلاث مرات بحلول عام 2030، ومضاعفة كفاءة الطاقة، والحد من إزالة الغابات، كما حقق COP28 إنجازا تاريخيا من خلال نجاحه في تأسيس صندوق لمعالجة تداعيات تغير المناخ لأول مرة في مؤتمرات الأطراف.
وحقق COP28 أيضا نتائج إيجابية تتجاوز المخرجات التفاوضية من خلال خطة عمل رئاسة المؤتمر، حيث نجح في حشد جهود القطاع الخاص بطريقة فعالة وعملية لإزالة الكربون بشكل غير مسبوق، وساهمت مبادرات رائدة، مثل ميثاق خفض انبعاثات قطاع النفط والغاز، الذي يُعد الشراكة الأكثر شمولاً للقطاع الخاص في مجال إزالة الكربون حتى الآن، في حشد جهود شركات نفط عالمية ووطنية تمثل 40 بالمئة من إنتاج النفط العالمي في ميثاق يهدف إلى الحدّ من انبعاثات غاز الميثان وخفض انبعاثات الكربون من عملياتها الإنتاجية بشكل كبير. كما تم إطلاق صندوق "ألتيرّا"، أكبر صندوق استثماري عالمي يركز على المناخ، خلال COP28، بهدف تحفيز جمع 250 مليار دولار بحلول عام 2030 لتمويل حلول العمل المناخي العالمية على نطاق واسع.
وساهمت مخرجات COP28 في ترسيخ مكانة دولة الإمارات وتعزيز دورها الفعال في توفيق الآراء ودعم العمل المشترك عبر توحيد جهود الحكومات وقطاعات الطاقة والصناعة والتمويل ومنظمات المجتمع المدني، لبناء إجماع عالمي، وتغليب الشراكة على الاستقطاب، والحوار على الانقسام.
من خلال توحيد جهود كافة الأطراف والمعنيين وضمان مشاركة الجميع في العملية التفاوضية، أكدت الإمارات أهمية دور القيادة الشاملة والعمل الجماعي في تحويل التفاهمات المبدئية إلى تقدم إيجابي يحتوي الجميع ولا يترك أحداً خلف الركب.
وفي ظل الاستمرار الحالي في ارتفاع الطلب العالمي على الطاقة، تزداد الحاجة إلى تطبيق هذه المنهجية الواقعية والعملية والشاملة لتلبية هذا الطلب بشكل مسؤول وموثوق، وهو ما يسلط الضوء على أهمية "اتفاق الإمارات" التاريخي الاستثنائية كنموذج لكيفية بناء مستقبل أكثر مرونة واستدامة للجميع من خلال التعاون والمصداقية والتنفيذ.