المسلة:
2025-10-16@11:21:57 GMT

إيران ومعادلات الشرق الأوسط.. الأزمات إلى فرص

تاريخ النشر: 14th, December 2023 GMT

إيران ومعادلات الشرق الأوسط.. الأزمات إلى فرص

14 ديسمبر، 2023

بغداد/المسلة الحدث:

محمد صالح صدقيان

تُقدّم طهران وموسكو نموذجاً للفواعل الإقليمية والدولية صاحبة المصلحة في كسر الأحادية القطبية المُهيمنة على الواقع الدولي منذ إنهيار الإتحاد السوفياتي قبل أكثر من ثلاثة عقود من الزمن، ومن يقرأ زيارة الرئيس الإيراني إبراهيم رئيسي الحالية إلى موسكو يلمس أنها تصب في هذا الإتجاه.

. وحتماً ستكون لها انعكاساتها في ساحة الشرق الأوسط الأكثر خطورة وحيوية في هذه المرحلة.

كشفت تطورات ما بعد السابع من تشرين الأول/أكتوبر 2023 عن عديد العوامل المؤثرة في السياسة والأمن في منطقة الشرق الأوسط؛ إضافة إلی أنها أعادت التفكير بضرورة وضع حد للأزمات والتوترات التي تعصف بالمنطقة منذ عقود طويلة وأثّرت علی خطط وبرامج التنمية كما علی المستقبل السياسي لمنطقة انتظرت في برهة من الزمن “الشرق الأوسط الجديد” وما بعدها “صفقة القرن” وقبلها “حل الدولتين” وهي حبلی بمشاريع ومخططات تبحثها غرف الفكر والسياسة في مراكز الأبحاث الدولية والإقليمية من دون أن يكون هناك بصيص أمل يُنقذ هذه المنطقة من عثرات السياسة والقوة.

لا نُجافي الحقيقة إذا قلنا إن الولايات المتحدة وإيران فاعلتان في العلاقات الدولية، بسبب امتلاكهما عناصر قوة ولو أنها غير متناسبة، دولياً وإقليمياً. إن معادلة السياسة والقوة في منطقة الشرق الأوسط ليست ممكنة ومفهومة من دون الأخذ بالاعتبار التكتلات الأمنية الإقليمية حيث ساهم اللاعبون الإقليميون في خلق مستوی من معادلة القوة والمنافسة في هذه المنطقة.

وتُعتبَر إيران أحد اللاعبين الفاعلين في المجال الجيوسياسي في هذه المنطقة المقيمة علی رمال متحركة منذ عقود. بالمقابل، تُعتبر الولايات المتحدة القوة الرئيسية في النظام الدولي، وهي تحاول تثبيت موقعها في الشرق الأوسط، وبذلك تُوفّر الأساس للسيطرة على آليات القوة في مجالي الطاقة والأمن الإقليميين. مثل هذه المنافسة تؤشر علی تنامي الأزمات والتوترات خصوصاً أن إيران تعتبر نفسها قوة إقليمية قادرة على المساهمة في حفظ الأمن الإقليمي ولها مصالح جيوسياسية وجيواستراتيجية يجب أن تُأخذ بالاعتبار في أي نظام إقليمي أو ترتيبات أمنية تخص المنطقة.

أمريكياً؛ فإن منطقة الشرق الأوسط وجنوب غرب آسيا كانت منذ تسعينيات القرن الماضي مجبولة بالأزمات والتهديدات والفوضى والمواجهة الجيوسياسية من قبل جهات فاعلة إقليمياً ودولياً ولا سيما في الحقبة التي أعقبت الغزو الأمريكي للعراق 2003. وعلى الرغم من أن الولايات المتحدة حاولت دائمًا لعب دور متوازن في البيئة الإقليمية، إلا أن ظهور جهات إقليمية ناشطة وغير منسجمة مع الخطط الأمريكية، أدى إلى تفاقم أزمات المنطقة وتصعيدها. لذا؛ حاولت الولايات المتحدة إدارة الأزمات والسيطرة عليها في الشرق الأوسط ومنطقة الخليج وغرب آسيا وذلك من أجل الحيلولة دون أي تداعيات تمس بالمصالح الأمريكية في المنطقة.. وأيضاً منع نشوب أزمات جديدة في فضاء إقليمي متأزم أصلاً لا بل متوتر.

وفي موازاة ذلك، حاولت الولايات المتحدة توريط إيران في مناطق التوتر من خلال استخدام نموذج “التوازن الناعم” لإشراك هذه الدولة الإقليمية في محاولة ضبط بعض الساحات، في مواجهة ظاهرة الحركات المتطرفة والمتشددة التي سطع نجمها غداة العام 2003؛ لكن إيران فضّلت تشكيل ائتلاف تكتيكي مع روسيا في مواجهة هذه الحركات بدءاً من الساحة السورية، خصوصاً أن السياسة الأمريكية قبل الحادي عشر من أيلول/سبتمبر وبعدها، كانت مسؤولة إلى حد كبير عن انفلات عقال هذه الحركات، وبالتالي ظهور تحديات أمنية إقليمية ساهمت في تمدد إيران التي حاولت ملء الفراغ الأمني في عدد من الساحات ولا سيما في العراق. وعلی الرغم من أن الرئيس الأمريكي دونالد ترامب عمل بدءاً من العام 2017 لخلق معادلة قوة جديدة في المنطقة لكن الظروف الأمنية كانت تسير عكس ما كانت تخطط لها الإدارة الأمريكية حينذاك.

إيرانيا؛ قامت طهران بتحسين موقعها الإقليمي في عام 2010 وما بعده، حيث وضعت الأمن الإقليمي علی “أجندتها” الجيواستراتيجية واعتبرت الأمن في العراق وسوريا جزءاً لا يتجزأ من أمنها القومي ولطالما تعاملت معه علی هذا الأساس. إلا أن الولايات المتحدة بالتنسيق مع عدد من الدول الغربية حاولت تعديل موازين القوی في البيئة الإقليمية لغير مصلحة إيران وأمنها القومي. لقد ساهمت الولايات المتحدة ومعها دول أوروبية في دعم جماعات متطرفة ومتشددة، غداة ما يُسمى “الربيع العربي”، مما جعل البيئة الأمنية الإقليمية في الشرق الأوسط تواجه المزيد والمزيد من الأزمات؛ في الوقت الذي وضعت إيران الإستقرار الإقليمي في صلب أهدافها الإستراتيجية. وقد ركّزت إيران علی قوتها الاقليمية في الوقت الذي عملت علی خلق حالة من التوازن بين “الميدان” و”الديوان” (الديبلوماسية) بطريقة معقدة وشائكة تعزيزاً لدورها الإقليمي من دون التورط المباشر وتزامناً مع سعيها لإيجاد تحالفات متعددة الأطراف هدفها إشراك جهات فاعلة دولياً وإقليمياً في حماية منظومة الإستقرار الإقليمي. وفي نهاية المطاف؛ استفادت إيران من سياسة المصالحة الإقليمية والتعاون الدولي لإدارة الأزمات. وعلى أساس هذه الفكرة، تمت إعادة صياغة علاقات إيران مع الدول الخليجية علی أسس التعاون والتفاهم واحترام المصالح. ففي الوقت الذي الذي سعت فيه للإنفتاح علی السعودية باعتبارها دولة محورية ولاعباً مهماً في العالم العربي والمنطقة؛ توجهت نحو روسيا والصين اللتين دعمتا سياسة التعاون البنّاء من أي جهة أتت.

لقد تمكنت إيران من خلق الأرضية اللازمة للتعاون التكتيكي مع قوى كبری كالصين وروسيا من أجل خفض منسوب الأزمات والتوترات في المنطقة من خلال إيجاد قواسم مشتركة للتعاون البنّاء المتعدد الأطراف في البيئة الإقليمية. وهناك بُعد آخر لسياسة إيران الإقليمية، وهو التعددية الدولية الرامية إلى حل التحديات المرتبطة بقدرات إيران النووية.

وعلی الرغم من أن الرئيس ترامب حاول تحجيم إيران إلا أنها تصدت لمحاولات عزلها إقليمياً، سياسياً وأمنياً؛ لا بل قامت بتحسين قدراتها وتعزيزها إلى حد بناء نموذج جديد من الديبلوماسية استناداً إلى تجارب الماضي وسياسات القوة. ويمكن اعتبار الديبلوماسية النووية الإيرانية بُعداً آخر في سياسة إيران الإقليمية؛ حيث نجحت باعادة صياغة مفاوضاتها النووية عبر التوازن الدقيق بين الميدان والديبلوماسية لتحقيق أوسع قدر من المكاسب الجيوسياسية والجيواستراتيجية.

المسلة – متابعة – وكالات

النص الذي يتضمن اسم الكاتب او الجهة او الوكالة، لايعبّر بالضرورة عن وجهة نظر المسلة، والمصدر هو المسؤول عن المحتوى. ومسؤولية المسلة هو في نقل الأخبار بحيادية، والدفاع عن حرية الرأي بأعلى مستوياتها.

المصدر: المسلة

كلمات دلالية: الولایات المتحدة الشرق الأوسط

إقرأ أيضاً:

شراكة بين سونيك وول وديجيتال بلانتس لتعزيز الدفاعات السيبرانية في الشرق الأوسط

أعلنت شركتا سونيك وول (SonicWall) وديجيتال بلانتس (Digital Planets) – التابعة لمجموعة دي بي (DP Group) – عن توقيع اتفاقية شراكة استراتيجية تهدف إلى رفع مستوى الحماية الرقمية في أسواق الشرق الأوسط، خلال فعاليات جيتكس جلوبال 2025 المقام في مركز دبي التجاري العالمي.

وبموجب الاتفاقية، أصبحت ديجيتال بلانتس شريكاً ذهبياً معتمداً (Gold Partner) لسونيك وول في ثلاث من أهم أسواق المنطقة وهي مصر، والسعودية، والإمارات، لتقديم حلول متطورة في مجالات الدفاع الإلكتروني والمراقبة الذكية والاستجابة السريعة للحوادث الرقمية.

تأتي هذه الشراكة في وقتٍ تشهد فيه المنطقة تصاعداً غير مسبوق في حجم الهجمات السيبرانية، بالتزامن مع التوسع السريع في التحول الرقمي واعتماد المؤسسات على التقنيات السحابية والذكاء الاصطناعي. ووفقاً لتقارير متخصصة، سجلت مصر أكثر من 20 ألف هجوم سيبراني خلال النصف الأول من عام 2025، استهدفت قطاعات الاتصالات والبنية التحتية الحيوية، فيما تُقدَّر الخسائر العالمية للجرائم الإلكترونية بنحو 10.5 تريليون دولار سنوياً.

ويُتوقع أن يكون سوق الأمن السيبراني في الشرق الأوسط وأفريقيا ثاني أكبر سوق عالمي من حيث النمو، بمعدل سنوي مركب يصل إلى 16.2% خلال الأعوام المقبلة، وهو ما يبرز الحاجة المتزايدة إلى شراكات تكنولوجية قادرة على مواجهة تصاعد التهديدات الرقمية.

 قال الدكتور أحمد حنفي، المؤسس والرئيس التنفيذي لمجموعة دي بي، إن الاتفاقية تمثل خطوة استراتيجية تتماشى مع رؤية المجموعة في تمكين التحول الرقمي الآمن لعملائها في المنطقة. وأوضح أن توقيعها خلال فعاليات جيتكس جلوبال، الذي يُعد أكبر حدث تكنولوجي عالمي، يؤكد التقاء الابتكار مع التحديات الواقعية التي تواجه المؤسسات اليوم، حيث أصبح الأمن السيبراني أحد أعمدة استدامة التحول الرقمي.

وأضاف حنفي أن دمج تقنيات سونيك وول المتقدمة مع خبرات ديجيتال بلانتس الإقليمية سيسهم في بناء منظومة حماية متكاملة للمؤسسات في مصر والإمارات والسعودية، تضمن المرونة والاستجابة الفورية في مواجهة الهجمات المعقدة وحماية الأصول الرقمية الحيوية.

أما المهندس محمد عبدالله، المدير الإقليمي لمنطقة الشرق الأوسط وتركيا وأفريقيا في سونيك وول، فأكد أن الشراكة مع ديجيتال بلانتس تعكس التزام الشركة بتعزيز وجودها في المنطقة ودعم شركائها المحليين بأحدث التقنيات الأمنية.

 وأشار إلى أن ديجيتال بلانتس تمتلك نهجاً احترافياً يركز على العميل، وهو ما يتماشى مع فلسفة سونيك وول التي تضع الشركاء في قلب منظومة العمل وتمنحهم أدوات فعالة لتأمين التحول الرقمي.

وأردف قائلاً: نهدف إلى تمكين المؤسسات من جميع الأحجام من الانتقال الآمن نحو البيئات السحابية والهجينة، في ظل تزايد المخاطر الناتجة عن التطور السريع لتقنيات الذكاء الاصطناعي، الذي كان محور اهتمام جيتكس هذا العام.

 ديجيتال بلانتس انضمت رسمياً إلى برنامج SecureFirst التابع لشركة سونيك وول، مما يعزز من قدراتها في تقديم خدمات الأمن السيبراني الحائزة على جوائز عالمية، بما في ذلك حلول الكشف المبكر، والدفاع التنبؤي، والمراقبة الاستباقية للشبكات.

وتأتي هذه الشراكة في سياق متنامٍ من التعاون الإقليمي لمواجهة تصاعد الهجمات الإلكترونية، إذ تشير الإحصاءات إلى أن منطقة الشرق الأوسط وأفريقيا جاءت في المرتبة الثالثة عالمياً من حيث عدد الهجمات خلال عام 2024، وهو ما يجعل التعاون بين الشركتين خطوة محورية نحو بناء مستقبل رقمي أكثر أمناً واستدامة في المنطقة.

مقالات مشابهة

  • ترامب الثاني في الشرق الأوسط
  • شراكة بين سونيك وول وديجيتال بلانتس لتعزيز الدفاعات السيبرانية في الشرق الأوسط
  • مجلس الوزراء: إطلاق الشبكة الإقليمية لاسترداد الأصول خطوة عملية تعزز قدرات مكافحة الفساد
  • "نيسان عُمان" تحصد 3 جوائز ضمن "مسابقة المهارات الإقليمية"
  • وثيــقة إنــهاء الحــرب على غــزة
  • قمة شرم الشيخ وأهمية دعم السلام المستدام في المنطقة
  • زعيم قوي.. ترامب: الولايات المتحدة مع الرئيس السيسي حتى النهاية
  • أردوغان يستعرض مع رئيس الديوان الرئاسي بالإمارات القضايا الإقليمية والعالمية
  • ترامب: تدمير قدرات إيران النووية إنجاز كبير في الشرق الأوسط
  • ترامب: تدمير قدرات إيران النووية إنجاز كبير.. دمرنا أخطر الأسلحة بالعالم