صحيفة الاتحاد:
2025-05-28@17:22:05 GMT

فيضانات القرن الأفريقي.. رسالة مناخية للعالم

تاريخ النشر: 14th, December 2023 GMT

محمد المنى (أبوظبي)

أخبار ذات صلة «COP28».. إنجازات غير مسبوقة بقيادة الإمارات رؤساء وأعضاء وفود مشاركة في المؤتمر لـ«الاتحاد»: نجم الشمال.. «بوصلة الطموح» يسطع في سماء «COP28»

شهدت منطقة شرق أفريقيا، خلال شهر نوفمبر المنصرم، فيضانات وسيولاً عارمةً، خلَّفت خسائرَ بشريةٍ وماديةٍ وتسببت في معاناةٍ ونزوحٍ كبيرين، وفي تشرّد ملايين الأشخاص.


واضطرت دول المنطقة، لا سيما الصومال وإثيوبيا وكينيا، لتعبئة مواردها المستنفدة أصلاً في أولويات أخرى، بغية مواجهة الأوضاع الإنسانية الطارئة التي خلقتها كارثةُ السيول والفيضانات، والتي تأتي بعد موسم جفاف أنهك المزارعين ومربي المواشي، وهدد حياةَ عالَم الريف الذي تعيش عليه غالبية السكان ويشكل جانباً مهماً من اقتصادات هذه الدول.
ونجمت الفيضانات والسيول عن هطول الأمطار الغزيرة التي تواصلت لعدة أيام على أنحاء المنطقة، في إطار تقلبات جوية حادة تعصف بهذا الجزء من العالم، جراء ظاهرة النينو التي عادةً ما تتكون بسبب تغيرات الضغط الجوي فوق المحيط الهندي، لكنها أصبحت تتكرر بوتيرة أسرع وعلى فترات أكثر تقارباً من ذي قبل.
واضطرت عشرات آلاف الأسر في أنحاء منطقة القرن الأفريقي إلى النزوح من قراها وترك بيوتها هرباً من مياه الفيضانات والسيول التي ضربت المنطقة. 
ووفقاً لمفوضية الأمم المتحدة لشؤون اللاجئين تم، منذ بداية نوفمبر، تسجيل أكثر من 795.000 حالة نزوح في الصومال.
وفي إثيوبيا اضطرت أكثر من 40 ألف أسرة للنزوح، وتضرر أكثر من نصف مليون شخص بينهم 160 ألف لاجئ صومالي يعيشون في مخيمات بمقاطعتي دولو أدو وبوكولمايو. كما تأثرت مخيمات اللاجئين الصوماليين في كينيا أيضاً، حيث فقد 25.000 شخص خيمهم في معسكر داداب للاجئين الصوماليين، ولجأ العديد منهم إلى المدارس داخل المخيمات وفي المجتمعات المجاورة، كما فتح بعض اللاجئين منازلهم لاستضافة النازحين الجدد، مما أدى إلى اكتظاظ المساكن والخيم.
ووفقاً لمفوضية الأمم المتحدة لشؤون اللاجئين، غطت مياه الفيضانات مساحات واسعة من الأراضي في الدول الثلاث، وعلى سبيل المثال فقد ذكرت تقارير من جنوب شرق إثيوبيا أن أكثر من 65 بالمائة من الأراضي غطتها مياه الفيضانات.
كما تسببت هذه الفيضانات في انجراف التربة وخراب المحاصيل الزراعية وفي نفوق آلاف من رؤوس الماشية، مما أثر بشكل مباشر على الأنشطة الاقتصادية للسكان وسبل عيشهم، لا سيما أن هذه الفيضانات تسببت في شل الحركة على نطاق جغرافي واسع جراء الأضرار الجسيمة التي أصابت البنية الطرقية الهشة، وهو ما يهدد بوقف إمدادات الأسواق المحلية، وبالتالي بنذر بتفاقم الوضع الغذائي المتردي أصلاً.
وفي ظل هذه الأوضاع الإنسانية الطارئة بات الوضع الصحي للنازحين والسكان المحليين مصدر قلق كبير لدى السلطات المحلية وممثلي وكالات الأمم المتحدة ذات الاختصاص، حيث تضررت المراحيض وانهارت شبكات الصرف الصحي الصغيرة والهشة أصلاً، مما يعرض السكان لخطر الأوبئة وانتشار الأمراض المعدية، بما في ذلك الكوليرا التي عادة ما تفتك بالفئات الهشة خلال مواسم الأمطار.
وهذا في الوقت الذي تهدمت فيه العديد من الطرق وتقطعت سبل التنقل، الأمر الذي يحد من قدرة السكان على الوصول إلى الخدمات الحيوية مثل الأسواق والمستوصفات.
ووفقاً للسلطات المحلية والوكالات الأممية، فإن حوالي خمسة ملايين شخص في منطقة القرن الأفريقي تضرروا بشكل مباشر من الفيضانات والسيول الأخيرة، وهم بحاجة ماسة إلى الغذاء والماء والخيام والبطانيات وأدوات النظافة والطبخ. فضلاً عن الحاجة إلى وسائل الحماية وإنقاذ الأرواح مع استمرار هطول الأمطار، وتزايد وطأتها على الفئات الأكثر تأثراً بالتغير المناخي وتداعياته.
وتأتي موجة الفيضانات والسيول بعد أطول موجة جفاف سجلتها منطقة القرن الأفريقي قبل أربعين عاماً من الآن، وهي مرحلة لا يزال ملايين الناس في المنطقة يتذكرونها ويشعرون بآثارها الشديدة، رغم أن مواسم جفاف أخرى مرت على المنطقة بعد ذلك، وكان أحدثها قبل بضعة أشهر من الآن، لكنها كانت أقل حدةً من جفاف الثمانينيات. 
إن تذبذب التهاطلات المطرية في منطقة القرن الأفريقي والتعاقب العنيف وغير المنتظم بين موجات الجفاف وموجات السيول، يمثل الوجهَ الآخر القاسي للتغير المناخي في المنطقة.
وفي الوقت ذاته فهو يبعث رسالةَ إنذار تدعو البشرية إلى الكف عن إنتاج مزيد من الغازات المسببة للاحتباس الحراري، وإلى بذل جهود أكبر في مواجهة التغير المناخي وتداعياته التي أبان عنها بوضوح تام مؤتمر «كوب 28»، كما طرَحَ الوصفةَ المثالية لمعالجتها والتصدي لآثارها. 
أما معاناة المتضررين من هذه الأمطار الطوفانية، وما تسببت فيه من فيضانات وسيول عارمة، فهي مما جاء «صندوق تعويضات أضرار التغير المناخي» لمعالجته وتضميد جراحه. وهذا علاوة على إقرار المجتمع الدولي، ممثلاً في حكوماته خلال قمة «كوب 28»، ولأول مرة في التاريخ، بالعلاقة الوثيقة بين التغيرات المناخية والأوضاع الصحية للمجتمعات، كما يتضح ذلك جلياً من حالة النازحين في القرن الأفريقي وما تثيره الآن مِن قلق عميق بشأن الأوضاع الصحية في تجمعاتهم. 

المصدر: صحيفة الاتحاد

كلمات دلالية: السيول المناخ الفيضانات أزمة المناخ التغير المناخي تغير المناخ القرن الأفريقي فيضانات الفیضانات والسیول أکثر من

إقرأ أيضاً:

“النفط مقابل التنمية”.. باحث بالشأن الأفريقي يكشف أسرار شراكة أنجولا والصين

 المناطق_ القاهرة

عقدت كلية الدراسات الأفريقية العليا بجامعة القاهرة، اليوم الاثنين 26 مايو 2025، سلسة جلسات نقاشية فى ثان أيام مؤتمرها السنوى “الاستثمار في أفريقيا: فرص ريادة الأعمال وتحديات المنافسة الدولية والإقليمية” استعرضت فيها أبرز الأوراق البحثية فى مؤتمر هذا العام.

وفى أولى جلسات اليوم، ألقى الباحث المتخصص في الشأن الأفريقي، فادي الصاوي، كلمة محورية أزاح فيها الستار عن تعقيدات سياسة “القروض مقابل النفط” الصينية فى أفريقيا، متخذًا من تجربة أنجولا نموذجًا تفصيليًا.

أخبار قد تهمك أسعار النفط تنخفض 0.2% لتسجّل 64.82 دولارًا بعد أعلى مستوى في أسبوعين 13 مايو 2025 - 7:32 صباحًا ارتفاع أسعار النفط عالميًا: خام برنت يسجل 64.18 دولارًا للبرميل 12 مايو 2025 - 7:56 صباحًا

وفكك الباحث أبعاد هذه السياسة المثيرة للجدل، وكشف كيف تمكنت أنجولا، على الرغم من التحديات، من ممارسة نفوذها وتحقيق مكاسب استراتيجية في علاقاتها مع بكين، مؤكدًا أن القارة السمراء ليست مجرد متلقٍ سلبي، بل لاعب فاعل في المشهد الجيوسياسي المتغير.

بدأ الصاوي كلمته مؤكدًا أن “أفريقيا شهدت في العقدين الأخيرين تزايدًا ملحوظًا في التمويل الصيني للتنمية، وهو ما أثار جدلاً واسعًا، وفي الفترة من 2000 إلى 2023، قدم المقرضون الصينيون 1306 قروضًا بقيمة 182.28 مليار دولار إلى 49 حكومة أفريقية، تركزت بشكل كبير على قطاعي الطاقة والبنية التحتية”.

وأضاف أن “سياسة القروض مقابل النفط برزت كأحد الأدوات الرئيسية التي استخدمتها الصين لتعزيز تعاونها مع القارة، خاصة الدول الغنية بالنفط مثل أنجولا”، وذكر أن أنجولا كانت، بعد الحرب الأهلية التي انتهت في عام 2002، تواجه تحديات اقتصادية هائلة بنتيجة تدمير بنيتها التحتية، وتدهور الأوضاع المعيشية للمواطن، وكان هناك حاجة ماسة لتمويل إعادة الإعمار، وفي ظل تعثر المفاوضات مع المؤسسات المالية الدولية التقليدية، اتجهت أنجولا نحو الصين، مستفيدة من ارتفاع أسعار النفط العالمية”.

وأضاف: “بلغ حجم القروض الصينية لأنجولا 46 مليار دولار عبر 270 قرضًا في الفترة من 2002 إلى 2023، وتركزت معظمها على قطاع الطاقة ثم المواصلات والبنية التحتية”، موضحًا أن هذه القروض ساهمت في تجديد و بناء 2800 كيلومتر من السكك الحديدية، و20 ألف كيلومتر من الطرق، وأكثر من 100 ألف وحدة سكنية، وأكثر من 100 مدرسة وأكثر من 50 مستشفى في أنجولا، مما ساهم في تحسين نوعية الحياة وتحفيز النمو الاقتصادي بشكل ملموس
وأشار الصاوي إلى بعض الجوانب الإيجابية لهذه الشراكة: “تميزت هذه المشاريع بطبيعة ‘استخدام مزدوج’ لتوسيع التبادل التجاري داخل ليشمل دولًا أخرى غير الصين، كما أن شروط السداد كانت مرنة، حيث تراوحت فترة السداد بين 15 و18 عامًا، وهي فترة كبيرة مقارنة بما تمنحه المؤسسات الغربية، مما يمثل ميزة كبيرة للدولة الأفريقية”.

وعن مدى استفادة أنجولا، أوضح الباحث في الشأن الأفريقي، أن استراتيجية منح عقود استغلال الموارد للشركات الصينية على حساب الشركات الغربية، دفعت العديد من الدول الغربية إلى تخفيف مواقفها تجاه أنجولا، حتى صندوق النقد الدولي، الذي كان يدعو إلى الشفافية في قطاع النفط، صرف قرضًا بقيمة 1.4 مليار دولار للبلاد في عام 2009 رغم اتهامات بالفساد، وهذا يوضح كيف أتاحت المنافسة بين الصين والمانحين الغربيين لأنجولا فرصةً للتلاعب ببعضهم البعض وتمكين نفسها من خيار التوجه نحو الشريك الذي يمنحها صفقة أفضل ولا يتدخل في شؤونها الداخلية.

وأضاف: “نجحت أنجولا أيضًا في استخدام النفط كورقة ضغط لتعديل شروط التعاقد، فبينما نصت اتفاقية القرض الأول على تخصيص 70% من الأعمال للشركات الصينية، فإن تخصيص 30% من قيمة التعاقد للقطاع الخاص الأنجولي كان تنازلًا كبيرًا من الجانب الصيني، مما يدل على قوة المساومة الأنجولية، كما أن اتفاقيات التعاقد من الباطن سمحت بالتعاقد مع شركاء محليين لما يصل إلى 60% من العطاءات الممنوحة للشركات الصينية، وهو مؤشر آخر على قوة المساومة الأنجولية”.

وتابع قائلًا: “بالتأكيد، لم تخلُ هذه السياسة من الانتقادات والسلبيات، فقد اتسمت الاتفاقيات المبرمة بين الصين وأنجولا بالغموض في إدارة القروض وتدفقاتها المالية، ما فتح الباب أمام الفساد وسوء استخدام الأموال، كما أن الاعتماد الكبير على العمالة الصينية في تنفيذ المشاريع حد من استفادة أنجولا في بناء قدراتها البشرية والتكنولوجية، كذلك أثبت ‘النموذج الأنجولي’ القائم على القروض مقابل النفط عدم استدامته، خاصة في ظل تقلبات أسعار النفط العالمية وتراجع الإنتاج المحلي، ما أدى إلى أزمة اقتصادية حادة في أنجولا في عام 2014. ومع ذلك، فإن هذه التحديات ليست حتمية، فإدارة الرئيس الأنجولي الحالي لورينسو تبنت استراتيجية جديدة تهدف إلى تنويع الاقتصاد وتقليل الاعتماد على النفط، كما أن الصين اتجهت إلى الاستثمار في مجالات جديدة مثل التكنولوجيا والاتصالات”.

مقالات مشابهة

  • تصاعد التوتر بين إثيوبيا وإريتريا يُنذر بصدام جديد في القرن الأفريقي.. التفاصيل
  • لغز وعاء غامض مدفون قبل ألف عام فكّكه العلماء.. ما هو؟
  • الشرع: من حلب أعلن للعالم انتهاء حربنا مع الطغاة.. تعهد بإعادة بناء البلاد (شاهد)
  • الرئيس السوري أحمد الشرع: من قلب حلب أعلن للعالم أن حربنا مع الطغاة انتهت
  • الرئيس الشرع: ومن قلب حلب أعلن للعالم لقد انتهت حربنا مع الطغاة، وبدأت معركتنا ضد الفقر
  • الرئيس التنفيذي لهيئة تسويق الاستثمار: البيئة الاستثمارية في المملكة قدمت أكثر من 1900 فرصة في 22 قطاعًا حيويًا
  • "رئاسة الشؤون الدينية" تطلق الدورة العلمية لأئمة الحرمين لإيصال رسالة الحج الوسطية للعالم
  • “النفط مقابل التنمية”.. باحث بالشأن الأفريقي يكشف أسرار شراكة أنجولا والصين
  • فيضانات تزارين تُفاقم معاناة الفلاحين والبواري يرفض بناء السواقي
  • “اغاثي الملك سلمان” يوزع 1.220 سلة غذائية للمتضررين من الفيضانات في مخيمي كحدا وجرسبالي بالصومال