حين يصير الخوف طائر البلاد الوحيد
تاريخ النشر: 14th, December 2023 GMT
يلاحظ عدد من نقاد فلسطين قلة عدد القاصات في فلسطين وغزة تحديدا، يقول الناقد المعروف محمد البوجي في تفسير هذه الظاهرة: (ربما انشغال الأم الغزية بواقع الحياة المأساوي بعد النكبة الذي انشغلت به كثيرا، وقامت بتأجيل حياتها إلى ما بعد التحرير، وربما يكون السبب أيضا هو أن طباعة أو نشر قصة قصيرة كان يتطلب علاقات وتواصل وهذا صعب على المرأة الفلسطينية آنذاك، أما بعد أوسلو فالأمر اختلف، سيدات كثيرات مثقفات عدن إلى غزة ولوحظت هناك حرية معينة خصوصا مع وجود مطابع كانت ممنوعة أيام الاحتلال ودوائر إعلامية ومحطات إذاعة وتلفزة، وهذا ما أدى إلى ظهور كاتبات صحفيات ومعدات برامج وناشطات ومذيعات وهنا بدأت تظهر ملامح وجود كاتبات وشاعرات).
في مجموعة (أجنحة الخوف)، نقرأ قصصا تتجاوز بنيتها السردية لتدخل تخوم الشعر، 73 قصة قصيرة، بالإمكان اعتبار عديد من الأقاصيص هنا قصائد شعرية نثرية، ففي الأقصوصة التي ُعنونت بها المجموعة، أجنحة الخوف، نقرأ شعرا متنكرا في هيئة سرد، لنقرأ السطور الأولى من الأقصوصة: (خلفها باضطراب وقفتُ ذات شتاء، نافذتي الضيقة، تتقاطع حوافها بقضبان صدئة، وقفت بعناد، بيني وبين وجه السماء الكامل، فلم أره، لكنني سمعت هديرا مخيفا، وخلف القضبان، مرت طيور فزعة، جابت الفضاء الضيق، حلّقت بعشوائية، حاولت اجتياز السماء، فردها فتيل الغيم المشتعل).
معظم القصص تتشارك في طرح قضايا النساء الفلسطينيات، المرأة التي تخرج سرا، في نص (تخرج سرا)، هي ابنة السابعة عشرة سنة التي تم وقف تعليمها، مات أبوها فورثها أشقاؤها تعمل في مطعم إخوتها، دون مستقبل، دون رغبة منها، دون إجازات، وفي نص (هو وهي) تلتزم البطلة الصمت ولا تستطيع ترجمة غضبها للصراخ في وجهه، أو تخبره أنه من المفترض أن تكون أكثر أهمية من صديقه وأن مشاعرها أثمن من أن يساوم عليها، وفي نص (أحد عشر قلبا) لم يعد التهديد بالزواج من أخرى هو ما تخشاه من زوجها، بل الطلاق إن كان ما تحمله في أحشائها أنثى سابعة، تريد أن تنجب ذكرا يحميها من الضياع وألسنة النسوة التي لا ترحم.
حول النسوية المفرطة في نصوص المجموعة تجيب الكاتبة نجوى شمعون: الكتاب نسوي لأنني أخذت على نفسي عهدا قديما أن أكون صوت النساء المقهورات المعنفات، أروي قصصهن، وأكون نبضهن، ونحن بحاجة للأدب النسوي لكي نوثق المعاناة، النسوية، النفسية والاجتماعية والوطنية للمرأة العربية عامة، الفلسطينية، خاصة وتوثيق المعاناة أول خطوة، في طريق رفعها والمطالبة بتغيير واقع المرأة.
وماذا عن كتابة الأدب النسوي في ظل أزمات وطنية عامة وهم قومي، نسأل الكاتبة فتجيب: أن نكتب الأدب النسوي في ظل الهم العام والحصار، والاحتلال هو المهمة الأعمق؛ لأن المرأة هي مركز الأحداث، وهي المتأثر المباشر لها، فهي التي تفقد الأولاد والزوج، والبيت، وهي التي تواجه وحدها العنف، دون قانون أسري أو مجتمعي أو دولي، يحميها، أفلا يكون لها صوت عال يقول ما تقوله دموعها، على الوسائد وخلف القدور؟ وقد اخترت المرأة لتكون بطلتي دائمة لي، وأكون صوتها لأمرر المعاناة الشخصية التي أفرزتها الأسرة والمجتمع أو الوطنية التي تسبب بها الاحتلال.
أجنحة الخوف عمل قصصي فلسطيني مفرط في نسويته لكنه مكتوب بلغة ساحرة وراقية، معجونة بوجع الحياة، ولعل أهم ملاحظة لاحظتها في كتابة الفلسطينيات بشكل عام في غزة هو جرأة الطرح وصدقه، ومسحة التفلسف الخفيفة التي لا تؤذي بنية السرد ولا تحرفها عن نظامها، أما عن غياب البعد الوجودي والأسئلة الكبرى في معظم كتابات غزة فأجاب عنه مرة الكاتب باسم النبريص بما معناه: غزة تقاتل بالكتابة حتى تعيش حياة أفضل.
المصدر: لجريدة عمان
إقرأ أيضاً:
إنقاذ طائر من نوع عقاب نساري مصاب وإطلاقه في بيئته الطبيعية بمحمية وادي الجمال
أعلنت محميات البحر الأحمر، نجاح جهود إنقاذ وعلاج طائر من نوع العقاب النساري، بعد تلقي بلاغ يفيد بوجود طائر مصاب بمنطقة أبو غصون داخل نطاق محمية وادي الجمال – حماطة، في إطار الدور المستمر لوزارة البيئة في حماية الحياة البرية وصون التنوع البيولوجي.
وأوضح بيان رسمي أن محميات البحر الأحمر، وبناءً على توجيهات وزارة البيئة، سارعت بتشكيل لجنة متخصصة لفحص البلاغ ميدانيًا واتخاذ الإجراءات اللازمة للتعامل مع الحالة، حيث تم استلام الطائر المصاب ونقله لتلقي الرعاية البيطرية اللازمة.
وبالتعاون مع إحدى العيادات البيطرية بمدينة مرسى علم، خضع العقاب النساري لسلسلة من الفحوصات الطبية شملت الكشف السريري وإجراء أشعة X-Ray، والتي أظهرت عدم وجود أي كسور أو إصابات هيكلية، بينما تبيّن أن الطائر يعاني من طفيليات جلدية استدعت تقديم علاج متخصص وبرنامج رعاية بيطرية دقيق.
وخلال فترة المتابعة داخل العيادة، شهدت الحالة الصحية للطائر تحسنًا ملحوظًا، ومع استكمال العلاج والتماثل التام للشفاء، تقرر إطلاق العقاب النساري في بيئته الطبيعية داخل نطاق المحمية، وسط إجراءات تضمن سلامته وقدرته على العودة لممارسة سلوكه الطبيعي في موطنه الأصلي.
العقاب النساري.. مؤشر على سلامة البيئة الساحلية
ويُعد العقاب النساري من الطيور الجارحة النادرة نسبيًا، ويرتبط وجوده بالبيئات الساحلية، حيث يعتمد في غذائه بشكل شبه كامل على الأسماك. ويتميز بقدرة عالية على الغوص بدقة وسرعة لاصطياد فرائسه، كما يبني أعشاشه الكبيرة على الأشجار أو الأعمدة المرتفعة القريبة من المسطحات المائية. ويؤكد الخبراء أن وجود هذا الطائر يُعد مؤشرًا بيئيًا مهمًا على صحة النظم البيئية الساحلية وتوازنها.
شكر وتقدير لدور المجتمع المحلي
وتقدمت محميات البحر الأحمر بخالص الشكر والتقدير إلى أحمد محمد عبد الغني، العامل بميناء أبو غصون، على سرعة الإبلاغ والتعاون الإيجابي، كما وجّهت الشكر إلى كل من الدكتور عبد الرحمن طارق، والدكتورة يوستينا خليل، وطاقم عيادة فورجيف – مرسى علم، لدورهم المهني والإنساني في إنقاذ الطائر وإعادته إلى بيئته الطبيعية.
وأكدت وزارة البيئة – قطاع حماية الطبيعة – أن هذه الجهود تأتي ضمن استراتيجية متكاملة لحماية الحياة البرية، وتعزيز الشراكة مع المجتمع المحلي وشركاء العمل الميداني، انطلاقًا من إيمان راسخ بأن الحفاظ على البيئة مسؤولية مشتركة، وأن حماية الأنواع والنظم البيئية تمثل ركيزة أساسية لضمان استدامة الموارد الطبيعية للأجيال القادمة.