في تطور لافت، هاجم نجل الرئيس اليمني الراحل، طارق محمد صالح عضو المجلس الرئاسي وقائد ما يسمى "المقاومة الوطنية" ( تشكيل عسكري سلحته وتموله الإمارات)، رئيس مجلس القيادة الرئاسي، رشاد العليمي، الأمر الذي أثار تساؤلات عدة عن ما وراء هذا الهجوم وسياقاته المحلية والإقليمية.

هجوم الجنرال طارق صالح النادر، في الأيام الماضية، على العليمي جاء عبر المكتب السياسي للتشكيل العسكري الذي يتزعمه في منطقة الساحل الغربي من محافظة تعز (جنوب غرب)، الذي وجه اتهامات لرئيس مجلس القيادة الرئاسي بالإقصاء وتجاهل الأطراف الممثلة في المجلس.



لكن في الوقت الذي انبرى نجل شقيق صالح في هذه الجولة من الصراع داخل المجلس الرئاسي، واتهامه للعليمي بتجاوز الأطر القانونية والدستورية في إدارته للمجلس، يتناسى الجنرال طارق صالح وفق يمنيين، الخطوات غير القانونية التي يمارسها الرجل من خلال قرارات التعيين التي يصدرها وأصدرها مؤخرا، في المناطق الواقعة تحت سيطرة ما تسمى "القوات المشتركة" في الريف الغربي من تعز، في تجاوز علني لصلاحيات عمدة محافظة تعز، وسلطاتها الأمنية.



محاولة استحواذ
وتعليقا على هذا الأمر، قال أستاذ العلوم السياسية بجامعة صنعاء، عادل الشجاع إن خلاف طارق صالح مع رشاد العليمي هو وجه من وجوه هشاشة المجلس الذي تشكل على قاعدة الاختلاف، مضيفا أنه يعبر اليوم عن غياب المشروع والمشروعية، ويعبر أيضا عن "تقاسم المصالح الخاصة والتي ستظل نقطة خلاف نتيجة لعدم المساواة المناطقية والحزبية".

وتابع الشجاع في حديث خاص لـ"عربي21" بأن عدم وجود لائحة منظمة ومرجعية تحكم الصلاحيات، فإن تفسير الصلاحيات سيخضع لعوامل القوة سواء قوة القرار أو قوة الواقع.

وأشار الأكاديمي اليمني إلى أن هذا الأمر، سيفتح المجال لتحالفات آنية تعمل على إقصاء أطراف وتقوية أطراف، وسيؤدي ذلك إلى تفكيك المجلس وربما الاحتراب في بعض الأحيان.

ورأى أستاذ العلوم السياسية بجامعة صنعاء والقيادي بحزب المؤتمر الشعبي الحاكم سابقا أن هجوم طارق صالح يأتي في سياق محلي قائم على الصراع على الحصص داخل أروقة الحكومة، ولفت في الوقت ذاته إلى أنه "انعكاس لخلافات سعودية إماراتية ومحاولة الاستحواذ على القرار".

وأوضح الشجاع أن بنية المجلس قامت على الاختلاف وعلى مشاريع تصادمية سواء بين الوحدويين والانفصاليين أو على المستوى الحزبي بين الإصلاحيين والمؤتمريين أو على مستوى التحالف بين السعودية والإمارات، مؤكدا أن الخلافات ستظل على الجهاز الإداري للحكومة وليس على الرؤية الوطنية والمشروع الوطني.

تطور ورسم حدود النفوذ
من جانبه، أعتبر الكاتب والمحلل السياسي اليمني، ياسين التميمي هجوم عضو المجلس الرئاسي طارق صالح على رئيسه بأنه تطور لافت ويصدر موقفا جديدا من جانب المكتب السياسي للأول الذي أبدى خلال الفترة الماضية نوعا من الالتزام الظاهري فيما يخص احترام الصلاحيات والتراتبية الهرمية.

وقال التميمي في حديثه لـ"عربي21" إن الأمر يعود إلى رغبة العميد طارق في "إنجاز مخطط الاحتواء الشامل لمحافظة تعز؛ عبر الوسائل الخشنة والناعمة كاستعداده لتمويل  المشاريع ذات الطبيعة الحيوية لسكان مدينة تعز.

وأضاف أن هذا التوجه مرحب به على كل حال من الناس، ولا ندري ما إذا كان يواجه بالفعل صعوبة في تنفيذ هذه المشاريع كمشروع المياه أم أنه يتخذها مدخلا لهدم الثقة برئيس مجلس القيادة وإفساح المجال لممارسة الاحتواء الخشن للمحافظة"، مؤكدا على أن هذا الاحتواء توجه مرتبط بالإمارات والأجندة الإماراتية التي لا تبدو ودية تجاه القوى النافذة".

وقال : "رأينا ذلك في المحاولات الإماراتية السابقة لوجود العميد طارق صالح في المخا( مدينة ساحلية غرب تعز) "لإغراق مدينة بالعناصر المتطرفة وشيطنة هذه المحافظة لتبقى هدفا عسكريا"، عوضا عن "حاجتها إلى إرساء السلام وإنهاء المهددات التي يمثلها التواجد العسكري لجماعة الحوثي في الأجزاء الجنوبية الشرقية والشرقية والشمالية من المحافظة".

‏وأشار الكاتب التميمي إلى أن ما يحدث "صراع نفوذ إقليمي بالأساس" لا يعبر بدقة عن التوجهات  الأصيلة للعميد طارق لبناء كانتون خاص به في ساحل محافظة تعز ؛  بقدر ما يعبر بشكل مباشر عن مخطط إقليمي تدعمه الإمارات وتوفر له كافة الإمكانيات وتهيء  له البنى التحتية".

والهدف من هذا المخطط والمشاريع هو "إرساء واقعا جديدا في محافظة تعز وفي أجزاء جنوب محافظة الحديدة ( الساحلية على البحر الأحمر) وتحويلها إلى مقاطعة تتمتع بنفوذ مستقل".

يأتي بحسب الكاتب والسياسي اليمني التميمي ـ  في "سياق إعادة ترتيب الخارطة السياسية للجمهورية اليمنية وإفساح المجال لمخططات تتصادم مع ما توافق عليه اليمنيون، إلى جانب أنها تنطوي على تهديدات خطيرة للكيان القانوني لليمن، ومنها المشروع الانفصالي".



‏وقال إنه وفي ظل عدم الحديث عن العملية النهائية التي يفترض أنها تشهد مواجهة عسكرية مع جماعة الحوثي الانقلابية، وسط هذا الجمود، يبدو أن "ثمة توجه لإشغال الفضاء العام بهذا النوع من الخلافات للتغطية على  مخطط إعادة رسم حدود نفوذ قوى الأمر الواقع".

وأردف :"وهي الحدود التي تعبر بطريقة أو بأخرى عن توجهات وأولويات ومصالح الدولتين الإقليميتين؛ الإمارات والسعودية" وتعكس جانباً من "الصراع الخفي الذي يدور بينهما حول اليمن الضعيف ومستقبله الجيوسياسي".

ويتشكل المجلس الرئاسي من 8 أعضاء برئاسة رشاد العليمي، وعضوية كل من سلطان علي العرادة، وطارق محمد صالح، وعبد الرحمن أبو زرعة، وعثمان حسين مجلي، وعيدروس قاسم الزبيدي، وفرج سالمين البحسني، وعبد الله العليمي باوزير.

ومنذ الإعلان عن تشكيله في إبريل/ نيسان 2022، تتصاعد وتيرة الصراع داخل المجلس الرئاسي اليمني، بين فينة وأخرى كانت في أكثر جولاته مع الانفصاليين الجنوبيين الممثلين في المجلس الانتقالي المدعوم من الإمارات، إلا أن بروز نجل شقيق صالح في هذه الجولة من الصراع  لافتة في دلالاتها وتوقيتها، وفق مراقبين.

المصدر: عربي21

كلمات دلالية: سياسة اقتصاد رياضة مقالات صحافة أفكار عالم الفن تكنولوجيا صحة تفاعلي سياسة اقتصاد رياضة مقالات صحافة أفكار عالم الفن تكنولوجيا صحة تفاعلي سياسة سياسة عربية مقابلات حقوق وحريات سياسة دولية اليمني العليمي طارق صالح اليمن عيدروس الزبيدي طارق صالح العليمي المزيد في سياسة سياسة سياسة سياسة سياسة سياسة سياسة سياسة سياسة سياسة سياسة سياسة سياسة سياسة سياسة سياسة اقتصاد رياضة صحافة قضايا وآراء أفكار عالم الفن تكنولوجيا صحة المجلس الرئاسی محافظة تعز طارق صالح

إقرأ أيضاً:

الانتقالي يدعو لحصار معاشيق وطرد عصابة العليمي من عدن

يمانيون |
في مؤشر على تعمّق الانقسامات داخل مجلس العمالة الرئاسي التابع لتحالف العدوان، دعا ناشطون موالون لما يُسمى بـ”المجلس الانتقالي الجنوبي” إلى انتفاضة شعبية في مدينة عدن، تطالب بمحاصرة قصر معاشيق، وطرد ما أسموه بـ”عصابة 7/7″، في إشارة مباشرة إلى رئيس المجلس رشاد العليمي وعدد من أعضائه المعيّنين من الرياض.

وبحسب الدعوات المتداولة، فإن موعد التظاهرات حُدد بيوم الاثنين الموافق 7 يوليو القادم، في ذكرى اجتياح الجنوب عام 1994، والتي أصبحت لدى الانتقالي ورقة دعائية يلوّح بها كلما تصاعدت أزماته الداخلية، أو تراجع نفوذه الميداني.

الدعوات التي انطلقت من قلب معاقل الانتقالي، تأتي على وقع تدهور الخدمات الأساسية في عدن، والانهيار المتواصل للعملة المحلية، وسط اتهامات مباشرة للمجلس الرئاسي وحكومة المرتزقة بالفساد والعجز، وتورطها في تعميق الأزمة المعيشية التي يعاني منها المواطنون في المحافظات الواقعة تحت الاحتلال.

وتعيد هذه التحركات التذكير بسيطرة الانتقالي على قصر معاشيق أواخر عام 2019، قبل أن يتم طرد مليشياته منه في أبريل 2022 بقرار سعودي مباشر، وهو ما اعتُبر حينها ضربة موجعة للنفوذ الإماراتي في عدن، وبداية لتفكك أدوات التحالف.

وتعيش المكونات التابعة لتحالف العدوان، وفي مقدمتها مجلس العليمي، حالة من الصراع والتصفيات البينية، في ظل محاولات سعودية واضحة لإعادة ترتيب المشهد لصالح أطراف بعينها، الأمر الذي يثير حفيظة الانتقالي ويدفعه إلى التصعيد في الشارع، بعد أن خسر كثيراً من أوراقه السياسية والعسكرية.

مقالات مشابهة

  • الانتقالي يدعو لحصار معاشيق وطرد عصابة العليمي من عدن
  • تصاعد التوتر بين العليمي وطارق صالح.. بين طموحات الأخير وأوهام السلطة الوراثية (تقرير)
  • العليمي يعترف بوجود خلافات بين أعضاء مجلس القيادة الرئاسي
  • طارق صالح: الجاهزية العسكرية خط الدفاع الأول لحماية مكتسبات اليمن
  • طارق صالح يلوح بانتهاء هدنته مع العليمي
  • مجلس القيادة الرئاسي في قلب صراع النفوذ على تعز اليمنية
  • عبد المنعم السيد: الحرب الإقليمية وراء تراجع عوائد قناة السويس إلى 5 مليارات دولار
  • تمرد إماراتي لإطاحة بـ العليمي جنوب اليمن
  • طارق صالح يجري اتصالا هاتفيا بالعليمي