أوقفوا صناعة الوهم: من الذي انتصر حقاً؟

حسن عبد الرضي الشيخ

في مشهد مكرور من مسرحيات الدجل السياسي، خرج المرشد الإيراني علي خامنئي ليعلن ـ عبر خطاب متلفز ـ “التهنئة بالانتصار على الكيان الصهيوني الزائف”، مدّعيًا أن ما جرى خلال اثني عشر يومًا من المواجهة مع إسرائيل كان نصراً مبينًا يُهدى للشعب الإيراني.

وهو حديث لا يصمد أمام أبسط حقائق الجغرافيا العسكرية ولا وقائع الأرض.

إنّ من يتابع ما جرى ـ بقدر من الإنصاف والتحليل المجرد ـ لا يرى سوى مشهد آخر من مشاهد الهزيمة المضمخة بالغرور، إذ لم تفلح صواريخ إيران في شل قدرة الرد الإسرائيلي، ولا استطاعت أن تحدث تحوّلاً استراتيجياً في موازين الصراع، اللهم إلا ما حققته من “دوي إعلامي” قصير العمر. الرد الإسرائيلي كان مدروسًا، موجّهًا، مؤلمًا لمراكز حيوية داخل إيران، ونجح في توجيه رسالة قاسية دون أن ينجر لحرب شاملة، فماذا بقي من النصر الذي يدّعيه خامنئي؟

إنّ التضليل الإعلامي الذي يُمارَس على الشعب الإيراني بلغ مستويات عبثية، حين تُقدَّم الهزيمة باعتبارها انتصاراً، وتُغطى الجراح بالمزامير. فقد قصف الإسرائيليون قلب إيران، دون أن تتمكن طهران من فرض معادلة ردع حقيقية، ورغم ذلك يخرج المرشد مهددًا بأن “أي اعتداء علينا سنواجهه بتكرار استهداف القواعد الأمريكية”، وكأن الواقع ينقصه تهريج إضافي في خضم هذا الفشل المركب.

لقد كتب مفكرون ومصلحون عقلاء، منذ سنوات طويلة، عن آفة النظم الطائفية المتستّرة خلف عباءة الدين، خاصة النظام القائم في إيران، حيث تتداخل العمامة مع البندقية، ويُستثمر الإيمان لخلق قطيع، ويُغسل وعي الشعوب بزخرف الشعارات. هذا النموذج ـ كما وصفوه ـ ليس سوى نسخة مستحدثة من الاستبداد السياسي، محاط بهالة روحية زائفة. فالخطاب الديني في إيران تم تطويعه بالكامل لخدمة آلة الحكم، فأصبحت “الفتوى” صكًا سياسيًا، و”المرشد” إلهًا صغيرًا لا يُسائل.

في ضوء ذلك، فإن تصريحات خامنئي ليست مجرد تحريف للواقع، بل هي استكمال لمنهجية متجذّرة في الكذب الممنهج، والتلاعب بالوعي الجمعي، عبر تغليف الانكسار بغلاف “الانتصار”، تمامًا كما كانت تفعل أنظمة شمولية كثيرة من قبل، حتى سقطت في مستنقع السخرية التاريخية.

لقد فشلت إيران في إقناع العالم بنجاحاتها، لكنها نجحت ـ للأسف ـ في تسويق الوهم داخليًا، حيث لا صوت يعلو فوق صوت الدعاية، ولا عقل يجرؤ على السؤال. هذا الانغلاق هو السبب الجوهري في تكرار الهزائم، وهو ما يجعل طهران دوماً أسيرة انفعالاتها، تتوهم أنها تصنع المجد، بينما لا تفعل سوى تخريب نفسها.

فليتوقف خامنئي عن بيع السراب، فالحقيقة أن إسرائيل لم تُهزم، وأمريكا لم تُردع، وإيران لم تنتصر، أما الشعب الإيراني، فلا تهنئة له إلا إن استعاد وعيه، وأسقط وهم المظلومية المقدسة، وأعاد للدين معناه، وللسياسة ميزانها، وللحقيقة حقها في أن تُقال.

الوسومأمريكا إسرائيل إيران الدجل السياسي الكيان الصهيوني حسن عبد الرضي الشيخ علي خامنئي

المصدر: صحيفة التغيير السودانية

كلمات دلالية: أمريكا إسرائيل إيران الدجل السياسي الكيان الصهيوني علي خامنئي

إقرأ أيضاً:

مستشار خامنئي: إسرائيل بعثت رسائل تهديد لمسؤولين إيرانيين

أعلن علي لاريجاني مستشار المرشد الأعلى الإيراني أن إسرائيل بعثت رسائل تهديد مباشرة إلى عدد كبير من المسؤولين السياسيين والعسكريين والأمنيين الإيرانيين، مع بدء العدوان الإسرائيلي على إيران في 13 يونيو/حزيران الجاري.

وقال لاريجاني، في مقابلة بثها التلفزيون الرسمي مساء الأحد، إن الهجوم الإسرائيلي لم يستهدف فقط المنشآت العسكرية، بل كان يسعى إلى تفكيك هيكل الدولة الإيرانية بسرعة عبر استهداف القيادة العليا، بمن فيهم المرشد الأعلى علي خامنئي.

وأضاف أن "العدو كان يعتقد أنه يمكنه اغتيال كبار المسؤولين خلال اجتماع قيادي، وكانت الخطوة التالية تهديد قائد الثورة مباشرة"، مشددا على أن الرهان الإسرائيلي والأميركي على انهيار الجبهة الداخلية في إيران قد فشل.

صمود الشعب الإيراني

وأكد لاريجاني أن صمود الشعب الإيراني ووحدته الداخلية أربكا حسابات تل أبيب وواشنطن، وأجبر إسرائيل على إعادة النظر في أهدافها.

وتابع أن "كل جهود نتنياهو كانت تهدف إلى إخضاع الشعب الإيراني، لكن قوة إيران الصاروخية كانت عاملا حاسما في قلب المعادلة".

ووفقا للمسؤول الإيراني، فقد بدأ وسطاء من أطراف ثالثة التدخل في 21 يونيو/حزيران بعد أن فشلت إسرائيل في تحقيق أهدافها العسكرية والسياسية.

وكانت إسرائيل قد شنت هجوما واسع النطاق على إيران بدعم أميركي في 13 يونيو/حزيران، استمر 12 يوما، وشمل قصف مواقع نووية وعسكرية، إضافة إلى اغتيال قادة بارزين في الحرس الثوري وعلماء نوويين.

وردت طهران بإطلاق صواريخ باليستية وطائرات مسيّرة استهدفت مقار استخباراتية وعسكرية داخل الأراضي الإسرائيلية.

وفي 22 يونيو/حزيران، انضمت الولايات المتحدة إلى التصعيد بقصف منشآت نووية إيرانية، مدعية أنها "أنهت" البرنامج النووي الإيراني.

وردت طهران حينها بقصف قاعدة العديد الأميركية في قطر، قبل أن تعلن واشنطن في 24 يونيو/حزيران وقفا لإطلاق النار.

إعلان

وفي حين تصر واشنطن وتل أبيب على أن الضربات ألحقت ضررا بالغا بالبنية النووية الإيرانية، كشف تقرير استخباراتي أميركي مسرّب أن البرنامج تأخر لبضعة أشهر فقط.

مقالات مشابهة

  • انتصار خامنئي في مقابل هزيمة إيران
  • مستشار خامنئي يكشف ملامح شرق أوسط جديد ويتوعد إسرائيل: ستُغرق
  • خامنئي وحقبة ما بعد الحرب.. كيف سيتعامل المرشد الإيراني مع تغيرات المنطقة؟
  • مستشار خامنئي: إسرائيل هدّدت القادة برسائل وأمهلتني 12 ساعة لمغادرة طهران
  • مستشار خامنئي: إسرائيل بعثت رسائل تهديد لمسؤولين إيرانيين
  • الشبلي: الشعب الليبي لم يعُد يحتمل العبث السياسي الذي طال أمده
  • هل إيران على مشارف صناعة القنبلة النووية؟!
  • ما هو كحول الميثانول الذي أودى بحياة 4 أشخاص في الزرقاء؟
  • ترمب يقلد بسخرية المرشد الإيراني خامنئي وهو يقول “لقد انتصرنا في الحرب”.. فيديو