تصويت الأمم المتحدة حول غزة يكشف عزلة أمريكا في الجنوب العالمي.. كيف؟
تاريخ النشر: 14th, December 2023 GMT
تبنت الجمعية العامة للأمم المتحدة، الثلاثاء، بأغلبية ساحقة قراراً قدمته مصر وموريتانيا، وشاركت في رعايته أكثر من 100 دولة يطالب "بوقف إنساني فوري لإطلاق النار" في غزة.
وحصل هذا الإجراء على 153 صوتا مقابل معارضة 10 وامتناع 23 عن التصويت.
وجاء القرار نتيجة لتفعيل الأمين العام للأمم المتحدة أنطونيو غوتيريش للمادة (99) من ميثاق الأمم المتحدة، مشيراً إلى احتمال "الانهيار الكامل" للخدمات الإنسانية في غزة.
وتتيح المادة (99) للأمين العام للأمم المتحدة أن "يلفت انتباه مجلس الأمن إلى أية مسألة يرى أنها قد تهدد حفظ السلم والأمن الدوليين".
يأتي ذلك بعد أيام من فشل قرار مجلس الأمن التابع للأمم المتحدة، الجمعة، في إصدار قرار يدعو إلى وقف إطلاق النار، بعد أن استخدمت الولايات المتحدة حق النقض (الفيتو) عليه، بأغلبية 13 صوتًا مقابل صوت واحد، وامتناع بريطانيا.
كان هامش التصويت في الجمعية العامة الثلاثاء، أكبر بكثير من التصويت في 27 أكتوبر/تشرين الأول على قرار يدعو إلى "هدنة إنسانية تؤدي إلى وقف الأعمال العدائية" (لغة أضعف بعض الشيء من القرار الأخير).
وقد تم تبني هذا القرار بأغلبية كبيرة بلغت 121 صوتاً مؤيداً و14 صوتاً معارضاً.
اقرأ أيضاً
أمريكا تفشل مشروع قرار في مجلس الأمن يدعو لوقف فوري لإطلاق النار في غزة
ووفق تحليل لموقع "ريسبونسابل ستيتكرافت" التابع لمعهد كوينسي للدراسات الإستراتيجية في الولايات المتحدة الأمريكية، وترجمه "الخليج الجديد"، فإن معظم دول الجنوب العالمي التي لم تدعم قرار 27 أكتوبر/تشرين الأول، كانت مؤيدة له هذه المرة.
وشملت هذه الهند وكمبوديا والفلبين وجامايكا وزامبيا وإثيوبيا وفيجي وبنين.
وكان التحول في الهند والفلبين وإثيوبيا وفيجي ملحوظا بشكل خاص من منظور جيوسياسي.
وعلى الجانب الآخر، وفق التحليل، كانت الأرجنتين واحدة من دول الجنوب العالمية القليلة التي انقلبت من تأييد التصويت إلى الامتناع عن التصويت.
ومن المحتمل أن يكون هذا نتيجة لانتخاب خافيير مايلي رئيسًا مؤخرًا.
واتخذت مايلي موقفا مؤيدا بقوة لإسرائيل في وقت كانت ملاوي وغينيا الاستوائية دولتين أخريين حولتا أصواتهما أكثر نحو المواقف الإسرائيلية والأمريكية.
اقرأ أيضاً
أقوى أداة يمتلكها.. غوتيريش يستخدم المادة 99 من ميثاق الأمم المتحدة بشأن غزة
في المقابل، حافظت مجموعة صغيرة من دول الجنوب العالمي على موقفها ضد وقف إطلاق النار منذ التصويت الأخير، بما في ذلك بوركينا فاسو، والكاميرون، وليبيريا، وجنوب السودان، وغواتيمالا، وبنما، وباراغواي، وأوروغواي، وفنزويلا، والعديد من دول جزر المحيط الهادئ.
في الإجمال، من بين 116 دولة من دول الجنوب العالمي خارج منطقة الشرق الأوسط الكبير (والتي تم تحديدها على أنها منطقة تمتد من المغرب إلى باكستان)، صوتت نسبة ساحقة بلغت 80% لصالح وقف إطلاق النار، بينما فقط حوالي 20% لم يفعلوا ذلك.
وبطبيعة الحال، تصبح نسبة الأصوات المؤيدة أكثر هيمنة (ما يقرب من 90%) إذا أضفنا دول الشرق الأوسط الكبرى إلى هذا المزيج.
تجدر الإشارة إلى بعض الانقسامات حول "حماس" التي ظهرت خلال هذه العملية، فخلال عملية التصويت في 27 أكتوبر/تشرين الأول، قدمت الولايات المتحدة تعديلاً يدين صراحة "حماس".
وفشل هذا التعديل، لكنه حصل على عدد محترم من الأصوات بلغ 88 صوتًا لصالحه.
وهذه المرة، قدمت الولايات المتحدة تعديلاً مماثلاً يدين "بشكل لا لبس فيه" ما اعتبرته "الهجمات الإرهابية الشنيعة التي نفذتها حماس" في 7 أكتوبر/تشرين الأول و"احتجاز الرهائن"، وحصل على 84 صوتاً مؤيداً.
وصوت حوالي 28% من دول الجنوب العالمي خارج منطقة الشرق الأوسط الكبير مع الولايات المتحدة على التعديل.
اقرأ أيضاً
مجلس الأمن وهدن غزة.. قوى إقليمية ودولية ترحب وإسرائيل ترفض وهذه فرص تنفيذه
ومن بين هذه الدول، أيدت تشيلي والإكوادور وغانا والهند وكينيا وبيرو والفلبين وسنغافورة قرار وقف إطلاق النار.
وامتنعت العديد من دول الجنوب العالمي الرئيسية الأخرى عن التصويت على التعديل الأمريكي، بما في ذلك أنغولا والبرازيل وكولومبيا وجمهورية الكونغو الديمقراطية وإثيوبيا والمكسيك وتايلاند وفيتنام.
ويشير هذا، وفق "ريسبونسابل ستيتكرافت"، إلى أنه لا تزال هناك مشاعر كبيرة في الجنوب العالمي ترغب في إدانة "حماس" باعتبارها "إرهابية بطبيعتها"، ولكن من الجدير بالذكر أن هذا التفضيل لم يمنع جميع هذه الدول تقريبًا من الدعوة أيضًا إلى وقف فوري لإطلاق النار.
وبالتالي، فإن مطلبهم بوقف إطلاق النار كان غير مشروط، وفق التحليل.
ويضيف: "عارضت معظم دول الجنوب العالمي بشدة الحرب الإسرائيلية على غزة، ودعمت وقف إطلاق النار لعدة أسابيع، ولكن التصويت الذي أجري في 12 ديسمبر/كانون الأول، يشير إلى أن المشاعر ضد إسرائيل والولايات المتحدة أصبحت أكثر تشدداً، وتمثل الآن شبه إجماع بين بلدان العالم النامي".
ويتابع التحليل بالقول: "لا ينبغي أن يكون هناك شك على الإطلاق في أن الولايات المتحدة وإسرائيل تقفان معزولتين في جميع أنحاء أفريقيا وآسيا وأمريكا اللاتينية، عندما يتعلق الأمر بالقصف الإسرائيلي المستمر على غزة".
ويختتم: "يجب على واشنطن أن تأخذ ذلك في الاعتبار، وأن تستخدم نفوذها لدى إسرائيل لوقف إراقة دماء المدنيين".
اقرأ أيضاً
إنترسبت: الفلسطينيون في أوروبا وأمريكا يخشون على حياتهم من الدعم الغربي المتواصل لإسرائيل
المصدر | ريسبونسابل ستيتكرافت - ترجمة وتحرير الخليج الجديدالمصدر: الخليج الجديد
كلمات دلالية: أمريكا الجنوب العالمي الحرب في غزة مجلس الامن إسرائيل دعم إسرائيل غزة من دول الجنوب العالمی أکتوبر تشرین الأول الولایات المتحدة وقف إطلاق النار للأمم المتحدة مجلس الأمن اقرأ أیضا
إقرأ أيضاً:
لكنها الحرب !!
إن كان للحرب نقطة واحدة إيجابية حتما ستكون أنها كشفت لنا حجم التحالفات المعلنة والمستترة وأطماع و (أحلام) الكثيرين في خيرات وثروات بلادنا، وأسقطت أقنعة الخونة والمأجورين ، ووثقت مواقف دول ومنظمات منها ما كان متوقع ومنها مالم يكن متوقعاً ،، لكنها الحرب !!
هناك مَن دعم القوات المسلحة والشعب السوداني ووقف إلى جانب خياراته دعما للشرعية وإحقاقاً للحق ، ومنها من دعم المليشيا بالسلاح والعتاد والمرتزقة والمال ، وعمل على استمرار الحرب مما يعد دعما واضحاً وتأييداً مباشراً لجرائم المليشيا الإرهابية .
على كل نتفق أن النزاع في السودان يصنف نزاعاً مسلحاً غير دولي ، و بغض النظر عن حدة العنف وحجم الجرائم التي ارتكبتها المليشيا الإرهابية ، إلا أن المؤسف حقاً فضح أمر دويلة الشر وأجندتها الصهيونية تجاة المنطقة كلها وليس السودان فقط ، دويلة الشر والتي يفترض أنها عضو في المنظومة الدولية وتحترم القانون الدولي وتعرف مبدأ عدم التدخل في الشؤون الداخلية للدول ، و أن هناك مبدأ في القانون الدولي يعطي الحق للدولة المتضررة الدفاع عن سيادتها وأراضيها ومواطنيها وهذا المبدأ يمثل حقاً أساسياً وليس منحة من أحد ولا امتياز ، وبالتالي لها أن تسلح جيشها الوطني بكل أنواع الأسلحة لأنه هو الذي يدافع عن سيادة الدولة وهو مكلف بذلك دستوريا ، ضد أي عدوان خارجي أو تمرد داخلي ، أو عمليات إرهابية و الأخيرة اتفق العالم أجمع على محاربتها ومحاكمة مرتكبيها ومن يمولها أو يدعمها سواء كان دول أو منظمات أو أفراد .
وقد وضع العالم سمات معينة وواضحة لتصنيف المنظمات أو الجماعات أو المليشيات بأنها (ارهابية) ؛ أولها اتباع أيدولوجيا متطرفة بغيضة إقصائية عنيفة، عبر نشر إفكار عنصرية بغيضة بتفوق عنصر علي آخر وهو ما اتبعته المليشيا الإرهابية بالضبط بسعيها إلى إيجاد وطن لعرب الشتات في السودان..
ثانياُ امتداد عابر للحدود وهذا ما تمتلكة المليشيا الإرهابية بصلاتها القبلية الممتدة بقبائل في دول الجوار والعمل على هذة النقطة تحديداً لاستجلاب المرتزقة من تلك الدول للانضمام لصفوفها تحقيقا لحلمهم بـ”وطن” واتباع نمط تطهير عرقي ممنهج .
ثالثاً العشوائية والوحشية وارتكاب جرائم بشعة تجاه المواطنين المدنيين (أصحاب الأرض الأصليين) لإرهابهم ومن ثم هروبهم، والجرائم هنا لا حصر لها والفظائع لا حد لها.
لكن الشعب السوداني أثبت بالفعل أنه أقوى من كل ذلك وأن القوات المسلحة السودانية هي علامة بارزة وبصمة مشرفة في التاريخ العسكري في العالم كله ، وأن ما قدمته من بطولة وجسارة وإقدام يدرس للعالم بأسره.
بناءً عليه فإن عودة السلام للسودان تتطلب العديد من المطلوبات أولها القضاء على هذة المليشيا المجرمة وإدانة جرائمها ومعاقبة قادتها أو بالأدق (الأحياء) منهم ، ومعاقبة مموليها ومسانديها و الدول المتورطة معها.
الجميع يعرف أنه إن لم تجد المليشيا المتمردة المال والسلاح والعتاد والمرتزقة لما استمرت في الحرب يوماُ واحداً.
ولو طبق المجتمع الدولي الاتفاقية الدولية لقمع وتمويل الإرهاب لعام 1999م وقرار مجلس الأمن رقم 1373 لعام 2001م ، والقرار 2462 للعام 2019 والذي يدعو دول العالم إلى منع وقمع تمويل الإرهاب وتجريم توفير الأموال أو جمعها عمداً لأغراض الإرهاب ويحثها لإنشاء آليات لتجميد أموال الأشخاص المتورطين في دعم الإرهاب أو أصولهم المالية أو مواردهم الاقتصادية.
وهناك القرار 2178 للعام 2014 والذي دعا فيه مجلس الأمن الدول الأعضاء لإيقاف أنشطة تمويل الإرهاب المرتبطة بسفر المرتزقة وتجنيدهم وتمويلهم، لكن المؤسف أن آليات القانون الدولي أصبحت مسيسة وأن المصالح المشتركة هي التي تحكم وليس العدالة الدولية.
علي المجتمع الدولي أن يخرج عن صمته المخزي ويصنف مليشيا الدعم السريع بالإرهابية ويجرم أفعالها ويجبرها على وقف جرائمها ضد الشعب السوداني والتي ظهرت بشكل جديد في ولاية شمال دارفور حيث انهيار الوضع الانساني والصحي وقلة الغذاء ومياه الشرب للمواطنين وزيادة حركة النزوح من الولاية في ظل حصار قاس فرضته المليشيا المتمردة ، ثم رفضها للهدنة التي اقترحتها الأمم المتحدة وعدم اهتمامها بما يحدث للمواطنين المدنيين فهي لا تزال في ضلالها القديم ، فالفاشر اليوم هي تحدي أممي لا يقتصر فقط علي جسر جوي إنساني إغاثي قادم من أوروبا بل إلى سعي الأمم المتحدة إلى عودة السلام للسودان، خاصة بعد انتصارات القوات المسلحة وبعد تعيين رئيس وزراء وبعد الشروع في تشكيل حكومة مستقلة وبداية عودة الحياة لطبيعتها في الولايات المحررة ، الكثير من العوامل والأحداث تضع الأمم المتحدة في موقف الداعم والمؤيد لخطوات السودان نحو الانتقال السياسي للبلاد ونحو الاستقرار وبداية مرحلة الإعمار وهذا بالتالي تناهضه المليشيا الإرهابية ومن يساندها ويدعمها .
كان علي الأمم المتحدة قبل أن ترسل إغاثتها لدارفور ، أن تمنع من يرسل الأسلحة والعتاد والمرتزقة للمليشيا، هذا هو الأجدى لإنهاء الحرب ، إن كانت الأمم المتحدة جادة فعلاً في مساعيها.
د. إيناس محمد أحمد
إنضم لقناة النيلين على واتساب