لم يكن الإصلاح الأمني أو الاقتصادي أو الهيكلي أو الادارى على رأس أولويات الدولة المصرية – فقط- فمنذ أن تولى الرئيس عبد الفتاح السيسى المسؤولية، كان الإصلاح السياسي من أهم الأولويات، حتى وان لم يرَ أهميته المواطن العادي، ولكن كان نظام الثلاثين من يوليو لا يريد أن يقع في الأخطاء السابقة التي كادت أن تودي بمقدرات الشعب المصري في 2011، عندما سُرقت أحلامهم وآمالهم الذين نزلوا ليطالبوا بها، فالحرية والتغيير لابد أن يكون هناك قوة تحميهم وتحمى مكتسابتهم وضوابط للفترات الانتقالية والتغير السياسي، وهذا ما افتقرت إليه ثورة 2011 ولم يكن هناك قوى سياسية تستطيع حماية مطالب الشعب، ومن هنا كان على الدولة المصرية صناعة الديمقراطية في الجمهورية الجديدة بتوفير مساحات مشتركة وتقنين ذلك وخلق مُناخ سياسي صحي من خلال جلسات الحوار الوطني والتعددية الحزبية، فالدولة مسؤولة عن توفير تلك المساحات ولكنها غير مسؤولة عن خلق المحتوى، فالمحتوي هو مسؤولية الأحزاب والتيارات المختلفة التي تطالب بالحرية والتغيير والديمقراطية.
ومع الاستحقاق الانتخابي الجديد، ظهر نضوج الدولة المصرية سياسيا وتزداد مهنيتها في اللعب بأدوات السياسة الداخلية وتتقن المزيد من النظام والترتيب والنسق وكأنها ترسى ركائز وبنية تحتية للديمقراطية، وان يكون لدى الدولة المؤسسية في العمل السياسي والضوابط للتعددية والالية الصحيحة لإقامة الانتخابات حتى في وسط عالم يموج بالاضطرابات وإقليم ملتهب بالصراعات وتحديات غير متناهية، ولكن إيمانا من الدولة المصرية إن الإصلاح السياسي هو واحد من أهم العوامل التي تحفظ الأمن والاستقرار بل وتنعكس إيجابا على كل نواحي الحياة.
فمن حق كل مواطن يحيا على الاراضى المصرية أن ينعم بحياة سياسة صحية وتأهيل سياسي وديموقراطى كي يعي ويفهم مقدرات الدولة ومعنى الدولة وقيمة مؤسسات الدولة، وكيف تُقام الدول وكيف تسقط الدول وكيف يتم إسقاطها.
أن التأهيل السياسي وغرس المفاهيم والوعي السياسي لابد أن يسبق ممارسة السياسة والعمل بها، فالتأهيل دائما ما يأتي قبل التمكين، فالتمكين بدون تأهيل هو إفساد لصناعة القرار.
أن الإرث الحقيقي لنظام الثلاثين من يونيو للأجيال القادمة سيظل كل البني التحتية التي استثمر فيها من بني تحتية ملموسة وبني تحتية معنوية وبشرية، ولا يمكن أن تقام جمهورية جديدة بدون أدوات جديدة وروح جديدة ودولاب عمل سياسي جديد ونستطيع القول أن الدولة المصرية راهنت على وعي المواطن المصرى وكسبت الرهان، ورغم التحديات وكثرتها، كانت نسبة المشاركة فى الانتخابات نسبة مرضية جدا وغير مسبوقة وذلك ان دل على شئ فيدل على ان الاصلاح السياسى بدأ يؤتي ثماره، فبدون اصلاح سياسى لا يمكن تحقيق تنمية اقتصادية أو استقرار امني.
*كاتبة صحفية
المصدر: البوابة نيوز
كلمات دلالية: أولويات الدولة المصرية الاقتصادي الإصلاح الأمني عبد الفتاح السيسي
إقرأ أيضاً:
برلمانية: زيادة الإنفاق الاجتماعي في الموازنة الجديدة يعكس انحياز الدولة للمواطن
قالت النائبة مرفت الكسان، عضو لجنة الخطة والموازنة بمجلس النواب، إن ما أعلن عنه رئيس مجلس الوزراء الدكتور مصطفى مدبولي بشأن برنامج الحكومة 2024/2025 – 2026/2027، يُمثل مرحلة جديدة من الإصلاح الاقتصادي الأكثر شمولًا وإنصافًا، مؤكدة أن الموازنة العامة للعام المالي 2025/2026 تعكس هذا التوجه من خلال الزيادات الملموسة في مخصصات الحماية الاجتماعية.
وأضافت الكسان في تصريح خاص لـ"صدى البلد"، أن ارتفاع مخصصات الدعم والحماية الاجتماعية بنسبة 16.8% ليصل إلى 742.5 مليار جنيه، وزيادة دعم "تكافل وكرامة" بنسبة 35% لتصل إلى 54 مليار جنيه، هي رسائل واضحة من الدولة بأنها تُقدّر تمامًا صعوبة المرحلة، وتسعى جديًا لعدم تحميل المواطن أعباء إضافية خلال تنفيذ الإصلاحات الهيكلية.
وتابعت: "من وجهة نظري، هذه التعديلات المالية ليست مجرد أرقام في موازنة، بل هي مؤشرات سياسية واجتماعية تدل على أن الحكومة بدأت توازن بين متطلبات الإصلاح الاقتصادي وضمان العدالة الاجتماعية، وهو ما كنا نطالب به في لجنة الخطة والموازنة".
وأكدت الكسان أن توسيع قاعدة المستفيدين من برامج الحماية، وتحسين جودة الخدمات الصحية والتعليمية، وزيادة الاستثمارات الموجهة نحو الإنسان المصري، تعزز من مصداقية الحكومة أمام الشارع، كما تُقلل من تبعات الإجراءات الاقتصادية الصعبة.
وأضافت: "أهمية برنامج الإصلاح الجديد تكمن أيضًا في الجانب التشاركي، فالحكومة أعلنت أنها تعتمد على مشاركة كل أصحاب المصلحة في صياغة وتنفيذ السياسات، بما في ذلك القطاع الخاص والمجتمع المدني، وهو ما يُعزز الشفافية والمسؤولية المشتركة".
واختتمت النائبة حديثها بالتأكيد على أن البرلمان سيُمارس دوره الكامل في متابعة التنفيذ الفعلي للموازنة الجديدة، وضمان أن تترجم الأرقام إلى تحسين حقيقي في حياة المواطن المصري.
تأتي تصريحات رئيس مجلس الوزراء الدكتور مصطفى مدبولي في إطار إعلان الحكومة المصرية عن رؤيتها الجديدة للإصلاح الاقتصادي والاجتماعي ضمن برنامجها للفترة 2024/2025 – 2026/2027، والذي يحمل عنوان "معًا نبني مستقبلًا مستدامًا".
ويُعد البرنامج استكمالًا لمسار الإصلاح الذي بدأت مصر تطبيقه في عام 2016، والذي تضمن تحرير سعر الصرف، وإعادة هيكلة منظومة الدعم، وتنفيذ مشروعات كبرى في البنية التحتية والطاقة. إلا أن البرنامج الجديد يتميّز بالتحول نحو إصلاحات هيكلية أعمق وأشمل تستهدف تحسين نوعية النمو وليس فقط معدلاته.
من أبرز محاور البرنامج:
دعم وتمكين القطاع الخاص عبر إصلاحات قانونية ومؤسسية وإطلاق برنامج طروحات واسع النطاق.
توسيع قاعدة الاستثمار الصناعي والتجاري مع رفع مساهمة القطاع الخاص في الناتج المحلي.
تعزيز الحماية الاجتماعية من خلال زيادة الإنفاق على برامج مثل "تكافل وكرامة" بنسبة 35% ورفع مخصصات الحماية إلى 742.5 مليار جنيه.
الالتزام بالحوكمة والشفافية في إدارة الأصول العامة طبقًا لوثيقة سياسة ملكية الدولة، والتي وصفتها مؤسسات دولية بأنها الأولى من نوعها في الشرق الأوسط وشمال أفريقيا.
تنفيذ إصلاحات مالية وضريبية تهدف إلى تحقيق العدالة وتوسيع القاعدة الضريبية دون الضغط على المواطنين.
يحظى البرنامج بدعم واسع من شركاء دوليين، وعلى رأسهم صندوق النقد الدولي والاتحاد الأوروبي، حيث أعلنت المفوضية الأوروبية عن حزمة دعم مالي بقيمة 7.4 مليار يورو حتى عام 2027، في إطار الشراكة الاستراتيجية مع مصر.