بلومبرغ: كيف أصبحت “إسرائيل” قلقة بعد “طوفان الأقصى”؟
تاريخ النشر: 14th, December 2023 GMT
الجديد برس:
تناول موقع “بلومبرغ” الأمريكي في تقرير للكاتب ديفيد باسيغ، أستاذ الدراسات المستقبلية في جامعة “بار إيلان”، العملية التي شنتها حماس في 7 أكتوبر الماضي وآثار هذه العملية ومشاهدها في “المجتمع” الإسرائيلي، معتبراً أن هذه المشاهد تطارد الإسرائيليين الذين “تمتعوا بـ 15 عاماً من الهدوء”.
وقال باسيغ في التقرير إن الإسرائيليين أصيبوا بصدمة نفسية بسبب الخوف من أن “الآلاف من المسلحين على حدودهم سيحاولون مرة أخرى هذه العملية، وأن أجهزتهم الأمنية قد تفشل مرة أخرى”، متحدثاً عن الطريقة التي يسارع بها المستوطنون العاديون إلى تسليح أنفسهم، واصفاً الأمر بأنه “رد فعل طبيعي على الصدمة التي يمرون بها”.
ورأى الكاتب أنه من المرجح أن يكون التأثير السياسي المترتب على هذا القلق “عميقاً”، وإن لم يتحقق بشكل كامل بعد.
وفيما لفت التقرير إلى أن الأمن القومي الذي كان منذ فترة طويلة بطاقة الأمان لليمين الإسرائيلي، إلا أنه أشار إلى أن اليمين، بقيادة رئيس حكومة الاحتلال بنيامين نتنياهو، هو الذي فشل.
وتناول الكاتب في “بلومبرغ” استطلاعات الرأي التي أشارت إلى أنها تظهر خيبة أمل من نتنياهو، وتحول الدعم إلى زعيم المعارضة “الأكثر وسطية”، بيني غانتس، وهو جزء من حكومة الحرب المشكلة حديثاً، وفق التقرير.
الخوف والضعف سيلاحقان الإسرائيليينونقل التقرير عن دان أورباخ، المؤرخ العسكري في الجامعة العبرية في القدس، قوله إن “المزاج المظلم يعكس مستوى من التهديد غير معروف للجمهور الإسرائيلي منذ سنوات عديدة”، مشيراً إلى أن “الناس كانوا مدفوعين بالقلق من أن الجيش الإسرائيلي القوي غير قادر على حمايتهم، حتى بالمعنى الأساسي”.
وأشار التقرير أيضاً إلى أن عدد الأشخاص الذين تقدموا بطلبات للحصول على تراخيص أسلحة خلال الشهرين الماضيين ارتفع إلى 260 ألف شخص، مع تجاوز حجم الطلبات الجديدة كل يوم تلك التي تم تلقيها كل أسبوع قبل بدء الحرب.
وختم أورباخ تقريره قائلاً: “الخوف والضعف سيلاحقان المجتمع لبعض الوقت”.
المصدر: الجديد برس
كلمات دلالية: إلى أن
إقرأ أيضاً:
الفأرة التي في أيدينا.. كيف كانت وكيف أصبحت؟
#سواليف
يصعب اليوم تخيل عالم #الحواسيب دون ذلك الرفيق الصامت الذي يلازم أيدينا، ينقل نوايانا إلى الشاشة بنقرة أو سحبة بسيطة في دقة متناهية.
إنها #الفأرة، ذلك الجهاز المتواضع الذي حول التفاعل مع الآلة من مهمة معقدة محصورة بالمختصين إلى حركة بسيطة في متناول الجميع. لم تكن رحلتها من فكرة ثورية في رأس مخترع إلى قطعة أساسية على ملايين المكاتب مضمونة أو مباشرة، بل هي قصة إبداع ورؤية مستقبلية وصبر طويل.
في أوائل ستينيات القرن الماضي، كان الحاسوب عملاقا غامضا يتواصل معه المستخدمون عبر لغة غريبة من الأوامر النصية. كان على الشخص أن يكون مبرمجا ليأمر الآلة بتنفيذ ما يريد.
مقالات ذات صلةفي هذا الجو، تخيل المهندس الأمريكي #دوغلاس_إنجلبارت مستقبلا مختلفا تماما، يتعاون فيه البشر والحواسيب بطريقة طبيعية، بصرية، وبديهية. سعى إلى كسر الحاجز بين الإنسان والآلة، وولدت من هذا الحلم فكرة جهاز تتبع حركة اليد.
في اليوم التاسع من ديسمبر عام 1964، تحول الحلم إلى قطعة خشب ملموسة. جنبا إلى جنب مع زميله بيل إنجلش، أنتج إنجلبارت أول نموذج عامل لما نسميه اليوم الفأرة. لم تكن أنيقة، بل كانت صندوقا خشبيا مستطيلا متواضعا، به عجلتان متعامدتان في أسفله، واحدة لتتبع الحركة الأفقية، والأخرى للرأسية.
في أعلى الصندوق، زر واحد فقط. كان كابلها المتدلي هو ما أوحى فيما بعد بتسميتها “فأرة” بشكل غير رسمي، إذ ذكر العاملون في المختبر بأنها تشبه هذا القارض بجسمه وذيله الطويل.
لم يكن الصندوق الخشبي مجرد جهاز غريب، بل كان نافذة على فلسفة جديدة. أراد إنجلبارت واجهة رسومية، وطريقة للإشارة والنقر بدل الكتابة. وجاءت لحظة الانطلاق الكبرى في عرضه الشهير عام 1968، الذي أطلق عليه لاحقا “أم كل العروض التوضيحية”.
أمام جمهور مذهول، استخدم إنجلبارت فأرته لتقديم مفاهيم ستبدو مستقبلية لعقود، نافذة رسومية، تحرير نصوص بالنقر والسحب، روابط تشعبية تنقل المستخدم بين النصوص، وحتى مكالمة فيديو مشاركة مع زميل بعيد.
كان هذا العرض أول ظهور علني لوعد الحوسبة الشخصية الحديثة، وكانت الفأرة هي العصا السحرية التي قادت هذه العملية الثورية. مع ذلك، وبعد كل هذا البريق، سقط الاختراع في صمت طويل.
العالم لم يكن جاهزا بعد. ظلت الحواسيب كبيرة وباهظة، وافتقرت إلى الواجهات الرسومية التي تجعل للفأرة معنى. لقد سبق إنجلبارت عصره بعقدين كاملين. بقي اختراعه حبيس مراكز الأبحاث والمختبرات المتطورة، حتى جاءت الثمانينيات ومعهما ثورة الحواسيب الشخصية.
عندما أطلقت شركة أبل جهازها الشهير “ماكنتوش” في عام 1984، مزودا بواجهة مستخدم رسومية بديهية، كانت الفأرة هي مفتاح الدخول إلى هذا العالم الجديد. عندها فقط، انتقلت الفأرة من كونها اختراعا عبقريا إلى ظاهرة ثقافية وتجارية. أصبحت فجأة في كل مكان، وبدأت رحلة تطورها السريع، تحولت العجلتان الميكانيكيتان إلى كرة، ثم اختفت الكرة تماما لتحل محلها أدوات بصرية قادرة على العمل على أي سطح. تقلص الحجم، تعددت الأزرار، ظهرت العجلة الوسيطة التي سهّلت التصفح، ثم قطعت الأسلاك لتتحرر لاسلكيا. تحسنت الدقة والراحة والشكل، لكن المبدأ الرئيس الذي وضعه ذلك الصندوق الخشبي، تحويل حركة اليد في الفضاء ثنائي الأبعاد إلى حركة للمؤشر على الشاشة، بقي على حاله.
الآن، بينما نمسك بأيدينا فأرات ملساء مصنوعة من البلاستيك أو المعدن، تكمن مفارقة عظيمة. الفأرة التي نشأت من رغبة في استكشاف الفضاء، حيث مولت وكالة ناسا أبحاثها المبكرة، وجدت نفسها غير مناسبة لانعدام الجاذبية في المركبات الفضائية. بدلا من أن تسافر إلى الفضاء البعيد، تمسكت بالأرض وربطت البشر بعضهم ببعض عبر الشبكة العنكبوتية العالمية.
مخترعها الرائد، دوغلاس إنجلبارت، لم يجنِ ثروة منها، إذ أن حقوق براءة الاختراع كانت ملكا لمعهد ستانفورد البحثي الذي عمل فيه. لكن إرثه لا يقدر بثمن. الفأرة لم تكن مجرد أداة، بل كانت حجر الزاوية في فلسفة جعلت التكنولوجيا في متناول الجميع، وساهمت في تقريب الحوسبة من أي شخص بغض النظر عن خبرته التقنية.
إنها قصة ذلك الصندوق الخشبي البسيط الذي لم ينعزل في متحف التاريخ فحسب، بل تحول إلى امتداد حيوي لأيدينا وعقولنا، يترجم أفكارنا إلى فعل على الشاشة، ويذكرنا بأن أعظم الابتكارات هي تلك التي تختفي في بساطتها لتصبح جزءا لا يتجزأ من تفاصيل حياتنا اليومية.