مسقط-أثير
إعداد: د. حسين أحمد الكامل، أستاذ الاقتصاد المساعد بكلية الحقوق، جامعة السلطان قابوس

تسعى الدول النفطية إلى استجلاب القوة العاملة الأجنبية مستندةً في ذلك إلى النقص في القوة العاملة الوطنية وإلى توفر قوة شرائية عالية قادرة على تمويل مدفوعات العمالة الأجنبية بصورة مستمرة. وعادة ما تستحوذ فكرة استجلاب العمالة ذات الأجر المنخفض، وما ينتج عنها من انخفاض تكاليف إنتاج السلع والخدمات، الاهتمام الأكبر عند النظر في موضوع استجلاب العمالة الأجنبية، ويتضمن استجلاب العمالة الرخيصة مكاسب للدولة المستضيفة حيث تقل تكاليف الإنتاج وتزداد الرفاهية للمواطنين.

إلا أن هناك مضارًا قد تصاحب هذه الحالة والتي قد لا تكون مُلاحظة بصورة مباشرة.

إن مقدار الفن الإنتاجي الذي تتبعه العمالة في دولة ما يتأثر بمقدار رأسمال المتوفر؛ ففي الدول وفيرة رأس المال تكون العمالة مهيئة للاستخدام الكثيف لرأس المال والتكنولوجيا وذات أجر مرتفع وعلى العكس من ذلك كلما كان رأس المال شحيحا في الدولة كانت العمالة تتبع أنماط عمل أقل توظيفاًلرأس المال وتكون عمالة ذات أجر منخفض؛ لذلك، عندما تستجلب الدول النفطية العمالة الأجنبية ذات الأجر المنخفض عادة ما تكون هذه العمالة غير متجانسة مع مخرجاتها التعليمية مما يؤدي إلى انقسام سوق العمل إلى قسمين؛ قسم تديره عمالة أجنبية ذات أجر منخفض بنمط إنتاجي كثيف العمل وقسم آخر تديره العمالة الوطنية كثيفة رأس المال وذات أجر مرتفع.

فعلى سبيل المثال، قطاع الإنشاءات عادة ما تستحوذ عليه العمالة الأجنبية ذات الاستعمال الكثيف لعنصر العمل والضئيل بالنسبة لعنصر التقنية ورأس المال المادي والذي عادة ما يرجع لسبب التكوين المهني لهذه العمالة في دولتهم الأم ذات الندرة في رأس المال. إن هذه العمالة كونت معارفها ومهاراتها على نمط الاستخدام المنخفض لرأس المال وعوضته بنمط الاستخدام الكثيف للجهد البشري، إلا أن هذا النمط يخالف مخرجات التعليم في الدول النفطية والتي عادة ما تكون مخرجاتها ذات نمط كثيف في استخدام رأس المال المادي؛ لذا كلما زاد استجلاب العمالة ذات الأجر المنخفض وذات الفن الإنتاجي الرأسمالي المنخفض زادت تجزئة سوق العمل، وانفصلت هذه العمالة بأسواقها بعيدا عن منافسة مخرجات التعليم الوطنية.

لذا؛ سيكون الخيار الأغلب للعمالة الوطنية الابتعاد عن القطاعات التي تستحوذ عليها العمالة الأجنبية ذات الأجر المنخفض، وذلك من شأنه أن يقود إلى تبعات سلبية تنعكس على اقتصاد الدولة المستضيفة في المدى الطويل ولعل من أهمها أن تكوِّن هذه العمالة سوق عمل منفصل عن سوق العمالة الوطنية لكونها تختلف عنها في جوهر التكوين فتمثل العمالة الأجنبية سوق عمل منخفض الأجر وقليل المهارة وقليل التوظيف لرأسمال مقابل مخرجات تعليمية وطنية تبحث عن أجر مرتفع كنتيجة لكثافة المعرفة والتعلم الذي اكتسبته، ويؤدي هذا الاختلاف الجوهري لتجزئة سوق العمل إلى جزء خاص بالعمالة الأجنبية وآخر خاص بالعمالة الوطنية.

قد يكون الحل في اتجاه استجلاب العمالة الأجنبية من دول ذات تكوين معرفي مشابه للمخرجات التعليمية في الدولة المستضيفة مما يمكن القوة العاملة الوطنية من العمل والاحتكاك والمنافسة مع العمالة الأجنبية، إلا أن هذه الأخيرة عادة ما تكون ذات أجر مرتفع. ويبقى الأمر بالنسبة للدول المستضيفة يتجاذب ما بين رغبة في الحصول على العمالة الأجنبية ذات الأجر المنخفض وتحمل للأضرار المصاحبة والتي عادة ما تكون ذات سمة متأصلة في الاقتصاد أو البحث عن عمالة أجنبية ذات مستوى معرفي متناسب ومخرجات التعليم الوطنية مع القبول بأجرها المرتفع الذي من شأنه أن يمكن مخرجات التعليم الوطنية من التعاون والتعلم والتنافس مع العمالة الأجنبية ذات الأجر المرتفع.

المصدر: صحيفة أثير

كلمات دلالية: مخرجات التعلیم الدول النفطیة هذه العمالة رأس المال فی الدول

إقرأ أيضاً:

تسليم 2 مليون جنيه إعانات ومستحقات لأسر ضحايا ومصابي عمالة غير منتظمة

شهد وزير العمل محمد جبران، اليوم،عن طريق "الفيديو كونفرانس"، قيام مديريات العمل بتسليم الإعانات والمستحقات المالية لأسر ضحايا ومصابي العمالة غير المنتظمة في ثلاث محافظات، وذلك من الحساب المركزي للعمالة غير المنتظمة، في إطار دور الوزارة في تقديم الرعاية الاجتماعية ودعم الأسر المتضررة من الحوادث الطارئة..وأوضح الوزير أنه تم اعتماد مبلغ 2 مليون جنيه من بند إعانات الحوادث، موزعة على النحو التالي: 200 ألف جنيه لأسرة كل حالة وفاة من بين 9 حالات، و20 ألف جنيه لكل مصاب من بين 10 حالات.
وأكد معالي الوزير أن هذه الإعانات تأتي دعمًا ومساندةً لأسر الضحايا والمصابين في عدد من الحوادث المؤسفة التي شهدتها المحافظات خلال الفترة الماضية، ومن بينها: حادث تصادم سيارات نقل بالطريق الصحراوي بمحافظة الجيزة، وحادث اختناق داخل بيارة صرف صحي بمحافظة الشرقية، وحادث غرق العامل الزراعي “شهيد الشهامة” بمحافظة الإسماعيلية أثناء محاولته إنقاذ عدد من الفتيات من الغرق.

وشدد الوزير على أن الدولة المصرية، بتوجيهات القيادة السياسية، تولي اهتمامًا بالغًا برعاية العمالة غير المنتظمة وأسرهم، وتعمل على تعزيز شبكة الحماية الاجتماعية لهم، خصوصًا في حالات الطوارئ والأزمات. كما وجّه باستمرار حصر الحالات المتضررة في جميع المحافظات، وصرف الإعانات العاجلة فور التحقق من المستندات المطلوبة، للتخفيف عن الأسر ومساندتها في الظروف الصعبة...واختتم جبران بتأكيد التزام الوزارة بتطوير منظومة رعاية العمالة غير المنتظمة، وتعزيز إجراءات السلامة والصحة المهنية، حفاظًا على حياة العاملين في مختلف مواقع العمل.

طباعة شارك وزير العمل العمالة غير المنتظنة العمل

مقالات مشابهة

  • علاوة لا تقل عن 3%.. قانون العمل يلزم بوضع أجر عادل للعمال
  • وزير العمل بحث مع مفوضية اللاجئين تسوية أوضاع العمالة الأجنبية
  • العمل في أسبوع.. فرص عمل بالداخل والخارج ولذوي الهمم ودعم العمالة غير المنتظمة
  • قانون العمل يفرض ضوابط صارمة لصرف الأجور ويضمن حقوق العاملين
  • ضوابط الإجازات السنوية للعاملين ومدد الراحة بقانون العمل
  • اللجنة الوطنية تحذر من عقود العمل الوهمية في الخارج وتدعو الشباب لتوخي الحذر
  • إعانات عاجلة لأسر ضحايا ومصابي العمالة غير المنتظمة بـ3 محافظات.. تفاصيل
  • وزير العمل يسلم إعانات ومستحقات لأسر ضحايا ومصابي العمالة غير المنتظمة
  • تسليم 2 مليون جنيه إعانات ومستحقات لأسر ضحايا ومصابي عمالة غير منتظمة
  • "شغلني" تطلق أول مركز تدريب وتوظيف للعمالة بالخارج في سوهاج