الشركسي: حرص كل طرف على تأكيد مطالبه يُظهر بوضوح مدى ضعف أرضية مبادرة باتيلي
تاريخ النشر: 21st, December 2023 GMT
ليبيا – علق عضو ملتقى الحوار السياسي أحمد الشركسي، على الاجتماع التشاوري الذي عُقد في طرابلس، وضم كلاً من رئيس مجلس الدولة ومحمد تكالة، والنائبين بالمجلس الرئاسي عبد الله اللافي وموسى الكوني، وعبد الحميد الدبيبة.
الشركسي قال في تصريح لصحيفة “الشرق الأوسط” إن إعلان المجتمعين دعمهم لجهود المبعوث الأممي بشأن عقد الاجتماع الخماسي، وتأكيدهم على تعاطيهم معه دون شروط مسبقة؛ تغليباً للمصلحة الوطنية، يناقض ما جاء في بيانهم من أن تعثر تنفيذ الانتخابات نتيجة وجود إشكاليات في القوانين الانتخابية، وفقاً لمواقف كانوا أعلنوها سابقاً.
وأوضح أن هذا يعني أن المطالبة بإعادة النظر في تلك القوانين ستمثل أولوية في مطالب هؤلاء المجتمعين، دون أن يعلنوا أنه شرط مسبق، رغم إدراكهم رفض البرلمان أي منحى أو حديث عن تلك القوانين، إذ يؤكد على الدوام جاهزيتها.
وأشار إلى إعلان رئيسي البرلمان عقيلة صالح، والمجلس الرئاسي محمد المنفي، وقائد الجيش خليفة حفتر، خلال اجتماعهم قبل يومين بالعاصمة المصرية القاهرة، استعدادهم للمشاركة باجتماع باتيلي، شرط عدم إقصاء أي طرف، ومراعاة تحفظات المجتمعين ومطالبهم والأخذ بها.
واعتبر أن حرص كل طرف على تأكيد مطالبه وشروطه قبيل إحاطة باتيلي، التي وجّه خلالها انتقادات لاذعة لأغلبهم، يُظهر بوضوح مدى ضعف الأرضية الخاصة بهذه المبادرة، أو الاجتماع الخماسي، وكيف تؤدي منذ الإعلان عنها وحتى الإحاطة الأخيرة إلى تعميق الانقسام بين أفرقاء الأزمة.
ولفت الشركسي إلى أن الاجتماعات، التي استبقت إحاطة باتيلي، أظهرت للمرة الأولى خلافاً واضحاً في الآراء بين أعضاء المجلس الرئاسي، الذي لطالما كان أعضاؤه الثلاثة (المنفي والكوني واللافي) بعيدين عن تجاذبات الاصطفافات بالساحة السياسية بشكل عام ويمارسون دوراً حيادياً.
وأضاف: “هناك قطاع غير هين من أعضاء (مجلس الدولة) يرفض انفراد تكالة بتسمية الممثلين عن مجلسهم في الاجتماعات التحضيرية، التي ستُعقد قبل الاجتماع الأممي، فضلاً عن اتهامهم تكالة بالانحياز شبه الكامل لسياسات ومواقف الدبيبة”.
المصدر: صحيفة المرصد الليبية
إقرأ أيضاً:
هل ينفرط عقد مجلس القيادة الرئاسي اليمني أمام تعقيدات المحاصصة؟
عدن- يقف مجلس القيادة الرئاسي في اليمن أمام منعطف بالغ الخطورة منذ تأسيسه قبل أكثر من عامين، وسط تصاعد الانقسامات بين مكوناته وتباين أجنداتها السياسية والعسكرية، بالتزامن مع تنامي النزعة الانفصالية لدى المجلس الانتقالي الجنوبي، أحد أبرز أعضائه وأكثرهم نفوذا.
وتشير الوقائع إلى أن مجلس القيادة، المكوّن من 8 أعضاء برئاسة رشاد العليمي وهو أعلى سلطة شرعية معترف بها دوليا في البلاد، يعيش اليوم اختبارا وجوديا، فهل يقترب من مرحلة التفكك؟
منذ تشكيله في أبريل/نيسان 2022 بهدف توحيد الجبهة المناهضة لجماعة أنصار الله (الحوثيين)، حمل المجلس في تكوينه تناقضات بنيوية، إذ ضم قوى جنوبية ذات نزعة انفصالية، إلى جانب مكونات متمسكة بمرجعيات الشرعية ووحدة الدولة، وأطراف محلية أخرى تسعى لتعزيز نفوذها السياسي والعسكري في معادلة ما بعد الحرب.
وخلال الأشهر الأولى، حافظ مجلس القيادة على تماسك نسبي بفعل انشغال مكوناته بالمعركة ضد الحوثيين، غير أن هذا التماسك الهش لم يصمد طويلا. فتعقيدات المحاصصة وتضارب المصالح دفعت الخلافات إلى السطح سريعا، لتتفجر أزمات متكررة، تهدأ حينا وتشتعل في أحيان أخرى.
ورغم محاولات السعودية -الداعم الأبرز له- احتواء هذه التباينات منذ اللحظات الأولى، فإن خلافات المكونات انعكست تدريجيا في تباعد المواقف داخل مؤسسات الدولة وتضارب القرارات، وامتدت إلى خارطة الانتشار العسكري في المحافظات المحررة.
وبحسب مراقبين، فإن المشهد داخل المجلس يعكس تحالفا هشا بين أطراف متناقضة الرؤى والمشاريع. فبينما يدفع الانتقالي الجنوبي -ممثلا بثلاثة أعضاء- نحو مشروع انفصالي واضح، تتمسك قوى أخرى بخيار الدولة الواحدة، في حين تتحرك أطراف محلية لتعزيز حضورها.
إعلانوخلال الأيام الماضية، انفجر الخلاف إلى تصعيد غير مسبوق، بعد أن نفذ الانتقالي عمليات عسكرية واسعة في وادي حضرموت والمهرة، وبسط سيطرته على مواقع ومدن ومرافق حيوية، بينها مناطق نفطية إستراتيجية، مما وسّع نطاق نفوذه ليشمل نحو نصف مساحة البلاد.
أثار هذا التصعيد غضب الحكومة التي غادرت عدن باتجاه السعودية في خطوة فسّرها مراقبون كمؤشر على عمق الأزمة، واتهم رئيس مجلس القيادة رشاد العليمي الانتقالي الجنوبي بتقويض شرعية الدولة، داعيا المجتمع الدولي إلى موقف ضاغط لعودة القوات إلى مواقعها السابقة، ومحذرا من تداعيات الإجراءات الأحادية.
سلطة موازيةويُعد الانتقالي الجنوبي، منذ تأسيسه عام 2017 بقيادة محافظ عدن السابق عيدروس الزبيدي سلطة موازية للحكومة الشرعية، القوة الأكثر نفوذا في الجنوب. وبرغم مشاركته في السلطة عبر رئاسة ونائبين داخل مجلس القيادة، يواصل الدفع نحو برنامج انفصالي يهدف لاستعادة دولة الجنوب السابقة.
في المقابل، تسعى السعودية إلى احتواء التصعيد عبر جهود تهدئة مكثفة، لكن دون تحقيق اختراق حقيقي حتى الآن. مما يجعل قدرة المجلس على الاستمرار مرهونة بمدى استعداد أطرافه لتقديم تنازلات، أو تدخل خارجي قادر على فرض تسوية داخلية، بحسب مراقبين.
ويرى محللون أن جذور الأزمة داخله تعود إلى تركيبته الأولى التي جمعت أطرافا ذات مصالح متناقضة تحت مظلة واحدة، لم يجمعها سوى هدف مواجهة الحوثيين.
ويقول رئيس مركز أبعاد للدراسات الإستراتيجية عبد السلام محمد إن تعثر تحقيق هذا الهدف دفع كل طرف إلى تنفيذ أجندته الخاصة، في ظل تعقيد إضافي فرضته الخلافات الإقليمية. وأشار -في حديثه للجزيرة نت- إلى أن تلك الخلافات انعكست على أداء المجلس فأضعفت قدرته على اتخاذ قرارات جماعية، مما دفع بعض المكونات -وفي مقدمتها الانتقالي- إلى إجراءات أحادية عمّقت الانقسام.
وباتت ملامح التفكك -وفق محمد- ظاهرة من خلال قرارات فردية وتعيينات أحادية، ثم بفرض واقع عسكري جديد في حضرموت، محذرا من أن المجلس "يقترب من نهايته" ما لم تتوحد مكوناته حول "هدف إسقاط الحوثيين".
دعا رئيس مجلس القيادة الرئاسي اليمني رشاد محمد العليمي المجتمع الدولي إلى موقف موحّد يرفض الإجراءات الأحادية للمجلس الانتقالي، ويضغط لعودة قواته الوافدة من خارج حضرموت والمهرة.
وحذّر العليمي من أن تحركات الانتقالي تُقوّض وحدة القرارين الأمني والعسكري وتهدد العملية السياسية،… pic.twitter.com/02eCh1Yl1P
— الجزيرة مباشر (@ajmubasher) December 9, 2025
سيناريوهات متعددةومع انسداد أفق التفاهمات وتصاعد الخلافات، تبدو فرص بقاء مجلس القيادة الرئاسي بصيغته الحالية محدودة. ويطرح مراقبون سيناريوهات متعددة، تشمل إعادة هيكلته، أو تقليص عدد أعضائه، وصولا إلى "الانهيار السياسي" إذا استمرت التصدعات.
ويرى الكاتب والمحلل السياسي أحمد الزرقة أن المجلس "أثبت فشله وانتهاء عمره الافتراضي" نتيجة تضارب أجندات مكوناته وتعدد ولاءاتها الإقليمية، معتبرا أن تشكيله "وجّه ضربة قاصمة للشرعية اليمنية" بدل أن يكون منصة لتوحيد القوى المناهضة للحوثيين.
إعلانوتوقع -خلال حديث للجزيرة نت- إعلان "وفاة المجلس" فعليا إذا استمرت الأزمات، مع احتمال ظهور ترتيبات جديدة قد تشمل تقليص أعضائه أو تشكيل سلطة بديلة قائمة على الغلبة، خصوصا في ظل تقدم الانتقالي الجنوبي في حضرموت والمهرة.
وحذّر الزرقة من أن رفع الانتقالي سقف طموحات أنصاره نحو الانفصال سيجعل أي محاولة لإعادة صياغة مجلس القيادة الرئاسي صعبة ما لم يتوصل الداعمون الإقليميون إلى تفاهمات حاسمة، معتبرا أن تصاعد نفوذ الانتقالي واتساع خطواته الأحادية يهددان شرعية المجلس، الذي قد يفقد مبرر وجوده ما لم تُعالج الخلافات المتفاقمة سريعا.